المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر قتل الحسين بن منصور الحلاج - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٣

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث والعشرون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الدولة العباسية بالعراق وغيره]

- ‌مقدمة

- ‌ذكر خلافة المكتفى بالله

- ‌ذكر قتل بدر غلام المعتضد بالله

- ‌ذكر وفاة المكتفى بالله

- ‌ذكر خلافة المقتدر بالله

- ‌ذكر خلع المقتدر وولاية ابن المعتز

- ‌ذكر القبض على ابن الفرات ووزارة الخاقانى

- ‌ذكر عزل الخافانى عن الوزارة

- ‌ذكر خروج الحسين بن حمدان

- ‌ذكر وزارة ابن الفرات الثانية

- ‌ذكر أمر يوسف بن أبى الساج

- ‌ذكر عزل ابن الفرات عن الوزارة

- ‌ذكر قتل الحسين بن منصور الحلاج

- ‌ذكر عزل حامد بن العباس

- ‌ذكر القبض على ابن الفرات الوزير وولده المحسن

- ‌ذكر وزارة ابى القاسم الخاقانى

- ‌ذكر مقتل ابن الفرات وولده

- ‌ذكر عزل الخاقانى عن الوزارة ووزارة أبى العباس الخصيبى

- ‌ذكر عزل أبى العباس الخصيبى ووزارة علىّ بن عيسى

- ‌ذكر ابتداء الوحشة بين المقتدر بالله وبين مؤنس

- ‌ذكر عزل على بن عيسى عن الوزارة ووزارة أبى علىّ بن مقلة

- ‌ذكر الحرب بين نازوك وهارون بن غريب الخال واستيحاش مؤنس

- ‌ذكر خلع المقتدر بالله وبيعة القاهرة

- ‌ذكر عود المقتدر بالله الى الخلافة وقتل نازوك وابن حمدان

- ‌ذكر هلاك الرجالة المصافية

- ‌ذكر عزل ابن مقلة ووزارة سليمان

- ‌ذكر خروج صالح والأغر

- ‌ذكر عزل سليمان عن الوزارة

- ‌ذكر عزل الكلوذانى ووزارة الحسين

- ‌ذكر تأكيد الوحشة بين مؤنس والمقتدر

- ‌ذكر مسير مؤنس الى الموصل

- ‌ذكر عزل الحسين عن الوزارة

- ‌ذكر استيلاء مؤنس على الموصل

- ‌ذكر مقتل المقتدر بالله

- ‌ذكر خلافة القاهر بالله

- ‌ذكر خبر عبد الواحد بن المقتدر ومن معه

- ‌ذكر استيحاش مؤنس وأصحابه من القاهر

- ‌ذكر القبض على مؤنس المظفر ويلبق الحاجب وابنه

- ‌ذكر مقتل مؤنس ويلبق وابنه على والنوبختى

- ‌ذكر وزارة أبى جعفر محمد بن القاسم وعزله وولاية الخصيبى

- ‌ذكر القبض على طريف السبكرى

- ‌ذكر خلع القاهر وسمله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة الراضى بالله

- ‌ذكر مقتل هارون بن غريب

- ‌ذكر مقتل ابن الشلمغانى ومذهبه

- ‌ذكر ظهور انسان ادعى النبوة

- ‌ذكر القبض على ابنى ياقوت

- ‌ذكر حال أبى عبد الله محمد البريدى وتقدمه

- ‌ذكر مسير ابن مقلة الى الموصل وما كان بينه وبين ناصر الدولة

- ‌ذكر القبض على الوزير ابن مقلة ووزارة عبد الرحمن بن عيسى وغيره

- ‌ذكر عزل أبى جعفر ووزارة سليمان بن الحسن

- ‌ذكر وزارة الفضل بن جعفر [ابن الفرات]

- ‌ذكر مسير الراضى بالله لحرب البريدى

- ‌ذكر الوحشة بين محمد بن رائق والبريدى والحرب بينهما

- ‌ذكر استيلاء بجكم على الأهواز وخروج ابن البريدى منها

- ‌ذكر استيلاء معز الدولة بن بويه على الأهواز

- ‌ذكر الحرب بين بجكم والبريدى

- ‌ذكر قطع يد ابن مقلة ولسانه

- ‌ذكر استيلاء بحكم على بغداد

- ‌ذكر مسير الراضى بالله وبجكم الى الموصل وظهور ابن رائق ومسيره إلى الشام

- ‌ذكر وزارة أبى عبد الله البريدى

- ‌ذكر وفاة الراضى بالله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المتقى لله

