الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأبِ، المسْألةُ من ثمانِيَةٍ، للزَّوْجِ ثَلاثَةٌ، وللأُمِّ سَهْمٌ، ويُوقَفُ (9) أرْبَعَةٌ. وقال أبو يوسفَ: هى مِنْ ثمانيةٍ، يُدْفَعُ إلى الزَّوْجِ ثَلَاثةٌ، وإلى الأُمِّ سَهْمانِ (10)، وتَقِفُ ثلَاثَةً، وتَأْخُذُ منها ضَمِينًا، هكذا حَكى الْخَبْرِىُّ عنه. فإنْ كان فى المسْألةِ مَنْ يَسْقُطُ بِوَلَدِ الأبَوَيْنِ، كَعَصَبَةٍ، أو أحَدٍ مِنْ وَلَدِ الأبِ، لم يُعْطَ شَيْئًا. ولو كان فى هذه المسْألَةِ جَدٌّ، فللزَّوْجِ الثُّلُثُ، وللأُمِّ السُّدُسُ، ولِلْجَدِّ السُّدُسُ، والباقى مَوْقوفٌ. وقال أبو حنيفَةَ: للزّوْجِ النِّصْفُ، وللأُمِّ السُّدُسُ، وللجَدِّ السُّدُسُ، ويُوقَفُ (11) السُّدُسُ بينَ الجَدِّ والأُمِّ، ولا شىءَ لِلْحَمْلِ؛ لأنَّ الجَدَّ يُسْقِطُه. وأبو يوسفَ يَجْعَلُها مِنْ سَبْعَةٍ وعِشْرينَ، ويَقِفُ أرْبعةَ أسْهُمٍ. وحُكى عَنْ شَريكٍ، أنَّه كان يقولُ بِقَوْلِ عَلىٍّ فى الجَدِّ، فيقِفُ ههُنا نَصيبَ الإِناثِ، فيَكونُ عِنْدَه من تِسْعَةٍ، وتَقِفُ (12) منها أرْبَعة. ولو لم يَكُنْ فيها زَوْجٌ، كان للأُمِّ السُّدُسُ وللجَدِّ ثُلُثُ الباقى، وتَقِفُ عَشَرَةً من ثمانِيةَ عَشَرَ. وعندَ أبى حنيفةَ للجَدِّ الثُّلُثَانِ، وللأُمِّ السُّدُسُ، ويُوقَفُ السُّدُسُ بَيْنَهما. قولُ أبى يوسفَ، يَقفُ الثُّلُثَ، ويُعْطَى كُلُّ واحِدٍ منهما ثُلُثًا، ويُؤْخَذُ منهما ضَمينٌ. ومتى خَلَّفَ وَرَثَةً، وأُمًّا تَحْتَ الزَّوْجِ، فَيَنْبَغِى للزَّوْجِ الإمْساكُ عنْ وَطْئِها، ليَعْلَمَ أحامِلٌ هِى أمْ لا؟ كذا رُوِىَ عن علىٍّ، وعمرَ بنِ عبدِ العزِيزِ، والشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، وقَتادَةَ، فى آخرينَ. وإِنْ وَطِئها قبلَ اسْتبْرائِها، فأتَتْ بِوَلدٍ لِأقَلَّ مِن سِتَّةِ أشْهُرٍ، وَرِثَ؛ لأنَّا (13) نَعْلَمُ أنَّها كانتْ حامِلًا به، وإِنْ وَلَدَتْه لأكْثرَ مِن ذلك، لم تَرِثْ، إلَّا أنْ يُقِرَّ الوَرَثَةُ أنَّها كانتْ حامِلًا به يَوْمَ مَوْتِ وَلَدِها.
فصل:
ولا يَرِثُ الْحَمْلُ إلَّا بِشَرْطَيْنِ؛ أحدُهما، أنْ يُعْلَمَ أنَّه كان مَوْجودًا حالَ
(9) فى أ: "ويقف".
(10)
فى الأصل، أ:"سهمين".
(11)
فى الأصل، أ:"ويقف".
(12)
سقطت الواو من: أ.
(13)
فى م زيادة: "لا".
