المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر عزل حامد بن العباس - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٣

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث والعشرون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الدولة العباسية بالعراق وغيره]

- ‌مقدمة

- ‌ذكر خلافة المكتفى بالله

- ‌ذكر قتل بدر غلام المعتضد بالله

- ‌ذكر وفاة المكتفى بالله

- ‌ذكر خلافة المقتدر بالله

- ‌ذكر خلع المقتدر وولاية ابن المعتز

- ‌ذكر القبض على ابن الفرات ووزارة الخاقانى

- ‌ذكر عزل الخافانى عن الوزارة

- ‌ذكر خروج الحسين بن حمدان

- ‌ذكر وزارة ابن الفرات الثانية

- ‌ذكر أمر يوسف بن أبى الساج

- ‌ذكر عزل ابن الفرات عن الوزارة

- ‌ذكر قتل الحسين بن منصور الحلاج

- ‌ذكر عزل حامد بن العباس

- ‌ذكر القبض على ابن الفرات الوزير وولده المحسن

- ‌ذكر وزارة ابى القاسم الخاقانى

- ‌ذكر مقتل ابن الفرات وولده

- ‌ذكر عزل الخاقانى عن الوزارة ووزارة أبى العباس الخصيبى

- ‌ذكر عزل أبى العباس الخصيبى ووزارة علىّ بن عيسى

- ‌ذكر ابتداء الوحشة بين المقتدر بالله وبين مؤنس

- ‌ذكر عزل على بن عيسى عن الوزارة ووزارة أبى علىّ بن مقلة

- ‌ذكر الحرب بين نازوك وهارون بن غريب الخال واستيحاش مؤنس

- ‌ذكر خلع المقتدر بالله وبيعة القاهرة

- ‌ذكر عود المقتدر بالله الى الخلافة وقتل نازوك وابن حمدان

- ‌ذكر هلاك الرجالة المصافية

- ‌ذكر عزل ابن مقلة ووزارة سليمان

- ‌ذكر خروج صالح والأغر

- ‌ذكر عزل سليمان عن الوزارة

- ‌ذكر عزل الكلوذانى ووزارة الحسين

- ‌ذكر تأكيد الوحشة بين مؤنس والمقتدر

- ‌ذكر مسير مؤنس الى الموصل

- ‌ذكر عزل الحسين عن الوزارة

- ‌ذكر استيلاء مؤنس على الموصل

- ‌ذكر مقتل المقتدر بالله

- ‌ذكر خلافة القاهر بالله

- ‌ذكر خبر عبد الواحد بن المقتدر ومن معه

- ‌ذكر استيحاش مؤنس وأصحابه من القاهر

- ‌ذكر القبض على مؤنس المظفر ويلبق الحاجب وابنه

- ‌ذكر مقتل مؤنس ويلبق وابنه على والنوبختى

- ‌ذكر وزارة أبى جعفر محمد بن القاسم وعزله وولاية الخصيبى

- ‌ذكر القبض على طريف السبكرى

- ‌ذكر خلع القاهر وسمله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة الراضى بالله

- ‌ذكر مقتل هارون بن غريب

- ‌ذكر مقتل ابن الشلمغانى ومذهبه

- ‌ذكر ظهور انسان ادعى النبوة

- ‌ذكر القبض على ابنى ياقوت

- ‌ذكر حال أبى عبد الله محمد البريدى وتقدمه

- ‌ذكر مسير ابن مقلة الى الموصل وما كان بينه وبين ناصر الدولة

- ‌ذكر القبض على الوزير ابن مقلة ووزارة عبد الرحمن بن عيسى وغيره

- ‌ذكر عزل أبى جعفر ووزارة سليمان بن الحسن

- ‌ذكر وزارة الفضل بن جعفر [ابن الفرات]

- ‌ذكر مسير الراضى بالله لحرب البريدى

- ‌ذكر الوحشة بين محمد بن رائق والبريدى والحرب بينهما

- ‌ذكر استيلاء بجكم على الأهواز وخروج ابن البريدى منها

- ‌ذكر استيلاء معز الدولة بن بويه على الأهواز

- ‌ذكر الحرب بين بجكم والبريدى

- ‌ذكر قطع يد ابن مقلة ولسانه

- ‌ذكر استيلاء بحكم على بغداد

- ‌ذكر مسير الراضى بالله وبجكم الى الموصل وظهور ابن رائق ومسيره إلى الشام

- ‌ذكر وزارة أبى عبد الله البريدى

- ‌ذكر وفاة الراضى بالله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المتقى لله