- ‌ذكر مقتل بجكم

- ‌ذكر اصعاد أبى عبد الله البريدى الى بغداد

- ‌ذكر عود البريدى الى واسط هاربا

- ‌ذكر امارة كورتكين الديلمى

- ‌ذكر عود محمد بن رائق الى بغداد وولايته إمرة الأمراء

- ‌ذكر وزارة أبى عبد الله البريدى

- ‌ذكر استيلاء البريدى على بغداد وإصعاد المتقى لله إلى الموصل

- ‌ذكر قتل ابن رائق وولاية ابن حمدان إمرة الأمراء

- ‌ذكر عود المتقى لله الى بغداد وهرب البريدى عنها

- ‌ذكر الحرب بين ابن حمدان والبريدى

- ‌ذكر ما اتفق لسيف الدولة بواسط ورجوع ناصر الدولة إلى الموصل

- ‌ذكر حال الأتراك بعد إصعاد سيف الدولة من واسط

- ‌ذكر عود سيف الدولة الى بغداد وهربه منها

- ‌ذكر امارة توزون

- ‌ذكر الوحشة بين المتقى وتوزون

- ‌ذكر مسير المتقى لله الى الموصل

- ‌ذكر قتل أبى يوسف البريدى

- ‌ذكر وفاة أبى عبد الله البريدى ومن قام بعده بالأمر

- ‌ذكر ما كان من أمر المتقى لله إلى أن خلع وسمل

- ‌ذكر خلافة المستكفى بالله

- ‌ذكر وفاة توزون وامارة ابن شيرزاد

- ‌ذكر استيلاء معز الدولة بن بويه على بغداد

- ‌ذكر خلع المستكفى بالله وسمله

- ‌ذكر خلافة المطيع لله

- ‌ذكر اعادة القرامطة الحجر الأسود

- ‌ذكر ظهور المستجير بالله

- ‌ذكر ضمان الحسبة والقضاء والشرطة ببغداد

- ‌ذكر استيلاء الروم على عين زربة وما حولها من الحصون

- ‌ذكر استيلاء الروم على المصيصة وطرسوس

- ‌ذكر البيعة لمحمد بن المستكفى وما كان من أمره

- ‌ذكر ما فعله الروم بالشام والجزيرة

- ‌ذكر ملك الروم مدينة أنطاكية

- ‌ذكر ملك الروم ملازكرد

- ‌ذكر مقتل ملك الروم نقفور

- ‌ذكر الفتنة ببغداد ومصادرة الخليفة المطيع لله

- ‌ذكر خلع المطيع لله نفسه من الخلافة وخلافة ابنه الطائع لله

- ‌ذكر خلافة الطائع لله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام خلافته

- ‌ذكر القبض على الطائع وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة القادر بالله

- ‌ذكر تسليم الطائع لله الى القادر

- ‌ذكر البيعة لولى العهد

- ‌ذكر الفتنة بمكة

- ‌ذكر البيعة لولى العهد

- ‌ذكر ملك الروم مدينة الرها

- ‌ذكر وفاة القادر بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة القائم بأمر الله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام القائم

- ‌ذكر أخبار أبى الحارث أرسلان البساسيرى

- ‌ذكر استيلاء أبى الحارث البساسيرى على العراق

- ‌ذكر مقتل رئيس الرؤساء وعميد العراق

- ‌ذكر عود الخليفة القائم بأمر الله الى بغداد وخروج البساسيرى منها وقتله

- ‌ذكر غرق بغداد

- ‌ذكر وفاة القائم بأمر الله وشىء من سيرته

- ‌ذكر خلافة المقتدى بأمر الله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام المقتدى

