الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَجُزْ نَقْضُه. وكذلك سائرُ الأنْكِحَةِ الفاسدةِ. وخَرَّجَ القاضى فى هذا وَجْهًا خاصَّةً أنَّه يُنْقَضُ. وهو قولُ الإصْطَخْرِىِّ من أصْحابِ الشَّافعىِّ؛ لأنَّه خالَفَ نَصًّا. والأوّلُ أوْلَى؛ لأنَها مسألةٌ مُخْتَلَفٌ فيها، ويَسُوغُ فيها الاجتهادُ، فلم يَجُزْ نقْضُ الحُكْمِ له (12)، كما لو حَكَمَ بالشُّفْعةِ للجارِ، وهذا النص مُتَأَوَّلٌ وفى صِحَّتِه كلامٌ، وقد عارَضَتْه (13) ظَواهِرُ.
الفصل الثانى:
أنَّ النكاحَ لا يَنْعَقِدُ إلَّا بشاهِدَيْنِ. هذا المشهورُ عن أحمدَ. ورُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعلىٍّ، وهو قولُ ابنِ عباسٍ، وسعيد بن المُسَيَّبِ، وجابرِ بن زيدٍ، والحسنِ، والنَّخَعِىِّ، وقَتادةَ، والثَّوْرِىِّ، والأوْزَاعىِّ، والشافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وعن أحمدَ أنَّه يصحُّ بغير شُهُودٍ. فَعَلَه (14) ابنُ عمرَ، والحسنُ بن علىٍّ، وابنُ الزُّبَيْرِ، وسالمٌ وحمزةُ (15) ابنَا ابنِ عمرَ. وبه قال عبدُ اللَّه بن إدْرِيسَ (16)، وعبدُ الرحمنِ بن مَهْدِىٍّ، ويزيدُ بن هارونَ، والعَنْبَرِىُّ، وأبو ثَوْر، وابنُ المُنْذِرِ. وهو قولُ الزُّهْرِىِّ، ومالكٍ، إذا أعْلَنُوه. قال ابنُ المُنْذِرِ: لا يَثْبُتُ فى الشَّاهِدَينِ فى النِّكاحِ خَبَرٌ. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ: وقد رُوِىَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: "لَا نِكَاحَ إلا بِوَلِىٍّ وشَاهِدَين عَدْلَيْنِ". من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ وأبى هُرَيْرةَ وابنِ عمرَ (17)، إلَّا أن فى نَقْلِه ذلك ضَعْفًا (18)، فلم
(12) سقط من: م.
(13)
فى م: "عارضه".
(14)
فى م: "وفعله".
(15)
فى حاشية ب: "حمزة بن عبد اللَّه بن عمر، أخو سالم، هو ثقة، روى له الجماعة".
(16)
عبد اللَّه بن إدريس الأودى الكوفى الحافظ العابد، إمام حجة، توفى سنة اثنتين وتسعين ومائة. العبر 1/ 308، 309.
(17)
حديثا ابن عباس، وابن عمر، أخرجهما الدارقطنى، فى: كتاب النكاح. سنن الدارقطنى 3/ 221، 225. وحديث أبى هريرة، أخرجه البيهقى، فى: باب لا نكاح إلا بشاهدين عدلين، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 7/ 125.
(18)
فى م: "ضعيفا".
أذْكُرْه. قال ابنُ المُنْذِرِ: وقد أعْتَقَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّةَ بنتَ حُيَىٍّ وتَزَوَّجَها (19) بغير شُهود (20). قال أنسُ بن مالكٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: اشتَرَى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم جارِيةً بسَبْعةِ أرْؤُسٍ (21)، فقال الناسُ: ما نَدْرِى أتزَوَّجَها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أم جَعَلَها أُمَّ وَلَدٍ؟ فلما أن (22) أرادَ أن يَركَبَ حَجَبَها، فعَلِمُوا أنَّه تَزَوَّجَها. متفقٌ عليه (23). قال: فاسْتَدَلُّوا على تَزْوِيجها بالحِجاب. وقال يزيدُ بن هارونَ: أمَرَ اللَّهُ تعالى بالإشْهادِ فى البَيعِ دُون النِّكاحِ، فاشْتَرطَ أصحابُ الرَّأْىِ الشَّهادةَ للنِّكاحِ، ولم يشتَرِطُوها للبَيْعِ! ووَجْهُ الأُولَى أنَّه قد رُوىَ عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"لَا نِكاحَ إلَّا بِولِىٍّ مُرْشِدٍ، وشَاهِدَىْ عَدْلٍ". رواه الخَلَّالُ بإسْنادِه (24). وروى الدَّارَقُطْنِىُّ (25)، عن عائشةَ، عن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنَّه قال:"لَا بُدَّ فِى النِّكَاحِ مِنْ أرْبَعَةٍ؛ الوَلِىُّ، والزَّوْجُ، والشَّاهِدَانِ". ولأنَّه يتعلَّقُ به حَقُّ غيرِ المُتَعاقِدَيْنِ، وهو الوَلَدُ، فاشْتُرِطتِ الشهادةُ فيه، لئلَّا يَجحَدَه أبُوه، فيَضِيعَ نَسَبُه، بخلاف البَيْعِ. فأمَّا نِكاحُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم بغيرِ وَلِىٍّ وغيرِ شهودٍ، فمن خصائِصِه فى النِّكاحِ، فلا يُلْحَقُ به غيرُه.
(19) فى أ، م:"فتزوجها".
(20)
انظر ما يأتى من تخرج حديث بنائه صلى الله عليه وسلم بصفية.
(21)
فى م: "قريش".
(22)
سقط من: أ، ب.
(23)
أخرجه البخارى، فى: باب غزوة خيبر، من كتاب المغازى، وفى: باب فى اتخاذ السرارى ومن أعتق جاريته ثم تزوجها، وباب من جمل عتق الأمة صداقها، وباب البناء فى السفر، وباب الوليمة ولو بشاة، من كتاب النكاح. صحيح البخارى 5/ 168، 7/ 7، 8، 28، 31. ومسلم، فى: باب فضيلة إعتاق الأمة ثم يتزوجها، من كتاب النكاح. صحيح مسلم 2/ 1044 - 1046. وأبو داود، فى: باب فى الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها، من كتاب النكاح. سنن أبى داود 1/ 474. والترمذى، فى: باب ما جاء فى الرجل يعتق الأمة ثم يتزوجها، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى 5/ 40. والنسائى، فى: باب التزويج على العتق، وباب البناء فى السفر، من كتاب النكاح. المجتبى 6/ 94، 109. وابن ماجه، فى: باب الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه 1/ 629. والدارمى، فى: باب فى الأمة يجعل عتقها صداقها، من كتاب النكاح. سنن الدارمى 2/ 154. والإمام أحمد، فى: المسند 3/ 99، 165، 170، 181، 203، 239، 242، 246، 280 ، 291.
(24)
وأخرجه البيهقى، فى: كتاب لا نكاح إلا بولى مرشد، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 7/ 124.
(25)
فى: كتاب النكاح. سنن الدارقطنى 3/ 225.