الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من تراب بغلته للتبرّك. وكان فى صحبته جماعة من أعيان أصحابه فلما وصل إلى ساوة خرج إليه جميع أهلها وسأله كلّ من فقهائها أن يدخل بيته فلم يفعل. ولقيه أرباب الصناعات ومعهم ما ينثرونه على محفته، فخرج الخبازون ينثرون الخبز وهو ينهاهم فلم ينتهوا، وكذلك أصحاب الفاكهة والحلوى وغيرهم، وخرج إليه الأساكفة وقد عملوا مداسات لطافا تصلح لأرجل الأطفال ونثروها فكانت تسقط على رؤوس النّاس فكان الشيخ يتعجب ويذكر ذلك لأصحابه بعد رجوعه ويقول: ما كان حظكم من ذلك النثار؟ فقال بعضهم: ما كان حظ سيدنا منه! فقال الشيخ. أما أنا فتغطيت بالمحفة! يقول ذلك وهو يضحك.
قال «1» : ولما وصل الشّيخ إلى السلطان وإلى نظام الملك أكرماه، وأجيب إلى جميع ما التمسه من الخليفة. ولما عاد أهين عميد العراق، ورفعت يده عن جميع ما يتعلق بحواشى الخليفة.
وفيها قدم مؤيد الملك بن نظام الملك إلى بغداد من أصفهان ونزل بالمدرسة النظامية، وضرب على بابه الطبول فى أوقات الصلوات الخمس، فأعطى ما لا جزيلا حتى قطع ذلك، فأرسل الطبول إلى تكريت والله تعالى أعلم.
ذكر عزل عميد الدولة عن الوزارة وميسر والده إلى ديار بكر
وفى سنة ستّ وسبعين وأربعمائة فى صفر عزل عميد الدولة فخر الدولة بن جهير عن الوزارة، ووصل فى يوم عزله له رسول
من السلطان ومن نظام الملك إلى الخليفة يطلبان [معه] أن يرسل إليهما بنى جهير فأذن لهم. فساروا بجميع أهلهم ونسائهم، فصادفوا من السلطان ومن نظام الملك الإكرام والاحترام، وعقد السلطان لفخر الدولة بن جهير على ديار بكر وخلع عليه وأعطاه الكوسات «1» وسيّر معه العساكر وأمره أن يأخذها من بنى مروان، وأن يخطب لنفسه ويذكر اسمه على السّكّة، فسار إليها.
قال «2» : ولما فارق بنو جهير بغداد رتّب الديوان أبو الفتح المظفر ابن رئيس الرؤساء، ثم عزله فى السنة وولى أبا شجاع محمد ابن الحسين وخلع عليه خلع الوزراء «3» .
وفى سنة سبع وسبعين وأربعمائة استولى عميد الدولة على الموصل.
وفيها فتح سليمان بن قتلمش السّلجقى صاحب الروم أنطاكية وكانت بيد الروم من سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة.
وفى شهر صفر انقضّ كوكب من الشرق إلى الغرب كان حجمه وضوؤه كالقمر، وسار مدى بعيدا على مهل فى نحو ساعة.
وفى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة استولى الفرنج على مدينة طليطلة وأخذوها من المسلمين على ما نذكره- إن شاء الله تعالى- فى أخبار الأندلس «4» .
وفيها فى شهر ربيع الأول هاجت ريح عظيمة سوداء بعد العشاء، وكثر الرّعد والبرق وسقط على الأرض رمل أحمر وتراب كثير، وكانت النيران تضطرم فى أطراف السماء، وكان أكثر ذلك بالعراق والموصل، فألقت النخل، وسقط معها صواعق فى كثير من البلاد ثم انجلى ذلك نصف الليل.
وفيها فى شهر ربيع الأول توفى أبو المعالى عبد الملك بن عبد الله ابن يوسف الجوينى إمام الحرمين، ومولده سنة سبع عشرة وأربعمائة «1» .
وفى سنة تسع وسبعين وأربعمائة ملك السلطان ملكشاه مدينة حلب واللاذقية وكفر طاب وأفامية «2» .