- ‌ذكر الفتنة ببغداد بين الشافعية والحنابلة

- ‌ذكر مسير الشيخ أبى اسحاق برسالة الخليفة

- ‌ذكر عزل عميد الدولة عن الوزارة وميسر والده إلى ديار بكر

- ‌ذكر وفاة المقتدى بأمر الله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المستظهر بالله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام المستظهر بالله

- ‌ذكر وفاة المستظهر بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المسترشد بالله

- ‌ذكر هرب الأمير أبى الحسن أخى المسترشد بالله وعوده

- ‌ذكر ظهور قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

- ‌ذكر مسير المسترشد بالله لحرب دبيس بن صدقة

- ‌ذكر الاختلاف الواقع بين الخليفة المسترشد بالله وبين السلطان محمود:

- ‌ذكر حصار الخليفة المسترشد بالله الموصل

- ‌ذكر مسير المسترشد بالله لحرب السلطان مسعود بن محمد وأسره

- ‌ذكر مقتل المسترشد بالله

- ‌ذكر خلافة الراشد بالله

- ‌ذكر الحرب بين عسكر الخليفة الراشد بالله وعسكر السلطان مسعود

- ‌ذكر مسير الراشد بالله إلى الموصل وخلعه

- ‌ذكر خلافة المقتفى لأمر الله

- ‌ذكر تفويض أمور الدولة والوزارة

- ‌ذكر حصر تكريت وعود عسكر الخليفة عنها وأسر ابن الوزير

- ‌ذكر حصار تكريت ووقعة بكمزا

- ‌ذكر وفاة المقتفى لأمر الله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المستنجد بالله

- ‌ذكر ملك الخليفة قلعة الماهكى

- ‌ذكر اجلاء بنى أسد من العراق

- ‌ذكر وفاة المستنجد بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المستضىء بأمر الله

- ‌ذكر مقتل الوزير أبى جعفر بن محمد المعروف بابن البلدى

- ‌ذكر هرب قطب الدين قايماز/ من بغداد وعود عضد الدين إلى الوزارة

- ‌ذكر فتنة ببغداد وهدم بيعة اليهود

- ‌ذكر وفاة المستضىء بأمر الله

- ‌ذكر خلافة الناصر لدين الله

- ‌ذكر القبض على ابن العطار وموته

- ‌ذكر انهزام عسكر الخليفة من طغرل

- ‌ذكر ملك الخليفة خوزستان

- ‌ذكر ملك الوزير همذان وغيرها من بلاد العجم

- ‌ذكر ملك عسكر الخليفة أصفهان

- ‌ذكر وفاة الناصر لدين الله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة الظاهر بأمر الله

- ‌ذكر خلافة المستنصر بالله

- ‌ذكر خلافة المستعصم بالله

- ‌ذكر مقتل المستعصم بالله وانقراض الدولة العباسية واستيلاء هولاكو على بغداد

- ‌جامع أخبار خلفاء الدولة العباسية بالعراق ومن ولى منهم ومدة خلافتهم

- ‌ذكر خلافة المستنصر بالله

- ‌ذكر مسير الخليفة المستنصر بالله إلى بلاد الشرق وقتله

- ‌ذكر خلافة الحاكم بأمر الله

- ‌ذكر خلافة المستكفى بالله

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار الدولة الأموية ببلاد الأندلس

- ‌وأول من ملك بلاد الأندلس من بنى أمية أبو المظفر عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان

- ‌ذكر مقتل عبد الرحمن بن يوسف الفهرى

- ‌ذكر خروج العلاء وقتله

- ‌ذكر خروج سعيد اليحصبى المعروف بالمطرى وقتله

- ‌ذكر عصيان أهل اشبيلية على الأمير عبد الرحمن

- ‌ذكر عبور الصقلبى الى الأندلس وما كان من أمره إلى أن نتل

- ‌ذكر مخالفة أبى الأسود محمد بن يوسف الفهرى

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن وصفته وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر امارة هشام

- ‌ذكر خروج سليمان وعبد الله ابنى عبد الرحمن على أخيهما هشام

- ‌ذكر خروج جماعة أخر على الأمير هشام

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر فتنة تاكرتا

- ‌ذكر وفاة هشام بن عبد الرحمن وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر امارة الحكم بن هشام الملقب بالمرتضى

