الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمدُ: أخافُ أن يكونَ ضامِنًا. وليس الأبُ مثلَ الوَلِىِّ، ولا تَمْلِكُ المرأةُ الفَسْخَ؛ لأنَّه قد حَصَلَ لها وُجُوبُ مَهْرِ مِثْلِها. واللَّه أعلم.
1124 - مسألة؛ قال: (ومَنْ زَوَّجَ غُلَامًا غَيْرَ بَالغٍ، أو مَعْتُوهًا، لَمْ يَجُزْ إلَّا أنْ يُزَوِّجَهُ وَالِدُهُ، أوْ وَصِىٌّ ناظِرٌ لَهُ فِى التَّزْوِيجِ)
الكلام فى هذه المسألة فى فصولٍ أربعة:
أحدها:
أنَّه ليس لغيرِ الأبِ أو وَصِيِّه تزويجُ الغلامِ قبلَ بُلُوغِه. وقال القاضى، فى "المُجَرَّدِ": للحاكمِ تَزْويجُه؛ لأنَّه يَلِى مالَه. وقال الشافعىُّ: يَمْلِكُ وَلِىُّ الصَّبِىِّ تَزْويجَه، لِيَأْلَفَ حِفْظَ فَرْجِه عند بُلُوغِه. وليس بسَدِيدٍ؛ فإنَّ غيرَ الأبِ لا (1) يَمْلِكُ تَزْويجَ الجاريةِ الصغيرةِ، فالغلامُ أَوْلَى. وفارَقَ الأبَ ووَصِيَّه؛ فإنَّ لهما تَزْويجَ الصغيرةِ، ووِلايةَ الإجْبارِ. وسواءٌ أذِنَ الغُلامُ (2) فى تزويجِه أو لم يَأْذَنْ، فإنَّه لا إذْنَ له.
الفصل الثانى:
أَنَّ (3) المَعْتُوهَ؛ وهو الزائِلُ العَقْلِ بجُنُونٍ مُطْبِقٍ، ليس لغيرِ الأبِ وَوَصِيِّه تَزْويجُه. وهذا قولُ مالكٍ. وقال أبو عبدِ اللَّه بن حامدٍ: للحاكِم تَزْويجُه إذا ظَهَرَ منه شَهْوَةُ النساءِ، بأن يَتْبَعَهُنَّ ويُرِيدَهُنَّ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ ذلك من مَصالحِه، وليس له حالٌ يُنْتَظرُ فيها إذْنُه. وقد ذَكَرْنا تَوْجِيهَ الوَجْهينِ فى تَزْويجِ المَجْنونةِ. وينبغى على هذا القولِ أن يَجُوزَ تَزْويجُه إذا قال أهلُ الطبِّ: إنَّ فى تَزْويجِه ذَهابَ عِلَّتِه. لأنَّه من أعْظَمِ مَصالحِه. واللَّهُ أعلمُ.
الفصل الثالث:
أَنَّ للأبِ أو وَصِيِّه تزويجَهُما، سواءٌ كان الغلامُ عاقلًا أو مجنونًا، وسواءٌ كان الجُنُونُ مُسْتَدامًا أو طارقًا، فأمَّا الغلامُ السليمُ من الجُنُونِ، فلا نعلمُ بين أهلِ العلمِ خلافًا فى أَنَّ لأبِيه تَزْويجَه، كذلك قال ابنُ المُنْذِرِ. وممَّن هذا مَذْهَبُه الحسنُ،
(1) فى ب: "لم".
(2)
فى أ، ب:"الحاكم".
(3)
فى م: "فى".
والزُّهْرِىُّ، وقَتادةُ، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزاعىُّ، وإسحاقُ، والشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى؛ لما رُوِىَ أن ابنَ عمرَ زَوَّجَ ابنه وهو صغيرٌ، فاخْتَصَما (4) إلى زيدٍ، فأجازاه (5) جميعًا. روَاه الأثرمُ بإسْنادِه (6). وأنت الغلامُ المَعْتُوهُ، فلأبِيه تَزْويجُه. وقال الشافعىُّ: لا يجوزُ؛ لأنَّه يُلْزِمُه بالتَّزْويجِ (7) حُقُوقًا من المَهْرِ والنَّفَقةِ، مع عَدَمِ حاجَتِه، فلم يَجُزْ له ذلك، كغيرِه من الأوْلياءِ. ولَنا، أنَّه غيرُ بالغٍ، فمَلَكَ أبُوه تَزْوِيجَه، كالعاقلِ، ولأنَّه إذا جازَ (8) تَزْويجُ العاقلِ، مع أَنَّ له عندَ (9) احْتياجِه إلى التَّزْويجِ رأيًا ونَظَرًا لنَفْسِه، فلأَنْ يَجُوزَ تَزْويجُ مَن لا يتوَقَّع فيه ذلك أوْلَى. وفارقَ غيرَ الأب، فإنَّه لا يَمْلِكُ تزويجَ العاقلِ. وأمَّا البالغُ المَعْتوهُ، فظاهرُ كلامِ أحمدَ، والخِرَقِىِّ، أَنَّ للأبِ تَزْويجَه مع ظُهورِ أماراتِ الشَّهوةِ وعَدَمِها. وقال القاضى: إنَّما يجوز تَزْويجُه إذا ظَهَرتْ منه أماراتُ الشهوةِ باتِّباعِ النِّساءِ ونحوِه. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ فى تَزْويجِه مع عَدَمِ حاجَتِه إضرارًا به، بإلْزامِه حُقُوقًا لا مَصْلحةَ له فى الْتِزامِها. وقال أبو بكرٍ: ليس للأبِ تَزْويجُه بحالٍ؛ لأنَّه رَجُلٌ، فلم يَجُزْ إجبارُه على النِّكاحِ كالعاقلِ. وقال زُفَرُ: إن طَرَأ عليه الجنونُ بعدَ البلوغِ، لم يَجُزْ تَزْويجُه، وإن كان مُسْتَدامًا، جازَ. ولَنا، أنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، فجاز لأبِيه تَزْويجُه كالصغيرِ، فإنَّه إذا جاز تَزْوِيجُ الصغيرِ، مع عَدَمِ حاجَتِه فى الحالِ، وتَوَقُّعِ نَظَرِه عند الحاجةِ، فههُنا أوْلَى. ولَنا، على التَّسْويةِ بين الطَّارئ والمُسْتَدامِ، أنَّه مَعْنَى يُثْبِتُ الوِلايةَ، فاسْتَوَى طارِئُه ومُستدامُه، كالرِّقِّ، ولأنه جُنونٌ يثبِتُ الوِلايةَ على مالِه، فأثْبَتَها عليه فى نِكاحِه (10)، كالمُسْتَدامِ. فأمَّا اعْتِبارُ الحاجةِ، فلابُدَّ منها، فإنَّه لا يجوزُ لوَلِيِّه
(4) فى الأصل، أ، ب:"فاختصموا".
(5)
فى ب: "فأجاز له".
(6)
أخرجه مختصرا البيهقى، فى: باب الأب يزوج ابنه الصغير، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 7/ 143.
(7)
فى ب، م:"التزويج".
(8)
فى م: "ملك".
(9)
فى الأصل، م:"مع".
(10)
فى م: "النكاح".