المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر خلع القاهر وسمله وشىء من أخباره - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٣

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث والعشرون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الدولة العباسية بالعراق وغيره]

- ‌مقدمة

- ‌ذكر خلافة المكتفى بالله

- ‌ذكر قتل بدر غلام المعتضد بالله

- ‌ذكر وفاة المكتفى بالله

- ‌ذكر خلافة المقتدر بالله

- ‌ذكر خلع المقتدر وولاية ابن المعتز

- ‌ذكر القبض على ابن الفرات ووزارة الخاقانى

- ‌ذكر عزل الخافانى عن الوزارة

- ‌ذكر خروج الحسين بن حمدان

- ‌ذكر وزارة ابن الفرات الثانية

- ‌ذكر أمر يوسف بن أبى الساج

- ‌ذكر عزل ابن الفرات عن الوزارة

- ‌ذكر قتل الحسين بن منصور الحلاج

- ‌ذكر عزل حامد بن العباس

- ‌ذكر القبض على ابن الفرات الوزير وولده المحسن

- ‌ذكر وزارة ابى القاسم الخاقانى

- ‌ذكر مقتل ابن الفرات وولده

- ‌ذكر عزل الخاقانى عن الوزارة ووزارة أبى العباس الخصيبى

- ‌ذكر عزل أبى العباس الخصيبى ووزارة علىّ بن عيسى

- ‌ذكر ابتداء الوحشة بين المقتدر بالله وبين مؤنس

- ‌ذكر عزل على بن عيسى عن الوزارة ووزارة أبى علىّ بن مقلة

- ‌ذكر الحرب بين نازوك وهارون بن غريب الخال واستيحاش مؤنس

- ‌ذكر خلع المقتدر بالله وبيعة القاهرة

- ‌ذكر عود المقتدر بالله الى الخلافة وقتل نازوك وابن حمدان

- ‌ذكر هلاك الرجالة المصافية

- ‌ذكر عزل ابن مقلة ووزارة سليمان

- ‌ذكر خروج صالح والأغر

- ‌ذكر عزل سليمان عن الوزارة

- ‌ذكر عزل الكلوذانى ووزارة الحسين

- ‌ذكر تأكيد الوحشة بين مؤنس والمقتدر

- ‌ذكر مسير مؤنس الى الموصل

- ‌ذكر عزل الحسين عن الوزارة

- ‌ذكر استيلاء مؤنس على الموصل

- ‌ذكر مقتل المقتدر بالله

- ‌ذكر خلافة القاهر بالله

- ‌ذكر خبر عبد الواحد بن المقتدر ومن معه

- ‌ذكر استيحاش مؤنس وأصحابه من القاهر

- ‌ذكر القبض على مؤنس المظفر ويلبق الحاجب وابنه

- ‌ذكر مقتل مؤنس ويلبق وابنه على والنوبختى

- ‌ذكر وزارة أبى جعفر محمد بن القاسم وعزله وولاية الخصيبى

- ‌ذكر القبض على طريف السبكرى

- ‌ذكر خلع القاهر وسمله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة الراضى بالله

- ‌ذكر مقتل هارون بن غريب

- ‌ذكر مقتل ابن الشلمغانى ومذهبه

- ‌ذكر ظهور انسان ادعى النبوة

- ‌ذكر القبض على ابنى ياقوت

- ‌ذكر حال أبى عبد الله محمد البريدى وتقدمه

- ‌ذكر مسير ابن مقلة الى الموصل وما كان بينه وبين ناصر الدولة

- ‌ذكر القبض على الوزير ابن مقلة ووزارة عبد الرحمن بن عيسى وغيره

- ‌ذكر عزل أبى جعفر ووزارة سليمان بن الحسن

- ‌ذكر وزارة الفضل بن جعفر [ابن الفرات]