- ‌ذكر مقتل بجكم

- ‌ذكر اصعاد أبى عبد الله البريدى الى بغداد

- ‌ذكر عود البريدى الى واسط هاربا

- ‌ذكر امارة كورتكين الديلمى

- ‌ذكر عود محمد بن رائق الى بغداد وولايته إمرة الأمراء

- ‌ذكر وزارة أبى عبد الله البريدى

- ‌ذكر استيلاء البريدى على بغداد وإصعاد المتقى لله إلى الموصل

- ‌ذكر قتل ابن رائق وولاية ابن حمدان إمرة الأمراء

- ‌ذكر عود المتقى لله الى بغداد وهرب البريدى عنها

- ‌ذكر الحرب بين ابن حمدان والبريدى

- ‌ذكر ما اتفق لسيف الدولة بواسط ورجوع ناصر الدولة إلى الموصل

- ‌ذكر حال الأتراك بعد إصعاد سيف الدولة من واسط

- ‌ذكر عود سيف الدولة الى بغداد وهربه منها

- ‌ذكر امارة توزون

- ‌ذكر الوحشة بين المتقى وتوزون

- ‌ذكر مسير المتقى لله الى الموصل

- ‌ذكر قتل أبى يوسف البريدى

- ‌ذكر وفاة أبى عبد الله البريدى ومن قام بعده بالأمر

- ‌ذكر ما كان من أمر المتقى لله إلى أن خلع وسمل

- ‌ذكر خلافة المستكفى بالله

- ‌ذكر وفاة توزون وامارة ابن شيرزاد

- ‌ذكر استيلاء معز الدولة بن بويه على بغداد

- ‌ذكر خلع المستكفى بالله وسمله

- ‌ذكر خلافة المطيع لله

- ‌ذكر اعادة القرامطة الحجر الأسود

- ‌ذكر ظهور المستجير بالله

- ‌ذكر ضمان الحسبة والقضاء والشرطة ببغداد

- ‌ذكر استيلاء الروم على عين زربة وما حولها من الحصون

- ‌ذكر استيلاء الروم على المصيصة وطرسوس

- ‌ذكر البيعة لمحمد بن المستكفى وما كان من أمره

- ‌ذكر ما فعله الروم بالشام والجزيرة

- ‌ذكر ملك الروم مدينة أنطاكية

- ‌ذكر ملك الروم ملازكرد

- ‌ذكر مقتل ملك الروم نقفور

- ‌ذكر الفتنة ببغداد ومصادرة الخليفة المطيع لله

- ‌ذكر خلع المطيع لله نفسه من الخلافة وخلافة ابنه الطائع لله

- ‌ذكر خلافة الطائع لله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام خلافته

- ‌ذكر القبض على الطائع وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة القادر بالله

- ‌ذكر تسليم الطائع لله الى القادر

- ‌ذكر البيعة لولى العهد

- ‌ذكر الفتنة بمكة

- ‌ذكر البيعة لولى العهد

- ‌ذكر ملك الروم مدينة الرها

- ‌ذكر وفاة القادر بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة القائم بأمر الله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام القائم

- ‌ذكر أخبار أبى الحارث أرسلان البساسيرى

- ‌ذكر استيلاء أبى الحارث البساسيرى على العراق

- ‌ذكر مقتل رئيس الرؤساء وعميد العراق

- ‌ذكر عود الخليفة القائم بأمر الله الى بغداد وخروج البساسيرى منها وقتله

- ‌ذكر غرق بغداد

- ‌ذكر وفاة القائم بأمر الله وشىء من سيرته

- ‌ذكر خلافة المقتدى بأمر الله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام المقتدى

- ‌ذكر الفتنة ببغداد بين الشافعية والحنابلة

- ‌ذكر مسير الشيخ أبى اسحاق برسالة الخليفة

- ‌ذكر عزل عميد الدولة عن الوزارة وميسر والده إلى ديار بكر

- ‌ذكر وفاة المقتدى بأمر الله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المستظهر بالله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام المستظهر بالله

- ‌ذكر وفاة المستظهر بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المسترشد بالله

