الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل عدوّ يظهر ومكاتبته ومهاداته، وفى الظاهر بإبعادك مؤنسا ومن معه إلى الرّقّة وهم سيوف الدولة، فمن يدفع الآن هذا الرجل إذا قصد الحضرة أنت أم ولدك؟ وقد ظهر الآن مقصودك بإبعاد مؤنس وبالقبض علىّ وعلى غيرى، أن تستضعف الدولة وتقوّى أعداءها لتشفى غيظك ممّن صادرك وأخذ أموالك! ومن الذى سلّم النّاس إلى القرمطى غيرك لما يجمع بينكما من التّشيّع والرّفض؟
وقد ظهر أيضا أنّ ذلك العجمى من أصحاب القرمطى وأنت أوصلته! فحلف ابن الفرات أنه ما كاتب القرمطى ولا هاداه ولا رأى ذلك الأعجمى إلا تلك الساعة، والمقتدر معرض عنه. وأشار نصر على المقتدر بالله أن يحضر مؤنسا ومن معه ففعل ذلك، وكتب إليه بالحضور ففعل وسارع، وقام ابن الفرات فركب فرجمه العامّة، ثم وصل مؤنس المظفر إلى بغداد، ولما رأى المحسن.
ابن الفرات انحلال أمورهم أخذ كل من كان محبوسا فقتله، لأنه كان قد أخذ متهم أموالا/ جليلة ولم يوصلها إلى المقتدر فخاف أن يقروا عليه بما أخذه منهم.
ذكر القبض على ابن الفرات الوزير وولده المحسن
قال «1» : ثم كثر الإرجاف على ابن الفرات فكتب إلى المقتدر يعرّفه بذلك، وأن الناس إنما عادوه لشفقته ونصحه وأخذ حقوقه منهم فأنقذ المقتدر إليه يسكّنه ويطيّب قلبه فركب هو وولده إلى المقتدر
فطيّب قلوبهما، وخرجا من عنده فمنعهما نصر الحاجب ووكل بهما، فدخل مفلح على المقتدر وأشار عليه بتأخير عزله فأمر بإطلاقهما فخرجا، فأما المحسن فإنه اختفى، وأما الوزير فإنه جلس عامّة نهاره يقضى الأشغال إلى الليل ثم بات مفكرا، فلما أصبح سمع بعض خدمه ينشد:
وأصبح لا يدرى وإن كان حازما
…
أقدّامه خير له أم وراءه
فلما ارتفع النهار وهو الثامن من شهر ربيع الأول أتاه نازوك «1» ويلبق فى عدة من الجند فدخلوا عليه وهو عند حرمه فأخرجوه حافيا مكشوف الرأس فألقى عليه يلبق طيلسانا غطّى به رأسه وحمل إلى طيّار فيه مؤنس المظفر ومعه هلال/ بن بدر «2» فاعتذر إليه ابن الفرات وألان كلامه له فقال له: أنا الآن الأستاذ وكنت بالأمس الخائن الساعى فى فساد الدّولة وأخرجتنى والمطر على رأسى ورؤوس أصحابى ولم تمهلنى! وسلّم إلى شفيع اللؤلؤى فحبس عنده، وكانت مدّة وزارته هذه عشرة أشهر وثمانية عشر يوما، وأخذ أصحابه وأولاده ولم ينج منهم إلا المحسن، وصودر ابن الفرات على ألف ألف دينار.