الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإمام أحمد رحمه الله
(1)
.
دليل من قال: لا تلزمه الإعادة، وتيممه صحيح:
النسيان: عذر شرعي يلحق الإنسان، ومعه يكون عاجزاً عن استعمال الماء، والشرع اعتبر العذر مبيحاً للتيمم، ولو كان الماء موجوداً، كما لو جاء الإنسان إلى بئر، ولم يكن معه دلو يستقي به، فإن هذا عذر له يبيح التيمم، وإن كان الماء موجوداً، فالنسيان عجز شرعي لا يمكن معه استعمال الماء، فصح تيممه كالعجز الحسي.
الدليل الثاني:
إذا جهل وجود الماء، وخشي خروج الوقت صار مطالباً شرعاً بالتيمم، وأن يؤدي الصلاة في وقتها، فلو ترك التيمم حتى خرج الوقت صار آثماً لتفريطه، وإذا كان التكليف في حقه أن يتيمم ويصلي، كان فعله التيمم بمقتضى الشرع، فكيف نطالبه بالإعادة، وقد امتثل الأمر.
دليل من قال: تلزمه الإعادة
.
الدليل الأول:
أن القواعد الشرعية تدل على أن النسيان والجهل يعذر بهما المرء في حق الله تعالى في باب المنهيات، دون المأمورات، والأصل فيه حديث معاوية بن الحكم لما تكلم في الصلاة ولم يؤمر بالإعادة لجهله
(2)
، وصلاته صلى الله عليه وسلم في نعليه،
(1)
المستوعب (1/ 278)، الإنصاف (1/ 278)، الفروع (1/ 216)، وقال في المغني (1/ 153):" توقف أحمد رحمه الله في هذه المسألة، وقطع في موضع أنه لا يجزئه ".
(2)
حديث يعلى روه مسلم (537) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، =
وبهما آذى حتى أخبره جبريل بذلك، وهو في الصلاة، فنزعهما، وبنى على صلاته
(1)
،
بخلاف فعل المأمور فإنه حين رأى رجلاً في قدمه لمعة لم يصبها الماء، قال: ارجع فأحسن وضوءك
(2)
.
والفرق بين المأمورات والمنهيات من حيث المعنى: أن المقصود من المأمورات إقامة مصالحها، وذلك لا يحصل إلا بفعلها، والمنهيات مزجور عنها بسبب مفاسدها، امتحاناً للمكلف بالانكفاف عنها، وذلك إنما يكون بالتعمد لارتكابها، ومع النسيان والجهل لم يقصد المكلف ارتكاب المنهي، فعذر
= عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه، ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ما كهرني، ولا ضربني، ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الحديث. وجه الاستدلال: أنه لم يأمره بالإعادة مع ارتكابه المنهي عنه، وهو الكلام لجهله بالحكم.
(1)
الحديث رواه أحمد (3/ 20) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي نعامة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري،
أن رسول الله ? صَلَّى، فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال: لم خلعتم نعالكم؟ فقالوا: يا رسول الله رأيناك خلعت فخلعنا. قال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثاً فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعله فلينظر فيها فإن رأى بها خبثاً فليمسه بالأرض ثم ليصل فيهما. والحديث إسناده صحيح، وسبق تخريجه انظر (397) من كتابي أحكام الطهارة.
(2)
مسلم (243).