الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخلع واستخلف أبا عبد الله بن شيرزاد. ثم وردت الأخبار إلى بغداد فعزم البريدىّ على الإصعاد إلى بغداد، فأزال ابن رائق اسم الوزارة عنه، وأعاد أبا إسحاق القراريطى ولعن بنو البريدى على المنابر بجانبى بغداد.
ذكر استيلاء البريدى على بغداد وإصعاد المتقى لله إلى الموصل
قال «1» : وسير أبو عبد الله البريدى أخاه أبا الحسين إلى بغداد فى/ جميع الجيش من الأتراك والدّيلم، فعزم ابن رائق على أن يتحصن بدار الخلافة، فأصلح سورها ونصب عليها العرادات «2» والمجانيق وعلى دجلة، وأنهض العامة وجنّد بعضهم؛ فثاروا فى بغداد وأحرقوا ونهبوا، وأخذوا الناس ليلا ونهارا. وخرج المتقى لله وابن رائق إلى نهر ديالى فى منتصف جمادى الآخرة، ووافاهم أبو الحسين فى الماء والبر، واقتتل النّاس فانهزم أهل بغداد، واستولى أصحاب البريدىّ على دار الخلافة ودخلوا إليها من الماء، وذلك لتسع بقين من جمادى الآخرة. وهرب المتّقى وابنه الأمير أبو منصور فى نحو عشرين فارسا، ولحق بهما ابن رائق فى جيشه، وساروا جميعا إلى الموصل.
وقتل أصحاب البريدىّ من وجدوه فى دار الخليفة من الحاشية، ونهبوا دور الحرم، وكثر النّهب فى بغداد ليلا ونهارا.
وأخرجوا كورتكين من محبسه، فأنفذه أبو الحسين إلى أخيه بواسط، فكان آخر العهد به. ونزل أبو الحسين بدار مؤنس التى يسكنها ابن رائق، وأقام أبو الحسين توزون على الشرطة بشرقى بغداد، وجعل نوشتكين على شرطة الجانب الغربىّ فسكن الناس، وأخذ أبو الحسين رهائن القواد فسيّرهم إلى أخيه أبى عبد الله بواسط.
قال «1» : وعسف أهل العراق وظلمهم ظلما لم يسمع بمثله قطّ، ذكر/ ابن الأثير رحمه الله ذلك فى تاريخه الكامل وأفرده بترجمة وهى «ذكر ما فعله البريدىّ ببغداد» ، ولما انتهى كلامه قال «وإنما ذكرنا هذا الفصل ليعلم الظّلمة أن أخبارهم تنقل وتبقى على وجه الدهر، فربما تركوا الظلم لهذا إذا لم يتركوه لله سبحانه وتعالى «2» » وأظنه رحمه الله تعالى قال هذا لما علمه من حال الظلمة فى عصره، وأنهم يستقبحون الظلم.
ويتركونه خشية أن ينقل عنهم. وإنما تركت أن أشرح ما قاله من ظلم البريدى خوفا أن يسمعه ظلمة هذا العصر فيقتدون بأفعاله ويحملون الناس على مثاله؛ فإن فيهم من يتحلى بالظلم ولا يتحاشى من فعله ويردّ فرع كل مظلمة إلى أصله ويقول: قد فعله فلان وفلان وجرت عليه القاعدة فى كل عصر وأوان! ويبرز بالظّلم بروز الليث من غابه، وتصدر عنه الحوادث كصدور الغيث من