الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر القبض على ابن الفرات ووزارة الخاقانى
فى هذه السنة قبض المقتدر بالله على وزيره ابن الفرات، ووكل بداره، وهتك حرمه، وهب أمواله ودور أصحابه ومن يتعلّق به فافتتنت بغداد لقبضه، وكانت مدة وزارته- وهى الأولى- ثلاث سنين وثمانية أشهر/، وثلاثة عشر يوما. وقلد أبو على محمد بن يحيى بن عبيد الله بن خاقان الوزارة، فرتّب أصحاب الدواوين، وتولى مناظرة ابن الفرات «1» . ثم انجلت أمور الخاقانى لأنه كان ضجورا «2» ضيّق الصدر، مهملا لقراءة كتب العمال، وجباية الأموال، وكان يتقرّب إلى الخاصة والعامة؛ فكان إذا رأى جماعة من الملاحين والعامة يصلون- جماعة- ينزل ويصلّى معهم، وإذا سأله أحد حاجة دقّ صدره وقال: نعم وكرامة! فسمّى «دقّ صدره» إلا أنه قصّر فى إطلاق الأموال للقوّاد والفرسان فنفروا عنه. وكان أولاده قد تحكّموا عليه وكلّ منهم يسعى لمن يرتشى منه؛ فكان يولّى فى الأيام القليلة عدّة من العمال حتى إنه ولّى ماه الكوفة «3» فى مدة عشرة أيام «4» سبعة من العمال،
فاجتمعوا فى الطريق فعرضوا توقيعاتهم، فسار الأخير وعاد الباقون يطلبون ما خدموا به أولاده، فقيل فى ذلك:
وزير قد تكامل فى الرقاعه
…
يولّى ثم يعزل بعد ساعه «1»
إذا أهل الرّشا اجتمعوا لديه
…
فخير القوم أوفرهم بضاعه «2»
وليس يلام فى هذا بحال
…
لأنّ الشيخ أفلت من مجاعه «3»
قال «4» : ثم زاد الأمر حتى تحكّم أصحابه، فكانوا يطلقون الأموال ويفسدون الأحوال؛ فانحلّت القواعد، وخبثت النيات/ واشتغل الخليفة بعزل وزرائه والقبض عليهم والرجوع إلى قول النساء والخدم والتصرف على مقتضى إرادتهم، فخرجت الممالك وطمع العمّال فى الأطراف، فصار مآل الأمر إلى ما نذكره إن شاء الله تعالى.
قال «5» : ثم أحضر المقتدر الوزير ابن الفرات من محبسه، وجعله فى حجرة- من ضمن الحجر- مكرّما، فكان يعرض عليه مطالعات العمال وغير ذلك بارّا به بعد أن أخذ أمواله.
وفى هذه السنة غزا رستم أمير الثغور الصائفة من ناحية
طرسوس «1» ومعه دميانة «2» ، فحصر حصن مليح الأرمنى، ثم دخل بلده وأحرقه.
قال ابن الجوزى «3» : وفى هذه السنة ورد من مصر أربعة أحمال مال، وقيل إنه وجد هناك كنز قديم. وكان معه ضلع إنسان طوله أربعة عشر شبرا فى عرض شبر، وزعمو أنه من قوم عاد..
وكان مبلغ المال خمسمائة ألف دينار، وكان مع ذلك هدايا عجيبة- قال- وذكر الصولى أنه كان فى الهدايا تيس له ضرع يحلب اللبن ووردت رسل أحمد بن إسماعيل بهدايا فيها بدنة «4» مرصّعة بفاخر الجوهر، وتاج من ذهب مرصّع بجوهر له قيمة كبيرة، ومناطق ذهب مرصعة، وخلع سلطانية فاخرة، وربعة ذهب مرصعة فيها شمّامات مسك وعنبر كلّه مرصع، وعشر/ أفراس بسروجها ولاحداها سرج ذهب. ووردت هدايا ابن أبى السّاج وهى أربعمائة دابّة وثمانون ألف دينار وفرش أرمنى لم ير مثله، فيه بساط طوله سبعون ذراعا فى عرض ستين، لا قيمة له! وحجّ بالناس الفضل بن عبد الملك الهاشمىّ.
ودخلت سنة ثلاثمائة من الهجرة النبوية