- ‌ذكر هرب الأمير أبى الحسن أخى المسترشد بالله وعوده

- ‌ذكر ظهور قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

- ‌ذكر مسير المسترشد بالله لحرب دبيس بن صدقة

- ‌ذكر الاختلاف الواقع بين الخليفة المسترشد بالله وبين السلطان محمود:

- ‌ذكر حصار الخليفة المسترشد بالله الموصل

- ‌ذكر مسير المسترشد بالله لحرب السلطان مسعود بن محمد وأسره

- ‌ذكر مقتل المسترشد بالله

- ‌ذكر خلافة الراشد بالله

- ‌ذكر الحرب بين عسكر الخليفة الراشد بالله وعسكر السلطان مسعود

- ‌ذكر مسير الراشد بالله إلى الموصل وخلعه

- ‌ذكر خلافة المقتفى لأمر الله

- ‌ذكر تفويض أمور الدولة والوزارة

- ‌ذكر حصر تكريت وعود عسكر الخليفة عنها وأسر ابن الوزير

- ‌ذكر حصار تكريت ووقعة بكمزا

- ‌ذكر وفاة المقتفى لأمر الله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المستنجد بالله

- ‌ذكر ملك الخليفة قلعة الماهكى

- ‌ذكر اجلاء بنى أسد من العراق

- ‌ذكر وفاة المستنجد بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المستضىء بأمر الله

- ‌ذكر مقتل الوزير أبى جعفر بن محمد المعروف بابن البلدى

- ‌ذكر هرب قطب الدين قايماز/ من بغداد وعود عضد الدين إلى الوزارة

- ‌ذكر فتنة ببغداد وهدم بيعة اليهود

- ‌ذكر وفاة المستضىء بأمر الله

- ‌ذكر خلافة الناصر لدين الله

- ‌ذكر القبض على ابن العطار وموته

- ‌ذكر انهزام عسكر الخليفة من طغرل

- ‌ذكر ملك الخليفة خوزستان

- ‌ذكر ملك الوزير همذان وغيرها من بلاد العجم

- ‌ذكر ملك عسكر الخليفة أصفهان

- ‌ذكر وفاة الناصر لدين الله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة الظاهر بأمر الله

- ‌ذكر خلافة المستنصر بالله

- ‌ذكر خلافة المستعصم بالله

- ‌ذكر مقتل المستعصم بالله وانقراض الدولة العباسية واستيلاء هولاكو على بغداد

- ‌جامع أخبار خلفاء الدولة العباسية بالعراق ومن ولى منهم ومدة خلافتهم

- ‌ذكر خلافة المستنصر بالله

- ‌ذكر مسير الخليفة المستنصر بالله إلى بلاد الشرق وقتله

- ‌ذكر خلافة الحاكم بأمر الله

- ‌ذكر خلافة المستكفى بالله

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار الدولة الأموية ببلاد الأندلس

- ‌وأول من ملك بلاد الأندلس من بنى أمية أبو المظفر عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان

- ‌ذكر مقتل عبد الرحمن بن يوسف الفهرى

- ‌ذكر خروج العلاء وقتله

- ‌ذكر خروج سعيد اليحصبى المعروف بالمطرى وقتله

- ‌ذكر عصيان أهل اشبيلية على الأمير عبد الرحمن

- ‌ذكر عبور الصقلبى الى الأندلس وما كان من أمره إلى أن نتل

- ‌ذكر مخالفة أبى الأسود محمد بن يوسف الفهرى

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن وصفته وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر امارة هشام

- ‌ذكر خروج سليمان وعبد الله ابنى عبد الرحمن على أخيهما هشام

- ‌ذكر خروج جماعة أخر على الأمير هشام

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر فتنة تاكرتا

- ‌ذكر وفاة هشام بن عبد الرحمن وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر امارة الحكم بن هشام الملقب بالمرتضى

