الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث:
لو كان المحدث على بدنه نجاسة، ووجد ماء يكفي أحدهما
إذا كان المحدث على بدنه نجاسة، ووجد ماء يكفي إحدى الطهارتين، إما النجاسة أو رفع الحدث، فماذا يقدم؟
قيل: يقدم إزالة النجاسة؛ لأنه لا بدل له، بخلاف رفع الحدث، وهذا مذهب الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، والحنابلة
(3)
.
وقيل: يتوضأ به، ويصلي بالنجاسة، وهو قول أبي يوسف وحماد
(4)
، واختاره بعض المالكية.
قال في مواهب الجليل: " قال ابن عبد السلام: وأظن أني وقفت لأبي عمران على أنه يتوضأ، ويصلي بالنجاسة، وكان بعض أشياخي ينقله عنه، ويحتج بأن طهارة الخبث مختلف في وجوبها، وذكر ابن هارون أنه اختلف في ذلك، فقيل: يصلي بالنجاسة، ويتوضأ، وقيل: يزيل به النجاسة، ويتيمم، وجزم ابن رشد في رسم سلف من سماع عيسى من ابن القاسم من كتاب الطهارة، بأنه يزيل النجاسة، ويتيمم، وكذلك ابن العربي وصاحب الطراز، ذكره في الكلام على سؤر ما لا يتوقى النجاسة.
قال الحطاب: وهذا إذا لم يمكنه جمع الماء من أعضائه طهوراً، وأما إن
(1)
قال في بدائع الصنائع (1/ 57): " غسل به الثوب، وتيمم للحدث عند عامة العلماء ".
(2)
قواعد، قواعد الأحكام في مصالح الأنام (1/ 94) ..
(3)
كتاب المسائل (1/ 191).
(4)
بدائع الصنائع (1/ 57).
أمكنه جمعه طهوراً من غير تغير فإنه يتوضأ به، ويجمعه، ويغسل به النجاسة؛ لأنه طهور على المشهور "
(1)
.
قلت: جمع الماء المتساقط ليس معروفاً عن السلف.
وقال العز أيضاً: " إذا وجد المحرم ما يكفيه لطهارة الحدث، أو لغسل الطيب العالق به، فإن يغسل به الطيب تحصيلاً لمصلحة التنزه منه في حال الإحرام، ويتيمم عن الحدث تحصيلاً لمصلحة بدل طهارة الحدث، ولو عكس ذلك لفاتت إحدى المصلحتين "
(2)
.
وهذه أخف من السابقة، لأن الطيب لا يعتبر نجاسة، وإن كان من المحظورات.
وعندي أن القيام بالوضوء أهم من القيام بغسل النجاسة
أولاً: أن الوضوء فعل مأمور، وغسل النجاسة ترك محظور، وفعل المأمور لا يسقط بالنسيان، بخلاف المحظور، فلو صلى بدون طهارة لم تصح صلاته، وطلب منه إعادة الفعل بخلاف ما لو صلى ناسياً وجود النجاسة على بدنه، فإن صلاته صحيحة.
ثانياً: أن طهارة الحدث شرط لصحة الصلاة بلا خلاف، بخلاف إزالة النجاسة فإنه مختلف فيها، هل التخلي عنها شرط أو واجب أو مستحب، وما اتفق على اعتباره أولى بالتقديم، والله أعلم.
ثالثاً: من اهتمام الشارع بطهارة الحدث أنه جعل لها بديلاً عند عدم الماء، وهذا لأهميتها، بينما طهارة الخبث لم يجعل لها بدلاً.
(1)
مواهب الجليل (1/ 154).
(2)
المرجع السابق.