الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث:
في مسح ما تحت الشعر الخفيف في التيمم
سبق لنا في طهارة الماء وجوب غسل ما تحت الشعر الخفيف، واختلف العلماء في طهارة التيمم، هل يجب مسح ما تحت الشعر الخفيف كالعنفقة وشعر الحاجبين، وشعر اللحية الخفيف، أو لا يجب؟.
فقيل: يجب مسح ما تحت الشعر الخفيف، وهو مذهب الحنفية
(1)
،
وأحد الوجهين في مذهبي الشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
(1)
جاء في درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 31): " ويمسح تحت الحاجبين، وموق العينين، ومن وجهه ظاهر البشرة، والشعر على الصحيح، وفي السراج: لا يجب مسح اللحية ولا الجبيرة ".
وجاء في الفتاوى الهندية (1/ 26): " استيعاب العضوين في التيمم واجب في ظاهر الرواية، كذا في محيط السرخسي، وهو المختار، كذا في المضمرات حتى لو لم يمسح تحت الحاجبين، وفوق العينين لا يجزيه، كذا في محيط السرخسي ".
وقال في مجمع الأنهر (1/ 39): " والاستيعاب في الأصح، وهو ظاهر الرواية، وعليه الفتوى؛ لقيامه مقام الوضوء في العضوين المخصوصين حتى قالوا: لو لم يخلل الأصابع، أو لم ينزع الخاتم، أو لم يمسح تحت الحاجبين لم يجز تيممه، وبهذا تبين ضعف ما روي عنه أن مسح أكثر الوجه واليدين كاف ". وانظر شرح فتح القدير (1/ 126 - 127).
(2)
المهذب (1/ 33).
(3)
قال ابن رجب في شرح البخاري (2/ 245): " فأما الوجه، فمذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء أنه يجب عليه استيعاب بشرته بالمسح بالتراب، ومسح ظاهر الشعر الذي عليه، وسواء كان ذلك الشعر يجب إيصال الماء إلى ما تحته كالشعر الخفيف الذي يصف البشرة، أم لا، هذا هو الصحيح.
وفي مذهبنا وفي مذهب الشافعي وجه آخر: أنه يجب إيصال التراب إلى ما تحت الشعور التي يجب إيصال الماء إلى ما تحتها، ولا يجب عند أصحابنا إيصال الماء إلى باطن الفم والأنف، وإن وجب عندهم المضمضمة والاستنشاق في الوضوء ". اهـ
وقيل: لا يجب مسح ما تحت الشعر،
اختاره أبو يوسف والطحاوي من الحنفية
(1)
، وهو مذهب المالكية
(2)
، وأصح الوجهين في مذهب الشافعية
(3)
،
والحنابلة
(4)
،
وقيل: لا يجب عليه مسح اللحية في التيمم، وهو قول في مذهب الحنفية
(5)
.
(1)
جاء في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 78): " وعن أبي يوسف: يمسح وجهه من غير تخليل اللحية
…
".
وقال الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء (1/ 135): " التيمم واجب فيه مسح البشرة، ثم يسقط بعدها ".
فهل قوله " ثم يسقط بعدها" هل يريد أنه يسقط إلى بدل، وهو مسح اللحية، أو يسقط إلى غير بدل، لم يصرح بشيء.
(2)
حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 195)، الخرشي (1/ 191)، مواهب الجليل (1/ 350).
(3)
قال في المهذب (1/ 33): ولا يجب إيصال التراب إلى ما تحت الحاجبين والعذارين والعنفقة. ومن أصحابنا من قال: يجب ذلك كما يجب إيصال الماء إليه في الوضوء، والمذهب الأول".
وقال في تحفة المحتاج (1/ 362): " (ولا يجب) بل يسن (إيصاله) أي التراب (منبت الشعر الخفيف) وفي وجه: أو يد ".
واختار القاضي حسين بأنه لا يسن إيصال التراب إلى ما تحت الشعر، انظر كفاية الأخيار (1/ 60). وانظر نهاية الزين (ص: 37)، وفتح الوهاب بشرح منهج الطلاب (1/ 45)،
(4)
شرح منتهى الإرادات (1/ 98)، مطالب أولي النهى (1/ 211)، شرح البخاري لابن رجب (2/ 245).
(5)
جاء في السراج الوهاج كما نقله ابن نجيم في البحر الرائق (1/ 152): " ولا يجب عليه مسح اللحية في التيمم ". =
وسبب الخلاف اختلافهم في مسألتين:
الأولى: وسبق بحثها، هل يجب استيعاب الوجه واليدين بالمسح في التيمم، وقد ترجح بأن الاستيعاب ليس بواجب، وأن عليه أن يمسح وجهه بكلتا يديه، ولا يتعمد ترك شيء منه، فإن بقي منه شيء لا يرجع إليه بالمسح.
والثانية: قياس التيمم على الوضوء، فلما كان الوضوء يجب غسل ما تحت الشعر الخفيف، فهل يقاس عليه التيمم، فيقال بوجوب مسح ما تحت الشعر الخفيف؟ الصحيح أن قياس التيمم على الوضوء قياس مع الفارق؛ لأن المسح مبني على التخفيف، بخلاف طهارة الغسل، والله أعلم.
= وقال في الجوهرة النيرة (1/ 22): " ولا يجب عليه مسح اللحية .. ". وهذا نص في نفي مسح اللحية وليس مجرد مسح ما تحت اللحية، ولكن قال الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 78): " الشعر الذي يجب غسله في الوضوء، هو المحاذي للبشرة لا المسترسل، وعليه يحمل قول صاحب السراج: لا يجب عليه مسح اللحية في التيمم. كذا في البحر. بقي الكلام في اللحية الخفيفة: هل يبالغ في المسح فيها حتى يصل إلى البشرة كأصله، أو يكفي مسح ظاهر الملاقي كالكثة؟ يراجع ". اهـ فتأمل تفسير الطحطاوي، فإن صح، فإن المسألة فيها قولان فقط، وإن لم يصح كانت المسألة فيها ثلاثة أقوال، والله أعلم.