الموتِ، ويُعْلَمُ ذلك بأنْ تَأْتِىَ به لِأقلَّ من سِتّةِ أشْهُرٍ، فإنْ أتتْ به لأكثرَ من ذلك نَظَرْنا، فإنْ كان لها زَوْجٌ أو سَيِّدٌ يَطَؤُها لم يَرِثْ، إلَّا أنْ يُقِرَّ (14) الوَرَثَةُ أنَّه كان مَوْجودًا حالَ الموْتِ، وإِنْ كانتْ لا توطَأُ، إمَّا لِعَدِم الزَّوْجِ، أو السَّيِّدِ، وإمَّا لِغَيْبتِهما (15)، أو اجْتِنابِهما الوطءَ، عَجْزًا أو قَصْدًا أو غَيْرَه، وَرِثَ ما لم يُجاوِزْ أكْثَرَ مُدَّةِ الحمْلِ، وذلك أرْبَعُ سِنِينَ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن، وفى الأُخْرَى سَنَتان. والثَّانى، أنْ تَضَعَه حَيًّا، فإنْ وَضَعَتْه مَيِّتًا لم يَرِثْ، فى قولهم جميعًا، واخْتُلِفَ فيما يَثْبُتُ به الميراثُ من الحياةِ، واتَّفقُوا على أنَّه إذا اسْتَهلَّ صارِخًا وَرِثَ، ووُرِثَ. وقد رَوَى أبو داودَ (16) بإسْنادِه، عن أبى هُريْرَةَ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"إذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وَرِثَ". ورَوى ابنُ ماجَه (17) بإسْنادِه، عن جابِرٍ، عنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَه. واخْتَلَفوا فيما سِوَى الاسْتِهْلالِ، فقالتْ طائِفَةٌ: لا يَرِثُ حتَّى يَسْتَهِلَّ، ولا يَقومُ غَيْرُه مَقامَه، ثمّ اخْتَلفوا فى الاسْتِهْلالِ ما هو؟ فقالتْ طائِفَةٌ: لا يَرِثُ حتَّى يَسْتَهِلَّ صارِخًا. فالمشهورُ عن أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه لا يَرِثُ حتَّى يَسْتَهِلَّ. ورُوِى ذلك عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، والحسَنِ بنِ علىٍّ، وأبي هُريرةَ، وجابِرٍ، وسعيد بنِ المُسَيَّبِ، وعَطاءٍ، وشُرَيْحٍ، والحسَنِ، وابنِ سِيريِنَ، والنَّخَعِىِّ، والشَّعْبِىِّ، ورَبِيعةَ، ويحيى بنِ سَعيدٍ، وأبي سَلَمةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، ومالِكٍ، وأبى عُبَيْدٍ، وإسْحاقَ؛ لأنّ مَفْهومَ قَوْلِ النَّبىِّ، صلى الله عليه وسلم:"إذَا اسْتَهَلَّ الْمَولودُ وَرِثَ". أنَّه لا يَرِثُ بغيرِ الاسْتِهلالِ، وفى لَفْظٍ ذَكَرَه ابنُ سُراقَةَ، عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنّه قال فى الصَّبِىِّ المَنْفُوسِ: "إذَا وَقَعَ صَارِخًا فَاسْتَهَلَّ، وَرِثَ، وَتَمَّتْ دِيَتُهُ، وَسُمِّىَ، وصُلِّىَ عَلَيْهِ، وَإنْ وَقَعَ حَيًّا وَلَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا، لَمْ تَتِمَّ دِيَتُهُ، وفِيهِ غُرَّةٌ؛ عَبْدٌ، أَوْ أَمَةٌ، عَلَى
(14) فى م. "يقل" تحريف.
(15)
فى م: "لمغيبتهما".
(16)
فى: باب فى المولود يستهل ثم يموت، من كتاب الفرائض. سنن أبى داود 2/ 115.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب ميراث الحمل، من كتاب الفرائض. السنن الكبرى 6/ 257.
(17)
فى: باب ما جاء فى الصلاة على الطفل، من كتاب الجنائز، وفى: باب إذا استهل المولود ورث، من كتاب الفرائض. سنن ابن ماجه 1/ 483، 2/ 919.