- ‌ذكر مسير الراضى بالله لحرب البريدى

- ‌ذكر الوحشة بين محمد بن رائق والبريدى والحرب بينهما

- ‌ذكر استيلاء بجكم على الأهواز وخروج ابن البريدى منها

- ‌ذكر استيلاء معز الدولة بن بويه على الأهواز

- ‌ذكر الحرب بين بجكم والبريدى

- ‌ذكر قطع يد ابن مقلة ولسانه

- ‌ذكر استيلاء بحكم على بغداد

- ‌ذكر مسير الراضى بالله وبجكم الى الموصل وظهور ابن رائق ومسيره إلى الشام

- ‌ذكر وزارة أبى عبد الله البريدى

- ‌ذكر وفاة الراضى بالله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المتقى لله

- ‌ذكر مقتل بجكم

- ‌ذكر اصعاد أبى عبد الله البريدى الى بغداد

- ‌ذكر عود البريدى الى واسط هاربا

- ‌ذكر امارة كورتكين الديلمى

- ‌ذكر عود محمد بن رائق الى بغداد وولايته إمرة الأمراء

- ‌ذكر وزارة أبى عبد الله البريدى

- ‌ذكر استيلاء البريدى على بغداد وإصعاد المتقى لله إلى الموصل

- ‌ذكر قتل ابن رائق وولاية ابن حمدان إمرة الأمراء

- ‌ذكر عود المتقى لله الى بغداد وهرب البريدى عنها

- ‌ذكر الحرب بين ابن حمدان والبريدى

- ‌ذكر ما اتفق لسيف الدولة بواسط ورجوع ناصر الدولة إلى الموصل

- ‌ذكر حال الأتراك بعد إصعاد سيف الدولة من واسط

- ‌ذكر عود سيف الدولة الى بغداد وهربه منها

- ‌ذكر امارة توزون

- ‌ذكر الوحشة بين المتقى وتوزون

- ‌ذكر مسير المتقى لله الى الموصل

- ‌ذكر قتل أبى يوسف البريدى

- ‌ذكر وفاة أبى عبد الله البريدى ومن قام بعده بالأمر

- ‌ذكر ما كان من أمر المتقى لله إلى أن خلع وسمل

- ‌ذكر خلافة المستكفى بالله

- ‌ذكر وفاة توزون وامارة ابن شيرزاد

- ‌ذكر استيلاء معز الدولة بن بويه على بغداد

- ‌ذكر خلع المستكفى بالله وسمله

- ‌ذكر خلافة المطيع لله

- ‌ذكر اعادة القرامطة الحجر الأسود

- ‌ذكر ظهور المستجير بالله

- ‌ذكر ضمان الحسبة والقضاء والشرطة ببغداد

- ‌ذكر استيلاء الروم على عين زربة وما حولها من الحصون

- ‌ذكر استيلاء الروم على المصيصة وطرسوس

- ‌ذكر البيعة لمحمد بن المستكفى وما كان من أمره

- ‌ذكر ما فعله الروم بالشام والجزيرة

- ‌ذكر ملك الروم مدينة أنطاكية

- ‌ذكر ملك الروم ملازكرد

- ‌ذكر مقتل ملك الروم نقفور

- ‌ذكر الفتنة ببغداد ومصادرة الخليفة المطيع لله

- ‌ذكر خلع المطيع لله نفسه من الخلافة وخلافة ابنه الطائع لله

- ‌ذكر خلافة الطائع لله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام خلافته

- ‌ذكر القبض على الطائع وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة القادر بالله

- ‌ذكر تسليم الطائع لله الى القادر

- ‌ذكر البيعة لولى العهد

- ‌ذكر الفتنة بمكة

- ‌ذكر البيعة لولى العهد

- ‌ذكر ملك الروم مدينة الرها

- ‌ذكر وفاة القادر بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة القائم بأمر الله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام القائم

- ‌ذكر أخبار أبى الحارث أرسلان البساسيرى

- ‌ذكر استيلاء أبى الحارث البساسيرى على العراق

- ‌ذكر مقتل رئيس الرؤساء وعميد العراق

- ‌ذكر عود الخليفة القائم بأمر الله الى بغداد وخروج البساسيرى منها وقتله

- ‌ذكر غرق بغداد

- ‌ذكر وفاة القائم بأمر الله وشىء من سيرته

- ‌ذكر خلافة المقتدى بأمر الله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام المقتدى

