المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ولاية أبى عمرو عباد بن محمد - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٣

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث والعشرون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الدولة العباسية بالعراق وغيره]

- ‌مقدمة

- ‌ذكر خلافة المكتفى بالله

- ‌ذكر قتل بدر غلام المعتضد بالله

- ‌ذكر وفاة المكتفى بالله

- ‌ذكر خلافة المقتدر بالله

- ‌ذكر خلع المقتدر وولاية ابن المعتز

- ‌ذكر القبض على ابن الفرات ووزارة الخاقانى

- ‌ذكر عزل الخافانى عن الوزارة

- ‌ذكر خروج الحسين بن حمدان

- ‌ذكر وزارة ابن الفرات الثانية

- ‌ذكر أمر يوسف بن أبى الساج

- ‌ذكر عزل ابن الفرات عن الوزارة

- ‌ذكر قتل الحسين بن منصور الحلاج

- ‌ذكر عزل حامد بن العباس

- ‌ذكر القبض على ابن الفرات الوزير وولده المحسن

- ‌ذكر وزارة ابى القاسم الخاقانى

- ‌ذكر مقتل ابن الفرات وولده

- ‌ذكر عزل الخاقانى عن الوزارة ووزارة أبى العباس الخصيبى

- ‌ذكر عزل أبى العباس الخصيبى ووزارة علىّ بن عيسى

- ‌ذكر ابتداء الوحشة بين المقتدر بالله وبين مؤنس

- ‌ذكر عزل على بن عيسى عن الوزارة ووزارة أبى علىّ بن مقلة

- ‌ذكر الحرب بين نازوك وهارون بن غريب الخال واستيحاش مؤنس

- ‌ذكر خلع المقتدر بالله وبيعة القاهرة

- ‌ذكر عود المقتدر بالله الى الخلافة وقتل نازوك وابن حمدان

- ‌ذكر هلاك الرجالة المصافية

- ‌ذكر عزل ابن مقلة ووزارة سليمان

- ‌ذكر خروج صالح والأغر

- ‌ذكر عزل سليمان عن الوزارة

- ‌ذكر عزل الكلوذانى ووزارة الحسين

- ‌ذكر تأكيد الوحشة بين مؤنس والمقتدر

- ‌ذكر مسير مؤنس الى الموصل

- ‌ذكر عزل الحسين عن الوزارة

- ‌ذكر استيلاء مؤنس على الموصل

- ‌ذكر مقتل المقتدر بالله

- ‌ذكر خلافة القاهر بالله

- ‌ذكر خبر عبد الواحد بن المقتدر ومن معه

- ‌ذكر استيحاش مؤنس وأصحابه من القاهر

- ‌ذكر القبض على مؤنس المظفر ويلبق الحاجب وابنه

- ‌ذكر مقتل مؤنس ويلبق وابنه على والنوبختى

- ‌ذكر وزارة أبى جعفر محمد بن القاسم وعزله وولاية الخصيبى

- ‌ذكر القبض على طريف السبكرى

- ‌ذكر خلع القاهر وسمله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة الراضى بالله

- ‌ذكر مقتل هارون بن غريب

- ‌ذكر مقتل ابن الشلمغانى ومذهبه

- ‌ذكر ظهور انسان ادعى النبوة

- ‌ذكر القبض على ابنى ياقوت

- ‌ذكر حال أبى عبد الله محمد البريدى وتقدمه

- ‌ذكر مسير ابن مقلة الى الموصل وما كان بينه وبين ناصر الدولة

- ‌ذكر القبض على الوزير ابن مقلة ووزارة عبد الرحمن بن عيسى وغيره

- ‌ذكر عزل أبى جعفر ووزارة سليمان بن الحسن

- ‌ذكر وزارة الفضل بن جعفر [ابن الفرات]

