الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخيه، وعادوا ودخل أبو الحسين البصرة، فتجهز منها وسار إلى توزون ببغداد، واستقام أمر أبى القاسم بن أبى عبد الله البريدى.
ودخلت سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة
ذكر ما كان من أمر المتقى لله إلى أن خلع وسمل
كان المتقى لله قد راسل توزون فى طلب العود إلى بغداد، وسبب ذلك أنه رأى من بنى حمدان تضجّرا «1» منه وإيثارا لمفارقته، فاضطر إلى مراسلة توزون. فأرسل إليه الحسن بن هارون وأبا عبد الله بن أبى موسى الهاشمى فى الصلح، فلقيهما توزون وابن شيرزاد بنهاية الرّغبة فيه والحرص عليه واستوثقا من/ توزون وحلّفاه للمتقى وحضر اليمين خلق كثير من القضاة والعدول، والعباسيون والعلويون وغيرهم. وحلف توزون للمتقى والوزير، وكتبوا خطوطهم بذلك، وكان ذلك فى سنة اثنتين وثلاثين.
وكان أيضا قد كتب إلى الإخشيد محمد بن طغج صاحب مصر يشكو إليه حاله ويستقدمه، فقدم إليه إلى الرّقّة فى منتصف المحرم من هذه السنة ووقف بين يديه موقف الغلمان، ومشى بين يديه، وحمل إلى المتقى لله هدايا جليلة وإلى الوزير أبى الحسين بن مقلة وسائر الأصحاب، واجتهد بالمتقى ليسير معه إلى مصر والشام ويكون بين يديه فلم يفعل، فأشار عليه
بالمقام مكانه ولا يرجع إلى بغداد وخوفه من توزون فأبى إلا العود إلى بغداد. وعرض على ابن مقلة المسير معه إلى مصر ليحكّمه فى جميع بلاده، فلم يجبه إلى ذلك، فخوّفه أيضا من توزون، فكان ابن مقلة يقول بعد ذلك: نصحنى الإخشيد فلم أقبل نصيحته.!
ثم انحدر المتقى لله إلى بغداد لأربع بقين من المحرم، وعاد الإخشيد إلى مصر، فلما وصل المتقى لله إلى هيت «1» أقام بها وأنفذ من يجدّد اليمين على توزون، فحلف وسار عن بغداد لعشر بقين من صفر للقاء المتقى لله، فلقيه بالسندية ونزل توزون وقبّل الأرض بين يدى المتقى وقال: ها أنا قد وفيت بيمينى/ والطاعة لك! ثم وكل به وبالوزير وبالجماعة وأنزلهم فى مضربه مع حرم المتقى ثم كحله فأذهب عينيه، فصاح وصاح من عنده من الحرم والخدم فارتجّت الأرض فأمر توزون بضرب الدبادب «2» فخفيت الأصوات، وعمى المتقى «3» وانحدر توزون من الغد إلى بغداد، وكان خلع المتقى لله وسمله فى يوم السبت لعشر بقين من صفر، فكانت مدة خلافته ثلاث سنين وأحد عشر شهرا، وعاش إلى أيام المطيع، وتوفى فى منتصف شعبان سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وله ستون سنة وأمر المطيع أبا تمام الزينبى فصلّى عليه وكبر خمسا، ودفن فى
داره ثم ابتاعها عز الدولة بختيار من ورثتة بثلاثين ألف دينار فنقلوه إلى تربة بإزائها فامتحن فى الحياة وفى الممات.
قال أبو الحسين عياش اجتمع فى أيام المتقى إسحاقات كثيرة، فانسحقت خلافة بنى العباس فى أيامه وانهدمت قبّة المنصور الخضراء التى كان فخرهم بها، قيل له ما كانت الإسحاقات؟ قال: كان يكنى أبا إسحاق، وكان وزيره القراريطى يكنى بأبى إسحاق، وكان قاضيه ابن إسحاق الخرقى «1» وكان محتسبه أبو إسحاق بن بطحاء، وكان صاحب شرطته أبو إسحاق بن أحمد أمير خراسان،/ وكانت داره القديمة دار إسحاق بن إبراهيم المعصبى وهى دار إسحاق ابن كنداج «2» وكان المتقى لله أبيض أشهل العينين «3» أشقر الشعر. قال بعض المؤرخين: كان فى أيامه غلاء وشدة حتى بيع كرّ الحنطة بمائتين وعشرة دنانير، وخرج عدة من الخدم من قصر الخلافة بالرصافة ينادون: الجوع الجوع! «4» وكان نقش خاتمه «المتقى لله» .
ولده ولى عهده: أبو منصور، وزراؤه: قد تقدم ذكرهم فى أنباء دولته، ولم يكن لهم من الأمر شىء على ما قدمناه