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر خلاف بهلول بن مرزوق وغيره

- ‌ذكر مسير سليمان بن عبد الرحمن لقتال ابن أخيه الحكم وقتل سليمان

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على برشلونة

- ‌ذكر الاتفاق بين الحكم وبين عمه عبد الله البلنسى

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على مدينة تطيله

- ‌ذكر ايقاع الحكم بأهل قرطبة

- ‌ذكر ايفاع الحكم بأهل طليطلة وهى وقعة الحفرة

- ‌ذكر عصيان أهل ماردة على الحكم وما فعله بأهل قرطبة

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر عصيان حزم على الحكم

- ‌ذكر عودة أهل ماردة الى العصيان وغزو الحكم بلاد الفرنج

- ‌ذكر وقعة الربض بقرطبة

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر غزو البربر بناحية مورور

- ‌ذكر وفاة الحكم

- ‌ذكر امارة عبد الرحمن بن الحكم

- ‌ذكر ايقاع عبد الرحمن بأهل إلبيرة وجندها

- ‌ذكر محاصرة طليطلة وفتحها

- ‌ذكر الحرب بين موسى بن موسى والحارث بن بزيع وما كان من أمره

- ‌ذكر خروج المشركين الى بلاد الاسلام بالأندلس

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن وشىء من أخباره

- ‌ذكر امارة محمد بن عبد الرحمن المنعوت بالأمين

- ‌ذكر الحرب بين المسلمين والفرنج

- ‌ذكر خروج المجوس إلى بلاد الإسلام بالأندلس

- ‌ذكر وفاة الأمير محمد بن عبد الرحمن

- ‌ذكر امارة المنذر بن محمد

- ‌ذكر امارة عبد الله بن محمد

- ‌ذكر امارة عبد الرحمن بن محمد

- ‌ذكر امارة الحكم المستنصر بالله

- ‌ذكر امارة هشام المؤيد بالله

- ‌ذكر أخبار المنصور محمد بن أبى عامر

- ‌ذكر المظفر أبو مروان عبد الملك

- ‌ذكر امارة محمد المهدى

- ‌ذكر أخبار شنشول ومقتله

- ‌ذكر قيام هشام بن سليمان

- ‌ذكر قيام سليمان بن الحكم المستعين بالله

- ‌ذكر دولة المهدى محمد الثانية

- ‌ذكر دولة المؤبد هشام الثانية

- ‌ذكر دولة المستعين بالله الثانية

- ‌ذكر امارة الناصر على بن حمود

- ‌ذكر ولاية المأمون القاسم بن حمود بن ميمون الفاطمىّ

- ‌ذكر ولاية المعتلى يحيى بن على

- ‌ذكر عود الدولة الأموية بمدينة قرطبة ومن ولى منهم

- ‌(أ) ذكر امارة المستظهر بالله

- ‌(ب) ذكر امارة المستكفى بالله

- ‌(ج) ذكر ولاية المعتمد على الله

- ‌ذكر أخبار الأندلس ومن ملكها بعد انقطاع الدعوة الأموية

- ‌ذكر ولاية أبى الوليد محمد بن جهور

- ‌ذكر أخبار مدينة طليطلة

- ‌ذكر ولاية المأمون يحيى بن اسماعيل

- ‌ذكر أخبار دولة بنى عباد

- ‌ذكر أخبار خلف الحصرى

- ‌ذكر ولاية أبى عمرو عباد بن محمد

- ‌ذكر ولاية المعتمد على الله

- ‌ذكر وقعة الزلاقة

- ‌ذكر انقراض الدولة العبادية

- ‌[ذكر ممالك الأندلس الأخرى]

- ‌ثبت بأسماء المراجع العربية المذكورة فى الحواشى

- ‌فهرس الجزء الثالث والعشرين

الفصل: ‌ذكر عزل حامد بن العباس

‌ذكر عزل حامد بن العباس

وولاية ابن الفرات فى هذه السنة فى شهر ربيع الآخر عزل المقتدر حامد بن العباس عن الوزارة، وعلىّ بن عيسى عن الدواوين، وخلع على أبى الحسن بن الفرات وأعيد إلى الوزارة. وكان سبب ذلك أن المقتدر ضجر من استغاثة الأولاد والحرم والخدم والحاشية من تأخير أرزاقهم؛ فإن علىّ بن عيسى كان يؤخّرها، فإذا اجتمع لهم عدّة شهور أعطاهم البعض، وحطّ من أرزاق العمال فى كل سنة شهرين وكذلك من أرزاق من له رزق فزادت عداوة النّاس له. وكان حامد بن العباس قد ضجر من المقام ببغداد وليس له من الأمر شىء غير لبس السواد، وأنف/ من اطّراح على بن عيسى لجانبه، فإنه كان يهينه فى توقيعاته بالإطلاق عليه لضمانه بعض الأعمال، فكان بكتب ليطلق جند «1» الوزير أعزّه الله، وليبادر نائب الوزير، وكان إذا شكا إليه بعض نوّاب حامد يكتب على القصة «إنما عقد الضّمان على النائب الوزيرىّ عن الحقوق الواجبة السلطانية فليتقدم إلى عمّاله بكف الظلم عن الرّعيّة» .

