الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العَمَّةَ، ومَنْ نزَّلَها جَدًّا قاسَم بنتَ الأخِ الثُّلُثَ الباقىَ بينهما نِصْفَيْنِ، ومَنْ نزَّلَها جَدَّةً جعلَ لها السُّدُسَ، ولبنتِ الأخِ الباقىَ. وفي قولِ أهلِ القرابَةِ، أنَّه لا تَرِثُ بنتُ الأخِ مع بنتِ البنتِ، ولا مع بنتِ بنتِ الابنِ شَيْئًا.
فصل:
إذا انفرَدَ واحدٌ (7) من ذَوى الأَرحامِ، أخَذَ المالَ كُلَّهُ، في قَوْلِ جميعِ مَنْ وَرَّثَهم. وان كانوا جماعَةً، لم يَخْلُ؛ إمَّا أن يُدْلُوا بشَخْصٍ واحِدٍ، أو بجماعَةٍ، فإن أَدْلَوْا بشَخْصٍ واحدٍ، وكانوا في دَرَجَةٍ واحدةٍ، فالمالُ بينَهُم على حَسَبِ مَواريثِهم منه. فإنْ أَسْقَطَ بعضُهم بعضًا، كأَبى الأُمِّ، والأَخْوالِ، فأَسْقِطِ الأخوالَ؛ لأنَّ الأبَ يُسْقِطُ الإِخوَةَ والأَخواتِ. فإن كان بعضُهم أقربَ من بعضٍ، فالميراثُ لأقْرَبِهم، كخالَةٍ، وأُمِّ أبى أُمٍّ، أو ابنِ خالٍ، فالمِيراثُ للخالَةِ؛ لأنَّها تَلْقَى الأُمَّ بأوَّلِ درَجَةٍ. وهذا قولُ عامَّةِ المُنَزِّلينَ، إلَّا أنَّه حُكِىَ عن الَّنخَعِىِّ، وشَرِيكٍ، ويحيى بنِ آدَمَ، في قَرابَةِ الأُمِّ خاصَّةً، أَنَّهم أماتُوا الأُمَّ، وجعَلوا نَصِيبَها لوَرَثَتِها. ويُسَمَّى قولُهم قولَ مَنْ أماتَ السَّبَبَ. واستعمَلَه بعضُ الفَرَضِيِّينَ في جميعِ ذَوى الأَرْحامِ. فعلى قولِهم، يكونُ للخالَةِ نِصْفُ ميراثِ الأُمِّ؛ لأنَّها أُخْتٌ، ولأُمِّ أبى الأُمِّ السُّدُسُ؛ لأنَّها جَدَّةٌ، والباقى لابنِ الخالِ؛ لأنَّه ابنُ أَخٍ. ولَنا، أنَّ الميراثَ من الميَّتِ، لا مِنْ سَبَبِهِ؛ ولذلك ورَّثْنا أُمَّ أُمِّ الأُمِّ (8)، دونَ ابنِ عمِّ الأُمِّ، بغيرِ خلافٍ أيضًا في أُبي أُمِّ أُمٍّ، وابنِ عمِّ أبى أُمٍّ، أنَّ المالَ للجَدِّ؛ لأنَّه أقْرَبُ. ولو كانت الأمُّ الميِّتةَ، كان وارِثُها ابن عمِّ أَبِيها، دونَ أبي (9) أُمِّها. خالَةٌ وأُمُّ أبي أُمٍّ وعمُّ أُمٍّ، المالُ للخالَةِ، وعندَهم للخالَةِ النِّصفُ، وللجَدَّةِ السُّدُسُ، والباقِي لِلعَمِّ. فإن لم يَكُنْ فيها عَمُّ أُمٍّ، فالمالُ بين الخالَةِ وأُمِّ أبي الأُمِّ علَى أربعَةٍ. فإنْ لم يَكُنْ فيها جَدَّةٌ، فالمالُ بين الخالَةِ وعَمِّها نِصفَيْن. ابن خالَةٍ وابنُ عمِّ أُمٍّ، المالُ لابنِ الخالَةِ. وعندَهم لابن عَمِّ الأُمِّ. فأمَّا إنْ أَدْلَى جماعةٌ بجماعَةٍ، جعَلْتَ المالَ للمُدْلَى بهم،
(7) في م: "أحد".