- ‌ذكر الفتنة ببغداد بين الشافعية والحنابلة

- ‌ذكر مسير الشيخ أبى اسحاق برسالة الخليفة

- ‌ذكر عزل عميد الدولة عن الوزارة وميسر والده إلى ديار بكر

- ‌ذكر وفاة المقتدى بأمر الله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المستظهر بالله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام المستظهر بالله

- ‌ذكر وفاة المستظهر بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المسترشد بالله

- ‌ذكر هرب الأمير أبى الحسن أخى المسترشد بالله وعوده

- ‌ذكر ظهور قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

- ‌ذكر مسير المسترشد بالله لحرب دبيس بن صدقة

- ‌ذكر الاختلاف الواقع بين الخليفة المسترشد بالله وبين السلطان محمود:

- ‌ذكر حصار الخليفة المسترشد بالله الموصل

- ‌ذكر مسير المسترشد بالله لحرب السلطان مسعود بن محمد وأسره

- ‌ذكر مقتل المسترشد بالله

- ‌ذكر خلافة الراشد بالله

- ‌ذكر الحرب بين عسكر الخليفة الراشد بالله وعسكر السلطان مسعود

- ‌ذكر مسير الراشد بالله إلى الموصل وخلعه

- ‌ذكر خلافة المقتفى لأمر الله

- ‌ذكر تفويض أمور الدولة والوزارة

- ‌ذكر حصر تكريت وعود عسكر الخليفة عنها وأسر ابن الوزير

- ‌ذكر حصار تكريت ووقعة بكمزا

- ‌ذكر وفاة المقتفى لأمر الله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المستنجد بالله

- ‌ذكر ملك الخليفة قلعة الماهكى

- ‌ذكر اجلاء بنى أسد من العراق

- ‌ذكر وفاة المستنجد بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المستضىء بأمر الله

- ‌ذكر مقتل الوزير أبى جعفر بن محمد المعروف بابن البلدى

- ‌ذكر هرب قطب الدين قايماز/ من بغداد وعود عضد الدين إلى الوزارة

- ‌ذكر فتنة ببغداد وهدم بيعة اليهود

- ‌ذكر وفاة المستضىء بأمر الله

- ‌ذكر خلافة الناصر لدين الله

- ‌ذكر القبض على ابن العطار وموته

- ‌ذكر انهزام عسكر الخليفة من طغرل

- ‌ذكر ملك الخليفة خوزستان

- ‌ذكر ملك الوزير همذان وغيرها من بلاد العجم

- ‌ذكر ملك عسكر الخليفة أصفهان

- ‌ذكر وفاة الناصر لدين الله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة الظاهر بأمر الله

- ‌ذكر خلافة المستنصر بالله

- ‌ذكر خلافة المستعصم بالله

- ‌ذكر مقتل المستعصم بالله وانقراض الدولة العباسية واستيلاء هولاكو على بغداد

- ‌جامع أخبار خلفاء الدولة العباسية بالعراق ومن ولى منهم ومدة خلافتهم

- ‌ذكر خلافة المستنصر بالله

- ‌ذكر مسير الخليفة المستنصر بالله إلى بلاد الشرق وقتله

- ‌ذكر خلافة الحاكم بأمر الله

- ‌ذكر خلافة المستكفى بالله

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار الدولة الأموية ببلاد الأندلس

- ‌وأول من ملك بلاد الأندلس من بنى أمية أبو المظفر عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان

- ‌ذكر مقتل عبد الرحمن بن يوسف الفهرى

- ‌ذكر خروج العلاء وقتله

- ‌ذكر خروج سعيد اليحصبى المعروف بالمطرى وقتله

- ‌ذكر عصيان أهل اشبيلية على الأمير عبد الرحمن

- ‌ذكر عبور الصقلبى الى الأندلس وما كان من أمره إلى أن نتل

- ‌ذكر مخالفة أبى الأسود محمد بن يوسف الفهرى

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن وصفته وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر امارة هشام

- ‌ذكر خروج سليمان وعبد الله ابنى عبد الرحمن على أخيهما هشام

- ‌ذكر خروج جماعة أخر على الأمير هشام

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر فتنة تاكرتا

- ‌ذكر وفاة هشام بن عبد الرحمن وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر امارة الحكم بن هشام الملقب بالمرتضى

