الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأخْتينِ من الأُمِّ على خَمْسَةٍ، وإِنْ أنْكَرَتْهُ الأُخْتان مِنَ الأُمِّ، فلهما الخُمُسُ أيضًا، والباقى كلُّه للزَّوْجِ، وتصحُّ مِنْ عَشَرَةٍ، وإِنْ أنْكَره الزَّوْجُ فله خُمُسٌ وعُشْرُ، فَيَبْقَى خُمُسُ المالِ، لا يدعيه أحدٌ، يُقِرُّون به للأُخْتِ المُقِرَّةِ، وهى تُقِرُّ به لهم، ففيه الأوْجُه الثّلاثة، إلّا أنَّنا إذا قُلْنا: يُقَسّمُ بينهم. فلا شىءَ فيه للأُخْتِ المُنْكِرَةِ، ولا للمُقِرِّ به بحالٍ؛ لأنَّه لا يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ لهما شىءٌ بحالٍ.
فصل:
امرأةٌ وعمٌّ ووَصِىٌّ لرجُلٍ بثُلُثِ مالِه، فأقَرَّتِ المرْأَةُ والعمُّ، أنَّه أخو الميِّتِ، وصدَّقهما، ثَبَتَ نَسَبُه، وأخَذَ ميراثَه. وإِنْ أقرّتْ به المرْأةُ وحْدَها، فلم يُصدِّقْها المُقَرُّ به، لم يؤَثِّرْ إقرارُها شيئًا، وإِنْ صَدَّقها الأخُ وَحْدَه، فللمرأةِ الرُّبُعُ بكَمالِه، إلَّا أنْ يُجيزَ الوصيَّةَ، وللعمِّ النِّصْفُ، ويَبْقَى الرُّبُعُ يُدْفَعُ إلى الوَصِىِّ، وإِنْ صَدَّقها العَمُّ، ولم يُصَدِّقْها الوَصِىُّ، فله الثُّلُثُ، وللمَرْأةِ الرُّبُعُ، والباقِى يُقِرُّ به العَمُّ لمن لَا يَدَّعِيه، ففيه الأوْجُهُ الثّلاثةُ. وإِنْ أقرّ به العَمُّ وَحْدَه، فصَدَّقه المُوصَى له، أخَذَ ميراثَه، وهو ثلاثَةُ أرباعِ المالِ، وللمرأةِ السُّدُسُ، ويَبْقَى نِصْفُ السُّدُس، فيَحْتَمِلُ أنْ يكُونَ لها؛ لأنَّ المُوصَى له يعْتَرِفُ ببُطْلانِ الوَصِيَّةِ، أو وُقوفِها على إجازةِ المرأةِ ولم تُجِزْها، ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ فيه الأوْجُهُ الثَّلاثةُ، وإِنْ لم يُصدِّقْه، أَخَذَ الثّلُثَ بالوَصِيَّةِ، والمرأةُ السُّدُسَ بالميراثِ، ويَبْقَى النِّصْفُ فيه الأوْجُهُ الثَّلاثَةُ.
1043 - مسألة؛ قال: (وَالقَاتِلُ لَا يَرِثُ المَقْتُولَ، عمدًا كَانَ القَتْلُ أَوْ خَطَأً)
أجْمعَ أهْلُ العِلْمِ على أَنَّ قاتِلَ العَمْدِ لا يَرِثُ من المقْتُولِ شيئًا، إلا ما حُكِىَ عن سعيدِ بنِ المُسَيَّب وابْنِ جُبَيْرٍ، أنَّهما وَرَّثاه، وهو رأىُ الخَوارجِ؛ لأنَّ آيةَ الميراثِ تتَناولُه بعمومِها، فيجبُ العملُ بها فيه، ولا تَعْويلَ على هذا القولِ؛ لشُذوذِه، وقيامِ الدَّليلِ على خلافِه. فإنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أعْطَى دِيَةَ ابنِ قَتَادَةَ المُدْلِجِىِّ (1) لأخِيه دونَ
(1) فى النسخ: "المذحجى". والتصويب من مصادر التخريج.
