المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر مقتل المقتدر بالله - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٣

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الثالث والعشرون

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌[تتمة الباب الرابع من القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الدولة العباسية بالعراق وغيره]

- ‌مقدمة

- ‌ذكر خلافة المكتفى بالله

- ‌ذكر قتل بدر غلام المعتضد بالله

- ‌ذكر وفاة المكتفى بالله

- ‌ذكر خلافة المقتدر بالله

- ‌ذكر خلع المقتدر وولاية ابن المعتز

- ‌ذكر القبض على ابن الفرات ووزارة الخاقانى

- ‌ذكر عزل الخافانى عن الوزارة

- ‌ذكر خروج الحسين بن حمدان

- ‌ذكر وزارة ابن الفرات الثانية

- ‌ذكر أمر يوسف بن أبى الساج

- ‌ذكر عزل ابن الفرات عن الوزارة

- ‌ذكر قتل الحسين بن منصور الحلاج

- ‌ذكر عزل حامد بن العباس

- ‌ذكر القبض على ابن الفرات الوزير وولده المحسن

- ‌ذكر وزارة ابى القاسم الخاقانى

- ‌ذكر مقتل ابن الفرات وولده

- ‌ذكر عزل الخاقانى عن الوزارة ووزارة أبى العباس الخصيبى

- ‌ذكر عزل أبى العباس الخصيبى ووزارة علىّ بن عيسى

- ‌ذكر ابتداء الوحشة بين المقتدر بالله وبين مؤنس

- ‌ذكر عزل على بن عيسى عن الوزارة ووزارة أبى علىّ بن مقلة

- ‌ذكر الحرب بين نازوك وهارون بن غريب الخال واستيحاش مؤنس

- ‌ذكر خلع المقتدر بالله وبيعة القاهرة

- ‌ذكر عود المقتدر بالله الى الخلافة وقتل نازوك وابن حمدان

- ‌ذكر هلاك الرجالة المصافية

- ‌ذكر عزل ابن مقلة ووزارة سليمان

- ‌ذكر خروج صالح والأغر

- ‌ذكر عزل سليمان عن الوزارة

- ‌ذكر عزل الكلوذانى ووزارة الحسين

- ‌ذكر تأكيد الوحشة بين مؤنس والمقتدر

- ‌ذكر مسير مؤنس الى الموصل

- ‌ذكر عزل الحسين عن الوزارة

- ‌ذكر استيلاء مؤنس على الموصل

- ‌ذكر مقتل المقتدر بالله

- ‌ذكر خلافة القاهر بالله

- ‌ذكر خبر عبد الواحد بن المقتدر ومن معه

- ‌ذكر استيحاش مؤنس وأصحابه من القاهر

- ‌ذكر القبض على مؤنس المظفر ويلبق الحاجب وابنه

- ‌ذكر مقتل مؤنس ويلبق وابنه على والنوبختى

- ‌ذكر وزارة أبى جعفر محمد بن القاسم وعزله وولاية الخصيبى

- ‌ذكر القبض على طريف السبكرى

- ‌ذكر خلع القاهر وسمله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة الراضى بالله

- ‌ذكر مقتل هارون بن غريب

- ‌ذكر مقتل ابن الشلمغانى ومذهبه

- ‌ذكر ظهور انسان ادعى النبوة

- ‌ذكر القبض على ابنى ياقوت

- ‌ذكر حال أبى عبد الله محمد البريدى وتقدمه

- ‌ذكر مسير ابن مقلة الى الموصل وما كان بينه وبين ناصر الدولة

- ‌ذكر القبض على الوزير ابن مقلة ووزارة عبد الرحمن بن عيسى وغيره

- ‌ذكر عزل أبى جعفر ووزارة سليمان بن الحسن

- ‌ذكر وزارة الفضل بن جعفر [ابن الفرات]

