الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر أخبار أبى الحارث أرسلان البساسيرى
وابتداء حاله وما كان منه إلى أن تغلب على بغداد وقطع خطبة القائم بأمر الله وخطب للمستنصر العلوى صاحب مصر كان أبو الحارث البساسيرى مملوكا تركيا من مماليك بهاء الدولة بن عضد الدولة البويهى، وهو منسوب إلى مدينة بساسير من بلاد فارس، كان سيده الأول منها فقيل له: البساسيرى لذلك «1» . وأما ما وليه من المناصب التى ترقّى منها إلى أن صار منه ما صار، فإنه ولى فى سنة خمس وعشرين وأربعمائة حماية الجانب الغربى ببغداد، لأن العيارين كان قد اشتد أمرهم وعظم فسادهم وعجز عنهم نواب السلطان فاستعمل لكفاءته ونهضته وذلك فى سلطنة جلال الدولة أبى طاهر بهاء الدولة بن بويه، فظهرت كفاءته.
وتقلّبت به الحال وصحب جلال الدولة فى حروبه وأبلى بين يديه بلاء حسنا، فعظم شأنه وارتفع محلّه وعلت رتبته وتقدّم على الجيوش، وكان بينه وبين العرب الذين خالفو جلال الدولة وخرجوا عن طاعته وكاشفوه بالعداوة حروب كان [النّصر] فى/ أكثرها له، ثم صار يخلف الملك الرحيم ببغداد. واستولى على الأنبار فى سنة
إحدى وأربعين وأربعمائة وملكها من قرواش بن المقلّد، واستولى على الدّردار، وملكها من سعيد بن أبى الشول. ولما استولى الملك الرحيم على البصرة فى سنة أربع وأربعين وأربعمائة وأخذها من أخيه أبى على بن أبى كاليجار سلّمها إلى البساسيرى فنهض فيها وضبطها وأوقع بالأكراد والأعراب فى سنة خمس وأربعين وأربعمائة- وكانوا قد أفسدوا فى البلاد- فقتل منهم خلقا كثيرا وغنم أموالهم وأجلاهم عن البلاد. ثم أتى بغداد ووقع بينه وبين الخليفة القائم بأمر الله وحشة عظيمة فى سنة ستّ وأربعين وأربعمائة لأسباب يطول شرحها أدّت إلى إسقاطه مشاهرات الخليفة ومشاهرات رئيس الرؤساء «1» الوزير وحواشى الدار، ودام ذلك من شهر رمضان إلى ذى الحجة! ثم سار إلى الأنبار فمنعه أبو الغنائم ابن المحلبان من دخولها فحاصرها ونصب عليها المجانيق، وفتحها عنوة ونهبها وأسر من أهلها خمسمائة رجل ومائة من بنى خفاجة وأسر أبو الغنائم. وعاد إلى بغداد وهو بين يديه على جمل وعليه قميص أحمر وعلى رأسه برنس وهو مقيّد، وأنّى إلى مقابل التّاج وقبّل الأرض وعاد إلى منزله وهو يجعل الذّنب كلّه لرئيس الرؤساء/ وزير الخليفة- ويقول لست أشكو إلا منه فإنه أخرب البلاد.
وكاتب السّلجوقية وأطمعهم فى البلاد، ثم توجه البساسيرى إلى واسط، فلما كان فى سنة سبع وأربعين وضع رئيس الرؤساء
الأتراك البغداديين على البساسيرى وثلبه ونسب ما يقع من النقص إليه، ففعلوا ذلك وزادوا عليه حتى حضروا إلى دار الخلافة فى شهر رمضان واستأذنوا فى قصد دور البساسيرى ونهبها فأذن لهم فى ذلك، فنهبوا دوره وأحرقوها، ووكلوا بنسائه وأهله ونوابه، ونهبوا دوابّه وجميع ما بملكه ببغداد. وأطلق رئيس الرؤساء لسانه فى البساسيرى وذمّه ونسبه إلى مكاتبة المستنصر صاحب مصر، وأرسل الخليفة إلى الملك الرحيم يأمره بإبعاد البساسيرى فأبعده، وكانت هذه الحالة من أعظم الأسباب فى ملك السلطان طغرلبك العراق.
ووصل السلطان طغرلبك إلى بغداد إثر هذه الحادثة وملكها، وانقرضت الدّولة البويهية، فعند ذلك أظهر البساسيرى الخلاف وجاهر بالعصيان، وانضم إليه نور الدولة دبيس بن مزيد. والتقوا هم وقريش بن بدران «1» صاحب الموصل وكان مع قريش قتلمش «2» السّلجوقى-/ وهو ابن عم طغرلبك- واقتتلوا فكانت الهزيمة على قريش وقتلمش، وكانت هذه الواقعه عند سنجار فى سنة ثمان وأربعين وأربعمائة. ثم صار قريش بن بدران مع البساسيرى ونور الدولة دبيس، فساروا إلى الموصل وخطبوا بها للمستتصر بالله العلوى صاحب مصر- وكانوا قد كاتبوه بطاعتهم فأرسل إليهم الخلع عن مصر- فلما بلغ ذلك السلطان طغرلبك سار إلى الموصل وديار بكر لإخلائها من البساسيرى وغيره من المفسدين، فاستولى