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر خلاف بهلول بن مرزوق وغيره

- ‌ذكر مسير سليمان بن عبد الرحمن لقتال ابن أخيه الحكم وقتل سليمان

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على برشلونة

- ‌ذكر الاتفاق بين الحكم وبين عمه عبد الله البلنسى

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على مدينة تطيله

- ‌ذكر ايقاع الحكم بأهل قرطبة

- ‌ذكر ايفاع الحكم بأهل طليطلة وهى وقعة الحفرة

- ‌ذكر عصيان أهل ماردة على الحكم وما فعله بأهل قرطبة

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر عصيان حزم على الحكم

- ‌ذكر عودة أهل ماردة الى العصيان وغزو الحكم بلاد الفرنج

- ‌ذكر وقعة الربض بقرطبة

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر غزو البربر بناحية مورور

- ‌ذكر وفاة الحكم

- ‌ذكر امارة عبد الرحمن بن الحكم

- ‌ذكر ايقاع عبد الرحمن بأهل إلبيرة وجندها

- ‌ذكر محاصرة طليطلة وفتحها

- ‌ذكر الحرب بين موسى بن موسى والحارث بن بزيع وما كان من أمره

- ‌ذكر خروج المشركين الى بلاد الاسلام بالأندلس

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن وشىء من أخباره

- ‌ذكر امارة محمد بن عبد الرحمن المنعوت بالأمين

- ‌ذكر الحرب بين المسلمين والفرنج

- ‌ذكر خروج المجوس إلى بلاد الإسلام بالأندلس

- ‌ذكر وفاة الأمير محمد بن عبد الرحمن

- ‌ذكر امارة المنذر بن محمد

- ‌ذكر امارة عبد الله بن محمد

- ‌ذكر امارة عبد الرحمن بن محمد

- ‌ذكر امارة الحكم المستنصر بالله

- ‌ذكر امارة هشام المؤيد بالله

- ‌ذكر أخبار المنصور محمد بن أبى عامر

- ‌ذكر المظفر أبو مروان عبد الملك

- ‌ذكر امارة محمد المهدى

- ‌ذكر أخبار شنشول ومقتله

- ‌ذكر قيام هشام بن سليمان

- ‌ذكر قيام سليمان بن الحكم المستعين بالله

- ‌ذكر دولة المهدى محمد الثانية

- ‌ذكر دولة المؤبد هشام الثانية

- ‌ذكر دولة المستعين بالله الثانية

- ‌ذكر امارة الناصر على بن حمود

- ‌ذكر ولاية المأمون القاسم بن حمود بن ميمون الفاطمىّ

- ‌ذكر ولاية المعتلى يحيى بن على

- ‌ذكر عود الدولة الأموية بمدينة قرطبة ومن ولى منهم

- ‌(أ) ذكر امارة المستظهر بالله

- ‌(ب) ذكر امارة المستكفى بالله

- ‌(ج) ذكر ولاية المعتمد على الله

- ‌ذكر أخبار الأندلس ومن ملكها بعد انقطاع الدعوة الأموية

- ‌ذكر ولاية أبى الوليد محمد بن جهور

- ‌ذكر أخبار مدينة طليطلة

- ‌ذكر ولاية المأمون يحيى بن اسماعيل

- ‌ذكر أخبار دولة بنى عباد

- ‌ذكر أخبار خلف الحصرى

- ‌ذكر ولاية أبى عمرو عباد بن محمد

- ‌ذكر ولاية المعتمد على الله

- ‌ذكر وقعة الزلاقة

- ‌ذكر انقراض الدولة العبادية

- ‌[ذكر ممالك الأندلس الأخرى]