- ‌ذكر مسير الراضى بالله لحرب البريدى

- ‌ذكر الوحشة بين محمد بن رائق والبريدى والحرب بينهما

- ‌ذكر استيلاء بجكم على الأهواز وخروج ابن البريدى منها

- ‌ذكر استيلاء معز الدولة بن بويه على الأهواز

- ‌ذكر الحرب بين بجكم والبريدى

- ‌ذكر قطع يد ابن مقلة ولسانه

- ‌ذكر استيلاء بحكم على بغداد

- ‌ذكر مسير الراضى بالله وبجكم الى الموصل وظهور ابن رائق ومسيره إلى الشام

- ‌ذكر وزارة أبى عبد الله البريدى

- ‌ذكر وفاة الراضى بالله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المتقى لله

- ‌ذكر مقتل بجكم

- ‌ذكر اصعاد أبى عبد الله البريدى الى بغداد

- ‌ذكر عود البريدى الى واسط هاربا

- ‌ذكر امارة كورتكين الديلمى

- ‌ذكر عود محمد بن رائق الى بغداد وولايته إمرة الأمراء

- ‌ذكر وزارة أبى عبد الله البريدى

- ‌ذكر استيلاء البريدى على بغداد وإصعاد المتقى لله إلى الموصل

- ‌ذكر قتل ابن رائق وولاية ابن حمدان إمرة الأمراء

- ‌ذكر عود المتقى لله الى بغداد وهرب البريدى عنها

- ‌ذكر الحرب بين ابن حمدان والبريدى

- ‌ذكر ما اتفق لسيف الدولة بواسط ورجوع ناصر الدولة إلى الموصل

- ‌ذكر حال الأتراك بعد إصعاد سيف الدولة من واسط

- ‌ذكر عود سيف الدولة الى بغداد وهربه منها

- ‌ذكر امارة توزون

- ‌ذكر الوحشة بين المتقى وتوزون

- ‌ذكر مسير المتقى لله الى الموصل

- ‌ذكر قتل أبى يوسف البريدى

- ‌ذكر وفاة أبى عبد الله البريدى ومن قام بعده بالأمر

- ‌ذكر ما كان من أمر المتقى لله إلى أن خلع وسمل

- ‌ذكر خلافة المستكفى بالله

- ‌ذكر وفاة توزون وامارة ابن شيرزاد

- ‌ذكر استيلاء معز الدولة بن بويه على بغداد

- ‌ذكر خلع المستكفى بالله وسمله

- ‌ذكر خلافة المطيع لله

- ‌ذكر اعادة القرامطة الحجر الأسود

- ‌ذكر ظهور المستجير بالله

- ‌ذكر ضمان الحسبة والقضاء والشرطة ببغداد

- ‌ذكر استيلاء الروم على عين زربة وما حولها من الحصون

- ‌ذكر استيلاء الروم على المصيصة وطرسوس

- ‌ذكر البيعة لمحمد بن المستكفى وما كان من أمره

- ‌ذكر ما فعله الروم بالشام والجزيرة

- ‌ذكر ملك الروم مدينة أنطاكية

- ‌ذكر ملك الروم ملازكرد

- ‌ذكر مقتل ملك الروم نقفور

- ‌ذكر الفتنة ببغداد ومصادرة الخليفة المطيع لله

- ‌ذكر خلع المطيع لله نفسه من الخلافة وخلافة ابنه الطائع لله

- ‌ذكر خلافة الطائع لله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام خلافته

- ‌ذكر القبض على الطائع وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة القادر بالله

- ‌ذكر تسليم الطائع لله الى القادر

- ‌ذكر البيعة لولى العهد

- ‌ذكر الفتنة بمكة

- ‌ذكر البيعة لولى العهد

- ‌ذكر ملك الروم مدينة الرها

- ‌ذكر وفاة القادر بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة القائم بأمر الله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام القائم

- ‌ذكر أخبار أبى الحارث أرسلان البساسيرى

- ‌ذكر استيلاء أبى الحارث البساسيرى على العراق

- ‌ذكر مقتل رئيس الرؤساء وعميد العراق

- ‌ذكر عود الخليفة القائم بأمر الله الى بغداد وخروج البساسيرى منها وقتله

- ‌ذكر غرق بغداد

- ‌ذكر وفاة القائم بأمر الله وشىء من سيرته

- ‌ذكر خلافة المقتدى بأمر الله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام المقتدى

