الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عون الدين والأمير ترشك وهو من خواصّ الخليفة وغيرهما، فجرى بين أبى المنذر وبين ترشك منافرة اقتضت أن كتب ابن الوزير يشكو منه، فأمر الخليفة بالقبض على ترشك فعرف ذلك فأرسل إلى مسعود صاحب تكريت وصالحه وقبض على/ أبى المنذر ومن معه من المقدمين، وسلّمهم إلى مسعود بلال فانهزم العسكر وسار مسعود وترشك من تكريت إلى طريق خراسان فهنباها وأفسدا. فسار الخليفة لدفعهما، فهربا من بين يديه فقصد تكريت وحصرها أياما، ثم عاد بعد أن جرى بينه وبين أهلها قتال من وراء السور وقتل من عسكر الخليفة جماعة بالنّشاب.
ذكر حصار تكريت ووقعة بكمزا
وفى سنة تسع وأربعين وخمسمائة أرسل الخليفة رسولا إلى صاحب تكريت بسبب من عنده من المأسورين فقبض على الرسول. فسيّر المقتفى عسكرا فخرج أهل تكريت فقاتلوا عسكر الخليفة، فسير عسكرا آخر، فمانعوه. فسار الخليفة بنفسه ونزل على البلد فهرب أهله، فدخل عسكر الخليفة فشغبوا ونهبوا بعضه، ونصب على القلعة ثلاثة عشر منجنيقا فسقط من أسوارها برج، وبقى الجيش «1» كذلك إلى الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول فأمر الخليفة بالقتال والزّحف. فاشتد القتال، وكثرت القتلى، ولم يبلغ منها غرضا، فعاد إلى بغداد ودخلها فى آخر الشهر.
ثم أمر الوزير عون الدين بالعود إليها والاستعداد والاستكثار من آلات/ الحصار، فسار إليها فى شهر ربيع الآخر وضيق عليها. فبلغه الخبر أن مسعود بلال وصل إلى شهر ابان ومعه البغوش كون خر «1» وترشك فى عسكر كبير ونهبوا البلاد فعاد الوزير إلى بغداد وكان سبب تحوّل هذا العسكر أنهم حثّوا الملك محمدا «2» على قصد العراق فلم يتهيأ له ذلك، فسير إليه هذا العسكر وانضاف إليهم خلق كثير من التركمان.
فخرج الخليفة إليهم فأرسل مسعود بلال إلى تكريت وأخرج منها الملك أرسلان ابن السلطان طغرل بن محمد وكان محبوسا بها وقال: هذا سلطان نقاتل بين يديه بازاء الخليفة! والتقى العسكران عند بكمزا بالقرب من بعقوبا، ودامت الحرب بينهم والمناوشة ثمانية عشر يوما، ثم التقوا فى آخر شهر رجب واقتتلوا فانهزمت ميمنة عسكر الخليفة وبعض القلب حتى بلغت الهزيمة بغداد. ونهبت خرائنه وقتل خازنه. فحمل الخليفة بنفسه هو وولى عهده وصاح: يا آل هاشم كذب الشيطان! وقرأ» وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا» وحمل هو وبقية العسكر فانهزم مسعود ومن معه، وظفر الخليفة، وغنم العسكر جميع ما هو للتركمان من دوابّ وغنم وغير ذلك. وكانوا قد أحضروا نساءهم وأولادهم وخركاهاتهم فأخذ جميع ذلك. فبيع
كل كبش/ بدانق وأخذ كون خر الملك أرسلان وانهزم به إلى بلد النجف وقلعة الماهكى «1» ورجع الخليفة إلى بغداد فدخلها فى أوائل شعبان المبارك، فأتاه الخبر أن مسعود بلال وترشك قصدا مدينة واسط. فنهبا وخربا فسيّر إليهم الوزير فى عسكر، فانهزم العجم، ولحقهم عسكر الخليفة ونهب شيئا كثيرا، وعاد إلى بغداد فلقّب الوزير سلطان العراق ملك الجيوش، وسيّر الخليفة عسكرا إلى بلد النجف فاحتوى عليه.
وفى سنة خمسين وخمسمائة سار الخليفة إلى دقوقا فحصرها وقاتل من ها، ثم رحل عنها ولم يبلغ غرضا «2» .
وفيها استولى شملة التركمانى على خوزستان وصاحبها حينئذ ملكشاه محمود. فسيّر الخليفة إليه عسكرا فقاتلهم شملة وهزمهم وأسر وجوههم. ثم أحسن إليهم وأطلقهم. وأرسل إلى الخليفة المقتفى لأمر الله يعتذر منه فقبل عذره.
وفى سنة إحدى وخمسين وخمسمائة حصر السلطان محمد بن محمود السّلجقى بغداد، وكان قد راسل الخليفة فى الخطبة له ببغداد والعراق، فامتنع الخليفة من إجابته، فسار من همذان وواعده قطب الدين صاحب الموصل أن يرسل إليه العساكر، فقدم
فى ذى الحجة ودام الحصار والقتال إلى شهر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين، فبلغ/ السلطان محمد أن أخاه ملكشاه وإيلدكر وأرسلان طغرل دخلوا همذان واستولوا عليها، فرجع عن بغداد ولم يبلغ رضا، وتفرقت العساكر.
وفى شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين أطلق ابن الوزير! ابن هبيرة من حبس تكريت فتلقته المواكب وكان يوما مشهودا «1» .
وفيها فى شهر ربيع الآخر احترق أكثر بغداد، واحترقت دار الخلافة.
وفى سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة كان بالشام زلازل كثيرة خربت كثيرا من البلاد والقلاع والأسوار، وهلك من العالم مالا يحصى كثرة. ومما يدل على ذلك ما حكاه ابن الأثير فى تاريخه الكامل «أن معلما كان بمدينة حماه يعلّم الصبيان. ففارق المكتب لحاجة عرضت له فجاءت الزلزلة فخرّبت البلد وسقط المكتب على الصبيان فهلكوا عن آخرهم- قال- فقال المعلم: فلم يأت أحد يسألنى عن صبىّ كان له! فيدل على موت جميع أهاليهم «2» .
وفيها قلع الخليفة المقتفى لأمر الله باب الكعبة وعمل عوضة بابا