الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
في استيعاب المسح للوجه واليدين
اختلف العلماء في حكم استيعاب المسح للوجه واليدين، فلو أن المتيمم ترك شيئاً يسيراً من مسح وجهه أو يديه، فهل يصح تيممه؟
فقيل: الاستيعاب فرض،
وهو مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
، والشافعية
(3)
، والحنابلة
(4)
.
وقيل: الاستيعاب ليس بفرض، فمسح الأكثر يقوم مقام الكل، وهو
(1)
المبسوط (1/ 107)، وقال الجصاص في أحكام القرآن (2/ 550): ذكر أبو الحسن الكرخي عن أصحابنا أنه إن ترك المتيمم من مواضع التيمم شيئاً قليلاً أو كثيراً لم يجزه " وانظر بدائع الصنائع (1/ 46)، تبيين الحقائق (1/ 38)، البحر الرائق (1/ 145)، حاشية ابن عابدين (1/ 230).
(2)
الثمر الداني (1/ 76)، وقال في مواهب الجليل (1/ 349):" لزم المتيمم تعميم وجهه بالمسح، وتعميم كفيه إلى كوعيه .. " اهـ
وقد نص خليل في متنه على نزع خاتمه، قال في مواهب الجليل (1/ 349): " قال في التوضيح: لا خلاف أنه مطلوب بنزع خاتمه ابتداء؛ لأن التراب لا يدخل تحته، فإن لم ينزعه فالمذهب أنه لا يجزئه
…
". وانظر شرح الخرشي (1/ 191)، حاشية الدسوقي (1/ 155)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 195).
(3)
قال النووي في المجموع (2/ 243): " فمذهبنا المشهور، أن التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين مع المرفقين، فإن حصل استيعاب الوجه واليدين بالضربتين، وإلا وجبت الزيادة حتى يحصل الاستيعاب .. ". وانظر إعانة الطالبين (1/ 56).
(4)
المغني (1/ 159)، كشاف القناع (1/ 174)، شرح العمدة (1/ 420)، المبدع (1/ 222).
رواية الحسن عن أبي حنيفة
(1)
، واختيار ابن مسلمة من المالكية
(2)
، ورجحه ابن حزم رحمه الله
(3)
.
ولذلك أوجب الأئمة الأربعة نزع الخاتم من أجل القيام بفرض الاستيعاب
(4)
.
وأما تخليل الأصابع في التيمم: فمن ذهب منهم إلى جواز التيمم على الحجر ونحوه أوجب تخليل الأصابع، لكي يقوم بواجب الاستيعاب كالحنفية
(5)
، والمالكية على المشهور
(6)
.
ومن اشترط الغبار اشترط تفريج أصابعه إذا ضرب الأرض، حتى
(1)
المبسوط (1/ 107) أحكام القرآن للجصاص (2/ 550) بدائع الصنائع (1/ 46)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: 78).
(2)
مواهب الجليل (1/ 349).
(3)
المحلى (1/ 376).
(4)
المبسوط (1/ 107)، حاشية ابن عابدين (1/ 232)، مواهب الجيل (1/ 349)، الفواكه الدواني (1/ 157)، مطالب أولي النهى (1/ 220)، كشاف القناع (1/ 178)، منار السبيل (1/ 56).
(5)
المبسوط (1/ 107)، بدائع الصنائع (1/ 46)، أحكام القرآن للجصاص (2/ 550)، الفتاوى الهندية (1/ 26): وفي تبيين الحقائق (1/ 38): " ويجب تخليل الأصابع إن لم يدخل بينها غبار".
(6)
مواهب الجليل (1/ 349)، الفواكه الدواني (1/ 157)، الشرح الكبير المطبوع بهامش حاشية الدسوقي (1/ 155)، الثمر الداني شرح رسالة القيرواني (1/ 77).
وقال في حاشية الدسوقي (1/ 155): " قال أبو محمد: لم أر القول بلزوم تخليل الأصابع في التيمم لغير ابن شعبان، وذلك لأن التخليل لا يناسب المسح المبني على التخفيف ".
يتخللها الغبار كالشافعية
(1)
، والحنابلة
(2)
.
(1)
قال النووي في المجموع (2/ 267): " ويخلل بين أصابعهما، فاتفق جمهور العراقيين على أنه سنة، ليس بواجب، ونقله ابن الصباغ عن الأصحاب مطلقاً، هذا إذا كان فرق أصابعه في الضربتين، أو في الثانية، أما إذا فرق في الأولى فقط، وقلنا: يجزيه، فيجب التخليل، وقال الخرسانيون والماوردي: في وجوب التخليل ومسح إحدى الراحتين بالأخرى وجهان".
