الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليها يظهرون» إلى قوله تعالى «والآخرة عند ربّك للمتّقين» «1» فقال له وعظت فأحسنت! وأمر بنزع الصفائح.
قال «2» : وكمل بناء الزهراء فى اثنتى عشرة سنة، بألف بنّاء فى كل يوم، مع كل بنّاء اثنا عشر رقاصا، وسكنها خمسا وعشرين سنة.
وطالت أيام الناصر، وتمكن، واتسعت مملكته./ وكانت وفاته فى ليلة الأربعاء لليلتين، وقيل لثلاث خلت من شهر رمضان المعظم سنة خمسين وثلاثمائة بالزهراء. وحمل إلى مدينة قرطبة، فدفن بها مع أسلافه من بنى أمية. ومولده فى يوم الخميس لتسع بقين من شهر رمضان سنة سبع وسبعين ومائتين، وكان عمره ثلاثا وسبعين سنة، ومدة ولايته خمسين سنة وستة أشهر وأياما.
وكان شهما صارما، لم يزل منذ ولى يستذل المتغلبين حتى خلصت له جميع الأندلس فى خمس وعشرين سنة من ولايته. وكان له من الأولاد الحكم ولىّ عهده، وعبد الجبار، وسليمان، وعبد الملك، وعبيد الله، والمغيرة، ولما مات ولى بعده ابنه (الحكم)
ذكر امارة الحكم المستنصر بالله
هو أبو العاص الحكم بن عبد الرحمن الناصر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن
الداخل، وأمه أم ولد اسمها مرجان، وهو التاسع من أمراء بنى أمية ببلاد الأندلس. بويع له فى شهر رمضان سنة خمسين وثلاثمائة فى جميع مدن الأندلس وثغورها، فأحسن إلى الرعية، وعدل فيهم وضبط الثغر، وغزا الروم فى سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة، ففتح مدنا جليلة، وسبى وغنم/ وانصرف غانما.
ثم أصابه الفالج فتغيّب عن الناس، فلما كان فى يوم السبت لعشر خلون من المحرم سنة ستّ وستين وثلاثمائة أظهر موته، وقيل توفى فجأة ليلة الأحد لأربع خلون من صفر منها. ومولده فى يوم الجمعة مستهل شهر رجب سنة اثنتين وثلاثمائة، فمات وله من العمر ثلاث وسبعون سنة وستة أشهر وعشرة أيام، ومدة ولايته خمس عشرة سنة وأربعة أشهر وأيام.
وكان حسن السيرة، جامعا للعلوم مكرما لأهلها، وجمع من الكتب على اختلاف أنواعها ما لم يجمعه غيره من الملوك قبله، واشتراها من سائر الأقطار، وغالى فى أثمانها، فحملت إليه من كل جهة. وكان قد رام قطع الخمر، من الأندلس، وأمر بإراقتها وشدّد فى استئصال شجرة العنب من جميع أعماله. فقيل له إنها تعمل من التين وغيره، فتوقف فى ذلك. وهو الذى رحل إليه أبو على القالى البغدادى صاحب الأمالى «1» ، وأبو بكر
الزبيدى مختصر كتاب العين «1» . وكان منذر بن سعيد البلوطى قاضية وقاضى أبيه، فلما توفى ولى القضاء ابن بشير الفقيه، فاشترط على المستنصر نفوذ الحكم فيه فمن دونة.
فكان من أخباره أن امرأة منقطعة كان لها أريضة تجاور بعض قصور الأمير، فاحتاج إليها ليبنى فيها شيئا مما أراد بناءه، فساومها الوكيل فى البيع/ فامتنعت، فأخذها الوكيل قهرا وبنى فيها منظرة بديعة وأنفق عليها جملة وافرة. فوقفت المرأة لابن بشير القاضى وقصّت عليه قصتها، فركب حماره وجعل عليه خرجا كبيرا لا يطيق حمله إلا جماعة من الرجال. وقصد الزهراء والمستنصر فى تلك المنظرة، فدخل عليه فقال: ما جاء بالقاضى فى هذا الوقت؟
فقال: أريد ملء هذا الخرج من تراب هذا الموضع! فتعجّب منه الحكم وأمر فملىء الخرج ثم خلا القاضى به فقال: أدل عليك إدلال العلماء على الملوك الحلماء أن لا ينقل هذا الخرج على الحمار إلا أنا وأنت! فضحك الحكم وقال: فكيف نطيق ذلك أيها القاضى؟ فبكى ابن بشير وقال: فكيف نطيق أن نطوق هذا المكان أجمعه من سبع أرضين فى حلقى وحلقك يوم القيامة وأنا شريكك فى الإثم إن رضيت هذا الحكم؟ وقصّ عليه القصة،