الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وينصف المظلوم. وكان شجاعا مقداما مهيمنا وكان يقرّب الفقهاء وأهل العلم. وكان له من الأولاد أبو مطرف عبد الرحمن وثمانية عشر ولدا ذكرا. كاتبه: الوزير أبو البسام.
ذكر امارة عبد الرحمن بن الحكم
هو أبو المطرف وقيل أبو المظفر عبد الرحمن بن الحكم بن هشام ابن عبد الرحمن الداخل، وأمه أم ولد يقال لها حلاوة، وهو الرابع من ملوك بنى أمية بالأندلس. بويع له بعد وفاة أبيه فى يوم/ الخميس لأربع بقين من ذى الحجة سنة ستّ ومائتين وذلك فى خلافة المأمون بن الرشيد العباسى.
قال «1» : ولما ولى خرج عليه عمّ أبيه عبد الله البلنسى- من بلنسية- وطمع فى الملك، فوصل إلى تدمير يريد قرطبة، فتجهز له عبد الرحمن، فلما بلغ ذلك عبد الله خاف وضعفت نفسه فرجع إلى بلنسية.
ذكر ايقاع عبد الرحمن بأهل إلبيرة وجندها
كان ذلك فى سنة سبع ومائتين وسبب ذلك أن الحكم كان قد بلغه عن عامل اسمه ربيع أنه ظلم أبناء أهل الذمة فقبض عليه وصلبه، فلما توفى الحكم وولى ولده عبد الرحمن وسمع النّاس بصلب ربيع أقبلوا إلى قرطبة من النواحى يطلبون الأموال التى كان ظلمهم ربيع فيها ظنّا منهم أنها ستردّ إليهم. وكان جند إلبيرة
أشدّهم وأكثرهم طلبا وأشدهم إلحاحا وتألبا، فأرسل عبد الرحمن من يسكنهم، فلم يقبلوا ودفعوا من أتاهم، فخرج إليهم جمع من الجند من أصحاب عبد الرحمن فقاتلوهم فانهزم جند إلبيرة ومن معهم وقتلوا قتلا ذريعا، ونجا من بقى منهم، وأدركهم الطلب فقتل كثيرا منهم.
وفيها ثارت بمدينة تدمير فتنة بين المضريّة واليمانية فاقتتلوا بلورقة «1» فكان بينهم وقعة تعرف بيوم المصابرة قتل بينهم/ ثلاثة آلاف رجل، ودامت الحرب بين الفريقين سبع سنين، ووكل عبد الرحمن بكفّهم ومنعهم يحيى بن عبد الله ابن خالد وسيّره فى جمع من الجيش، فكانوا إذا أحسوا بقرب يحيى افترقوا وتركوا القتال وإذا عاد عنهم رجعوا إلى الفتنة حتى أعياه أمرهم.
وفيها كان بالأندلس مجاعة شيديدة ذهب فيها خلق كثير وبلغ المد فى بعض المدن ثلاثين دنيارا.
وفى سنة ثمان ومائتين جهز عبد الرحمن جيشا إلى بلاد المشركين، واستعمل عليهم عبد الكريم بن عبد الواحد بن مغيث، فساروا إلى بلاد ألية والقلاع فنهبوا بلاد ألبة وخربوها وأحرقوها، وفتحوا حصونا وصالحهم أهل حصون أخر على مال وإطلاق أسرى المسلمين، وذلك فى جمادى الآخرة.
وفيها توفى عبد الله بن عبد الرحمن المعروف بالبلنسى.
وفى سنة عشر ومائتين سيّر عبد الرحمن سريّة كبيرة إلى بلاد الفرنج واستعمل عليهم عبيد الله بن عبد الله البلنسى، فسار ودخل بلادهم وتردّد فيها بالغارات والسّبى والقتل والأسر ولقى جيوش الأعداء فهزمهم وأكثر القتل فيهم، وكان فتحا عظيما.
وفيها افتتح عسكر سيّره عبد الرحمن أيضا حصن القلعة من أرض العدو فى شهر رمضان المبارك.
وفيها أمر ببناء المسجد الجامع بجيان.
وفيها أخذ عبد الرحمن مقدم اليمانية بتدمير/ وهو رجاء بن الشماخ لتسكن الفتنة بين اليمانية والمضرية فلم تسكن ودامت، فأمر العامل بتدمير أن ينتقل منها ويجعل مرسية «1» قاعدة تلك البلاد.
وفى سنة اثنتى عشرة ومائتين سيّر عبد الرحمن جيشا إلى برشلونة من بلاد العدو فأقام الجيش شهرين يحرقون وينهبون.
وفيها كانت ميول عظيمة وأمطار متتابعة، فخربت أكثر أسوار مدن الأندلس وخربت قنطرة سرقسطة، ثم جددت عمارتها وفى سنة ثلاث عشرة ومائتين قتل أهل ماردة عاملهم فثارت
الفتنة عندهم فسيّر إليهم عبد الرحمن جيشا فحصرهم وأفسد زرعهم وأشجارهم فعادوا للطاعة وأعطوا رهائنهم، وعاد الجيش عنهم بعد أن خربوا سور المدينة، ثم أرسل إليهم من ينقل أحجار السور إلى النهر لئلا يطمع أهلها فى عمارته، فلما رأوا ذلك عادوا إلى العصيان وأسروا العامل عليهم وبنوا السور وأتقنوه. فسار عبد الرحمن بجيوشه إليهم فى سنة أربع عشرة ومائتين ومعه رهائن أهلها فراسله أهلها وافتدوا رهائنهم بالعامل الذى أسروه وغيره وحصرهم وأفسد بلدهم ثم رحل عنهم. ثم سيّر إلهم جيشا فى سنة سبع عشرة فحصروها وضيقوا على أهلها، ودام الحصار ثم رحلوا عنهم. وسيّر إليهم جيشا فى سنة ثمانى عشرة ومائتين ففتحها وفارقها أهل الشر والفساد. وكان من أهلها/ رجل اسمه محمود بن عبد الجبار الماردى فى جماعة من الجند، فمضى بمن سلم من أصحابه إلى منت سالوط فسيّر إليه عبد الرحمن جيشا فى سنة عشرين ومائتين فهرب بمن معه إلى جليقية فأرسل سرية فى طلبهم، فقاتلهم محمود وهزمهم وغنم ما معهم، وقتل عدة منهم ثم مضى لوجهه فلقيه جمع من أصحاب عبد الرحمن مصادفة فقاتلوهم، ثم كفّ بعضهم عن بعض وساروا فلقيته سرية أخرى فانهزمت السرية وغنم محمود ما معهم ووصل إلى بلاد المشركين فاستولى على قلعة لهم فأقام بها خمسة أعوام وثلاثة أشهر فحصره أذفونس ملك الفرنج فملك الحصن وقتل محمودا ومن معه وذلك فى سنة خمس وعشرين فى شهر رجب.