- ‌ذكر مسير الراضى بالله لحرب البريدى

- ‌ذكر الوحشة بين محمد بن رائق والبريدى والحرب بينهما

- ‌ذكر استيلاء بجكم على الأهواز وخروج ابن البريدى منها

- ‌ذكر استيلاء معز الدولة بن بويه على الأهواز

- ‌ذكر الحرب بين بجكم والبريدى

- ‌ذكر قطع يد ابن مقلة ولسانه

- ‌ذكر استيلاء بحكم على بغداد

- ‌ذكر مسير الراضى بالله وبجكم الى الموصل وظهور ابن رائق ومسيره إلى الشام

- ‌ذكر وزارة أبى عبد الله البريدى

- ‌ذكر وفاة الراضى بالله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المتقى لله

- ‌ذكر مقتل بجكم

- ‌ذكر اصعاد أبى عبد الله البريدى الى بغداد

- ‌ذكر عود البريدى الى واسط هاربا

- ‌ذكر امارة كورتكين الديلمى

- ‌ذكر عود محمد بن رائق الى بغداد وولايته إمرة الأمراء

- ‌ذكر وزارة أبى عبد الله البريدى

- ‌ذكر استيلاء البريدى على بغداد وإصعاد المتقى لله إلى الموصل

- ‌ذكر قتل ابن رائق وولاية ابن حمدان إمرة الأمراء

- ‌ذكر عود المتقى لله الى بغداد وهرب البريدى عنها

- ‌ذكر الحرب بين ابن حمدان والبريدى

- ‌ذكر ما اتفق لسيف الدولة بواسط ورجوع ناصر الدولة إلى الموصل

- ‌ذكر حال الأتراك بعد إصعاد سيف الدولة من واسط

- ‌ذكر عود سيف الدولة الى بغداد وهربه منها

- ‌ذكر امارة توزون

- ‌ذكر الوحشة بين المتقى وتوزون

- ‌ذكر مسير المتقى لله الى الموصل

- ‌ذكر قتل أبى يوسف البريدى

- ‌ذكر وفاة أبى عبد الله البريدى ومن قام بعده بالأمر

- ‌ذكر ما كان من أمر المتقى لله إلى أن خلع وسمل

- ‌ذكر خلافة المستكفى بالله

- ‌ذكر وفاة توزون وامارة ابن شيرزاد

- ‌ذكر استيلاء معز الدولة بن بويه على بغداد

- ‌ذكر خلع المستكفى بالله وسمله

- ‌ذكر خلافة المطيع لله

- ‌ذكر اعادة القرامطة الحجر الأسود

- ‌ذكر ظهور المستجير بالله

- ‌ذكر ضمان الحسبة والقضاء والشرطة ببغداد

- ‌ذكر استيلاء الروم على عين زربة وما حولها من الحصون

- ‌ذكر استيلاء الروم على المصيصة وطرسوس

- ‌ذكر البيعة لمحمد بن المستكفى وما كان من أمره

- ‌ذكر ما فعله الروم بالشام والجزيرة

- ‌ذكر ملك الروم مدينة أنطاكية

- ‌ذكر ملك الروم ملازكرد

- ‌ذكر مقتل ملك الروم نقفور

- ‌ذكر الفتنة ببغداد ومصادرة الخليفة المطيع لله

- ‌ذكر خلع المطيع لله نفسه من الخلافة وخلافة ابنه الطائع لله

- ‌ذكر خلافة الطائع لله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام خلافته

- ‌ذكر القبض على الطائع وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة القادر بالله

- ‌ذكر تسليم الطائع لله الى القادر

- ‌ذكر البيعة لولى العهد

- ‌ذكر الفتنة بمكة

- ‌ذكر البيعة لولى العهد

- ‌ذكر ملك الروم مدينة الرها

- ‌ذكر وفاة القادر بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة القائم بأمر الله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام القائم

- ‌ذكر أخبار أبى الحارث أرسلان البساسيرى

- ‌ذكر استيلاء أبى الحارث البساسيرى على العراق

- ‌ذكر مقتل رئيس الرؤساء وعميد العراق

- ‌ذكر عود الخليفة القائم بأمر الله الى بغداد وخروج البساسيرى منها وقتله

- ‌ذكر غرق بغداد

- ‌ذكر وفاة القائم بأمر الله وشىء من سيرته

- ‌ذكر خلافة المقتدى بأمر الله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام المقتدى

