الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع:
في استحباب تقديم اليد اليمنى على اليد اليسرى
ذهب الفقهاء إلى استحباب التيامن في التيمم، وهو تقديم مسح اليد اليمنى على اليد اليسرى
(1)
.
واعتبر المالكية ذلك من فضائل التيمم
(2)
.
ومستند هذا الاستحباب:
(1461 - 93) ما رواه البخاري، قال: حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني أشعث بن سليم، قال: سمعت أبي، عن مسروق،
عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره، في شأنه كله. ورواه مسلم بنحوه
(3)
.
(1)
قال ابن نجيم من الحنفية في البحر الرائق (1/ 153 - 154): " وسنن التيمم سبعة .. وهي التيامن كما في جامع الفتاوى والمجتبى ".
وانظر في مذهب الشافعية: الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (ص: 82)، غاية البيان في شرح ألفاظ ابن رسلان (ص: 64)، مغني المحتاج (1/ 100).
قال في كفاية الأخيار (1/ 61): وسننه: ثلاثة أشياء: التسمية، وتقديم اليمنى على اليسرى، والموالاة .. ".
وفي مذهب الحنابلة: قال في مطالب أولى النهى (1/ 220): وسنن تيمم: ترتيب
…
وتقديم يد يمنى على يد يسرى في مسح، لا في ضرب ".
وتقدم لنا الصفة المستحبة عند الحنابلة في مسح الكف، بأن يضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهر كفه الأيمن .. انظر المبدع (1/ 231).
(2)
الشرح الكبير (1/ 158)، الفواكه الدواني (1/ 152)، منح الجليل (1/ 155).
(3)
صحيح البخاري (168)، ومسلم (268).
فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستحب التيمن في الطهور، فقد جاء عن المصطفى أن التيمم طهور المسلم ما لم يجد الماء، فثبت استحباب تقديم اليمين فيه، والله أعلم.
(1462 - 94) ومنه ما رواه أبو داود، قال: حدثنا محمد بن سليمان الأنباري، حدثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن شقيق، وفيه ذكر مناظرة بين أبي موسى وعبد الله بن مسعود، فكان منه أن قال أبو موسى:
ألم تسمع قول عمار لعمر: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة، فأجنبت، فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تتمرغ الدابة، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له، فقال: إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا، فضرب بيده على الأرض، فنفضها، ثم ضرب بشماله على يمينه وبيمينه على شماله على الكفين، ثم مسح وجهه؟ فقال له عبد الله: أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار
(1)
.
[حديث عمار صحيح بالجملة، وتقديم مسح اليدين على الوجه انفرد به أبو معاوية عن الأعمش، وليس بمحفوظ]
(2)
.
وقال النووي: قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: يستحب تقديم اليمنى في كل ما هو من باب التكريم كالوضوء، والغسل ولبس الثوب، والنعل والخف، والسراويل، ودخول المسجد، والسواك، والاكتحال وتقليم الأظفار، وقص الشارب، ونتف الإبط، وحلق الرأس والسلام من الصلاة، والخروج من الخلاء، والأكل والشرب، والمصافحة، واستلام الحجر الأسود، والأخذ والعطاء، وغير ذلك مما هو في معناه.
(1)
سنن أبي داود (321).
(2)
سبق تخريجه في حكم الترتيب بين أعضاء التيمم.
ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك، كالامتخاط والاستنجاء، ودخول الخلاء، والخروج من المسجد، وخلع الخف والسراويل والثوب والنعل، وفعل المستقذرات، وأشباه ذلك.
وقال ابن تيمية: قد استقرت قواعد الشريعة على أن الأفعال التي تشترك فيها اليمنى واليسرى تقدم فيها اليمنى إذا كانت من باب الكرامة كالوضوء والغسل، والابتداء بالشق الأيمن في السواك، ونتف الإبط، وكاللباس، والانتعال والترجل، ودخول المسجد والمنزل، والخروج من الخلاء، ونحو ذلك.
وتقدم اليسرى في ضد ذلك، كدخول الخلاء، وخلع النعل، والخروج من المسجد، والذي يختص بإحداهما إن كان بالكرامة كان باليمين، كالأكل والشرب والمصافحة، ومناولة الكتب، وتناولها، ونحو ذلك
(1)
.
وإن كان ضد ذلك كان باليسرى، كالاستجمار، ومس الذكر، والاستنثار، والامتخاط، ونحو ذلك. اهـ
(1)
مجموع الفتاوى (21/ 108).