الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أن القطع إلى الكوعين، نقل الإجماع ابن عبد البر
(1)
، فالمسح ينبغي أن يكون إلى الكوعين.
قال ابن عبد البر: وحجة من رأى التيمم إلى الكوعين جائز، ولم ير بلوغ المرفقين واجباً: ظاهر قوله عز وجل: {فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}
(2)
، ولم يقل: إلى المرفقين {وما كان ربك نسياً}
(3)
، فلم يجب بهذا الخطاب إلا أقل ما يقع عليه اسم يد؛ لأنه اليقين، وما عدا ذلك شك، والفرائض لا تجب إلا بيقين، وقد قال الله عز وجل:{والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}
(4)
، وثبتت السنة المجتمع عليها أن الأيدي في ذلك أريد بها من الكوع، فكذلك التيمم، إذ لم يذكر فيه المرفقين، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر الآثار في التيمم أنه مسح وجهه وكفيه، وكفى بهذا حجة؛ لأنه لو كان ما زاد على ذلك واجباً لم يدعه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(5)
.
الدليل الثاني:
(1449 - 81) ما رواه البخاري من طريق الحكم، عن ذر، عن سعيد ابن عبد الرحمن ابن أبزى،
(1)
الاستذكار (3/ 164).
(2)
المائدة: 6.
(3)
مريم: 64.
(4)
المائدة: 38.
(5)
التمهيد (19/ 282 - 283).
عن أبيه قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت، فصليت، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما كان يكفيك هكذا، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، ورواه مسلم معلقاً بنحوه
(1)
.
وهذا صريح أن المسح ضربة واحدة، وأنه في اليدين إلى الكفين، وقد أخرجه البخاري في صحيحه، فيجب المصير إليه، وظاهر آية المائدة تؤيده كما سقت ذلك في الدليل الأول.
قال الحافظ ابن حجر: الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار، وما عداهما فضعيف، أو مختلف في رفعه ووقفه، والراجح عدم رفعه، فأما حديث أبي جهيم فورد بذكر اليدين مجملاً
(2)
، وأما حديث عمار فورد بذكر الكفين في الصحيحين، وبذكر المرفقين في السنن، وفي رواية إلى نصف الذراع، وفي رواية إلى الآباط، فأما رواية المرفقين وكذا نصف الذراع ففيها مقال
…
"
(3)
.
قلت: وكذلك رواية الآباط لا تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً، وقد سبق
(1)
البخاري (338)، ومسلم (368).
(2)
حديث أبي جهم في البخاري (337)، هذا لفظه: " أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام. وأخرجه مسلم (369).
(3)
فتح الباري تحت حديث (339).