الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجوه دولتة وأخذ أموالهم، فقال/ بعض الشعراء فى ذلك:
ضخّمى ويك والطمى
…
ولى ابن المرخّم «1»
واه على الحكم والقضا
…
وعلى كلّ مسلم
وأرى المقتفى الإما
…
م عن الحقّ قد عمى
فبلغ المقتفى ذلك فأخذ الشاعر بنكاله وعذبه وما زاده ذلك إلا تماديا فى حاله. وهو أول من استبد بالعراق منفردا عن سلطان يكون معه من أوّل أيام الدّيلم وإلى هذا الوقت، وأول خليفة تمكن من عسكره وأصحابه وحكم على الخلافة منذ تحكم المماليك على الخلفاء فى خلافة المستنصر بالله وإلى الآن، إلا أن يكون المعتضد بالله.
وكان المقتفى يبذل الأموال العظيمة لأصحاب الأخبار فى جميع البلاد حتى لا يفوته منها شىء، وكانت دعوته بالعراق والحجاز والشام وخراسان.
ذكر خلافة المستنجد بالله
هو أبو المظفر يوسف بن المقتفى لأمر الله أبى عبد الله محمد بن المستظهر بالله. وأمه أم ولد ندعى طاوس وقيل نرجس، رومية.
وهو الخليفة الثانى والثلاثون من الخلفاء بويع له بعد وفاة أبيه فى شهر
ربيع الأول فى سنة خمس وخمسين وخمسمائة وقيل لليلتين خلتا من شهر رجب منها والله تعالى أعلم.
قال «1» : وكان للمقتفى حظية وهى أم ولده أبى على. فلما اشتدّ مرضه وأيست منه، أرسلت إلى جماعة من الأمراء وبذلت لهم الإقطاعات الكثيرة والأموال الجزيلة ليساعدوها على أن يكون ولدها الأمير أبو على خليفة فقالوا: كيف الحيلة مع ولى العهد؟ فقررت أنها تقبض عليه إذا دخل. وكان يدخل على أبيه فى كلّ يوم فقالوا:
لا بد لنا من أحد أرباب الدّولة فوقع اختيارهم على أبى المعالى بن الكيال الهراس «2» فدعوه إلى ذلك فأجابهم على أن يكون وزيرا. فبذلوا له ما طلب. فلما استقرت القاعدة بينهم أحضرت عدّة من الجوارى وأعتطهن السكاكين وأمرتهن بقتل ولى العهد المستنجد بالله. وكان له خصىّ صغير يرسله فى كل وقت يتعرف أخبار والده فرأى الجوارى وبأيديهن السكاكين وبيد أبى على وأمه سيفين. فعاد إلى المستنجد وأخبره.
وأرسلت هى إلى المستنجد تقول: «إن والدك قد حضرته الوفاة فاحضر لتشاهده «فاستدعى أستاذ لدار عضد الدين، وأخذ معه جماعة من الفراشين، ودخل الدار وقد لبس الدّرع والسيف فى يده، فلما دخل ثار به الجوارى/ فضرب وحدة منهن فجرحها وجرح أخرى وصاح فدخل أستاذ الدار والفراشون فهرب الجوارى وأخذ أخاه
أبا على وأمّه فسجنهما، وقتل من الجوارى وغرّق وجلس للمبايعة فبايعه أهله وأقاربه.
وأول من بايعه عمّه أبو طالب ثم أخوه أبو جعفر بن المقتفى وكان أكبر من المستنجد، ثم بايعه الوزير ابن هبيرة، وقاضى القضاة، وأرباب الدولة والعلماء. وخطب له فى يوم الجمعة، ونثرت الدنانير والدراهم.
قال ابن هبيرة الوزير عنه: إنه قال «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام منذ خمس عشرة سنة فقال لى: يبقى أبوك فى الخلافة خمس عشرة سنة فكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام «ثم قال» رأيته قبل موت المقتضى بأربعة أشهر، فدخل بى فى باب كبير ثم ارنقى إلى رأس جبل وصلّى بى ركعتين وألبسنى قميصا ثم قال لى: قل (أللهم اهدنى فيمن هديت) وذكر دعاء القنوت.»
قال: «1» ولما ولى المستنجد بالله أقر ابن هبيرة على وزارته، وأصحاب الولايات على ولاياتهم، وأزال المكوس والضرائب، وقبض على ابن المرخّم وأخذ منه مالا كثيرا وأخذ كتبه فأحرق منها ما كان من علوم الفلاسفة. وقدم عضد الدين ابن رئيس الرؤساء- وكان أستاذ الدار- فمكّنه وتقدّم إلى الوزير بأن يقوم له، وعزل قاضى القضاة على بن أحمد الدامغانى، ورتّب مكانه أبا جعفر عبد الواحد (الثقفى) وخلع عليه.