- ‌ذكر الفتنة ببغداد بين الشافعية والحنابلة

- ‌ذكر مسير الشيخ أبى اسحاق برسالة الخليفة

- ‌ذكر عزل عميد الدولة عن الوزارة وميسر والده إلى ديار بكر

- ‌ذكر وفاة المقتدى بأمر الله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المستظهر بالله

- ‌ذكر الحوادث فى أيام المستظهر بالله

- ‌ذكر وفاة المستظهر بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المسترشد بالله

- ‌ذكر هرب الأمير أبى الحسن أخى المسترشد بالله وعوده

- ‌ذكر ظهور قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:

- ‌ذكر مسير المسترشد بالله لحرب دبيس بن صدقة

- ‌ذكر الاختلاف الواقع بين الخليفة المسترشد بالله وبين السلطان محمود:

- ‌ذكر حصار الخليفة المسترشد بالله الموصل

- ‌ذكر مسير المسترشد بالله لحرب السلطان مسعود بن محمد وأسره

- ‌ذكر مقتل المسترشد بالله

- ‌ذكر خلافة الراشد بالله

- ‌ذكر الحرب بين عسكر الخليفة الراشد بالله وعسكر السلطان مسعود

- ‌ذكر مسير الراشد بالله إلى الموصل وخلعه

- ‌ذكر خلافة المقتفى لأمر الله

- ‌ذكر تفويض أمور الدولة والوزارة

- ‌ذكر حصر تكريت وعود عسكر الخليفة عنها وأسر ابن الوزير

- ‌ذكر حصار تكريت ووقعة بكمزا

- ‌ذكر وفاة المقتفى لأمر الله وشىء من أخباره

- ‌ذكر خلافة المستنجد بالله

- ‌ذكر ملك الخليفة قلعة الماهكى

- ‌ذكر اجلاء بنى أسد من العراق

- ‌ذكر وفاة المستنجد بالله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة المستضىء بأمر الله

- ‌ذكر مقتل الوزير أبى جعفر بن محمد المعروف بابن البلدى

- ‌ذكر هرب قطب الدين قايماز/ من بغداد وعود عضد الدين إلى الوزارة

- ‌ذكر فتنة ببغداد وهدم بيعة اليهود

- ‌ذكر وفاة المستضىء بأمر الله

- ‌ذكر خلافة الناصر لدين الله

- ‌ذكر القبض على ابن العطار وموته

- ‌ذكر انهزام عسكر الخليفة من طغرل

- ‌ذكر ملك الخليفة خوزستان

- ‌ذكر ملك الوزير همذان وغيرها من بلاد العجم

- ‌ذكر ملك عسكر الخليفة أصفهان

- ‌ذكر وفاة الناصر لدين الله وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر خلافة الظاهر بأمر الله

- ‌ذكر خلافة المستنصر بالله

- ‌ذكر خلافة المستعصم بالله

- ‌ذكر مقتل المستعصم بالله وانقراض الدولة العباسية واستيلاء هولاكو على بغداد

- ‌جامع أخبار خلفاء الدولة العباسية بالعراق ومن ولى منهم ومدة خلافتهم

- ‌ذكر خلافة المستنصر بالله

- ‌ذكر مسير الخليفة المستنصر بالله إلى بلاد الشرق وقتله

- ‌ذكر خلافة الحاكم بأمر الله

- ‌ذكر خلافة المستكفى بالله

- ‌الباب الخامس من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار الدولة الأموية ببلاد الأندلس

- ‌وأول من ملك بلاد الأندلس من بنى أمية أبو المظفر عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان

- ‌ذكر مقتل عبد الرحمن بن يوسف الفهرى

- ‌ذكر خروج العلاء وقتله

- ‌ذكر خروج سعيد اليحصبى المعروف بالمطرى وقتله

- ‌ذكر عصيان أهل اشبيلية على الأمير عبد الرحمن

- ‌ذكر عبور الصقلبى الى الأندلس وما كان من أمره إلى أن نتل

- ‌ذكر مخالفة أبى الأسود محمد بن يوسف الفهرى

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن وصفته وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر امارة هشام