الْعَاقِلَةِ" (18). ولأنَّ الاسْتِهْلالَ لا يَكونُ إلَّا مِن حَىٍّ، والْحَرَكَةُ تكونُ من غيرِ حَىٍّ، فإنَّ اللَّحْمَ يَخْتَلِجُ سِيَّما إذا خَرَجِ من مَكانٍ ضَيِّقٍ، فَتَضامَّتْ أجْزاؤُه، ثمَّ خَرَجَ إلى مَكانٍ فَسيحٍ، فإنَّه يَتَحَرَّكُ من غَيرِ حياةٍ فيه، ثمَّ إنْ كانتْ فيه حياةٌ، فلا نَعْلَمُ كَوْنَها مُسْتقِرَّةً؛ لِاحْتمالِ أنْ تَكونَ كحرَكَةِ المذْبوحِ، فإنَّ الحَيَواناتِ تَتَحَرَّكُ بعدَ الذَّبْحِ حَرَكَةً شديدةً، وهى فى حُكْم الميِّتِ، واخْتُلِفَ فى الاسْتِهلالِ ما هو؟ فقيلَ: هو (19) الصُّراخُ خاصَّةً. وهذا قَوْلُ مَنْ ذَكَرْنا فى هذه المسْألَةِ. ورواه أبو طالبٍ (20)، عن أحْمدَ، فقال: لا يَرِثُ إلَّا مَنِ اسْتَهَلَّ صارِخًا. وإنَّما سُمِّىَ الصُّراخُ من الصَّبِىِّ الاسْتِهْلالَ تَجَوزًا، والأصْلُ فيه أَنَّ النَّاسَ إذا رَأوْا الهِلالَ صاحُوا عند رُؤْيَتِه، واجْتَمعُوا، وأراه بَعْضُهم بَعْضًا، فَسُمِّىَ الصَّوْتُ عند اسْتِهلالِ الهِلالِ اسْتهلالًا، ثمَّ سُمِّىَ الصَّوْتُ من الصَّبِىِّ الموْلودِ اسْتِهْلالًا؛ لأنَّه صَوْتٌ عندَ وُجودِ شيْءٍ يُجْتَمَعُ له، ويُفْرَحُ به. وروى يوسفُ بنُ موسى، عن أحمدَ، أنَّه قال: يَرِثُ السَّقْطُ ويُورَثُ، إذا اسْتَهَلَّ. فقيل له: ما اسْتِهْلالُه؟ قال: إذا صاحَ أو عَطَسَ أو بَكَى. فعلى هذا كُلُّ صَوْتٍ يوجَدُ منه، تُعْلَمُ به حياتُه، فهو اسْتِهْلالٌ. وهذا قوْلُ الزُّهْرِىِّ، والقاسِمِ بنِ محمد؛ لأنَّه صَوْتٌ عُلِمَتْ به حياتُه، فأشْبَهَ الصُّراخَ. وعن أحمدَ روايةٌ ثالِثةٌ، إذا عُلِمتْ حياتُه بِصَوْتٍ أو حَرَكَةٍ أو رَضاعٍ أو غَيرِه، وَرِثَ، وَثَبَتَ له أحْكامُ المُسْتَهِلِّ، لأنَّه حَىٌّ فتَثْبُتُ له أحْكامُ الحياةِ، كالْمُسْتَهِلِّ. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ، والشَّافِعىُّ، وأبو حنيفةَ، وأصحابُه، وداودُ. وإِنْ خَرَجَ بَعْضُه حَيًّا فاسْتَهلَّ، ثمَّ انْفَصَلَ باقِيه مَيِّتًا، لم يَرِثْ. وبهذا قال الشَّافِعىُّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وقال أبو حنيفةَ، وأصحابُه: إذا خَرَجَ أكْثرُه فاسْتَهلَّ ثمَّ ماتَ، وَرثَ؛ لقَوْلِه عليه السلام: "إذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وَرِثَ". ولَنا، أنَّه لم يَخْرُجْ جميعُه، فَأشْبَهَ ما لو ماتَ قبلَ خُروجِ أكْثَرِه.
(18) انظر إرواء الغليل 6/ 147.
(19)
سقط من: م.
(20)
فى م: "الخطاب".