الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الموصل وأعمالها وسلّمها إلى أخيه إبراهيم ينال «1» وعاد إلى بغداد فى سنة تسع وأربعين وأربعمائة فأقام بها إلى سنة خمسين وأربعمائة. ثم فارقها وتوجه نحو بلاد الجبل فعاد البساسيرى إلى الموصل واستولى عليها وحصر قلعتها أربعة أشهر، وملكها فهدمها وعفى أثرها، وكان السلطان قد فرق عساكره فكتب إلى أخيه إبراهيم واستدعاه، فحضر إليه إلى بلاد الجبل فسار السلطان جريدة «2» فى ألفى فارس إلى الموصل فوجد البساسيرى وقريش بن بدران قد فارقاها.
فسار إلى نصيبين ليتبع آثارهم ويخرجهم من البلاد، ففارقه أخوه إبراهيم ينال إلى همذان فكاتبه البساسيرى وأطمعه فى السلطنة، فأظهر إبراهيم العصيان/ على السلطان طغرلبك فسار طغرلبك إلى همذان فى منتصف شهر رمضان سنة خمسين وأربعمائة، واشتغل بحرب أخيه حتى ظفر به، ثم عرض له ما شغله عن العود إلى بغداد.
ذكر استيلاء أبى الحارث البساسيرى على العراق
وخروج الخليفة القائم بأمر الله من بغداد والخطبة للمستنصر بالله العلوى صاحب مصر وقطع الدعوة العباسية قال «3» : ولما اشتغل السلطان طغرلبك بحرب أخيه
قصد البساسيرى بغداد، فلما وصل إلى هيت أمر الخليفة الناس بالعبور إلى الجانب الشرقى، وكان الأتراك كلّهم قد التحقوا بالسلطان إلى همذان. وكان الخليفة قد كتب إلى نور الدولة دبيس يأمره بالوصول إلى بغداد فورد إليها فى مائة فارس، فلما قوى الإرجاف بوصول البساسيرى أرسل دبيس بن مزيد إلى الخليفة وإلى رئيس الرؤساء (الوزير يقول: الرأى عندى خروجكما من البلد معى، فإننى أجتمع أنا وهزارسب بواسط على دفع عدوّكما. فأتاه الجواب أن يقيم حتى يقع/ الفكر فى ذلك، فقال: العرب لا تطيعنى على المقام، وأنا أتقدم إلى ديالى فإذا انحدرتم سرت فى خدمتكم! وسار وأقام بديالى ينتظرهما فلم ير لذلك أثرا، فسار إلى بلده.
ثم وصل البساسيرى إلى بغداد فى يوم الأحد ثامن ذى القعدة ومعه أربعمائة غلام فى غاية الضر والفقر، فنزل بمشرعة الروايا وكان معه قريش بن بدران وهو فى مائتى فارس فنزل مشرعة باب البصرة. وركب عميد العراق ومعه العسكر والعوام وأقاموا بإزاء عسكر البساسيرى وعادوا، وخطب البساسيرى بجامع المنصور للمستنصر العلوى صاحب مصر فأذّن «حى على خير العمل» وعقد الجسر وعبر عسكره إلى الزاهر واجتمعوا فيه، وخطب فى الجمعة الثانية للمصرى بجامع الرصافة، وجرى بين الطائفتين حروب فى أثناء الأسبوع.
وكان عميد العراق يشير على رئيس الرؤساء وزير الخليفة بالتوقف عن المناجزة، ويرى المحاجزة ومطاولة الأيام انتظارا لقدوم
طغرلبك، ولما يراه من ميل العوام للبساسيرى. فاتّفق فى بعض الأيام أن القاضى الهمذانى حضر إلى رئيس الرؤساء واستأذنه فى الحرب وضمن له قتل البساسيرى فأذن له من/ غير علم عميد الدولة، فخرج ومعه الخدم والهاشميون والعجم والعوام إلى الخليفة فاستخرجهم البساسيرى حتى أبعدوا، ثم حمل عليهم فعادوا منهزمين، وقتل جماعة منهم، ومات فى الزّحمة جماعة، ونهب باب الأزج. وكان رئيس الرؤساء واقفا دون الباب فدخل الدار وهرب كل من فى الحريم، ورجع البساسيرى إلى معسكره.
واستدعى الخليفة عميد العراق وأمره بالقتال على سور الحريم فلم يرعهم إلا والزعقات قد علت ونهب الحريم، ودخلوا الباب النوبى. فركب الخليفة لابسا السّواد وعلى كتفه البردة وبيده سيف على رأسه اللواء، وحوله زمرة من العباسيين والخدم بالسيوف المسلولة، فرأى النّهب قد وصل إلى باب الفردوس من داره، فرجع إلى ورائه ومضى نحو عميد العراق.، فوجده قد استأمن إلى قريش فعاد وصعد إلى المنظرة.
وصاح رئيس الدولة «يا علم الدين» يعنى قريشا «أمير المؤمنين يستدنيك» فدنا منه فقال له رئيس الرؤساء: قد أنالك الله منزلة لم ينلها أمثالك، وأمير المؤمنين يستذم «1» منك على نفسه وأهله وأصحابه بذمام الله تعالى وذمام رسوله صلى الله عليه