- ‌ذكر خروج سليمان وعبد الله ابنى عبد الرحمن على أخيهما هشام

- ‌ذكر خروج جماعة أخر على الأمير هشام

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر فتنة تاكرتا

- ‌ذكر وفاة هشام بن عبد الرحمن وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر امارة الحكم بن هشام الملقب بالمرتضى

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر خلاف بهلول بن مرزوق وغيره

- ‌ذكر مسير سليمان بن عبد الرحمن لقتال ابن أخيه الحكم وقتل سليمان

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على برشلونة

- ‌ذكر الاتفاق بين الحكم وبين عمه عبد الله البلنسى

- ‌ذكر استيلاء الفرنج على مدينة تطيله

- ‌ذكر ايقاع الحكم بأهل قرطبة

- ‌ذكر ايفاع الحكم بأهل طليطلة وهى وقعة الحفرة

- ‌ذكر عصيان أهل ماردة على الحكم وما فعله بأهل قرطبة

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر عصيان حزم على الحكم

- ‌ذكر عودة أهل ماردة الى العصيان وغزو الحكم بلاد الفرنج

- ‌ذكر وقعة الربض بقرطبة

- ‌ذكر غزو الفرنج

- ‌ذكر غزو البربر بناحية مورور

- ‌ذكر وفاة الحكم

- ‌ذكر امارة عبد الرحمن بن الحكم

- ‌ذكر ايقاع عبد الرحمن بأهل إلبيرة وجندها

- ‌ذكر محاصرة طليطلة وفتحها

- ‌ذكر الحرب بين موسى بن موسى والحارث بن بزيع وما كان من أمره

- ‌ذكر خروج المشركين الى بلاد الاسلام بالأندلس

- ‌ذكر وفاة عبد الرحمن وشىء من أخباره

- ‌ذكر امارة محمد بن عبد الرحمن المنعوت بالأمين

- ‌ذكر الحرب بين المسلمين والفرنج

- ‌ذكر خروج المجوس إلى بلاد الإسلام بالأندلس

- ‌ذكر وفاة الأمير محمد بن عبد الرحمن

- ‌ذكر امارة المنذر بن محمد

- ‌ذكر امارة عبد الله بن محمد

- ‌ذكر امارة عبد الرحمن بن محمد

- ‌ذكر امارة الحكم المستنصر بالله

- ‌ذكر امارة هشام المؤيد بالله

- ‌ذكر أخبار المنصور محمد بن أبى عامر

- ‌ذكر المظفر أبو مروان عبد الملك

- ‌ذكر امارة محمد المهدى

- ‌ذكر أخبار شنشول ومقتله

- ‌ذكر قيام هشام بن سليمان

- ‌ذكر قيام سليمان بن الحكم المستعين بالله

- ‌ذكر دولة المهدى محمد الثانية

- ‌ذكر دولة المؤبد هشام الثانية

- ‌ذكر دولة المستعين بالله الثانية

- ‌ذكر امارة الناصر على بن حمود

- ‌ذكر ولاية المأمون القاسم بن حمود بن ميمون الفاطمىّ

- ‌ذكر ولاية المعتلى يحيى بن على

- ‌ذكر عود الدولة الأموية بمدينة قرطبة ومن ولى منهم

- ‌(أ) ذكر امارة المستظهر بالله

- ‌(ب) ذكر امارة المستكفى بالله

- ‌(ج) ذكر ولاية المعتمد على الله

- ‌ذكر أخبار الأندلس ومن ملكها بعد انقطاع الدعوة الأموية

- ‌ذكر ولاية أبى الوليد محمد بن جهور

- ‌ذكر أخبار مدينة طليطلة

- ‌ذكر ولاية المأمون يحيى بن اسماعيل

- ‌ذكر أخبار دولة بنى عباد

- ‌ذكر أخبار خلف الحصرى

- ‌ذكر ولاية أبى عمرو عباد بن محمد

- ‌ذكر ولاية المعتمد على الله

- ‌ذكر وقعة الزلاقة

- ‌ذكر انقراض الدولة العبادية

- ‌[ذكر ممالك الأندلس الأخرى]