- ‌ذكر الفتنة ببغداد بين الشافعية والحنابلة

- ‌ذكر مسير الشيخ أبى اسحاق برسالة الخليفة

- ‌ذكر عزل عميد الدولة عن الوزارة وميسر والده إلى ديار بكر

- ‌ذكر وفاة المقتدى بأمر الله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المستظهر بالله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام المستظهر بالله

- ‌ذكر وفاة المستظهر بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المسترشد بالله

- ‌ذكر هرب الأمير أبى الحسن أخى المسترشد بالله وعوده

- ‌ذكر ظهور قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

- ‌ذكر مسير المسترشد بالله لحرب دبيس بن صدقة

- ‌ذكر الاختلاف الواقع بين الخليفة المسترشد بالله وبين السلطان محمود:

- ‌ذكر حصار الخليفة المسترشد بالله الموصل

- ‌ذكر مسير المسترشد بالله لحرب السلطان مسعود بن محمد وأسره

- ‌ذكر مقتل المسترشد بالله

- ‌ذكر خلافة الراشد بالله

- ‌ذكر الحرب بين عسكر الخليفة الراشد بالله وعسكر السلطان مسعود

- ‌ذكر مسير الراشد بالله إلى الموصل وخلعه

- ‌ذكر خلافة المقتفى لأمر الله

- ‌ذكر تفويض أمور الدولة والوزارة

- ‌ذكر حصر تكريت وعود عسكر الخليفة عنها وأسر ابن الوزير

- ‌ذكر حصار تكريت ووقعة بكمزا

- ‌ذكر وفاة المقتفى لأمر الله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المستنجد بالله

- ‌ذكر ملك الخليفة قلعة الماهكى

- ‌ذكر اجلاء بنى أسد من العراق

- ‌ذكر وفاة المستنجد بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المستضىء بأمر الله

- ‌ذكر مقتل الوزير أبى جعفر بن محمد المعروف بابن البلدى

- ‌ذكر هرب قطب الدين قايماز/ من بغداد وعود عضد الدين إلى الوزارة

- ‌ذكر فتنة ببغداد وهدم بيعة اليهود

- ‌ذكر وفاة المستضىء بأمر الله

- ‌ذكر خلافة الناصر لدين الله

- ‌ذكر القبض على ابن العطار وموته

- ‌ذكر انهزام عسكر الخليفة من طغرل

- ‌ذكر ملك الخليفة خوزستان

- ‌ذكر ملك الوزير همذان وغيرها من بلاد العجم

- ‌ذكر ملك عسكر الخليفة أصفهان

- ‌ذكر وفاة الناصر لدين الله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة الظاهر بأمر الله

- ‌ذكر خلافة المستنصر بالله

- ‌ذكر خلافة المستعصم بالله

- ‌ذكر مقتل المستعصم بالله وانقراض الدولة العباسية واستيلاء هولاكو على بغداد

- ‌جامع أخبار خلفاء الدولة العباسية بالعراق ومن ولى منهم ومدة خلافتهم

- ‌ذكر خلافة المستنصر بالله

- ‌ذكر مسير الخليفة المستنصر بالله إلى بلاد الشرق وقتله

- ‌ذكر خلافة الحاكم بأمر الله

- ‌ذكر خلافة المستكفى بالله

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار الدولة الأموية ببلاد الأندلس

- ‌وأول من ملك بلاد الأندلس من بنى أمية أبو المظفر عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان

- ‌ذكر مقتل عبد الرحمن بن يوسف الفهرى

- ‌ذكر خروج العلاء وقتله

- ‌ذكر خروج سعيد اليحصبى المعروف بالمطرى وقتله

- ‌ذكر عصيان أهل اشبيلية على الأمير عبد الرحمن

- ‌ذكر عبور الصقلبى الى الأندلس وما كان من أمره إلى أن نتل

- ‌ذكر مخالفة أبى الأسود محمد بن يوسف الفهرى

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن وصفته وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر امارة هشام