- ‌ثبت بأسماء المراجع العربية المذكورة فى الحواشى

- ‌فهرس الجزء الثالث والعشرين

الفصل: ‌ذكر خلع القاهر وسمله وشىء من أخباره

وفى هذه السنة أمر القاهر بتحريم الخمرة والغناء «1» وسائر الأنبذة، ونفى بعض من كان يعرف بذلك إلى البصرة والكوفة وأمر ببيع الجوارى والمغنيات على أنّهنّ سواذج لا يعرفن/ الغناء، ثم وضع من يشترى له كلّ حاذقة فى صنعة الغناء، فاشترى له منهن ما أراد بأبخس الأثمان. وكان القاهر مشتمهرا بالغناء والسّماع، فجعل ذلك طريقا إلى تحصيل غرضه، وهذه نهاية فى الخسّة والشّحّ، نعوذ بالله من ذلك! وفيها كان ابتداء الدولة الدّيلمية البويهية، وسيأتى ذكرها إن شاء الله تعالى «2» . وفيها أمر علىّ بن يلبق- قبل القبض عليه- بلعن معاوية بن أبى سفيان وابنه يزيد على المنابر «3» .

ودخت سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة:

‌ذكر خلع القاهر وسمله وشىء من أخباره

كان خلع القاهر وسمله فى يوم الأربعاء لستّ خلون من جمادى الأولى من هذه السنة، وسبب ذلك أنّ أبا علىّ بن مقلة والحسن بن

ص: 116

هارون كانا قد استترا من القاهر، وجدّ فى طلبهما فلم يظفر بهما فكانا يراسلان قوّاد السّاجية والحجرية ويخوّفانهم من شرّه ويذكران غدره، وأنه لا يتمسّك بأيمانه، وأنه قبض على طريف بعد نصحه له، إلى غير ذلك. وكان ابن مقلة يجتمع بالقوّاد ليلا- تارة فى زىّ أعمى وتارة فى زىّ مكد وتارة فى زىّ امرأة- ويغربهم بالقاهر. ثم إنه أعطى منجما كان لسيما رئيس الساجية ومقدّمهم مائتى دينار،/ وأعطاه الحسن مائة دينار فكان يذكر لسيما أن طالعه يقتضى أنّ القاهر ينكبه ويقتله. وأعطى ابن مقلة.

أيضا شيئا لمعبّر «1» كان لسيما، فكان يحذّره من القاهر [بالله]«2» فازداد نفورا ونقل إلى سيما أنّ القاهر يريد القبض عليه، فجمع الساجية وأعطاهم السّلاح، وأنفذ إلى الحجرية فاجتمعوا وتحالفوا على اجتماع الكلمة وقتل من خالف منهم. فاتصل ذلك بالقاهر وبوزيره الخصيبى فأرسل إليهم «ما الذى حملكم على هذا؟» فقالوا: قد صحّ عندنا أنّ القاهر يريد القبض على سيما وقد عمل مطامير ليحبس قوادنا فيها!.

فلما كان فى يوم الأربعاء لستّ خلون من جمادى الأولى اجتمع الساجية والحجرية عند سيما وتحالفوا على القبض على القاهر، فقال سيما: قوموا بنا الساعة حتى نمضى العزم، فإنه إن تأخر علم به واحترز وأهلكنا! وبلغ ذلك الوزير فأرسل سلّاما الحاجب

ص: 117

وعيسى الحاجب وعيسى الطبيب ليعلماه بذلك، فوجداه نائما قد شرب أكثر ليلته، فلم يقدر على إعلامه بذلك،. وزحف الحجرية والساجية إلى دار الخلافة، ووكل سيما بأبوابها من يحفظها، وبقى هو على باب العامّة وهاجموا الدّار من سائر الأبواب. فلما سمع القاهر الأصوات والجلبة استيقظ وهو مخمور، وطلب بابا يهرب منه، فقيل له إن الأبواب جميعها مشحونة بالرجال/ فهرب إلى سطح حمام ودخل القوم فلم يجدوه، فدلّهم خادم صغير على موضعه فقصدوه.

فإذا بيده سيف فألانوا له واجتهدوا به، فلم ينزل وقال: من صعد إلىّ قتلته! فأخذ بعضهم سهما وقال:: إن نزلت وإلا وضعته فى نحرك! فنزل حينئذ إليهم وساروا إلى الموضع الذى فيه طريف السبكرى فأخرجوه وحبسوا القاهر مكانه «1» واستدعوا فى تلك الليلة أحمد بن أبى الحسين الصابىّ فكحل «2» القاهر بعد أن أقيم بين يدى الراضى بالله، وسلّم عليه بالإمارة.