- ‌ثبت بأسماء المراجع العربية المذكورة فى الحواشى

- ‌فهرس الجزء الثالث والعشرين

الفصل: ‌ذكر مقتل المقتدر بالله

ابن عبد الله بن حمدان يأمرهم بمحاربته وصدّه عن الموصل، فاجتمع بنو حمدان على محاربته إلا داود فإنه امتنع لإحسان مؤنس إليه؛ فإنه قد كان ربّاه فى حجره بعد أبيه فما زال به إخوته حتى وافقهم، ولما أجابهم قال لهم: إنكم لتحملونى على البغى وكفران النّعمة والإحسان وما آمن أن يجيئنى سهم عاثر فيقع فى نحرى فيقتلنى! فلما التقوا أتاه سهم كما وصف فقتله، ولما قرب مؤنس من الموصل كان فى ثمانمائة فارس. واجتمع بنو حمدان فى ثلاثين ألفا فالتقوا واقتتلوا فانهزم بنو حمدن/ ودخل مؤنس الموصل واستولى على أموال بنى حمدان وديارهم، فخرج إليه كثير من العساكر من بغداد والشام ومصر، وعاد إليه ناصر الدولة بن حمدان فصار معه وكان دخول مؤنس إلى الموصل فى ثالث صفر، وأقام بها سبعة أشهر، وعزم على الانحدار إلى بغداد.

‌ذكر مقتل المقتدر بالله

قال «1» : ولما اجتمعت العساكر إلى مؤنس بالموصل قالوا له:

اذهب بنا إلى الخليفة فإن أنصفنا وأجرى أرزاقنا وإلا قاتلناه فانحدر مؤنس من الموصل فى شوّال، وبلغ خبره جند بغداد فشغبوا وطلبوا أرزاقهم، ففرّق المقتدر فيهم أموالا كثيرة إلا أنها لم تسعهم وأنفذ المقتدر أبا العلاء سعيد بن حمدان وصافيا البصرى فى خيل عظيمة إلى سامراء. وأنفذ أبا بكر محمد

ص: 98

ابن ياقوت فى ألفى فارس ومعه الغلمان الحجرية إلى المعشوق.

فلما وصل مؤنس إلى تكريت جعل العسكر الذين مع ابن ياقوت يتسللون ويهربون إلى بغداد، ونزل مؤنس بباب الشمّاسية فلما رأى ذلك رجع ابن ياقوت إلى عكبرا، وسار مؤنس فتأخر ابن ياقوت وغيره وعادوا إلى بعداد. ونزل مؤنس بباب الشماسيّة، ونزل ابن ياقوت وغيره مقابلهم واجتهد المقتدر بخاله «1» هارون بن غريب/ ليخرج فلم يفعل وقال: أخاف من عسكرى فإنّ بعضهم أصحاب مؤنس وبعضهم قد انهزم أمس من مرداويج فأخاف أن يسلمونى وينهزموا عنى! فلم يزل به حتى أخرجه، وأشار النّاس على المقتدر بإخراج المال منه ومن أمّه ليرضى الجند وقالوا: إنه متى سمع أصحاب مؤنس بتفريق الأموال تفرقوا عنه، فاضطر إلى الهرب فقال: لم يبق لى ولا لوالدتى شىء! وأراد المقتدر أن ينحدر إلى واسط ويكاتب العساكر من البصرة والأهواز وفارس وكرمان وغيرها ويترك بغداد لمؤنس إلى أن يجتمع إليه العساكر ويعود إلى قتاله، فردّد ابن ياقوت عن ذلك، وزيّن له اللقاء وقوّى نفسه أنّ القوم متى رأوه عادوا بأجمعهم إليه فرجع إلى قوله وهو كاره، ثم أشار عليه بحضور الحرب فخرج وهو كاره وبين يديه الفقهاء ومعهم المصاحف منشورة وعليه البردة «2»

ص: 99

والناس حوله، فوقف على تلّ عال بعيد من المعركة فأرسل إليه قواده يسألونه التّقدّم مرة بعد أخرى، فلما ألحّوا عليه تقدّم من موضعه فانهزم أصحابه قبل وصوله إليهم. وكان قد أمر فنودى.