- ‌ذكر خروج سليمان وعبد الله ابنى عبد الرحمن على أخيهما هشام

- ‌ذكر خروج جماعة أخر على الأمير هشام

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر فتنة تاكرتا

- ‌ذكر وفاة هشام بن عبد الرحمن وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر امارة الحكم بن هشام الملقب بالمرتضى

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر خلاف بهلول بن مرزوق وغيره

- ‌ذكر مسير سليمان بن عبد الرحمن لقتال ابن أخيه الحكم وقتل سليمان

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على برشلونة

- ‌ذكر الاتفاق بين الحكم وبين عمه عبد الله البلنسى

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على مدينة تطيله

- ‌ذكر ايقاع الحكم بأهل قرطبة

- ‌ذكر ايفاع الحكم بأهل طليطلة وهى وقعة الحفرة

- ‌ذكر عصيان أهل ماردة على الحكم وما فعله بأهل قرطبة

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر عصيان حزم على الحكم

- ‌ذكر عودة أهل ماردة الى العصيان وغزو الحكم بلاد الفرنج

- ‌ذكر وقعة الربض بقرطبة

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر غزو البربر بناحية مورور

- ‌ذكر وفاة الحكم

- ‌ذكر امارة عبد الرحمن بن الحكم

- ‌ذكر ايقاع عبد الرحمن بأهل إلبيرة وجندها

- ‌ذكر محاصرة طليطلة وفتحها

- ‌ذكر الحرب بين موسى بن موسى والحارث بن بزيع وما كان من أمره

- ‌ذكر خروج المشركين الى بلاد الاسلام بالأندلس

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن وشىء من أخباره

- ‌ذكر امارة محمد بن عبد الرحمن المنعوت بالأمين

- ‌ذكر الحرب بين المسلمين والفرنج

- ‌ذكر خروج المجوس إلى بلاد الإسلام بالأندلس

- ‌ذكر وفاة الأمير محمد بن عبد الرحمن

- ‌ذكر امارة المنذر بن محمد

- ‌ذكر امارة عبد الله بن محمد

- ‌ذكر امارة عبد الرحمن بن محمد

- ‌ذكر امارة الحكم المستنصر بالله

- ‌ذكر امارة هشام المؤيد بالله

- ‌ذكر أخبار المنصور محمد بن أبى عامر

- ‌ذكر المظفر أبو مروان عبد الملك

- ‌ذكر امارة محمد المهدى

- ‌ذكر أخبار شنشول ومقتله

- ‌ذكر قيام هشام بن سليمان

- ‌ذكر قيام سليمان بن الحكم المستعين بالله

- ‌ذكر دولة المهدى محمد الثانية

- ‌ذكر دولة المؤبد هشام الثانية

- ‌ذكر دولة المستعين بالله الثانية

- ‌ذكر امارة الناصر على بن حمود

- ‌ذكر ولاية المأمون القاسم بن حمود بن ميمون الفاطمىّ

- ‌ذكر ولاية المعتلى يحيى بن على

- ‌ذكر عود الدولة الأموية بمدينة قرطبة ومن ولى منهم

- ‌(أ) ذكر امارة المستظهر بالله

- ‌(ب) ذكر امارة المستكفى بالله

- ‌(ج) ذكر ولاية المعتمد على الله

- ‌ذكر أخبار الأندلس ومن ملكها بعد انقطاع الدعوة الأموية

- ‌ذكر ولاية أبى الوليد محمد بن جهور

- ‌ذكر أخبار مدينة طليطلة

- ‌ذكر ولاية المأمون يحيى بن اسماعيل

- ‌ذكر أخبار دولة بنى عباد

- ‌ذكر أخبار خلف الحصرى

- ‌ذكر ولاية أبى عمرو عباد بن محمد

- ‌ذكر ولاية المعتمد على الله

- ‌ذكر وقعة الزلاقة

- ‌ذكر انقراض الدولة العبادية

- ‌[ذكر ممالك الأندلس الأخرى]

- ‌ثبت بأسماء المراجع العربية المذكورة فى الحواشى

- ‌فهرس الجزء الثالث والعشرين

الفصل: ‌ذكر ولاية أبى عمرو عباد بن محمد

ابن حمّود بمدينة مالقه، والرابع إدريس بن يحيى بن على بشنترين «1» .

