الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عن أنس رضي الله عنه، قال: جعلت لي كل أرض طيبة مسجداً وطهوراً "
(1)
.
[إسناده صحيح]
(2)
.
دليل من قال: يعيد ما دام في الوقت:
لقد ذكر ابن عبد البر: أن هذا الحكم إنما هو في أرض أصابتها نجاسة، ولم يظهر لها أثر في الأرض، وأما الأرض التي تُرَى فيها النجاسة، فإنه يعيد أبداً
(3)
، فإذا كان ذلك كذلك، فهل الأرض بذلك تكون نجسة، ولا بد من غسلها بالماء، أو يحكم بطهارتها ما دامت لم تظهر فيها النجاسة، الخلاف في هذه المسألة كالخلاف في الماء القليل الذي وقعت فيه نجاسة فلم يظهر لها لون أو طعم أو رائحة، وفيه قولان لأهل العلم، فمنهم من يرى نجاسته، ومنهم من يرى أنه طاهر حتى يتأثر بالنجاسة، وقد حررت ذلك في كتاب المياه، وذكرت أدلة كل قول، ورجحت أن الماء لا يحكم له بالنجاسة حتى تكون
(1)
المنتقى لابن الجارود (124).
(2)
الحديث رواه ابن المنذر في الأوسط (2/ 12) والمقدسي في الأحاديث المختارة (1653) من طريق حجاج بن منهال، قال: ثنا حماد بن سلمة به.
واستدل به ابن المنذر في الأوسط (2/ 12) على اشتراط طهارة الأرض، فقال في ترجمته لهذا الحديث: الدليل على أن الأرض الذي جعل من الأرض طهوراً الطاهر منها دون النجس.
وقال الحافظ في الفتح تحت حديث رقم (335): روى ابن المنذر وابن الجارود بإسناد صحيح عن أنس مرفوعاً.
وقد نسبه الحافظ ابن حجر في إتحاف المهرة (482) إلى مسند أحمد، ولم أقف عليه في المسند، ولا في أطراف المسند، وقد صرح محقق الإتحاف أيضاً بأنه لم يقف عليه في المسند.
(3)
التمهيد (13/ 108) و (22/ 244) الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 29).
النجاسة غالبة على الماء، وذلك بأن يظهر لها أثر في الماء من طعم أو لون أو رائحة، فإذا لم يظهر لها شيء من ذلك، واستهلكت في الماء، فإن الماء طهور، والحكم لا يختلف عنه في الأرض، فإن لم يكن للنجاسة وجود محسوس لم تكن الأرض نجسة، ولكن ما هو الدليل على استحباب الإعادة بالوقت، ذكروا وجوهاً للاستحباب منها:
أن التيمم لا يجب فيه إيصال التراب إلى البشرة، إذ لو تيمم على الحجر الصلد أجزأه، وإنما الواجب قصد الأرض وضربها باليد، والمرتفع من التراب النجس إلى الأعضاء لم يحصل به خلل في طهارة الحدث، وإنما هو حامل لنجاسة لم يتعمدها، فيعيد في الوقت على قاعدة إزالة النجاسة.
أو لأن الغبار ينتقل مع الريح الجارية على هذا المكان، والتيمم إنما يقع على أعلى المنتقل الطاهر
(1)
.
أو لأن الأمام طلب الإعادة بالوقت مراعاة للقائل من الأئمة بطهارة الأرض بالجفاف كمحمد بن الحنفية والحسن البصري
(2)
.
قلت: هذه مسألة أخرى سوف أتعرض لها في المسألة التالية لهذه.
أو لأن الحكم عائد إلى حكم الصلاة بالثوب النجس، فإن في مذهب المالكية قولاً باستحباب التخلي عن النجاسة في الصلاة، وأن الطهارة من الخبث ليس شرطاً ولا واجباً من واجبات الصلاة، وأن من صلى في الثوب النجس يعيد ما دام في الوقت، ولا يعيد إذا خرج الوقت، فهذا مثله. وقد ناقشت أدلة هذه المسألة ولله الحمد في كتاب أحكام النجاسات، فانظرها مشكوراً.
(1)
الذخيرة (1/ 349).
(2)
الشرح الكبير المطبوع بهامش حاشية الدسوقي (1/ 161).