الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبى طالب وهذا الأمر صائر إليك ويطول عمرك فيه فأحسن إلى ولدى وشيعتى» ! قال «1» : فما انتهى القادر إلى هذا القول حتى سمعنا صياح الملّاحين وغيرهم فسألنا عن ذلك فإذا هم الواردون إليه لإصعاده ليتولى الخلافة، فخطابته «يا أمير المؤمنين» وقام مهذّب الدولة بخدمته أحسن قيام، وحمل إليه من المال وغيره ما يحمله كبار الملوك إلى الخلفاء وشيّعه، فسار القادر إلى بغداد، فلما وصل جبّل «2» انحدر بهاء الدولة وأعيان الناس إليه واستقبلوه وساروا فى خدمته، فدخل دار الخلافة فى ثانى عشر شهر رمضان وبايعه بهاء الدولة والناس، وخطب له فى ثالث عشر الشهر المذكور.
وجدّد أمر الخلافة وعظم ناموسها»
وحمل إليه ما نهب من دار الخلافة، ولم يخطب له فى جميع خراسان بل كانت الخطبة فيها للطائع لله وحلف له بهاء الدولة على الطاعة والقيام بشروط البيعة، وحلف القادر له بالوفاء والخلوص، وأشهد عليه أنه قلّده ماوراء بابه.
ذكر تسليم الطائع لله الى القادر
وما فعله معه/ وفى شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة سلّم بهاء الدولة الطائع لله إلى الخليفة القادر بالله، فأنزله فى حجرة من خاصّ
حجره، ووكل به من ثقات خدمه من يقوم بخدمته وبالغ فى الإحسان إليه، وكان الطائع يطلب الزيادة فى الخدمة كما كان أيام الخلافة فيؤمر له بذلك. حكى عنه أن القادر أرسل إليه طيبا فقال: من هذا يتطيب أبو العباس؟ يعنى القادر فقالوا:
نعم! فقال: قولوا له عنى: فى الموضع الفلانى كندوج «1» فيه طيب مما كنت أستعمله، فليرسل إلىّ بعضه ويأخذ الباقى لنفسه! ففعل ذلك، وأرسل إليه القادر يوما عدسية فقال: ما هذا؟ قالوا:
عدس وسلق! فقال: أوقد أكل أبو العباس من هذا؟ قالوا: نعم! قال: قولوا له عنى: لمّا أردت أن تأكل عدسية لم اختفيت فما كانت العدسية تعوزك، ولم تقلدت هذا الأمر؟ فأمر حينئذ القادر أن تفرد له جارية من طباخاته تحضر له ما يلتمسه فى كل يوم، فأقام على هذا إلى أن توفى.
وفى سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة عقد نكاح القادر بالله على بنت بهاء الدولة «2» على صداق مبلغه مائة ألف دينار، وماتت قبل النّقلة إليه.
وفيها اشتدّ الغلاء بالعراق وبيعت الكارة الدقيق بمائتين وستين درهما، والكرّ الحنطة بستة آلاف/ وستمائة درهم غياثية «3» .
وفى سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة توفى العزيز بالله صاحب مصر، وولى بعده ابنه الحاكم.
وفى سنة تسع وثمانين انقرضت الدّولة السامانية وملك التّرك ماوراء النهر «1» .
وفيها عمل أهل باب البصرة ببغداد يوم السادس والعشرين من ذى الحجة زينة عظيمة وفرحا كثيرا، وعملوا فى ثامن عشر المحرم مثل ما تعمل الشيعة فى يوم عاشوراء. وسبب ذلك أن الشيعة بالكرخ كانوا ينصبون القباب ويعلّقون الثياب للزينة فى اليوم الثامن عشر من ذى الحجة، وهو يوم الغدير. وكانوا يعملون- يوم عاشوراء- المآتم والنّوح، ويظهرون الحزن لمقتل الحسين، فعمل أهل باب البصرة مقابل ذلك بعد يوم الغدير بثمانية أيام مثلهم وقالوا: يوم دخول النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضى الله تعالى عنه الغار! وعملوا بعد عاشوراء بثمانية أيام مثل عمل الشيعة يوم عاشوراء وقالوا: هذا يوم قتل مصعب بن الزبير رضى الله تعالى عنهما.
وفى سنة تسعين وثلاثمائة ظهر فى سجستان معدن الذهب الأحمر «2» .