الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر الحوادث فى أيام المستظهر بالله
/ فى سنة ثمان وثمانين وأربعمائة كان بين الملوك السلاجقة وبين بعضهم حروب كثيرة نذكرها إن شاء الله تعالى فى أخبارهم «1» .
وفيها شرع الخليفة فى عمل سور على الحريم، وأمر الوزير عميد الملك بالجدّ فى عمارته.
وفيها فى شهر ربيع الأول خطب لولى العهد أبى الفضل منصور بن المستظهر بالله.
وفى سنة تسع وثمانين وأربعمائة اجتمع ستّة كواكب فى برج الحوت، وهى الشمس والقمر والمشترى والزهرة والمريخ وعطارد فحكم المنجمون بطوفان يكون فى الناس، وأحضر الخليفة ابن عسون المنجم فسأله فقال: إن فى طوفان نوح اجتمعت الكواكب السبعة فى برج الحوت والآن فقد اجتمع منها فيه ستة وليس فيها زحل، فلو كان فيها لكان مثل طوفان نوح، ولكن أقول إنّ مدينة أو بقعة من الأرض يجتمع فيها عالم كثير من بلاد كثيرة فيغرقون، فخافوا على بغداد لكثرة من يجتمع فيها! فأحكمت المواضع التى يخشى منها الانفجار والغرق. واتّفق أنّ الحجاج نزلوا فى المناقب «2» فأتاهم سيل عظيم فأغرق أكثرهم، ونجا من تعلّق بالجبال،
وذهب المال والدواب والأزواد وغير ذلك، فخلع الخليفة على المنجم! وفى سنة تسعين وأربعمائة كان ابتداء الدولة الخوازرمية/ وفيها خطب الملك رضوان بولايته بالشام للمستعلى صاحب مصر «1» ، ثم رجع عن ذلك وأعاد الخطبة للدولة العباسية «2» .
وفى سنة إحدى وتسعين وأربعمائة كان ابتداء استيلاء الفرنج على بلاد السواحل الشامية، وملكوا مدينة أنطاكية ومعرة النعمان وبيت المقدس، وغير ذلك على ما نذكره فى أخبار العلويين ملوك مصر، فإن أكثر ذلك كان فى ولايتهم.
وفى سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة قتل أبو القاسم ابن إمام الحرمين أبى المعالى الجوينى بنيسابور- وكان خطيبها- فاتهم العامة أبا البركات الثعلبى أنه هو الذى سمعى فى قتله، فوثبوا به فقتلوه وأكلوا لحمه.
وفى سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة فى شهر رمضان عزل عميد الدولة من وزارة الخلافة وأخذ من ماله خمسة وعشرون ألف دينار، وتوفى فى سادس عشر شوال.
وفى سنة أربع وتسعين وأربعمائة ملك الفرنج مدينة سروج من ديار الجزيرة، وقتلوا كثيرا من أهلها، ونهبوا أموالهم وسبوا حريمهم، ولم يسلم إلا من انهزم، وملكوا مدينة حيفا وهى بقرب
عكا، وملكوا أرسوف بالأمان وأخرجوا منها أهلها/، وملكوا قيسارية بالسّيف وقتلوا أهلها «1» .
وفيها تقدّم أمر الخليفة المستظهر بالله بفتح جامع القصر وأن يصلّى فيه التراويح ولم تجر بذلك عادة، وأمر الخليفة بالجهر بالبسملة وبالقنوات على مذهب الإمام الشافعى.
وفى سنة خمس وتسعين وأربعمائة فى شهر رمضان استوزر الخليفة سديد الملك أبا المعالى بن عبد الرزاق ولقبه عضد الدوله.
وفيها بنى سيف الدّولة صدقة بن مزيد الحلّة بالجامعين وسكنها [وإنما كان يسكن هو وآباؤه فى البيوت العربية]«2» وفى سنة ستّ وتسعين وأربعمائة فى منتصف شهر رجب قبض على الوزير سديد الملك وحبس بدار الخليفة، وأعيد أمين الدولة أبو سعيد ابن موصلايا إلى الوزارة، ثم استوزر فى شعبان زعيم الرؤساء أبا القاسم ابن جهير واستقدمه من الحلة، وكان عند سيف الدولة صدقة، ولما حضر خلع عليه وجلس فى الديوان ولقّب قوام الدين.
وفى سنة سبع وتسعين وأربعمائة ملك الفرنج جبيل «3» وعكا.
وفى سنة ثمان وتسعين وأربعمائة توفى السلطان بركيارق بأصفهان
وخطب لابنه ملكشاه «1» بالجوامع ببغداد.