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر خلاف بهلول بن مرزوق وغيره

- ‌ذكر مسير سليمان بن عبد الرحمن لقتال ابن أخيه الحكم وقتل سليمان

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على برشلونة

- ‌ذكر الاتفاق بين الحكم وبين عمه عبد الله البلنسى

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على مدينة تطيله

- ‌ذكر ايقاع الحكم بأهل قرطبة

- ‌ذكر ايفاع الحكم بأهل طليطلة وهى وقعة الحفرة

- ‌ذكر عصيان أهل ماردة على الحكم وما فعله بأهل قرطبة

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر عصيان حزم على الحكم

- ‌ذكر عودة أهل ماردة الى العصيان وغزو الحكم بلاد الفرنج

- ‌ذكر وقعة الربض بقرطبة

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر غزو البربر بناحية مورور

- ‌ذكر وفاة الحكم

- ‌ذكر امارة عبد الرحمن بن الحكم

- ‌ذكر ايقاع عبد الرحمن بأهل إلبيرة وجندها

- ‌ذكر محاصرة طليطلة وفتحها

- ‌ذكر الحرب بين موسى بن موسى والحارث بن بزيع وما كان من أمره

- ‌ذكر خروج المشركين الى بلاد الاسلام بالأندلس

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن وشىء من أخباره

- ‌ذكر امارة محمد بن عبد الرحمن المنعوت بالأمين

- ‌ذكر الحرب بين المسلمين والفرنج

- ‌ذكر خروج المجوس إلى بلاد الإسلام بالأندلس

- ‌ذكر وفاة الأمير محمد بن عبد الرحمن

- ‌ذكر امارة المنذر بن محمد

- ‌ذكر امارة عبد الله بن محمد

- ‌ذكر امارة عبد الرحمن بن محمد

- ‌ذكر امارة الحكم المستنصر بالله

- ‌ذكر امارة هشام المؤيد بالله

- ‌ذكر أخبار المنصور محمد بن أبى عامر

- ‌ذكر المظفر أبو مروان عبد الملك

- ‌ذكر امارة محمد المهدى

- ‌ذكر أخبار شنشول ومقتله

- ‌ذكر قيام هشام بن سليمان

- ‌ذكر قيام سليمان بن الحكم المستعين بالله

- ‌ذكر دولة المهدى محمد الثانية

- ‌ذكر دولة المؤبد هشام الثانية

- ‌ذكر دولة المستعين بالله الثانية

- ‌ذكر امارة الناصر على بن حمود

- ‌ذكر ولاية المأمون القاسم بن حمود بن ميمون الفاطمىّ

- ‌ذكر ولاية المعتلى يحيى بن على

- ‌ذكر عود الدولة الأموية بمدينة قرطبة ومن ولى منهم

- ‌(أ) ذكر امارة المستظهر بالله

- ‌(ب) ذكر امارة المستكفى بالله

- ‌(ج) ذكر ولاية المعتمد على الله

- ‌ذكر أخبار الأندلس ومن ملكها بعد انقطاع الدعوة الأموية

- ‌ذكر ولاية أبى الوليد محمد بن جهور

- ‌ذكر أخبار مدينة طليطلة

- ‌ذكر ولاية المأمون يحيى بن اسماعيل

- ‌ذكر أخبار دولة بنى عباد

- ‌ذكر أخبار خلف الحصرى

- ‌ذكر ولاية أبى عمرو عباد بن محمد

- ‌ذكر ولاية المعتمد على الله

- ‌ذكر وقعة الزلاقة

- ‌ذكر انقراض الدولة العبادية

- ‌[ذكر ممالك الأندلس الأخرى]

- ‌ثبت بأسماء المراجع العربية المذكورة فى الحواشى

- ‌فهرس الجزء الثالث والعشرين

الفصل: ‌ذكر قتل الحسين بن منصور الحلاج

وفيها قلّد ابراهيم بن حمدان ديار ربيعة، وحجّ بالناس فى هذه السنة أحمد بن العباس أخو أمّ موسى القهرمانة.