أبيه، وكان حَذَفَه بسيْفِه فقَتَلَه. واشتَهرتْ هذه القصّةُ بَيْنَ الصّحابةِ رضى اللَّه عنهم، فلم تُنْكَرْ، فكانتْ إجماعًا، وقال عمرُ: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، يقول:"لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَىْءٌ" رواه مالِكٌ فى مُوَطَّئِه، والإمامُ أحمدُ بإسنْادِه (2). ورَوى عمرو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، عن النّبِىِّ صلى الله عليه وسلم نحوَه. رواه ابنُ اللَّبَّانِ بإسنادِه، ورواهما ابنُ عبدِ الْبَرِّ فى "كتابِه". ورَوَى ابنُ عبّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عنهما، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَإنَّهُ لَا يَرِثُهُ، وإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْره، وإِنْ كَانَ والِدَهُ أوْ وَلَدَهُ، فَلَيْسَ لِقَاتِلٍ مِيرَاثٌ". روَاه الإِمامُ أحمدُ بإسنادِه (3)، ولأنَّ تَوْريثَ القاتِلِ يُفْضِى إلى تكْثيرِ القَتْلِ؛ لأنَّ الوارِثَ رُبَّما استَعْجَلَ مَوْتَ مَوْرُوثِه، ليأخُذَ ماله، كما فعلَ الإسْرائيلىُّ الذى قَتَلَ عَمَّه، فأنْزلَ اللَّه تعالى فيه قصّةَ البقرةِ. ويُقال (4): ما وُرِّثَ قاتلٌ بَعْدَ عاميلَ، وهو اسمُ القَتيلِ. فأمَّا القَتْلُ خَطَأً، فذهب كثيرٌ من أهْلِ العِلْمِ إلى أنّه لا يَرِثُ أيضًا. نَصَّ عليه أحمدُ. ويُرْوَى ذلك عن عمرَ، وعلىٍّ، وزيد، وعبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعودٍ، وعبدِ اللَّه بنِ عَبّاسٍ، ورُوِىَ نَحْوُه عن أبى بكرٍ، رَضِىَ اللَّه عنهم. وبه قال شُرَيْحٌ، وعُرْوَةُ، وطاوسٌ، وجابرُ بنُ زيد، والنَّخَعِىُّ، والشَّعْبىُّ، والثَّوْرِىُّ، وشَرِيكٌ، والحَسَنُ بنُ صَالحٍ، ووَكيعٌ، والشَّافِعىُّ، ويحيى بنُ آدمَ، وأصْحابُ الرَّأى. وورَّثَه قومٌ من المالِ دون الدِّيَةِ. ورُوِىَ ذلك عن سعيد بن المُسيَّبِ، وعمرو بنِ شُعَيْبٍ، وعَطاءٍ، والحسَنِ، ومُجاهدٍ، والزُّهْرِىِّ، ومَكْحولٍ، والأَوْزاعىِّ، وابنِ أبى ذِئْبٍ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ، وداودَ. ورُوِىَ نحوُه عن علىٍّ؛ لأنَّ ميراثَه ثابتٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ،
(2) أخرجه الإمام مالك، فى: باب ما جاء فى ميراث العقل والتغليظ فيه، من كتاب العقول. الموطأ 2/ 867. والإمام أحمد، فى: المسند 1/ 49.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب ديات الأعضاء، من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 496. وابن ماجه، فى: باب القاتل لا يرث، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 884.
(3)
أخرجه البيهقى، فى: باب لا يرث القاتل، من كتاب الفرائض. السنن الكبرى 6/ 220. وليس فى مسند الإمام أحمد. وانظر: إرواء الغليل 6/ 118، 119.
(4)
فى م: "وقيل".