الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر خروج العلاء وقتله
وفى سنة ستّ وأربعين ومائة سار العلاء بن مغيث اليحصبى من أفريقية إلى مدينة باجة «1» من الأندلس، ولبس السواد وقام بالدّعوة العباسية. وخطب لأبى جعفر المنصور، واجتمع إليه خلق كثير. فخرج إليه الأمير عبد الرحمن فالتقيا بنواحى إشبلية وتحاربا زمانا، فانهزم العلاء وأصحابه، وقتل فى المعركة سبعة آلاف فارس وقتل العلاء، فأمر عبد الرحمن بعض التجار بحمل رأسه ورؤوس أصحابه إلى القيروان وإلقائها فى السّوق سرّا ففعل ذلك.
ثم حمل منها إلى مكة ومعه لواء أسود فوصلت والمنصور بمكة ومعه كتاب كان المنصور قد كتبه إلى العلاء «2» .
وفى سنة سبع وأربعين ومائة قدم رسول عبد الرحمن الذى أرسله إلى الشام فى إحضار ولده الأكبر سليمان، وحضر معه سليمان.
ذكر خروج سعيد اليحصبى المعروف بالمطرى وقتله
/ قال «3» : وكان خروجه فى سنة ثمان وأربعين ومائة بمدينة لبلة «4» من الأندلس وسبب ذلك أنه سكر يوما، فتذكّر
من قتل من قومه اليمانية مع العلاء، فعقد لواء فلما صحا رآه معقودا، فسأل عنه فأخبروه فأراد حلّه ثم قال: ما كنت لأعقد لواء ثم أحلّه بغير شىء وشرع فى الخلاف، فاجتمعت اليمانية إليه وقصد إشبيلية وتغلّب عليها وكثر جمعه، فبادره عبد الرحمن فى جموعه. فامتنع المطرى فى قلعة زعواق لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول فحصره بها وضيق عليه، ومنع أهل الخلاف من الوصول إليه.
وكان قد وافقه على الخلاف علقمة اللخمى وكان بمدينة شذونة وقد انضاف إليه جماعة من رؤساء القبائل وهم يريدون إمداد المطرىّ فى جمع كثير. فلما سمع عبد الرحمن بذلك سيّر إليهم بدرا مولاه فى جيش فحال بينهم وبين المطرىّ، وطال الحصار وقلّت رجاله بالقتل، وفارقه بعضهم. فخرج يوما من القلعة فقاتل فقتل وحمل رأسه إلى عبد الرحمن، فقدّم أهل القلعة عليهم خليفة بن مروان، فدام الحصار عليها. فأرسل أهلها يطلبون الأمان من عبد الرحمن على أن يسلموا إليه خليفة فأجابهم إلى ذلك، وتسلّم الحصن وخرّبه وقتل خليفة وخلقا كثيرا ممّن معه ثم انتقل إلى غياث الأزدى وكان ممّن وافق المطرىّ على الخلاف/ فحصره ومن معه وضيّق عليهم فطلبوا الأمان فأمّنهم إلا نفرا فقبض عليهم، وعاد إلى قرطبة فلما عاد إليها خرج عليه عبد الله بن خراشة الأسدى بكورة جيّان «1» واجتمع إليه
جموع فأغار على قرطبة فسيّر إليه عبد الرحمن جيشا فتفرق جمعه، فطلب الأمان فأمنه ووفى له.
وفى سنة تسع وأربعين ومائة أغزى عبد الرحمن مولاه بدرا إلى بلاد العدو فأخذ الجزية منهم.
وفيها عزل عبد الرحمن أبا الصباح حىّ بن يحيى عن إشبيلية فدعاه إلى الخلاف، فخدعه عبد الرحمن حتى حضر عنده فقتله.
وفيها خرج غياث بن المسيّر الأزدى، فخرج إليه عامل عبد الرحمن وقاتله فانهزم غياث ومن معه، وقتل وحمل رأسه إلى عبد الرحمن بقرطبة.
وفيها أمر عبد الرحمن ببناء سور مدينة قرطبة.
ذكر أخبار شقنا «1» بن عبد الواحد وخروجه بالأندلس
كان خروجه بشرق الأندلس فى سنة إحدى وخمسين ومائة وكان من بربر مكناسة يعلّم الصبيان وكانت أمّه تدعى فاطمة فادّعى أنه من ولد فاطمة رضى الله تعالى عنها وأنه من ولد الحسين، وتسمّى بعبد الله بن/ محمد وسكن شنتبرية «2» واجتمع
عليه خلق كثير من البربر وعظم أمره فسار إليه عبد الرحمن فلم يقف له وزاغ فى الجبال، فكان إذا أمن انبسط وإذا خاف صعد الجبال حيث يصعب طلبه. فاستعمل عبد الرحمن على طليطلة حبيب بن عبد الملك، واستعمل حبيب على شنتبرية سليمان بن عفان ابن مروان بن أبان بن عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه، وأمر بطلب شقنا فنزل شقنا إلى سليمان فقتله. واشتدّ ذكر شقنا وطار اسمه، وغلب على ناحية قورية «1» ، وأفسد فى الأرض، فعاد عبد الرحمن وغزاه فى سنة اثنتين وخمسين ومائة بنفسه، فلم يثبت له شقنا، فأعياه أمره فعاد عنه، وسير إليه فى سنة ثلاث وخمسين بدرا مولاه، فهرب شقنا وأخلى حصنه شيطران، ثم غزاه عبد الرحمن بنفسه فى سنة أربع وخمسين فلم يثبت له، فعاد عنه وبعث لحربه أبا عثمان عبد الله بن عثمان فخدعه شقنا وأفسد عليه جنده. فهرب عبد الله وغنم شقنا عسكره، وقتل جماعة من بنى أمية كانوا فى العسكر وذلك فى سنة خمس وخمسين ومائة.
وسار شقنا إلى حصن الهواريين وبه عامل لعبد الرحمن فمكر به شقنا حتى خرج إليه، فقتله وأخذ خيله وسلاحه وما كان معه. ولم يزل/ شقنا كذلك وعبد الرحمن يغزوه تارة بنفسه وتارة بجيوشه إلى سنة ستين ومائة فاغتاله أبو معن وأبو خريم وهما من أصحابه، فقتلاه وأخذا رأسه ولحقا بعبد الرحمن واستراح الناس من شره!