/وأقام المدّعى أنه هشام بن الحكم نيّفا وعشرين سنة والقاضى محمد ابن إسماعيل فى رتبة الوزير بين يديه، والأمر إليه. وقد استقام لمحمد أكثر بلاد الأندلس، ودفع به كلام الحسّاد وأهل العناد، إلى أن توفى هشام المذكور. فاستبد القاضى بالأمر بعده وملك أكثر مدن الأندلس وحصونها. ولم ينتقل عن مدينة إشبيلية بل جعلها دار ملكه، واستقامت له الأمور، وأطاعته المدن والثغور، واجتهد فى جهاد الفرنج. وكان له فى ذلك القدم المشهور، ومات محمد فى عشر الخمسين وأربعمائة، وولى بعده ابنه عباد.

‌ذكر ولاية أبى عمرو عباد بن محمد

ولى بعد أبيه وتلقّب المعتضد بالله، وكان فيه كرم وبأس.

فطابت أيامه، وحسنت أفعاله، واستقامت له الأحوال، ورفعت له من بلاد الأندلس الأموال. قال «2» : واتفق له واقعة غريبة فى سنة سبع وأربعين وأربعمائة، وهى أنه شرب ليلة مع رجاله وندمائه فلما عملت فيه الخمر صرفهم وخرج فى الليل ومعه رجل واحد من عبيده.

وسار نحو قرمونة وهى [تبعد]«3» عن مدينة إشبيلية ثمانية عشر ميلا، وكان صاحب قرمونة إسحاق بن سليمان البرزالى وقد/ جرت بينه وبينه حروب.

ص: 448

فسار عبّاد حتى أتى قرمونة، وكان إسحاق تلك الليلة فى جماعة من أهل بيته يشربون، فدخل عليه بعض خدّامه فقال: إن صاحب الحرس ذكر أنّ المعتضد عبّادا قائم على باب المدينة ليس معه إلا رجل واحد وهو يستأذن عليك! فعجب القوم من ذلك غاية العجب، وخرج إسحاق ومن عنده إلى باب المدينة فسلّم على عبّاد وأدخله إلى القصر، وأمر بتجديد الطعام والشراب. فلما شرع فى الأكل تذكر ما فعل فسقط فى يده ولم يطق أن يسفه، وندم على ما صنع لما يعلم بينه وبين برزال من الحرب وسفك الدماء، فأظهر التجلّد والانشراح ثم قال لإسحاق:

أريد أن أنام! فرفعه على الفراش، فأراهم عبّاد أنه نائم، فقال بعض القوم لبعض: هذا كبش سمين حصل لكم، والله لو أنفقتم عليه ملك الأندلس ما قدرتم على حصوله فى أيديكم، وهو شيطان الأندلس وإذا قتل خلصت لكم البلاد! فقام معاذ بن أبى قرّة وكان من كبرائهم فقال: والله لا فعلنا هذا ولا رضينا به، رجل قصدنا ونزل بنا، ولو علم أنّا نرضى فيه بقبيح لما أتانا مستأمنا إلينا، كيف تتحدث القبائل عنّا أننا قتلنا ضيفنا وخفرنا ذمّتنا، فعلى من يرضى هذا لعنة الله! وهو يسمع فنزل عن السرير فقام القوم بأجمعهم/ فقبّلوا رأسه وجددوا السلام عليه فقال لحاجبه: أين نحن؟ قال: فى منزلك وبين أهلك وإخوانك! قال: ائتونى بدواة وقرطاس.