ودخلت سنة ثمان وثلاثمائة: فى هذه السنة خلع المقتدر بالله على أبى الهيجاء عبد الله بن حمدان، وقلّده طريق خراسان والدينور، وخلع على إخوته أبى العلاء وأبى السرايا وفيها توفى ابراهيم بن حمدان فى المحرم، وحجّ بالناس فى هذه السنة أحمد بن العباس.

ودخلت سنة تسع وثلاثمائة:

‌ذكر قتل الحسين بن منصور الحلاج

وشىء من أخباره وفى هذه السنة قتل الحسين بن منصور الحلّاج الصوفى، وأحرق بالنار «1» /وكان ابتداء حاله أنه كان يظهر الزّهد والتصوّف، ويظهر الكرامات ويخرج للناس فاكهة الصيف فى الشتاء وفاكهة الشتاء فى الصيف. ويمدّ يده فى الهواء فيعيدها مملوءة دراهم وعليها مكتوب «قل هو الله أحد» ويسميها دراهم القدرة. ويخبر الناس بما أكلوه وما صنعوه فى بيوتهم، ويتكلم بما فى ضمائرهم. فافتتن به خلق كثير واعتقدوا فيه الحلول، واختلفت فيه اعتقاداتهم؛ فمن قائل إنه حلّ فيه جزء إلهى ويدّعى فيه الربوبية، ومن قائل إنه ولىّ الله تعالى وإنّ الذى

ص: 57

يظهر منه من جملة كرامات الصلحاء، ومن قائل إنه مشعبذ وممخرق وساحر كذاب ومتكهّن وإن الجنّ تطيعه فتأتيه بالفاكهة فى غير أوانها.

وكان قدم من خراسان إلى العراق وسار إلى مكة وأقام بها سنة فى الحجر لا يستظل تحت سقف صيفا ولا شتاء، وكان يصوم الدّهر فإذا جاء وقت العشاء أحضر له القوم كوزا من ماء وقرصا فيشرب وبعض من القرص ثلاث عضات من جوانبها فيأكلها ويترك الباقى فيأخذونه، ولا يأكل شيئا آخر إلى وقت الفطر من الليلة الثانية. وكان شيخ الصوفية يومئذ بمكة عبد الله المغربى فأخذ أصحابه وجاء لزيارة الحلّاج فلم بجده فى الحجر، وقيل قد صعد إلى جبل أبى قبيس، فصعد إليه فوجده على صخرة حافيا/ مكشوف الرأس، والعرق يجرى منه إلى الأرض، فأخذ أصحابه وعاد ولم يكلّمه وقال: هذا يتصيّر على قضاء الله وسوف يبتليه الله بما يعجز عنه صبره وقدرته! وعاد الحسين إلى بغداد.

وأما سبب قتله فإنه نقل عنه عند عوده إلى بغداد إلى الوزير حامد بن العباس أنه أحيا جماعة وأنه يحيى الموتى وأن الجنّ يخدمونه فيحضرون عنده بما يشتهى. وإنّه قدّموه على جماعة من حاشية الخليفة، وإنّ نصرا الحاجب قد مال إليه هو وغيره. فالتمس حامد من المقتدر أن يسلّم إليه الحلاج وأصحابه فدفع عنه نصر الحاجب وألح الوزير فى طلبه، فأمر المقتدر بتسليمه إليه، فأخذ وأخذ معه