(8)
في م: "لأم".
(9)
سقط من: أ.
كأنَّهم أحياءٌ، فقسَّمْتَ المالَ بينهم على ما تُوجِبُهُ الفَريضَةُ، فما صارَ لِكُلِّ واحِدٍ (10) منهم (11)، فهو لِمَنْ أَدْلَى بِهِ، إذا لم يَسْبِقْ بعضُهُم بعْضًا، فإن سَبَقَ بَعْضُهم بَعْضًا، وكانوا من جِهَةٍ واحِدَةٍ، فالسَّابِقُ إلى الوارِثِ أَوْلَى. وإن كانوا مِنْ وِجْهَتَيْنِ، نُزِّلَ البعيدُ حتى يَلْحَقَ بمَنْ أَدْلَى به، فيأخُذُ نصيبَه، سواءٌ سقطَ به القريبُ أو لم يَسْقُطْ. هذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ رضى اللَّه عنه. ونَقَلَ عنهُ جماعَةٌ من أصحابِهِ في خالَةٍ وبنتِ خالَةٍ وبنتِ ابنِ عمٍّ، للخالَةِ الثُّلُثُ، ولابنَةِ ابنِ العَمِّ الثُّلُثانِ، ولا تُعْطَى بِنْتُ الخالَةِ شَيْئًا. ونقلَ حنبلُ عنه، أَنَّه قال: قال سُفْيانُ قولًا حَسَنًا: إذا كانَتْ خالَةٌ وبنتُ ابنِ العَمِّ، تُعْطَى الخالَةُ الثُّلُثَ، وتُعْطَى بنتُ ابن العَمَّ الثُّلُثَيْنِ. وظاهِرُ هذا يدُلُّ علَى ما قُلْناهُ. وهو قولُ الثَّوْرِىِّ، ومحمدِ بنِ سالمٍ (12)، والحَسَنِ بنِ صالحٍ. وقالَ ضِرار بنُ صُرَد (13): إن كانَ البَعيدُ إذا نُزِّلَ أَسْقَطَ القَريبَ، فالقَريبُ أَوْلَى، وإن لم يَكُنْ يُسْقِطُهُ نُزِّلَ البعيدُ حتَّى يَلْحَقَ بالوارِثِ. وقالَ سائرُ المُنَزِّلينَ: الأسْبَقُ إلى الوارِثِ أَوْلَى بكُلِّ حالٍ. ولم يخْتَلِفوا فيما علِمتُ في تقديمِ الأَسْبَقِ، إذا كانَ من جِهَةٍ واحِدَةٍ، إلَّا نُعَيْمًا، ومحمدَ بنَ سالِمٍ، فإنَّهما قالا في عَمَّةٍ وبنتِ عَمَّةٍ: المالُ بينهما نِصْفَيْنِ. ولم أعلَمْ أحَدًا من أصحابِنا، ولا من غيرِهم، عَدَّ الجهاتِ، وبيَّنَها، إلَّا أَبا الخطَّابِ، فإنَّه عدَّها خمسَ جهاتٍ، الأُبوَّة، والأُمومَةَ، والبُنُوَّةَ، والأُخُوَّةَ، والعُمومَةَ. وهذا يُفْضِى إلى أنَّ بِنْتَ (14) العَمِّ من الأُمِّ، أَوْ بِنْتَ العَمَّةِ من الأُمِّ، مُسْقِطَةٌ لبنتِ العَمِّ من الأبَوَيْنِ، ولا أَعْلَمُ أحَدًا قال به. وقد ذَكَرَ الخِرَقِىُّ هذا في ثلاثِ بناتِ عُمومَةٍ مُفْتَرِقِينَ، أنَّ المالَ لبِنتِ العَمِّ من الأبَوَيْنِ. وبَيانُ
(10) في أ: "وارث".
(11)
سقط من: الأصل، أ.
(12)
محمد بن سالم الهمداني الكوفى الفرضى، روى عن عطاء والشعبي، وروى عنه الثوري والحسن بن صالح. تهذيب التهذيب 9/ 176.
(13)
ضرار بن صرد، كوفى ينسب إلى التشيع، وكان فقيها عالما بالفرائض، روى عن ابن عيينة وغيره، وعنه البخاري. تهذيب التهذيب 4/ 456، 457.