وفى سنة خمسمائة فى صفر عزل الوزير أبو القاسم ابن جهير فقصد دار سيف الدولة صدقة ببغداد ملتجئا إليها فأرسل من أخذه وحمله إليه، فأمر الخليفة بنقض داره، وكان فى ذلك عبرة لمن يعتبر، فإن أباه أبا نصر كان قد بناها بأنقاض دور الناس فخربت عن قريب، ولما عزل استنيب فى الوزارة قاضى القضاة أبو الحسن الدامغانى، ثم تقررت الوزارة فى المحرم سنة إحدى وخمسمائة لأبى المعالى هبة الله بن محمد عبد المطلب وخلع عليه.
وفى سنة إحدى وخمسمائة فى شهر رجب قتل الأمير سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن مزيد الأسدى أمير العرب، وهو الذى بنى الحلة السيفية بالعراق وكان قد عظم شأنه واتّسع جاهه واستجار به كبار الناس وصغارهم.
وفيها فى شهر رمضان ورد القاضى فخر الملك أبو على بن عمار صاحب طرابلس الشام إلى بغداد مستنفرا على الفرنج، فأنزله الخليفة وأكرمه وأجرى عليه الجرايات العظيمة، وأحضر معه من التقدمة والهدية من الأعلاق النفسية والخيل العربية، وغير ذلك ما لم يوجد مثله عند ملك، وأقام ببغداد إلى أن رحل السلطان محمد عن بغداد فى شوال. فتقدم/ إلى الأمير حسين بن أتابك قتلغتكين أن يسيّر معه العساكر التى سيّرها إلى الموصل مع أولاد مودود، وخلع عليه السلطان خلعا سنية وأعطاه شيئا كثيرا وودعه: وسار مع الأمير حسين فلم يجد ذلك نفعا.
وفيها عزل الخليفة وزيره مجد الدين هبة الله بن المطلب برسالة من السلطان، ثم أعيد إلى الوزارة بإذن السلطان محمد، وشرط عليه شروطا منها العدل وحسن السّيرة وأن لا يستعمل أحدا من أهل الذمة.
وفى سنة اثنتين وخمسمائة فى نيسان زادت دجلة زيادة عظيمة انقطعت منها الطرق، وغرقت الغلال الشّتوية والصيفية، وحدث غلاء عظيم بالعراق، وعدم الخير، وأكل الناس التّمر والباقلاء الأخضر، وأما أهل السّواد فإنهم لم يأكلوا فى شهر رمضان ونصف شوال إلا الحشيش والتّوت.
وفيها فى شهر رجب عزل وزير الخليفة أبو المعالى هبة الله ابن المطلب، ووزر أبو القاسم على بن نصر بن جهير.
وفيها فى شعبان تزوّج الخليفة المستظهر بالله ابنة السلطان ملكشاه وهى أخت السلطان محمد، وتولّى قبول العقد بوكالة الخليفة نظام الملك وزير السلطان، والصداق/ مائة ألف دينار، ونثرت الجواهر والدنانير، وكان العقد بأصفهان، وخطب خطبه النّكاح القاضى أبو العلاء صاعد بن محمد النيسابورى الحنفى.
وفيها تولى مجاهد الدين بهروز شحنكية بغداد.
وفى سنة ثلاث وخمسمائة فى حادى عشر ذى الحجة ملك الفرنج طرابلس وجبيل وبيروت وبانياس «1» .
وفى سنة أربع وخمسمائة ملكوا صيدا فى شهر ربيع الأول، وفيها
فى شهر رمضان المبارك زفّت ابنة السلطان ملكشاه إلى الخليفة المستظهر بالله فزيّنت بغداد لذلك وفى سنة خمس وخمسمائة توفى الإمام أبو حامد الغزالى رحمه الله «1» وفى سنة سبع وخمسمائة توفى أبو القاسم على بن جهير وزير الخليفة، ووزر بعده الربيب أبو منصور ابن الوزير أبى شجاع محمد بن الحسين [وزير السلطان]«2» .
وفى سنة ثمان وخمسمائة فى جمادى الآخرة كانت زلزلة شديدة بديار الجزيرة والشام وغيرها، فخرّبت كثيرا من الرّها وحران وسميساط ويالس وغيرها، وهلك كثير من الخلق تحت الرّدم.
وفى سنة إحدى عشرة وخمسمائة توفى السلطان محمد بن ملكشاة وملك اينه محمود بن محمد.
وفيها غرقت مدينة سنجار وكان سبب/ ذلك أن المطر دام فيها ليلا ونهارا واشتد، وجاء السّيل فى واديها وأفسد الشباك الذى يجرى فيه الماء فى سورها، فاجتمع الماء وعظم على السور حتى ألقاه، وهجم على المدينة بشدّة وقوة فلم يطق الناس ينتقلون عنه، فخرب كل ما مرّ به من البلد، وغرق جمع كثير من من الناس. ومن عجيب ما حكى أن الماء حمل مهدا فيه مولود فتعلّق المهد بشجرة زيتون، ثم نقص الماء والمهد معلّق بالشجرة، فسلم المولود.
وفيها تناثرت النجوم بديار الجزيرة جميعها- الموصل وغيرها-