الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليهم ما جرى دخل حوانيت الصاغة، وصاغ بالأجره فرآه ابن اللبّانة وهو ينفخ فى بعض الحوانيت فقال:
أذكى القلوب أسى، أبكى العيون دما
…
خطب وجودك فيه يشبه العدما
صرّفت فى آلة الصيّاغ أنملة
…
لم تدر إلا الندى والسيف والقلما
يا صائغا كانت الدنيا تصاغ له
…
حليا وكان عليه الحلى منتظما
النّفخ فى الصور هول ما حكاه سوى
…
هول رأيتك فيه تنفخ الفحما
قال: ولما انقرضت الدولة العبادية صار ملك بلاد المسلمين إلى أمير المسلمين يوسف بن تاشفين صاحب مراكش والمغرب، وسنذكر ذلك إن شاء الله فى أخباره.
[ذكر ممالك الأندلس الأخرى]
«1» وأما سرقسطة والثغر الأعلى/ فكان ذلك بيد منذر بن يحيى إلى أن توفى وولى بعده ابنه يحيى، ثم ولى بعده سليمان بن أحمد بن محمد ابن هود الجذامى، وكان يلقّب بالمستعين، وكان من قواد منذر على مدينة لاردة، وله وقعة مشهورة مع الفرنج فى سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. ثم توفى وولى بعده ابنه أحمد المقتدر بالله، وولى بعده
يوسف المؤتمن، ثم ولى بعده أحمد المستعين على لقب جدّه، ثم ولى ابنه عماد الدولة. ثم ابنه أحمد المستنصر بالله، وعليه انقرضت دولتهم على رأس الخمسمائة، وصارت للملثمين.
وأما طرطوشة فوليها الفتى العامرى.
وأما بلنسية فكان بها المنصور أبو الحسن عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن محمد بن المنصور بن أبى عامر، ثم انضاف إليه إلمرية، وما كان إليها. وبعده ابنه محمد، ودام فيها إلى أن غدر به صهره المأمون بن إسماعيل بن ذى النون فى ذى الحجة سنة سبع وخمسين وأربعمائة..
وأما السّهلة «1» فملكها عبّود بن رزين، وأصله بربرى، ومولده بالأندلس. فلما هلك ولى بعده ابنه عبد الملك، ثم ابنه عزّ الدولة، ثم الملثمون.
وأما دانية «2» والجزائر فكانتا بيد الموفق أبى الجيش مجاهد العامرى، وسار إليه من/ قرطبة الفقيه أبو محمد عبد الله المعيطى ومعه خلق كثير. فأقامه مجاهد شبه خليفة يصدر عن رأيه، وبايعه فى جمادى الآخرة سنة خمس وأربعمائة. وأقام المعيطى معه بدانية نحو ثلاثة أشهر، ثم سار هو ومجاهد فى البحر إلى الجزائر وهى
ميورقة ومنورقة ويابسة «1» . ثم بعث المعيطى بعد ذلك مجاهدا إلى سردانية فى مائة وعشرين فارسا ومعه ألف فرس، ففتحها فى شهر ربيع الأول سنة ستّ وأربعين وأربعمائة وقتل بها خلقا كثيرا من النصارى، وسبى. فسار إليه الفرنج والروم فى آخر السنة فأخرجوه منها، فرجع إلى الأندلس فوجد المعيطى قد مات. وبقى مجاهد إلى أن مات، وولى بعده اينه علىّ بن مجاهد ثم مات، فولى بعده ابنه أبو عامر.
ثم صارت دانية وسائر بلاده إلى المقتدر بالله أحمد بن سليمان بن هود، فى شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
وأما مرسية فوليها بنو طاهر، واستقامت رئاستها لأبى عبد الرحمن المدعو بالرئيس إلى أن أخذها منه المعتمد بن عباد على يد وزيره أبى بكر بن عمّار الفهرى، فلما ملكها عصى على المعتمد فيها، فوجّه إليه عسكرا مقدّمهم أبو محمد عبد الرحمن بن رشيق العشيرى فحصره. وضيقوا/ عليه فهرب منها، ودخلها العشيرى وملكها فعصى فيها على المعتمد ابن عبّاد إلى أن دخل فى طاعة الملثمين، وبقى بها إلى أن مات فى سنة سبع وخمسمائة.
وأما إلمرية فملكها خيران العامرىّ إلى أن توفى، وملكها زهير العامرى واتسع ملكه إلى شاطبة إلى ما يجاور عمل طليطلة. ودام إلى أن قتل وصارت مملكته إلى المنصور أبى الحسن بن أبى عامر-
صاحب بلنسية، فولّى عليها محمدا ابنه، فأقام بها مدة فى حياة أبيه وبعد وفاته إلى أن أخذها منه صهره ذو الوزارتين أبو الأحوص معن بن محمد ابن صمادح التجيبى. ودانت له لورقة وبيّاسه «1» وجيّان وغيرها، إلى أن توفى فى سنه ثلاث وأربعين وأربعمائة، وولى بعده ابنه أبو يحيى محمد ابن معن- وهو ابن أربع عشرة سنة- فكفّله عمه أبو عتبة بن محمد إلى أن توفى فى سنة ستّ وأربعين وأربعمائة. فبقى أبو يحيى مستضألا لصغره، وأخذ ما بعد من بلاده عنه، ولم يبق له غير إلمرية وما جاورها. فلما كبر أخذ نفسه بالاشتغال بالعلوم ومكارم الأخلاق، فامتد صيته واشتهر ذكره وعظم سلطانه والتحق بأكابر الملوك. ودام بها إلى أن نازله جيش الملثمين فمرض فى أثناء ذلك، وكان القتال/ تحت قصره فسمع يوما صياحا وجلبه فقال: يغصّ علينا كلّ شىء حتى الموت! وتوفى فى مرضه ذلك لثمان بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وملك الملثمون إلمرية.
ودخل أولاده وأهله فى البحر إلى بجاية «2» ، والتحقوا ببنى حمّاد.
وأما مالقة فملكها بنو على بن حمّود، فلم تزل فى مملكة العلويين يخطب لهم فيها بالخلافة إلى أن أخذها منهم باديس بن حبّوس صاحب غرناطة.
وأما أغرناطة فملكها حيوس بن ماكسنى الصنهاجى، ثم مات فى سنة تسع وعشرين وأربعمائة وولى بعده ابنه باديس إلى أن توفى وولى بعده ابن أخيه عبد الله بن بلكّين «1» . وبقى إلى أن ملكها منه الملثمون فى شهر رجب سنة أربع وثمانين وأربعمائة.
وانقرضت جميع هذه الدول، وصارت الأندلس جميعها للملثمين على ما نذكره إن شاء الله- عز وجل فى أخبارهم أيام أمير المسلمين. يوسف بن تاشفين. ولما كانت جزيرة الأندلس بيد هؤلاء الملوك الذين ذكرناهم، كانوا يسمّون بملوك الطوائف وبسبب انفراد كلّ ملك منهم بجهة استولى الفرنج على طليطلة كما ذكرنا.