فاستأذن حامد وسار إلى واسط لينظر فى ضمانه فأذن له، وجرى بين مفلح الأسود «2» وبين حامد كلام فقال له حامد:

ص: 62

لقد هممت أن أشترى مائة خادم أسود أسميهم مفلحا وأهبهم لغلمانى فحقدها مفلح- وكان خصيصا بالمقتدر- فسعى معه المحسن بن الفرات لوالده بالوزارة وضمن أموالا جليلة، وكتب على يده رقعة يقول إن سلّم إليه الوزير وعلىّ بن عيسى وابن الحوارى وشفيع اللؤلؤى ونصر الحاجب وأم موسى القهرمانة والماذرائيون استخرج منهم سبعة آلاف ألف دينار! وكان المحسن مطلقا، وكان يواصل السّعاية بهؤلاء الجماعة، وذكر ابن الفرات للمقتدر ما كان يأخذه ابن الحوارى فى كلّ سنة من المال فاستكثره.

فقبض على علىّ بن عيسى فى شهر ربيع الآخر وسلّم إلى زيدان القهرمانة فحبسته فى الحجرة التى كان ابن الفرات محبوسا فيها، وأطلق ابن الفرات وخلع عليه، وتولّى/ الوزارة وخلع على ابنه المحسن، وهذه الوزارة الثالثة لابن الفرات.

قال «1» : وسيّر ابن الفرات إلى واسط من يقبض على حامد فهرب واختفى ببغداد، ثم إن حامدا لبس زىّ راهب وخرج من مكانه الذى كان فيه ومشى إلى نصر الحاجب ودخل عليه وسأله إيصال حاله إلى الخليفة إذا كان عند حرمه، فاستدعى نصر مفلحا الخادم فلما رآه قال: أهلا بمولانا الوزير أين مماليك السودان الذين سمّيت كلّ واحد منهم مفلحا؟

ص: 63

فسأله نصر أن لا يؤاخذه وقال له: حامد يسأل أن يكون محبسه فى دار الخلافة ولا يسلّم إلى ابن الفرات.

فدخل مفلح وقال ضدّ ما قيل له فأمر المقتدر بتسليمه إلى ابن الفرات، فأرسل إليه فحبسه فى دار حسنة وأجرى له من الطّعام والكسوة والطّيب وغير ذلك ما كان له وهو وزير، ثم أحضره وأحضر الفقهاء والعمال وناظره على ما وصل إليه من المال وطالبه به، فأقرّ بجهات تقارب ألف ألف دينار، وضمنه المحسن بن أبى الحسن بن الفرات الوزير من المقتدر بخمسمائة ألف دينار فسلمه إليه فعذّبه بأنواع العذاب، وأنفذه إلى واسط مع بعض أصحابه ليبيع ماله هناك، وأمرهم أن يسقوه سمّا فسقوه سمّا فى بيض مشوىّ كان طلبه، فأصابه إسهال فلما وصل إلى واسط أفرط القيام به. وكان قد/ تسلّمه محمد بن على البروجردى «1» فلما رأى حاله أحضر القاضى والشهود ليشهدوا عليه أنه ليس له فى أمره صنع! فلما حضروا عند حامد قال لهم: إن أصحاب المحسن سقونى سما فى بيض مشوىّ فإنا أموت منه وليس لمحمد فى أمرى صنع، لكنه أخذ قطعة من أموالى وأمتعتى وجعل يحشوها فى المساور وتباع المسورة بمحضر من أمين السلطان بخمسة دراهم فبضع من يشتريها ويحملها إليه فيكون فيها أمتعة تساوى ثلاثة آلاف درهم، فاشهدوا على

ص: 64

ذلك! وكان صاحب الخبر حاضرا فكتب بذلك، ثم مات حامد فى شهر رمضان من هذه السنة.

