الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسلم وذمام العربية. قال: أذم الله تعالى! قال: ولى ولمن معه؟
/ قال نعم! وخلع قلنسوته وأعطاها الخليفة، وأعطى رئيس الرؤساء ذماما. فنزل إليه الخليفة ورئيس الرؤساء وسارا معه فأرسل إليه اليساسيرى: أتخالف ما استقر بيننا وتنقض ما تعاهدنا عليه؟ «1» فقال قريش: لا! وكانا قد تعاهدا على المشاركة فى الذى يحصل لهما وأن لا يستبدّ أحدهما دون الآخر بشىء، فاتفقا على أن يسلّم قريش رئيس الرؤساء إلى البساسيرى لأنه عدوّه ويترك الخليفة عنده!
ذكر مقتل رئيس الرؤساء وعميد العراق
قال «2» ولما أرسل قريش رئيس الرؤساء إلى البساسيرى قال له: مرحبا بمهلك الدول ومخرّب البلاد! فقال: العفو عند المقدرة! فقال له المبساسيرى: قدرت فما عفوت وأنت صاحب طيلسان، وركبت الأفعال الشنيعة مع حرمى وأطفالى، فكيف أعفو أنا وأنا صاحب السيف؟ وأمر به فحبس إلى آخر ذى الحجة، ثم أخرجه من محبسه مقيدا وعليه جبة صوف وطرطور من لبد أحمر وفى رقبته- مخنّقة/ [جلد بعير]«3» وهو يقرأ «قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ
تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ»
الآية.. «1» وطيف به محالّ بغداد وهو على جمل ووراءه من يصفعه.
فلما اجتاز بالكرخ بصق أهل الكرخ فى وجهه لأنه كان يتعصّب عليهم! وجىء به إلى البساسيرى وقد نصبت له خشبة فأنزل من على الجمل وألبس جلد ثور قد سلخ فى ذلك اليوم، وجعلت قرونه على رأسه وعلّق بكلوبين من حديد، فلم يزل يضطرب إلى آخر النهار ومات، فقال بعض الشعراء فى هذه الواقعة:
أقبلت الرّايات مبيضّة
…
يقدمهنّ الأسد الباسل
وولت السوداء منكوسة
…
ليس لها من ذلّة سائل
انظر إلى الباغى على جدعه
…
والدّم من أوداجه سائل
يعنى رئيس الرؤساء، قال: ودخل البساسيرى داره ونهب ما فيها وشهر حرمه وأمر بنقض داره وقال عند ذلك: فواحدة بواحدة جزاء! قال «2» : وكان رئيس الرؤساء حسن التّلاوة جيّد المعرفة بالنّحو.
وقتل البساسيرىّ عميد العراق وكان فيه شجاعة وله فتوة، وهو الذى بنى رباط شيخ الشيوخ. وأما الخليفة فإن قريشا نقله إلى معسكره/ راكبا وعليه السّواد والبردة وبيده السيف وعلى رأسه اللواء وأنزله فى خيمة، وأخذ أرسلان خاتون ابنة أخى السلطان طغرلبك فسلّمها إلى أبى عبد الله بن جردة ليقوم بخدمتها.
ونهبت دار الخلافة وحريمها أياما، ثم سلّم قريش الخليفة إلى ابن عمّه مهارش بن المجلّى «1» وهو رجل فيه دين وله مروءة فحمله فى هودج وسار به إلى حديثة عانة «2» فنزل بها، ولما وصل إلى الأنبار شكا البرد، فأنفذ إلى مقدمها يطلب منه شيئا يلبسه فأرسل إليه جبة فيها قطن ولحافا.
قال «3» وركب البساسيرى يوم عيد النّحر وعبر إلى المصلى بالجانب الشرقى وعلى رأسه الألوية المصرية، فأحسن إلى الناس وأجرى الجرايات على المتفقّهة ولم يتعصب لمذهب، وأقام بالعراق إلى ذى القعدة سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
واشتغل السلطان طغرلبك فى هذا لمدّة بأمر أخيه إبراهيم حتى ظفر به وقتله، ومات أخوه داود بخراسان فاحتاج طغرلبك إلى المقام حتى قرّر القواعد بعده لإلب أرسلان ابن أخيه داود «4» ثم عاد إلى العراق