وفيها فى شهر/ ربيع الأول توفى بهاء الدولة أبو كامل منصور بن دبيس بن على بن مزيد الأسدى صاحب الحلة والنيل «3» وولى ابنه سيف الدولة صدقة.
وفيها أسقط اسم العلوىّ صاحب مصر من الحرمين الشريفين وذكر اسم الخليفة المقتدى بأمر الله.
وفيها أسقطت المكوس من العراق.
وفى سنة ثمانين وأربعمائة فى المحرم زفّت ابنة السلطة ن ملكشاه إلى الخليفة، ونقل جهازها على مائة وثلاثين جملا مجللة بالديباج
الرومى، وكان أكثر الأحمال الذهب والفضة، وثلاث عماريات، وعلى أربعة وسبعين بغلا مجللّة بأنواع الديباج الملكى وأجراسها وقلائدها من الذهب، وعلى ستة منها اثنا عشر صندوقا من فضة فيها من الجواهر والحلى ما لا تقدّر قيمته، وأمام البغال ثلاث وثلاثون فرسا من الخيول السّوابق عليها مراكب الذهب. وسار أمام الجهاز سعد الدولة والأمير برسق وغيرهما، وكانت ليلة مشهورة، فلما كان من العد أحضر الخليفة أمراء السلطان لسماط أمر بعمله حكى أنه عمل فيه أربعون ألف منّ من السكر. وخلع الخليفة على جميع أمراء السلطان ومن له ذكر فى العسكر، وأرسل الخلع إلى جميع الخواتين. وولدت فى هذه السنة من الخليفة ولدا وهو أبو الفضل جعفر.
/ وفى سنة إحدى وثمانين وأربعمائة فى شهر ربيع الآخر أمر الخليفة بإخراج الأتراك الذين مع الخاتون زوجته من حريم دار الخلافة، وكان سبب ذلك أن تركيّا منهم اشترى فاكهة من طواف فتكالما فشتمه الطواف فضربه التركى فشجّه، فاجتمعت العامّة وشنّعوا واستغاثوا، فأمر الخليفة بإخراج الأتراك فأجرخوا على أقبح صورة.
وفى سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة أرسل السلطان ملكشاه إلى الخليفة يطلب ابنته طلبا لا بدّ منه، وسبب ذلك أنها كانت قد أرسلت إليه تشكو من اطراح الخليفة لها وإعراضه عنها فأذن لها فى المسير، فسارت فى شهر ربيع الأول ومعها ابنها من الخليفة فوصلت إلى أصفهان فأقامت إلى ذى القعدة وتوفيت.
وفى سنة أربع وثمانين وأربعمائة فى شهر ربيع الأول عزل الوزير أبو شجاع، وكان عزله فى يوم الخميس فقال:
تولاها وليس له عدوّ
…
وفارقها وليس له صديق
فلما كان من الغد يوم الجمعة خرج من داره إلى الجامع ماشيا فاجتمع عليه خلق كثير، فأمر أن لا يخرج من بيته، واستنيب فى الوزارة أبو سعد بن موصلايا كاتب الإنشاء وأرسل الخليفة إلى السلطان يستدعى منه عميد الدولة بن جهير يستوزره، فسيّر إليه فاستوزره/ فى ذى الحجة من السنة.
وفيها ملك الفرنج جزيرة صقلية.
وفيها فى تاسع شعبان كان بالشام وكثير من البلاد زلازل، ففارق النّاس مساكنهم وانهدم بأنطاكية كثير من المساكن والدور، وهلك تحتها خلق كثير، وخرّب من بروجها تسعون برجا.
وفى سنة خمس وثمانين وأربعمائة قتل نظام الملك فى عاشر شهر رمضان.
وفيها توفى السلطان ملكشاه وملك بعده ابنه محمود.
وفى سنة سبع وثمانين وأربعمائة خطب للسلطان بركيارق بن ملكشاه ببغداد فى يوم الجمعة رابع المحرم «1» .