فأتوه بهما، فكتب أسماء القوم، وكتب لكلّ واحد بخلعة ودنانير وأفراس وعبيد وجوار، وأمر أن يرسل كلّ واحد منهم رسولا ليقبض

ص: 449

ذلك. ثم ركب وخرج القوم يشيّعونه إلى قرب إشبيلية، فصرفهم ودخل. وأرسلوا من قبض لهم ما كتب به، ثم أغفلهم ستّة أشهر وكتب إليهم بستدعيهم لوليمة، فجاءه سبعون رجلا منهم فأنزلهم عند رجاله، وأنزل معاذا عنده. وأمر بهم فأدخلوا حماما، وبنى عليهم بابه، فماتوا جميعا، فعزّ ذلك على معاذ بن أبى قرة فقال له عبّاد:

لا ترع فإنهم قد حضرت آجالهم وقد أرادوا قتلى، ولولاك ما كنت ناجيا منهم، وإنما جعل الله صيانه دمى بك، فإن أردت الرجوع إلى بلدك رددتك على أجمل الوجوه وأحسنها وأسرّها! فقال له معاذ:

بأىّ وجه أرجع أنا دونهم؟

فأمر له المعتضد بألف دينارة وعشرة أفراس وثلاثين جارية وعشرة أعبد، وأنزله فى قصر من أعظم قصوره، وأقطعه فى كلّ عام اثنى عشر ألف دينار، وكان ينفذ إليه فى كل يوم التّحف والطرف. ولم يكن يحضر مجلسه أحد قبله/ إلى أن مات عبّاد فأوصى ولده بمعاذ وقال: يا بنى احفظنى فيه! فجرى فيه على عاده أبيه، ودام بإشليية حتى انقرضت دولة بنى عبّاد.

قال بعض أهل إشبيلية: رأيت معاذ بن أبى قرة يوم دخل يوسف بن تاشفين إشبيلية أوّل النهار وعليه ثوب ديباج مخرطم بالذهب وأمامه نحو من ثلاثين عبدا، ورأيته آخر النهار عليه مليس «1» مشتمل به فسبحان من لا يزول ملكه، نسأل الله تعالى أن لا يسلبنا ثوب نعمة أنعمها علينا بمنّه وكرمه.

ص: 450

وفى أيام عبّاد توفى الإمام الحافظ أبو محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن سعدان بن سفيان بن يزيد الفارسى مولى يزيد بن أبى سفيان بن حرب بن أمية. أصل آبائه من قرية منت ليسم من عمل الولبة «1» من كور غرب الأندلس، وسكن هو وآباؤه قرطبة ونالوا بها جاها عريضا ومالا وممدودا. وولّى ابن أبى عامر جدّه سعيدا الوزارة، وولى أبو محمد هذا الوزارة فى أيام المستظهر بالله عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار الأموى. وكان مولده يوم الأربعاء سلخ شهر رمضان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، ووفاته فى سلخ شعبان سنة سبع وخمسين وأربعمائة، وكانت مدة حياته اثنتين وسبعين سنة وأحد عشر شهرا. وله كثير من لصنّفات،/ ذكر أنه اجتمع مع الإمام أبى الوليد سليمان بن خلف بن سعيد بن أيوب الباجى صاحب التواليف- وقيل بل الفقيه إبراهيم الخفاجى- فجرت بينهما مناظرة، فلما انقضت قال الفقيه أبو الوليد: تعذرنى فإن أكثر مطالعتى كانت على سرج الحرّاس! فقال له ابن حزم:

وتعذرنى أيضا فإن أكثر مطالعتى كانت على منابر الذهب والفضة! «2» وفى سنة ستين وأربعمائة توفى المعتضد بالله عبّاد بن محمد، وحكى أنه استحضر مغنيا يغنيه ليجعل أوّل ما يبدأ به فألا فكان أول شعر قاله:

نطوى الليالى علما أن ستطوينا

فشعشعينا بماء المزن واسقينا

ص: 451