(2)
نصت كتب الحنابلة في صفة التيمم على الضرب بيديه مفرجتي الأصابع، بعد نزع الخاتم، وعللوا ذلك لأجل دخول التراب بين أصابعه، ومقتضى التعليل أن التفريج واجب؛ لأن الاستيعاب واجب عندهم، وكذا نزع الخاتم، والعلة واحدة، في تفريج الأصابع وفي نزع الخاتم، وهي وجوب الاستيعاب، فكان مقتضى التعليل أن التفريج واجب، وقد حاولت أن أجد من صرح بأن تفريج الأصابع واجب، ولم أقف عليه فيما قرأت من المراجع، إلا أن شيخنا محمد ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة في درسه لزاد المستقنع ذكر أن هذا واجب عند الحنابلة،
قال شيخنا في الشرح الممتع (1/ 485): " قوله: " مفرجتي الأصابع " أي متباعدة؛ لأجل أن يدخل التراب بينها؛ ولأن الفقهاء يرون وجوب استيعاب الوجه والكفين هنا، ولذلك قالوا: مفرجتي الأصابع ".
قال في الفروع (1/ 225): " ويضرب بيديه مفرجتي الأصابع ".
وقال في الإنصاف (1/ 301): " والسنة في التيمم أن ينوي، ويسمي، ويضرب بيديه مفرجتي الأصابع على التراب ضربة واحدة ".
وقال في شرح منتهى الإرادات (1/ 101): ويضرب التراب بيديه مفرجتي الأصابع؛ ليصل التراب إلى ما بينهما، وينزع نحو خاتم ".
وقال في كشاف القناع (1/ 178): " ويضرب يديه مفرجتي الأصابع ليصل التراب إلى ما بينها ..... بعد نزع خاتم ونحوه ليصل التراب إلى ما تحته ". وقال مثله في مطالب أولى النهى (1/ 219 - 220).
وقال في المبدع (1/ 229): " ويضرب بيديه مفرجتي الأصابع ليدخل الغبار بينهما، وينزع خاتمه ". وانظر المحرر (1/ 21)، والمستوعب (1/ 298).
وذكر العنقري في حاشيته على الروض وجوب نزع الخاتم، ولا يكفي تحريكه (1/ 95) =
وقيل: ليس عليه تخليل أصابعه ولا نزع خاتمه،
وهو رواية الكرخي عن أبي حنيفة
(1)
، وأحد القولين في مذهب المالكية
(2)
.
= وابن تيمية اعتبر تفريج الأصابع عند الأصحاب تحصيل فضيلة، ويفهم منه أنه ليس بواجب، قال في شرح العمدة (1/ 414): " قال أصحابنا: والأفضل أن يضرب بيديه الصعيد مفرجتي الأصابع
…
". فتأمل.
(1)
بدائع الصنائع (1/ 46)، أحكام القرآن للجصاص (2/ 550)، مراقي الفلاح (ص:49)، والذي وقفت عليه في مذهب الحنفية قولين: الأول: وجوب استيعاب الوجه واليدين بالمسح، والثاني: يكفي مسح أكثر الوجه واليدين.
وقد ساق ابن رجب الحنبلي في شرحه للبخاري (2/ 245) روايات أخرى، فأذكرها، وليبحث عنها في كتب الحنفية، فإني لم أقف عليها:
قال ابن رجب: " وعن أبي حنيفة روايات، إحداها: كقول الشافعي وأحمد - يعني: وجوب الاستيعاب - والثانية: إن ترك قدر الدرهم لم يجزئه، وإن ترك دونه أجزأه، والثالثة: إن ترك دون ربع الوجه أجزأه، وإلا فلا. والرابعة: إن مسح أكثره، وترك الأقل منه أو من الذارع أجزأه، وإلا فلا، وحكاه الطحاوي عن أبي حنيفة وأبي يوسف وزفر ".
والذي أخشاه أن يكون الحافظ ابن رجب نقل ذلك عن النووي رحمه الله، ولم يحرره من كتب الحنفية، فقد قال العيني في البناية (1/ 500 - 501): " قال النووي: مذهب الشافعي رحمه الله أنه يجب إيصال التراب إلى جميع البشرة .... قال: وعن أبي حنيفة روايات، أحدها كمذهبنا
…
والثانية: إن ترك قدر درهم لم يجزئه .. قال العيني متعقباً كلام النووي: هذه ليس لها أصل في الكتب الأمهات لأصحابنا مثل المبسوط والمحيط والذخيرة وشرخ مختصر الكرخي والبدائع والفوائد ونحوها ". والله أعلم.
(2)
قال ابن عطية في تفسيره (ص: 442)" واختلف المذهب في تحريك الخاتم، وتخليل الأصابع على قولين: يجب، ولا يجب ". اهـ ونسختي من تفسير ابن عطية طبع في مجلد واحد كبير، طبعة دار ابن حزم. وانظر مواهب الجليل (1/ 349).