ص: 58

إنسان يعرف بالشميرى وغيره- قيل إنهم كانوا يعتقدون أنه إله- فقرّرهم حامد فاعترفوا أنهم قد صحّ عندهم أنه إله وأنه يحيى الموتى، وقابلوا الحلّاج على ذلك. فأنكره وقال: أعوذ بالله أن أدّعى الربوبية والنّبوّة وإنما أنا رجل أعبد الله عز وجل! فأحضر الوزير القاضى أبا عمر والقاضى أبا جعفر بن البهلول وجماعة من وجوه الفقهاء والشهود واستفتاهم فقالوا: لا نفسى فى أمره بشىء إلا أن يصحّ عندنا ما يوجب قتله، ولا يجوز قبول قول من يدّعى عليه ما ادّعاه إلا ببيّنة أو إقرار! وكان حامد يخرج الحلّاج إلى مجلسه ويستنطقه فلا يظهر منه/ ما تكرهه الشريعة، وطال الأمر وحامد مجد له فى أمره، وجرى له معه قصص يطول شرحها. وفى آخرها أن الوزير رأى له كتابا حكى فيه أنّ الإنسان إذا أراد الحج ولم يمكنه أفرد من داره بيتا لا يلحقه شىء من النجاسات ولا يدخله أحد، فإذا حضرت أيام الحج طاف حوله وفعل ما يفعله الحاج بمكة، ثم يجمع ثلاثين يتيما ويعمل أجود طعام يمكنه ويطعمهم فى ذلك البيت ويتولّى خدمتهم بنفسه، فإذا فرغوا كساهم وأعطى كلّ واحد منهم سبعة دراهم، فإذا فعل ذلك كان كمن حج فلما قرىء هذا على الوزير قال القاضى أبو عمر للحلاج: من أين لك هذا؟ قال من كتاب الإخلاص للحسن البصرى. قال له القاضى:

كذبت يا حلال الدم قد سمعناه بمكة وليس فيه هذا. فلما قال له «يا حلال الدم» وسمعها الوزير قال: له: اكتب بهذا رقعة،

ص: 59

فدافعه أبو عمر فألزمه حامد فكتب بإباحة دمه وكتب بعده من حضر المجلس. قال: «1» ولما سمع الحلّاج ذلك قال: ما يحلّ لكم دمى وإعتقادى الإسلام ومذهبى السنة ولى فيها كتب موجودة فالله الله فى دمى! وتفرق الناس، وكتب الوزير إلى الخليفة يستأذنه فى قتله وأرسل إليه الفتاوى فأذن فى قتله فسلّمه الوزير إلى صاحب الشّرطة فضربه ألف سوط فما تأوّه ثم قطع يده ثم رجله ثم يده ثم رجله ثم قتل/ وأحرق فى النار، فلما صار رمادا ألقى فى دجلة ونصب رأسه ببغداد وأرسل إلى خراسان لأنه كان له بها أصحاب، وأقبل بعض أصحابه يقولون: إنه لم يقتل وإنما ألقى شبهه على دابّة وإنه يعود بعد أربعين يوما! وبعضهم يقول: لقيته على حمار بطريق النهروان وإنه قال لهم «لا تكونوا مثل هؤلاء النّفر الذين يظنون أنى ضربت وقتلت» ! وفيها استعمل المقتدر على حرب الموصل ومعونتها محمد بن نصر الحاجب، فسار إليها وأوقع بمن خالفه من الأكراد فقتل وأسر، وأرسل إلى بغداد نيّفا وثمانين أسيرا فشهروا، وفيها قلّد داود بن حمدان ديار ربيعة.

ودخلت سنة عشر وثلاثمائة: فى هذه السنة أطلق يوسف بن أبى السّاج من الحبس بشفاعة مؤنس الخادم، ودخل إلى المقتدر وخلع عليه، ثم عقد له على الرّىّ وقزوين وزنجان وأبهر. وقرّر

ص: 60

عليه خمسمائة ألف دينار محمولة إلى بيت المال فى كلّ سنة سوى أرزاق العساكر الذين بهذه البلاد.

وفيها وصلت هدية أبى زنبور الحسين الماذرائى «1» من مصر، وفيها بغلة معها فلو «2» يتبعها ويرضع منها وغلام طويل اللسان يلحق لسانه أرنبة أنفه! وفيها قبض المقتدر على أمّ موسى القهرمانة وكان سبب ذلك أنها/ زوّجت ابنة أخيها من أبى العباس أحمد بن محمد بن إسحاق بن المتوكل على الله وكان يرشّح للخلافة، فلما صاهرته أكثرت من النّثار والدعوات وخسرت أموالا جليلة،: فتكلم أعداؤها وسعوا بها إلى المقتدر وقالوا:

إنها قد سعت لأبى العباس فى الخلافة، وحلفت له القوّاد، وكثر القول فيها، فقبض عليها وأخذ منها أموالا جليلة وجواهر نفيسة «3» ، قال ابن الجوزى: صحّ منها لبيت المال ألف ألف دينار «4» ودخلت سنة إحدى عشرة وثلاثمائة:

ص: 61