وقيل فى سبب خلعه إنه لما تمكّن من الخلافة تنّقص الساجية والحجرية على مرّ الأيام حتى كان لا يقضى لأكابرهم حاجة، ويلزمهم النّوبة فى داره، ويؤخر أعطياتهم ويغلظ لمن يخاطبه منهم فى أمر، فأقبل بعضهم ينذر بعضا ويتشاكون. ثم كان يقول

ص: 118

لسلامة حاجبه: أنت بين يدىّ كنز مال يمشى فأى شىء يتبيّن فى مالك لو أعطيتنى ألف ألف دينار! فيحمل ذلك على الهزل، وكان وزيره الخصيبى خائفا لما يرى منه ثم إنّه حفر فى الدار نحو خمسين مطمورة وأحكم أبوابها، فقيل إنها لمقدّمى الساجية والحجرية، فازدادوا نفورا، ثم إنّ جماعة من القرامطة أخذوا من فارس وأرسلوا إلى بغداد فحبسوا فى تلك المطامير، فتقدم القاهر سرّا بفتح الأبواب/ عليهم والإحسان إليهم، وعزم على أن يتقوّى بهم بالقبض على مقدّمى الساجية والحجرية. فأنكروا حال القرامطة وكونهم معه فى داره وهو يحسن إليهم، وذكروا ذلك لوزيره وحاجبه فقالا له، فأخرجهم من دار الخلافة وسلّمهم إلى محمد بن ياقوت وهو على شرطة بغداد فأنزلهم فى دار وأحسن إليهم. ثم صار القاهر يذمّ الساجية والحجرية فى مجلسه ويظهر كراهتهم، فلما تبينوا ذلك من وجهه وحركاته أظهروا أنّ لبعض قوادهم عرسا، فاجتمعوا بحجبته «1» وقرروا بينهم ما أرادوا وافترقوا. وأرسلوا إلى سابور خادم والدة المقتدر «2» وكان قد اختصّ به فقالوا له: قد علمت ما فعل القاهر بمولاتك وقد ركبت فى موافقته كلّ عظيم فإن وافقتنا على ما نحن عليه وتقدمت إلى الخدم بحفظه فعفا الله عما سلف منك وإلا فنحن نبدأ بك!

ص: 119

فأعلمهم ما عنده من الخوف والكراهة للقاهر، وأنه موافقهم، هذا وابن مقلة يسعى كما ذكرنا قال «1» : ولما قبض على القاهر هرب وزيره الخصيبى وحاجبه سلامة، فكانت خلافة القاهر بالله سنة واحدة وستة أشهر وثمانية أيام وهو أول خليفة سمل، ولم يزل فى دار السلطان إلى أن أخرج المستكفى بالله فى شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وردّه إلى داره فأقام/ مدة ثم خرج إلى جامع المنصور فى يوم الجمعة، وقام فعرّف النّاس نفسه وتصدّق منهم وقال: أنا خليفتكم بالأمس وسائلكم اليوم! فأعطاه ابن أبى موسى ألف درهم»

وردّه إلى داره وتوفى فى خلافة المطيع فى يوم الجمعة ثالث جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين، ودفن فى دار طاهر وله اثنتان وخمسون سنة. وكان أبيض يعلوه حمرة مربوعا أعين وافر اللحية ألثغ شديد الإقدام على سفك الدّماء، أهوج محبّا لجمع المال قبيح السياسة.

وقد تقدم من أفعاله وضربه لوالدة أخيه المقتدر ومصادرتها ومصادرة أولاد أخيه وأمهات أولاده ما يستدل به على قبح أفعاله وسوء طويّته وعدم تمسكه بما يبذله من الأيمان المغلّظة والعهود المؤكّده ثم لا يقف عند ذلك. وكان نقش خاتمه «محمد رسول الله» وكان له من الأولاد أبو الفضل عبد الصمد وأبو القاسم عبد العزيز وهو ولى عهده.

ص: 120