(14)
في م: "ابنة".
إفْضائِهِ إلَى ذلك، أنَّ بنتَ العَمِّ مِنَ الأُمِّ أبُوها يُدْلِى بالأَبِ، وبنتَ العَمِّ من الأَبَوَيْنِ تُدْلِى بأَبيها، والأَبُ يُسْقِطُ العَمِّ، وكذلك بنتُ العمَّةِ من جِهَةِ الأَبِ، وبنتُ العَمِّ من جِهَةِ العَمِّ. فالصَّوابُ إذًا أنْ تكونَ الجهاتُ أرَبعًا؛ الأُبُوَّةَ، والبُنُوَّةَ، والأُخُوَّةَ، والأُمُومَةَ.
مسائل من (15) هذا الباب: بنتُ بنتِ بنتٍ وبنتُ بنتِ بنتِ بنتٍ وبنتُ أخٍ، المالُ بَيْنَ الأُولَى والثالثةِ، وسَقَطَتِ الثانيةُ، إلَّا عند محمدِ بنِ سالِمٍ، ونُعَيْمٍ، فإنَّها تُشارِكُهما (16). ومَنْ ورَّثَ الأقربَ، جعَلَه لبنتِ الأَخِ؛ لأنَّها أسبَقُ، وقولُ أهلِ القَرَابَةِ هو للأُولَى وحدَها؛ لأنَّها من ولَدِ الميِّتِ، وهى أقْرَبُ من الثانيَةِ. ابنُ خالٍ وبنتُ عمٍّ، ثُلُثٌ، وثُلُثانِ. ومَنْ ورَّث الأسْبَقَ جعلَهُ لبنتِ العَمِّ، وإن كانَ معهما (17) بنتُ عَمَّةٍ فلا شىءَ لها؛ لأنَّ بنتَ العَمِّ أَسْبقُ إلى الوارِثِ منهما، وهما من جِهَةٍ واحِدَةٍ. وإن كانَ معَهم عَمَّةٌ، سقَطَتْ بنتُ العَمِّ؛ لأنَّ العَمَّةَ بمنزِلَةِ الأبِ، وبنتَ العَمِّ بمنزِلَةِ العَمِّ. بنتُ بنتِ بنتٍ وبنتُ بنتِ ابنٍ، المالُ لبنتِ بنتِ الابنِ عنَد الجَميعِ، إلَّا عندَ ابنِ سالمٍ، ونُعَيْمٍ. بنتُ بنتِ بنتٍ وابنُ أخٍ من أُمٍّ، المالُ للأُولَى، ومَنْ ورَّثَ الأقْرَبَ جعلَه لابنِ الأخِ، وهو قولُ ضِرار؛ لأنَّ البعيدَ إذا نُزِّلَ أسْقَطَ القريبَ. بنتُ بنتٍ وبنتُ بنتِ ابنٍ، المالُ بينهما على أرَبعَةٍ عندَ جميعِ المُنَزِّلِينَ، وعندَ أهلِ القَرابَةِ، هو لبنتِ البنتِ؛ لأنَّها أقْرَبُ. ابنُ بنتِ بنتٍ وبنتُ أخٍ، هو بينهما، ومَنْ ورَّثَ الأقربَ جعلَهُ لبنتِ الأَخِ، وعندَ أهلِ القَرابَةِ هو لابنِ بنتِ البنتِ. ابنُ بنتٍ وابنُ ابنِ ابنِ أُختٍ لأبَوَينِ؛ المالُ بينهما، وعندَ مَنْ ورَّثَ الأقْرَبَ، وأهلِ القَرابَةِ، هو للأوَّلِ. بنتُ أخٍ وبنتُ عَمٍّ، أو بنتُ عَمَّةٍ، المالُ لبنتِ الأَخِ. وقياسُ قولِ أحمدَ، رضىَ اللهُ عنه، في تورِيثِ البَعيدِ مِنَ القريبِ إن كانَ من جِهَتَيْنِ؛ أن يَكونَ لبِنتِ العَمِّ، والعَمَّةِ؛ لأنَّهما من جِهَةِ الأبِ، وذلك قولُ ضِرارٍ
(15) في م: "في".
(16)
في م: "تشاركها".
(17)
في م: "معها".