الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاستشار أصحابه فيما يفعله فأشاروا عليه أن يبتدئ بأبى عبد الله البريدىّ وأن لا يهجم إلى حضرة الخلافة ولا يكاشف ابن رائق إلا بعد الفراغ من البريدىّ. فجمع عسكره وسار إلى البصرة يريد البريدى، فسير أبو عبد الله البريدىّ جيشا بلغت عدّتهم عشرة آلاف رجل عليهم علامة أبو جعفر محمد الحمال، فالتقوا واقتتلوا فانهزم عسكر البريدى فلم يتبعهم بجكم وكفّ عنهم. ثم أرسل إلى البريدى فى ثانى يوم الهزيمة يعتذر إليه مما جرى ويقول له: أنت بدأت وتعرّضت لى وقد عفوت عنك وعن أصحابك ولو تبعتهم لقتلت أكثرهم «1» ، وأنا أصالحك على أن أقلدك واسطا إن ملكت الحضرة وأصاهرك! فسجد البريدى شكرا لله تعالى وحلف لبجكم وتصالحا، وعاد إلى واسط وأخذ فى التدبير على ابن رائق
ذكر قطع يد ابن مقلة ولسانه
فى هذه السنة فى منتصف شوال قطعت يد الوزير أبى على بن مقلة «2» وكان سبب ذلك أنّ الوزير أبا الفتح بن جعفر بن الفرات لما عجز عن الوزارة وسار إلى الشام استوزر الراضى بالله أبا على/ بن مقلة وليس له من الأمر شىء، وإنما الأمر والنّهى لمحمد بن رائق.
وكان ابن رائق قد قبض على أموال ابن مقلة وأملاكه وأملاك ابنه،
فخاطبه فى ردّها فلم يفعل، فاستمال أصحابه وسألهم مخاطبته فى ردّها فوعدوه ولم يفعلوا. فلما رأى ذلك سعى بابن رائق فكاتب بجكم يطمعه فى موضع ابن رائق، وكتب إلى وشمكير مثل ذلك، وكتب إلى الراضى بالله يشير عليه بالقبض على ابن رائق وأصحابه ويضمن أنه يستخرج منهم ثلاثة آلاف ألف دينار، وأشار باستدعاء بجكم وإقامته مقام ابن رائق فأطمعه الراضى وهو كاره لما قاله، فعجل ابن مقلة وكتب إلى بجكم يعرفه إجابة الراضى ويستحثه على الحركة والمجىء إلى بغداد. وطلب ابن مقلة من الراضى بالله أن ينتقل ويقيم عنده بدار الخلافة إلى أن يتم على ابن رائق ما اتّفقا عليه، فأذن له فى ذلك فحضر متنكرا فى آخر ليلة من شهر رمضان. فلما حضر إلى دار الخلافة لم يصل إلى الراضى وأمر باعتقاله فاعتقل فى حجرة.
فلما كان من الغد أرسل الراضى إلى ابن رائق يعرفه الحال، وعرض عليه خطّ ابن مقلة، وما زالت الراسل تتردد بينهما فى المعنى إلى منتصف شوال، فأخرج ابن مقلة من محبسه وقطعت يده، وعولج فبرأ.
ثم كاتب الراضى يخطب الوزارة ويذكر/ أنّ قطع يده لم يمنعه من عمله، وكان يشدّ القلم على يده المقطوعة ويكتب، فلما قرب بجكم من بغداد سمع الخدم يتحدثون بذلك فقال: إن وصل بجكم فهو يستخلصنى وأكافئ ابن رائق! وصار يدعو على من ظلمه وقطع يده، فوصل خبره إلى الراضى بالله وابن رائق فأمر