الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومؤنس من صاحبه «1» فأحضر المقتدر هارون بن غريب الخال- وهو ابن خاله- فجعله معه فى داره. فلما علم مؤنس بذلك ازداد نفورا واستيحاشا وأقبل أبو الهيجاء بن حمدان من بلاد الجبل فى عسكر كبير فنزل [عند]«2» مؤنس وترددت المراسلات من الخليفة إلى مؤنس، وانقضت السّنة وهم على ذلك.
ودخلت سنة سبع عشرة وثلاثمائة:
ذكر خلع المقتدر بالله وبيعة القاهرة
فى هذه السنة خلع المقتدر بالله من الخلافة وبويع أخوه القاهر بالله محمد بن المعتضد، فبقى يومين ثم أعيد المقتدر بالله. قال «3» : ولما نزل مؤنس باب الشمّاسية وانضم إليه ابن حمدان ونازوك صاحب الشرطة وغيرهما جمع المقتدر عنده هارون بن غريب وأحمد بن كيغلغ والغلمان الحجرية والرجّالة المصافية وغيرهم. فلما كان آخر النهار مستهلّ المحرم انفضّ أكثر من عند المقتدر، وخرجوا إلى مؤنس. ثم كتب إلى المقتدر رقعة يذكر أنّ الجيش عاتب منكر للسّرف فيما يطلق باسم الخدم والحرم من الأموال والضياع، ولدخولهم فى الرّأى وتدبير المملكة، ويطالبون بخروجهم من الدار وأخذ ما فى أيديهم من الأموال
والأملاك، وإخراج هارون بن غريب من الدار. فأجابه المقتدر أنه يفعل من ذلك ما يمكنه ويقتصر على ما لا بدّ له منه، واستعطفه وذكره ومن معه ببيعته التى فى أعناقهم مرة بعد أخرى وخوّفهم عاقبة النكث. وأمر هارون أن يخرج من بغداد وأقطعه الثغور الشامية والجزيرية فخرج فى تاسع المحرم، فعندها دخل مؤنس وابن حمدان ونازوك إلى بغداد، وأرجف النّاس أن مؤنسا ومن معه قد عزموا على خلع المقتدر.
فلما كان فى الثانى عشر من المحرم خرج مؤنس بالجيش إلى باب الشماسية فتشاوروا ساعة ثم زحفوا «1» /بأسرهم إلى دار الخليفة، فلما قربوا منها هرب المظفّر بن ياقوت الحاجب وسائر الحجّاب والخدم والوزير ابن مقلة، ودخل مؤنس والجيش إلى دار الخليفة وأخرج المقتدر ووالدته وخالته وخواصّ جواريه وأولاده من دار الخلافة، وحملوا إلى دار مؤنس واعتقلوا بها. وبلغ الخبر هارون وهو بقطربّل «2» فدخل بغداد واستتر، ومضى ابن حمدان إلى دار ابن طاهر فأحضر محمد بن المعتضد وبايعوه بالخلافة ولقّبوه القاهر بالله، وأحضروا القاضى أبا عمر عند المقتدر ليشهدوا عليه بالخلع وعنده مؤنس ونازوك وابن حمدان وبنىّ بن يعيش «3» فقال مؤنس للمقتدر ليخلع نفسه من
الخلافة فأجاب وأشهد عليه القاضى بالخلع، فقام ابن حمدان وقال للمقتدر: يا سيدى يعزّ علىّ أن أراك على هذه الحال وقد كنت أخافها عليك وأحذرها وأنصح لك وأحذّرك عاقبة القبول من الخدم والنساء فتؤثر أقوالهم على قولى، وكأنى كنت أرى هذا، وبعد فنحن عبيدك وخدمك! ودمعت عيناه وعينا المقتدر وشهد الجماعة على المقتدر بالخلع وأودعوا الكتاب عند القاضى أبى عمر فكتمه ولم يظهر عليه غيره. فلما عاد المقتدر إلى الخلافة سلّمه إليه وأعلمه أنه ما أطلع عليه أحدا، فاستحسن ذلك منه، وولّاه قضاء القضاة قال «1» : ولما استقرّ/ أمر القاهر بالله أخرج مؤنس المظفر علىّ بن عيسى من الحبس وأقر أبا علىّ بن مقلة على وزارته، وأضاف نازوك مع الشرطة حجبة الخليفة وأقطع ابن حمدان مضافا إلى ما بيده من أعمال طريق خرسان حلوان «2» والدّينور وهمذان وكنكور «3» وكرمان شاهان «4»