وصودر على بن عيسى بثلاثمائة ألف دينار وعذّبه المحسن بن الفرات وصفعه فأنكر عليه أبوه لأن عليا كان محسنا إليهم فى أيام ولايته وأعطى المحسن فى أيام نكبته عشرة آلاف درهم، فلم يرع له حقّ إحسانه. قال:«1» ولما أدّى على بن عيسى مال المصادرة سيره ابن الفرات إلى مكة وكتب إلى أميرها أن يسيّره إلى صنعاء، ثم قبض ابن الفرات على أبى علىّ بن مقلة لأنه بلغه أنه سعى به أيام نكبته ونقلّد بعض الأعمال فى أيام حامد ثم أطلقه ابن الفرات وقبض أيضا على ابن الحوارى وكان خصيصا بالمقتدر وسلمه إلى ابنه المحسن فعذّبه عذابا شديدا-/ وكان المحسن وقحا ظالما سيء الأدب ذا قسوة شديدة، وكان الناس يسمونه الخبيث بن الطيب، وسير ابن الحوارى إلى الأهواز ليستخرج منه الأموال فضربه الموكّل به حتى مات. وقبض أيضا على الحسين بن أحمد ومحمد بن على الماذرائيين «2» فصادرهما على ألف ألف دينار وسبعمائة ألف دنيار، ثم صادر جماعة من الكتاب ونكبهم. ثم إنّ

ص: 65

ابن الفرات- خوّف المقتدر من مؤنس الخادم وأشار عليه أن يسيّره إلى الشام فأخرجه عن الحضرة فى يوم شديد المطر، ثم سعى بنصر الحاجب وأطمع المقتدر فى ماله وكثرته فالتجأ نصر إلى أم المقتدر فحمته من ابن الفرات وفيها غزا مؤنس المظفر بلاد الروم فغنم وفتح حصونا وغزا ثمال فى البحر فغنم من السبى ألف رأس، ومن الغنم ألف رأس، ومن الذهب والفضة شيئا كثيرا.

وفيها دخل القرمطىّ «1» البصرة وقتل عاملها «2» وأقام بها سبعة عشر يوما يقتل وينهب ويأسر.

ودخلت سنة اثنتى عشرة وثلاثمائة: فى هذه السنة ظهر فى دار الخليفة إنسان أعجمى عليه ثياب فاخرة وتحته مما يلى بدنه قميص صوف ومعه قدّاحة وكبريت ودواة وأقلام وسكين وكاغد، وفى كيس سويق وسكر وحبل/ طويل من القنّب، فأحضر إلى ابن الفرات الوزير فسأله عن حاله فقال:

لا أخبر إلا صاحب الدار! فأمر بضربه ليقر فقال: بسم الله بدأتم بالشر! ولزم هذا القول ثم جعل يقول بالفارسية ما معناه «لا أدرى» ثم أمر به فأحرق، وأنكر ابن الفرات على نصر الحاجب هذا الحال وعظّم الأمر بين يدى المقتدر ونسبه إلى أنه أخفاه ليقتل المقتدر، وتفاوضا فقال الحاجب: لم أسعى فى

ص: 66

قتل أمير المؤمنين وقد رفعنى من الثرى إلى الثريا؟ إنما يسعى فى قتله من صادره وأخذ أمواله وضياعه وأطال حبسه! وفيها أخذ القرمطى الحاجّ بعد عودتهم من الحجاز- وكان لأبى الهيجاء طريق مكة- فسار إلى القرمطى فأوقع به، وأسر أبو الهيجاء وأحمد بن كشمرد ونحرير وأحمد بن بدر عمّ والدة المقتدر وغيرهم، وأخذ القرمطى جمال الحاجّ جميعها وما أراد من الأمتعة والأموال والنساء والصبيان، وعاد إلى هجر «1» وترك الحاجّ فى مواضعهم فمات أكثرهم جوعا وعطشا، فاجتمع حرم المأخوذين إلى حرم المنكوبين «2» الذين نكبهم ابن الفرات وجعلن ينادين: القرمطى الصغير «3» قتل المسلمين بطريق مكة والقرمطى «4» الكبير قتل المسلمين ببغداد! وشنّعوا عليه وكسر العامّة منابر الجوامع وسوّدوا المحاريب يوم الجمعة لستّ خلون من صفر،/ فضعفت نفس ابن الفرات وحضر عند المقتدر ليأخذ أمره فيما يصنع.

وحضر نصر الحاجب المشورة فانبسط لسانه على ابن الفرات وقال: الساعة تقول: اى شىء نصنع وما هو الرأى بعد أن زعزعت أركان الدولة وعرضتها للزوال؛ فى الباطن بالميل مع

ص: 67