الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ملك عسكر الخليفة أصفهان
وفى سنة إحدى وتسعين جهّز الخليفة جيشا وسيّره إلى إصفهان، ومقدم الجيش سيف الدين طغرل فقطع بلد [اللحف]«1» من العراق، وكان بإصفهان عسكر الخوارزم شاه مع ولده، وأهل إصفهان يكرهونهم. فكاتب صدر الدين الخجندى رئيس الشافعية الديوان العزيز ببغداد يبذل من نفسه تسليم البلد إلى من يصل إلى الديوان العزيز بالعسّكر. فلما وصلت العساكر ظاهر إصفهان فارقها العسكر الخوارزمى إلى خراسان وتبعهم عسكرا لخليفة، فأخذوا من قدروا عليه من ساقة العسكر، ودخل عسكر الخليفة إلى/ إصفهان وملكوها.
قال «2» : واجتمع مماليك ابن البهلوان وقدّموا على أنفسهم كوكجه وهو من أعيان البهلوانية، واستولوا على الرّىّ وما حولها من البلاد، وساروا إلى إصفهان لإخراج الخوارزمية منها، فسمعوا بوصول عسكر الخليفة إليها. فأرسل إلى طغرل مملوك الخليفة يعرض نفسه على خدمة الديوان وأظهر العبودية وأنه إنما قصد إصفهان فى طلب العسكر الخوارزمى، وأنه ساق فى طلبهم فلم يدركهم.
قال «3» : ثم سار عسكر الخليفة من إصفان إلى همذان، وساق كوكجه خلف العسكر الخوارزمى إلى بلاد الإسماعيلية، وعاد فقصد
إصفهان وملكها. فأرسل إلى بغداد يسأل أن تكون له الرى وجواره «1» وساوة «2» وقم وقاجان وما ينضم إليها، وتكون إصفهان وهمذان وزنجان وقزوين لديوان الخليفة. فأجيب إلى ذلك، وكتب منشوره بما طلب، وأرسلت إليه الخلع، فعظم شأنه وقوى أمره وكثرت عساكره.
وفى سنة إحدى وستمائة يوم الجمعة رابع عشر جمادى الآخرة قطعت خطبة ولىّ العهد أبى نصر بن الخليفة الناصر لدين الله، وذلك أنه أظهر خطّه بدار الوزير نصير الدين الرازى إلى أبيه يتضمن العجز عن القيام بولاية العهد، ويطلب الإقالة، وشهد عدلان أنه/ خطه وأن الخليفة أقاله، وعمل بذلك محضر شهد فيه القضاة والعلماء والعدول والفقهاء.
وفى سنة أربع وستمائة عزل وزير الخليفة نصير الدين ناصر ابن مهدى العلوى، وكان من أهل الدين. قدم إلى بغداد لما ملك الوزير ابن القصّاب الرّىّ، فلقى نصير الدين من الخليفة قبولا فجعله نائب الوزارة، ثم استوزره وجعل ابنه صاحب المخزن.
فلما كان فى الثانى والعشرين من جمادى الآخرة، عزل وأغلق بابه.
وسبب عزله أنه ساعات سيرته مع أكابر مماليك الخليفة حتى هرب
من يده أمير الحج مظفر الدين سنقر المعروف بوجه السبع إلى الشام فى سنة ثلاث وستمائة وكتب إلى الخليفة أن هذا الوزير لا يبقى فى خدمة الخليفة أحدا من مماليكه، ولا شك أنه يريد أن يدّعى الخلافة، وأكثر النّاس القول فى ذلك وقالوا فيه الشعر، فمنه قول بعضهم:
ألا مبلغ عنّى الخليفة أحمدا
…
توقّ وقيت السّوء ما أنت صانع
وزيرك هذا بين أمرين فيهما
…
فعالك يا خير البريّة ضائغ
فإن كان حقّا من سلالة أحمد
…
فهذا وزير فى الخلافة طامع
وان كان فيما يدّعى غير صادق
…
فأضيع ما كانت لديه الصّنائع
فعزله، وقيل فى سبب عزله غير ذلك. ولما عزل عاد أمير الحج/ من مصر وعاد قشتمر، وأقيم فى نيابة الوزارة فخر الدين أبو المنذر «1» محمد بن أمسنا الواسطى إلا أنه لم يكن متحكما.
وفيها أطلق الخليفة جميع حقّ البيع، وما يؤخذ من أرباب الأمتعة من المكوس من سائر المبيعات، وكان مبلغا كبيرا. وسبب ذلك أن ابنة عز الدين نجاح الشرابى توفيت فاشترى بقرة لتذبح ويتصدق بلحمها، فرفعوا فى حسابها مؤونة البقرة- وكانت كثيرة- فوقف الخليفة على ذلك، فأمر بإطلاق المؤونة جميعا.
وفيها فى شهر رمضان أمر الخليفة ببناء دور بمحال بغداد يفطر فيها الفقراء وسمّيت دور الخلافة.