الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط السابع:
في ذكر الشروط التي تتعلق بالأرض المتيمم عليها
الفرع الأول:
في التيمم بغير التراب
.
قال ابن المنذر: " أجمع أهل العلم أن التيمم بالتراب ذي الغبار جائز إلا من شذ منهم "
(1)
.
وقال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن التيمم بالتراب جائز، واختلفوا فيما عداه من الأرض
(2)
.
وقال ابن رشد: " حصل الإجماع على إجازة التيمم على التراب، والاختلاف فيما سواه مما هو مشاكل للأرض "
(3)
.
واختلفوا بالتيمم بغير تراب مما هو من جنس الأرض،
فقيل: التيمم جائز بكل ما صعد على الأرض من جنسها، من تراب، أوجص، أو نورة، أو رمل، أو غير ذلك، وهذا مذهب الحنفية
(4)
، والمالكية
(5)
.
(1)
الأوسط (2/ 37).
(2)
الاستذكار (1/ 309).
(3)
مقدمات ابن رشد (1/ 113).
(4)
أحكام القرآن للجصاص (2/ 554)، المبسوط (1/ 108)، شرح فتح القدير (1/ 112 - 113)، تبيين الحقائق (1/ 38 - 39)، البحر الرائق (1/)، بدائع الصنائع (1/ 53)، حاشية ابن عابدين (1/ 230).
(5)
مواهب الجليل (1/ 350)، التمهيد (19/ 281)، الاستذكار (3/ 157)، الشرح الصغير (1/ 195)، حاشية الدسوقي (1/ 155).
وقيل: لا يجوز التيمم إلا بتراب طهور له غبار، وهذا مذهب الشافعية
(1)
والحنابلة
(2)
، واختيار أبي يوسف من الحنفية
(3)
.
وقيل: يجوز التيمم بكل ما هو على وجه الأرض حتى الحشيش النابت على وجه الأرض والثلج إذا عم الأرض وحالا بينك وبينها، وهو قول في مذهب مالك
(4)
.
وقيل: لا يجوز التيمم إلا بالتراب أو بالرمل دون الحجارة ونحوها، وهو قول لأبي يوسف من الحنفية
(5)
.
وسبب الخلاف اختلافهم في تفسير قوله تعالى: {فتيمموا صعيداً طيباً}
(6)
، ما هو الصعيد، وفي تفسيرها قولان:
أحدهما: أن الصعيد يطلق على التراب الخالص.
(1434 - 66) روى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه،
(1)
قال النووي في المجموع (2/ 246): " مذهبنا أنه لا يصح التيمم إلا بتراب، هذا هو المعروف في المذهب، وبه قطع الأصحاب، وتظاهرت عليه نصوص الشافعي ".
وانظر المهذب (1/ 32 - 33)، روضة الطالبين (1/ 108 - 109)، مغني المحتاج (1/ 96)، نهاية المحتاج (1/ 272)، الخلافيات للبيهقي (2/ 467).
(2)
المغني (1/ 155)، المحرر (1/ 22)، الإنصاف (1/ 284).
(3)
المبسوط (1/ 108).
(4)
المقدمات (1/ 112 - 113).
(5)
المبسوط (1/ 108).
(6)
المائدة: 6.
عن ابن عباس، قال: أطيب الصعيد الحرث، وأرض الحرث
(1)
.
[إسناده ضعيف]
(2)
.
وليس فيه دليل على أن الصعيد يطلق على التراب، لأن قوله " أطيب الصعيد " اسم تفضيل، فهو يدل على أن غير أرض الحرث يسمى صعيداً، لكن أرض الحرث أطيب الصعيد.
وقال الشافعي: لا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار
(3)
.
وقال الأزهري: " مذهب أكثر العلماء أن الصعيد في قوله سبحانه وتعالى: {فتيمموا صعيداً طيباً}
(4)
، أنه التراب الطاهر الذي على وجه الأرض، أو خرج من باطنها"
(5)
.
واستدل بعضهم بقوله " طيباً " فالأرض الطيبة: هي القابلة للإنبات، ففيها إشارة إلى اعتبار التراب، بدليل قوله تعالى:{والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً}
(6)
.
ولا يتعين الطيب بوصف الإنبات فقط، وليس لاعتبار الإنبات معنى يعود إلى التيمم، وإنما المقصود بالطيب هنا الطاهر الذي هو ضد النجس، قال
(1)
المصنف (1/ 148) رقم 1702.
(2)
في إسناده قابوس بن ظبيان، ضعيف، قال جرير بن عبد الحميد: أتينا قابوس بعد فساده. والأثر رواه البيهقي في سننه (1/ 214) من طريق جرير به.
(3)
الأم (1/ 50).
(4)
المائدة: 6.
(5)
المصباح المنير (ص: 340).
(6)
الأعراف: 58. انظر شرح ابن رجب للبخاري (2/ 210).
محمد بن مسلمة: يريد أن يكون طاهراً، ولم يرد كرم الأرض ولا لؤمها
(1)
.
فالطيب: ضده الخبيث، ولا نعرف خبيثاً يمكن أن يوصف به الصعيد إلا أن يكون نجساً.
والقول الثاني: الصعيد هو وجه الأرض.
قال في المصباح المنير: الصعيد وجه الأرض تراباً كان أو غيره، قال الزجاج: ولا أعلم اختلافاً بين أهل اللغة في ذلك
(2)
.
وقال الباجي: " الصعيد وجه الأرض تراباً كان أو رملاً أو حجراً، قاله ابن الأعرابي وأبو إسحاق، والزجاج، قال أبو إسحاق: لا أعلم فيه خلافاً بين أهل اللغة "
(3)
.
فهذان إمامان من أهل اللغة يحكيان الإجماع على أن الصعيد هو وجه الأرض، وينفيان وقوع اختلاف بين أهل اللغة في ذلك.
قلت: ويدل عليه قوله تعالى: {فتصبح صعيداً زلقاً}
(4)
.
وقال سبحانه وتعالى: {صعيداً جرزاً}
(5)
. والجرز: هي الأرض التي لا نبات عليها ولا زرع ولا غرس
(6)
.
(1)
المنتقى للباجي (1/ 114)
(2)
المصباح المنير (ص: 340).
(3)
تفسير الطبري (15/ 196).
(4)
الكهف: 40.
(5)
الكهف: 8.
(6)
تفسير ابن كثير (3/ 73).