«من جاء بأسير فله عشرة دنانير ومن جاء برأس فله خمسة» .

فلما انهزم أصحابه لقيه علىّ بن يلبق- وهو من أصحاب مؤنس- فترجّل وقبل الأرض وقال له: أين تمضى؟ ارجع، فلعن الله من أشار عليك/ بالحضور! فأراد الرّجوع، فلحقه قوم من المغاربة والبربر، فتركه علىّ وسار، فشهروا سيوفهم فقال: ويحكم أنا الخليفة! فقالوا:

قد عرفناك يا سفلة، أنت خليفة إبليس، تبذل فى كلّ رأس خمسة دنانير وفى كلّ أسير عشرة دنانير. وضربه أحدهم بسيفه على عاتقه فسقط إلى الأرض، وذبحه بعضهم- وقيل إنّ علىّ بن يلبق رمز إلى بعضهم فقتله- وذلك فى يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوّال سنة عشرين وثلاثمائة.

قال «1» : ولما قتل رفعوا رأسه على خشبة وهم يكبّرون ويلعنونه، وأخذوا جميع ما عليه حتى سراويله، وتركوه مكشوف العورة إلى أن مرّ به رجل أكّار فستره بحشيش، ثم حفر له فى موضعه ودفن، وعفا قبره. هذا ومؤنس فى الراشدية لم يشهد الحرب، فلما حمل رأس المقتدر إليه بكى ولطم وجهه ورأسه وقال: يا مفسدون ما هكذا أوصيتكم، والله لنقتلنّ كلّنا، وأقلّ ما فى الأمر أن تظهروا أنكم قتلتموه خطأ ولم تعرفوه!

ص: 100

وتقدم مؤنس إلى الشمّاسية، وأنفذ إلى دار الخلافة من يمنعها من النّهب. ومضى عبد الواحد بن المقتدر وهارون بن غريب ومحمد ابن ياقوت وابنا رائق إلى المدائن. وكان ما فعله مؤنس سببا لجرأة أصحاب الأطراف على الخلفاء وطمعهم واستبدادهم، وانحرفت حرمة الخلافة لقتل المقتدر، وضعف أمرها حتى انتهى إلى ما نذكره إن شاء الله تعالى «1» .

قال «2» : وقتل وعمره ثمان وثلاثون سنة وخمسة أيام، وكان مدّة خلافته أربعا وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وستة عشر يوما، وكان ربع «3» القامة درّىّ اللون أحور أصهب، وكان نقش خاتمة «الحمد لله الذى ليس كمثله شىء وهو السميع خالق كل شىء» ويقال إن المقتدر بذّر من الأموال تضييعا فى غير وجهها نيّفا وتسعين ألف ألف دينار «4» سوى ما أنفقه فى الوجوه، وكان يصرف إلى الحرمين وفى طريقهما فى كلّ سنة ثلاثمائة ألف وخمسة عشر ألف دينار وأربعمائة وستة وعشرين دينارا، وإلى الثغور أربعمائة الف وواحدا وتسعين ألفا وأربعمائة وستة وخمسين دينارا وكان يجرى على القضاة فى كلّ الممالك ستة وخمسين ألفا

ص: 101

وخمسمائة وواحدا وأربعين دينارا. وعلى الفقهاء بالحضرة ثلاثة عشر ألفا وخمسمائة وتسعة وستين دينارا، وعلى من يتولّى الحسبة والمظالم فى جميع البلاد أربعة وثلاثين ألفا وأربعمائة وتسعة وثلاثين دينارا، وعلى أصحاب البريد تسعة وسبعين ألفا وأربعمائة دينار، وغير ذلك من الجرايات على أصناف الناس وطبقاتهم. وعجز ارتفاع ممالكه عن نفقاته ألفى ألف وتسعة وثمانين ألفا وثمانمائة وأربعة وسبعين دينارا، ولم ينقض أحدا شيئا فأنفق ما كان فى بيوت الأموال قبله «1» .

