الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه ابنه محمدا وسيره لقتال موسى فى شهر رمضان سنة تسع وعشرين، فوصل إلى تطيلة وحصرها وضيق على أهلها، وأهلك زرعها فصالحه موسى. وتقدم محمد إلى ينبلونة فأوقع عندها يجمع كثير من المشركين وقتل غرسية فيمن قتل، ثم عاد موسى إلى الخلاف على عبد الرحمن فجهز جيشا كثيرا وسيّرهم إلى موسى فطلب المسالمة فأجيب إليها، وأعطى ابنه إسماعيل رهينة وولّاه عبد الرحمن مدينة تطيلة فسار موسى إليها وأخرج منها من يخافه واستقرّ بها.
ذكر خروج المشركين الى بلاد الاسلام بالأندلس
قال «1» : فى سنة ثلاثين ومائتين خرج المجوس فى أقاصى بلاد الأندلس إلى بلاد المسلمين، وكان أول ظهورهم فى ذى الحجة سنة/ تسع وعشرين ومائتين وعند أشبونة فأقاموا بها ثلاثة عشر يوما كان بينهم وبين المسلمين فيها وقائع، ثم ساروا إلى قادس «2» ثم إلى شذونة وكان بينهم وبين المسلمين وقعة عظيمة، ثم قصدوا إشبيلية فى ثامن المحرم فنزلوا على اثنى عشر فرسخا منها، فخرج إليهم المسلمون فهزمهم العدوّ فى ثانى عشر المحرّم وقتل كثير منهم، ثم نزلوا على ميلين منها فخرج أهلها إليهم وقاتلوهم فانهزموا فى رابع عشر المحرم وكثر القتل والأسر
فيهم. ولم يرفع المجوس السّيف عن أحد ولا عن دابّة، ودخلوا حاضر إشبيلية وأقاموا بها يوما وليلة وعادوا إلى مراكبهم، فوافاهم عسكر عبد الرحمن فبادر إليهم المجوس فثبت المسلمون وقاتلوهم فقتل من المشركين سبعون رجلا وانهزموا ودخلوا مراكبهم، واحجم المسلمون عنهم، فسيّر عبد الرحمن جيشا آخر فقاتلهم المجوس قتالا شديدا ورجعوا عنهم فتبعهم العسكر فى ثانى شهر ربيع الأول وقاتلوهم، وأتاهم المدد من كل ناحية فنهضوا لقتال المجوس من كل جانب فانهزم المجوس وقتل نحو خمسمائة رجل وأخذوا منهم أربعة مراكب فأخذوا ما فيها وأحرقوها.
ثم خرج المجوس إلى لبلة «1» فأصابوا سبيا ونزلوا جزيرة بالقرب من قوويس فقسموا ما كان معهم مما غنموه، فدخل المسلمون إليهم فى النهر فقتلوا رجلين ثم رحل/ المجوس فطرقوا شذونة فغنموا أطعمة وسبيا وأقاموا يومين، فوصلت مراكب عبد الرّحمن إلى إشبيلية.
فلما أحس بها المجوس لحقوا بلبلة فأغاروا وسبوا ثم لحقوا بأشبونة ثم مضوا إلى باجة، ثم قفلوا إلى مدينة أشبونة، ثم ساروا فانقطع خبرهم عن البلاد فسكن الناس.
وفى سنة إحدى وثلاثين ومائتين سار جيش للمسلمين بقرطبة إلى بلاد المشركين وقصدوا جلّيقية فغنموا وقتلوا وأسروا وسبوا
وواصلوا إلى مدينة ليون «1» فحصروها ونصبوا عليها المجانيق، فخاف أهلها وخرجوا هاربين وتركوها بما فيها، فغنم المسلمون منها ما أرادوا وأحرقوا الباقى، ولم يقدروا على هدم سورها لأن عرضه سبعة عشر ذراعا، فمضوا وقد ثلموا فيه ثلمة كبيرة» .
وفى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين غدر موسى بن موسى، فسيّر إليه عبد الرحمن جيشا مع ابنه محمد.
وفيها كان بالأندلس مجاعة شديدة، فهلك خلق كثير من الناس والدوابّ، ويبست الأشجار فاستسقى الناس فسقوا وزال القحط.
وفى سنة خمس وثلاثين ومائتين سيّر عبد الرحمن ابنه المنذر فى جيش كثيف إلى غزو الروم فبلغوا ألبة والقلاع.
وفيها كان سيل عظيم بالأندلس فخرب/ جسر إستجة والأرجاء وغرّق نهر إشبيلية ستّ عشرة قرية، وخرّب نهر باجة ثمانى عشرة قرية، وعرض حتى صار عرضه ثلاثين ميلا وكان هذا حدثا عظيما وقع فى جميع البلاد فى شهر واحد وفى سنة سبع وثلاثين ومائتين سارت جيوش المسلمين إلى بلاد العدوّ وكانت بينهم وقعة عظيمة كان الظفر فيها للمسلمين وهى وقعة البيضاء.