الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأربعمائه، وصارت ولايته إلى ابنه القادر يحيى، فدام يطليطلة/ إلى أن ملكلها الفرنج.
قال: ولما ملك امتدت يده إلى أموال الرعية، واستعمل السفلة وأهل الثغور، ولم تزل النصارى تطوى حصونه حصنا بعد حصن حتى استولوا على طليطلة فى سنة ثمان وسبعين بعد أن حاصرهم ألفونش «1» سبع سنين وملكها، واتخذها دار ملك، وغيّر جامعها كنيسة وردّ المسلمين إلى مسجد غيره وعوّضهم مالا وقال:
هذه كنيسة كانت لنا فردّها الله علينا! وانتقل القادر بالله إلى بلنسية فقبله القاضى الأحنف بن حجاب.
ذكر أخبار دولة بنى عباد
وابتداء أمرهم ومن ملك منهم إلى أن انقضت مدّتهم وانقرضت دولتهم أول من قام منهم القاضى محمد بن إسماعيل بن قريش ين عبّاد ابن عمرو بن عطاف بن نعيم- ونعيم وابنه عطاف هما دخلا إلى الأندلس من المشرق- وهم من لخم من بنى المنذر بن المنذر، وفيهم بقول الشاعر:
من بنى المنذر وهو انتساب
…
زاد فى فخره بنو عبّاد
فيه لما تلد سواها المعالى
…
والمعالى قليلة الأولاد
/ وكان محمد بن إسماعيل هذا قد تقدّم بإشبيلية إلى أن ولى القضاء، فأحسن السياسة مع الرعية والملاطفة بهم؛ فرمقته العيون، ومالت
إليه القلوب. فلما كان فى سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ولى يحيى ابن علىّ الفاطمى قرطبة، وكان من أمره وأمر عمّه القاسم ما ذكرناه.
ثم إنّ أهل قرطبة أخرجوا القاسم بن حمّود فقصد مدينة إشبيلية ثم فارقها، وقصدها بعد ذلك يحيى بن علىّ المعتلى ونزل بقرمونة لحصار مدينة إشبيلية وكانت الرئاسة بها بين ثلاثة- كما ذكرنا ذلك- فاجتمع وجوه المدينة وفيهم حبيب ابن عامر القرشى ومحمد بن مرثم الإهابى ومحمد الزبيدى وغيرهم. وأتوا إلى أبى القاسم محمد بن إسماعيل وقالوا: ما ترى ما نحن فيه وما حلّ بنا من هذا الكافر وما أفسد من أموال الناس، فقم بنا نخرج إليه ونملكك ونجعل الأمر لك وننتصر لهشام! ففعل، وخرجوا لقتال يحيى بن على المعتلى، فركب إليهم وهو سكران فقتل كما قدّمنا. وملك محمد بن إسماعيل إشبيلية، وقالوا له: نخرج إلى قرمونة من قبل أن يسبقك إليها إسحاق ابن عبد الله البرزالى! فهمّ محمد بذلك فسبقه إسحاق وملكها، فكتب محمد إلى يحيى بن ذى النون الهوارى صاحب طليطلة يقول له: اخرج بعسكرك أو ابعث إلى بعسكر مع/ قائد من عندك حتى أخرج إسحاق بن عبد الله من قرمونة، وأنا أعينك على أخذ قرطبة وأجعلها لك ملكا! فلما وصل كتابه إلى المأمون خرج إليه بنفسه فى عسكر كبير، فاجتمعا ونزلا على قرمونة، وحاصراها وأخرجها عنها إسحاق. وأخذها محمد بن إسماعيل وأدخل ولده إليها، وسارا إلى قرطبة وحاصراها.
فلما رأى [أهلها]«1» ما حلّ بهم كاتبوا محمد بن إسماعيل وقالوا أنت أولى من المأمون بالبلد وأحبّ إلينا منه! فاستوثق منهم ودخلها ليلا ويحيى لا علم له بذلك.، فلما أصبح وعلم الحال رجع بعسكره إلى طليطلة وكتب إلى ابن عكاشة- وهو رجل شجاع كان بيده بعض حصون الأندلس، يقطع حوله السبيل ويقتل التجار ويأخذ الأموال، وهو يظهر ليحيى طاعة مشوبة بمعصية- فأمره أن يجمع أصحابه وعضّده بعسكر كبير ووجههم إلى قرطبة، فتوجهوا إليها وقد فارقها محمد بن إسماعيل إلى إشبيلية وترك ولده بها.
فدخلها ابن عكاشة ليلا، ودخل القصر، وقتل كلّ من وجد من الحرس، وذبح ولد محمد بن إسماعيل بيده. فلما بلغ ذلك محمد جمع العساكر وخرج إلى قرطبة، فحصر ابن عكاشة وضيق عليه، فخرج هاربا. واستوثق من الرعية وعاد إلى إشبيلية، فوصل إليها يحيى بن ذى النون/ وتغلّب عليها. فدسّ عليه محمد بن إسماعيل طبيبه، فسمّه، فمات! فعندها خلص الأمر لمحمد بن إسماعيل، وذلك فى سنة أربع وعشرين.. هكذا نقل عز الدين عبد العزيز ابن شدّاد بن تميم بن المعز بن باديس فى كتابه المترجم بالجمع والبيان، وذكر أيضا فى هذا الكتاب أنّ يحيى توفى فى سنة ستين وأربعمائة، وهذا فيه تناف والله تعالى أعلم.