قال «2» : ومات فى أيامه خمسة عشر ألف أمير ومقدّم مذكور فكانت والدته تطوى عنه الرزايا والفجائع وتقول: إظهارها يؤلم قلبه! فأدّى ذلك إلى انتشار الفساد فى ممالكه» .

وكان الناس قد ملّوا أيّامه لطولها، حتى إذا تصرّمت تمنّوا ساعة منها، فأعوزتهم، وشملتهم الحوادث والطوارق. وكان له من الأولاد الرّاضى والمتقى والمطيع وعبد الواحد وعباس وهارون وعلىّ وإسماعيل وعيسى وموسى وأبو العباس «4» .

ص: 102

ووزر له من ذكرنا وهم: العباس بن الحسن «1» ، وأبو الحسن بن الفرات ثلاث دفعات وقد ذكرنا أخباره، ومحمد بن عبد الله بن خاقان. وعلى بن عيسى دفعتين، وكان موصوفا بالعلم والدين والعقل، وساس الدنيا السياسة التى عمّرت البلاد، وكان يستغل ضياعه فى السنة سبعمائة ألف دينار يخرج منها فى وجوه البرّ ستمائة ألف دينار وينفق أربعين ألف دينار على خاصته، وكان يصوم نهاره ويقوم ليله، ولما حبس كان يلبس ثيابه ويتوضأ ويقوم ليخرج إلى صلاة الجمعة فيرده الموكلون به فيقول: اللهمّ اشهد! وكانت له آثار حسنة ومآثر جميلة منها أنه أشار على المقتدر/ أن يوقف المستغلّات ببغداد على الحرس والثغور- وغلّتها فى كلّ شهر ثلاثة عشر ألف دينار- والضياع الموروثة بالسّواد وارتفاعها نيّف وثمانون ألف دينار سوى الغلة، ففعل ذلك وأفرد لهذا الوقف ديوانا سمّاه ديوان البرّ، وكان يجرى على خمسة وأربعين ألف إنسان جرايات تكفيهم، وخدم السلطان سبعين سنة لم يزل فيها نعمة أحد ولم يقتل أحدا، ولم يسع فى ذمّه ولم يهتك حرمة أحد، ومات فى آخر ذى الحجة سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة «2» وله تسع وثمانون سنة وستة أشهر ويوم واحد، رحمه الله!

ص: 103

ووزر له حامد بن العباس، وأبو القاسم الخاقانى، وأحمد بن عبد الله الخصيبى، وأبو على بن مقلة، وسليمان بن الحسين بن مخلد، وعبد الله الكلوذانىّ، والحسين بن القاسم بن عبيد الله، والفضل ابن جعفر بن الفرات.

قضاته: يوسف بن يعقوب ثم ابنه محمد «1» بن يوسف، ثم أبو عمر، ثم عبد الله بن أبى الشوارب، ثم ابنه محمد، ثم أحمد بن إسحاق بن البهلول، ثم عمر بن محمد بن يوسف، والحسن بن عبد الله، وعمر بن الحسن بن أبى الشوارب.

حجّابه: سوسن مولى المكتفى؛ ونصر القشورىّ، وياقوت مولى المعتضد، وغيرهم.

الأمراء بمصر: عيسى النّوشرى، ثم تكين الخزرى «2» ، ثم وصل مؤنس/ إلى مصر فصرف تكين وولّاها ذكاء الأعور ثم مات فأعيد تكين، ثم هلال بن بدر، ثم أحمد بن كيغلغ «3» ، ثم تكين مرة ثالثة.

القضاة بها: أبو عبيد الله بن على بن الحسين البزّاز «4» إلى أن ورد كتاب ابن الفرات بصرفه وردّ القضاء إلى عبد الله بن

ص: 104