الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن جهير أستاذ الدار وكان هو السبب فى ولايته، وقبض على جمال الدولة إقبال المسترشدىّ وعلى غيرهما من أعيان الدولة، فتفرقت نيّات أصحابه عليه فشفع أتابك زنكى فى إقبال. وخرج موكب الخليفة مع وزيره جلال الدين أبى الرضى بن صدقة «1» » إلى عماد الدين زنكى يهنئه بالقدوم، فأقام الوزير عنده وسأله أن يمنعه من الخليفة فأجابه إلى ذلك. وعاد الموكب بغير وزير، وأرسل زنكى من حرس دار الوزير ثم أصلح حاله مع الخليفة وأعاده إلى وزارته. ثم جدّ الخليفة فى عمارة السور فأرسل الملك داود من قلع أبوابه وخرّب قطعة منه، فانرعج الناس ببغداد ونقلوا أموالهم إلى دار الخلافة، وقطعت خطبة السلطان، وخطب للملك داود، وجرت الأيمان بين الخليفة والملك داود وعماد الديكى زنكى. ووصلت الأخبار بمسير السلطان مسعود إلى بغداد لقتال ابن أخيه داود وزنكى. ثم وصلت رسل السلطان إلى الخليفة بالبذل من نفسه الطاعة والموافقة والتهديد لمن اجتمع عنده، فعرض الخليفة الرسالة عليهم وكلمهم فى قتاله، فكلّ رأى ذلك ووافقهم الخليفة!
ذكر مسير الراشد بالله إلى الموصل وخلعه
كان سبب ذلك أن السلطان مسعودا لما بلغه اجتماع العساكر والملوك والأمراء ببغداد على خلافه والخطبة للملك داود ابن أخيه جمع العساكر وسار إلى بغداد ونزل بالملكية، فسار بعض العسكر
وطاردوا عسكره وعادوا، ونزل السلطان على بغداد وحصرها نيّفا وخمسين يوما، فلم يظفر منها بشىء. ثم عاد إلى النهروان عازما على العود إلى همذان فوصل إليه طرنطاى صاحب واسط ومعه سفن كثيرة، فعاد إلى بغداد وعبر إلى غربى دجلة واختلفت كلمة العسكر البغدادى فعاد الملك داود إلى بلاده فى ذى القعدة وتفرق الأمراء.
وكان زنكى بالجانب الغربى فعبر إلى الخليفة وسار إلى الموصل.
ودخل/ السلطان بغداد واستقر بها، وذلك فى نصف ذى القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة.
قال «1» وأمر السلطان فجمع القضاة والشهود والفقهاء وعرض عليهم اليمين التى حلف بها الراشد وفيها بخط يده «إننى متى جندت أو خرجت أو لقيت أحدا من أصحاب السلطان بالسّيف فقد خلعت نفسى من الأمر» فافتوا بخروجه من الخلافة، وقيل إن الوزير شرف الدين على بن طراد الزينبى وكاتب الإنشاء ابن الأنبارى وصاحب المخزن كمال الدين طلحة كانوا منذ أسرهم مع المسترشد، فحضروا الآن معه، واجتمعوا فى يوم الإثنين لأربع عشرة ليلة بقيت من ذى القعدة سنة ثلاثين، وكتبوا محضرا شهد فيه جماعة من العدول بما صدر من الراشد من الظّلم وأخذ الأموال بغير حقها وسفك الدماء وشرب الخمور وارتكاب المحارم، واستفتوا الفقهاء فيمن فعل ذلك هل تصحّ معه إمامة أم لا؟ وهل يجوز للسلطان أن يخلعه
ويستبدل به من أهل بيته من هو خير منه طريقة ودينا؟ فأفتى الفقهاء بخلعه وفسخ عهده والاستبدال به غيره، وعرضت الفتيا والمحضر على السلطان فقال: هذا أمر قلدتكم إياه وأنا برىء منه عند الله! ثم خلع وقطعت خطبته من بغداد وسائر البلاد فى ذى القعدة وبويع بعده للمقتفى.
/ وكانت خلافته أحد عشر شهرا وأياما، وكتب السلطان إلى أتابك زنكى فى القبض عليه وإرساله إلى بغداد فمنع من ذلك فارس الإسلام زين الدين على بن بكتكين صاحب إربل رحمه الله وقال: والله لا سلّمناه حتى تراق دماؤنا! واعتذر إلى السلطان وقال: أنا أخرجه من ولايى؟
فأرسل أنت عسكرا للقبض عليه من غير جهتنا! وأعد زين الدين جماعة من الأكراد فساروا بين يديه على طريق لا يعرفها كثير من الناس فوصل إلى مراغة أذربيجان ونزل ببريّة أبيه وتلقّاه أهلها وولّوه أمرهم فأقام بها يسيرا ثم ارتحل إلى الرّىّ فلما قرب من بلاد الباطنية جرّد عسكره لقتل من وجد منهم فقتل منهم جماعة ثم تنقّلت به الحال وكابد الغربة ووصل إلى همذان وسار منها يريد إصفهان. فلما كان فى الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين وثب عليه نفر من الباطنية- وكانوا فى خدمته على زىّ الخراسانية- فقتلوه وهو يريد القيلولة وكان [قد بلّ]«1» من أثر مرض قد برأ منه ودفن فى شهرستان على فرسخ من إصفهان، وقتل أصحابه الباطنية الذين قتلوه. ولما ورد الخبر بمقتل