الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأربعون سنة. وكان أبيض حسن الوجه قد وخطه الشيب، ولقّب نفسه فى آخر سنة ثلاث وثلاثين إمام الحق، ونقشه على الدنانير والدراهم وقد تقدم ذكر ذلك، وكان نقش خاتمه «المستكفى بالله» .
وزراؤه: محمد بن على السامرى وهو آخر من دعى بالوزارة، ثم استكتب أحمد بن عبد الرحمن الشيرازى. قضاته فى الجانبين:
أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق الخرقى وقلّد محمد بن أبى الحسن بن أبى الشوارب [الجانب]«1» الشرقىّ والمدينة ثم صرفه عن الشرقى بأبى الطّاهر محمد بن أحمد بن نصر، وعن المدينة بأبى السّائب عتبة بن عبد الله الهمدانى، ثم جمع لعتبة الجانبين بعد وفاة ابن أبى موسى، وجعل المدينة إلى محمد بن صالح بن شيبان الكوفى الهاشمى. حاجبه: أحمد بن خاقان. الأمير بمصر: الإخشيد بن طغج.
القضاة بها: الحسين بن عيسى بن هارون، ثم الوليد من قبل المستكفى.
ذكر خلافة المطيع لله
هو أبو القاسم الفضل وقيل أبو العباس بن المقتدر بالله/ أبى الفضل جعفر بن المعتضد بالله أبى العباس أحمد، وأمّه أم ولد اسمها مشعلة، وهو الخليفة الثالث والعشرون من الخلفاء العباسيين بويع له يوم خلع المستكفى، وهو يوم الخميس لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، وكان مستترا كما قد مناه من
أول خلافة المستكفى بالله. فلما قدم معزّ الدّولة إلى بغداد قيل إن المطيع انتقل إليه واستتر عنده وأغراه بالمستكفى بالله حتى قبض عليه وسمله، وبويع للمطيع بالله ولقب بهذا اللقب، وحضر المستكفى عنده فسلم عليه بالخلافة وأشهد على نفسه بالخلع.
وزاد أمر الخلافة إدبارا ولم يبق لهم من الأمر شىء ألبتّة، وقد كانوا يراجعون قبل ذلك والحرمة قائمة بعض شىء، فلما كان فى أيام معزّ الدولة زال ذلك جميعه بحيث إن الخليفة لم يبق له وزير، إنما كان له كاتب يدير إقطاعه وأخراجاته لا غير. وصارت الوزارة إلى معز الدولة يستوزر لنفسه من يريد، وكان الديلم يغالون فى التشيع «1» ويعتقدون أن بنى العباس قد غصبوا الخلافة وأخذوها من مستحقّيها فلم يكن باعث دينى يحثهم على الطاعة حتى قيل إنّ معز الدولة قصد إخراج الأمر عن بنى العباس والبيعة للمعتز لدين الله العلوى أو لغيره/ من العلويين.
واستشار جماعة من خواصّ أصحابه فكلّهم أشار عليه بذلك إلا بعض خواصّه، فإنه قال: ليس هذا برأى فإنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة ولو أمرتهم بقتله لقتلوه مستحلّين دمه، ومتى أجلست بعض العلويين خليفة كان معك من تعتقد أنت وأصحابك صحة خلافته ولو أمرتهم بقتله لقتلوك! فأعرض عن ذلك.
ومن حيث استقل معزّ الدّولة بالأمر اختصرنا الأخبار فى أيام
الخلفاء، ونذكر ذلك فى أخبار الدّولة البويهية وغيرها من الدول؛ فإن الأمر والنّهى صار لهم دون الخلفاء، ولم يبق للخليفة من الأمر شىء إلا ما أقطعه له معزّ الدّولة ما يقوم ببعض حاجته. فالذى نذكره الآن فى أيام الخلفاء بنى العباس ما يتعلق بحال الخليفة وأتباعه وأقاربه ومن خرج عليه من أهل بيته، وننبه على ابتداء دول الملوك وانقراضها ونحيل عليها فى موضعها الذى تشرح فيه، ونذكر أيضا فى أيام الخلفاء ما غلب عليه الروم والفرنج من البلاد الإسلامية وما وقع من الحوادث العامة كالزلازل العظيمة والسيول، وما يناسب ذلك على ما يراه المطالع فى مواضعه إن شاء الله تعالى.
/ وفى هذه السنة توفى القائم بن المهدى صاحب إفريقية والمغرب، وولى بعده ابنه المنصور.
وفيها توفى الإخشيد صاحب مصر والشام وولى بعده ابنه أبو القاسم ودبر الأمر كافور الخادم بمصر «1» ، واستولى سيف الدولة بن حمدان على دمشق.
وفيها اشتدّ الغلاء ببغداد حتى أكل الناس الميتة والكلاب والسنانير، وأخذ بعضهم ومعه صبىّ قد شواه ليأكله، وأعقبه وباء حتى عجز النّاس عن دفن موتاهم فكانت الكلاب تأكل الناس والناس تأكل الكلاب.
قال أبو الفرج بن الجوزى «1» : وفى هذه السنة كثر القمل برستاق اليمن الكبرى «2» حتى يئس الناس من غلاتهم فانحط من الطير طائر يزيد على جرم العصفور، فكان الطائر يعلو على شجرة فيصفر فتطير الطير أفواجا، فينحطّ كلّ فوج منها على ضيعة فيلقط القمل حتى فنى! ودخلت سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة. فى هذه السنة كان الفداء بين المسلمين والروم على يد نصر الثملى «3» أمير الثغور لسيف الدولة، وكان عدّة الأسرى ألفين وأربعمائة أسير وثمانين أسيرا.
وفى سنة ستّ وثلاثين وثلاثمائة استولى معزّ الدولة بن بويه على البصرة وهرب أبو القاسم بن أبى عبد الله البريدى منها إلى هجر إلى القرامطة، ثم/ استأمن بعد ذلك، ووصل إلى بغداد فى سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة فأحسن إليه وأقطعه.
وفى سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ملك الروم مرعش من سيف الدولة بن حمدان، وكان قد قاتلهم فهزموه.
وفى سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة كانت وفاة عماد الدولة أبى الحسن على بن بويه بمدينة شيراز «4» .