الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
فى ميراث الحَمْلِ: إذا ماتَ الإِنْسانُ عن حَمْلٍ يَرِثه، وُقِفَ الأمْرُ حتَّى يُتَبَيَّنَ، فإنْ طالبَ الوَرَثَةُ بالقَسْمِ (6)، لم يُعْطوْا كُلَّ المالِ، بِغيرِ خِلافٍ، إلَّا ما حُكِى عنْ دَاودَ، والصَّحيحُ عنه مِثْلُ قَوْلِ الْجَماعَةِ، ولكنْ يُدْفَعُ إلى مَنْ لا يَنْقُصُه الحملُ كَمالُ مِيراثِه، وإلى مَن يَنْقُصُه أقَلُّ ما يُصيبُه، ولا يُدْفَعُ إلى مَنْ يُسْقِطُه شىءٌ، فأمَّا مَن يُشارِكُهُ، فأكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ قالوا: يُوقَفُ لِلْحَمْلِ شىءٌ، ويُدْفَعُ إلى شُرَكائِه الباقى. وبهذا قال أبو حنيفةَ، وأصْحابُه، واللَّيْثُ، وشَرِيكٌ، ويحيى بنُ آدمَ. وهو روايةُ الرَّبيعِ عن الشَّافِعِىِّ. والمشْهورُ عنه أنَّه لا يُدْفَعُ إلى شُرَكائِه شىءٌ؛ لأنَّ الحملَ لا حَدَّ له، ولا نَعْلَمُ كمْ يُتْرَكُ له. وقد حَكَى الماوَرْدِىُّ، قال: أخْبَرنِى رَجُلٌ مِنْ أهْلِ الْيَمنِ، وَرَدَ طالِبًا لِلْعِلْمِ، وكان مِنْ أهْلِ الدِّينِ والْفَضْلِ، أنَّ امْرَأةً وَلَدَتْ باليَمنِ شَيْئًا (7) كالكِرْشِ، فَظُنَّ أنْ لا وَلَدَ فيه، فأُلْقِىَ على قارِعَةِ الطَّريقِ، فَلمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وحَمِىَ بها، تَحرَّكَ فَأُخِذَ وشُقَّ، فَخَرجَ منه سَبْعَةُ أوْلادٍ ذُكورٍ، وعاشوا جَميعًا، وكانوا خَلْقًا سَويًّا، إلَّا أنَّه كان فى أعْضَادِهم قِصَرٌ، قال: وصارَعنِى أحَدُهم فَصَرَعَنِى، فكنْتُ أُعَيَّرُ به، فيُقال: صَرَعَكَ سُبُعُ رَجُلٍ. وقد أخْبَرنِى مَنْ أثِقُ به سَنَةَ ثمانٍ وسِتِّمائةٍ، أو سَنَةَ تِسْعٍ، عنْ ضَرِيرٍ بدِمَشْقَ أنَّه قال: وَلَدتْ امْرَأتِى فى هذه الأيَّامِ سَبْعَةً فى بَطنٍ واحِدٍ، ذُكورًا وإناثًا. وكان بدِمَشْقَ أمُّ وَلَدٍ لبعْض كُبَرائِها، وَتَزَوَّجَتْ بَعْدَه مَنْ كان يَقْرَأُ علىَّ، وكانتْ تَلِدُ ثَلاثَةً فى كُلِّ بَطْنٍ. وقال غيرُه: هذا نادرٌ، ولا يُعَوَّلُ عليه، فلا يجوزُ مَنْعُ الميراثِ مِنْ أجْلِه، كما لو لم يَظْهَرْ بِالْمَرْأةِ حَمْلٌ. واخْتَلفَ القائلون بالْوَقْفِ فيما يُوقَفُ، فَرُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه يُوقَفُ نَصيبُ ذَكَرَيْنِ، إن كان ميراثُهما أَكْثرَ، أو ابْنَتَيْنِ إنْ كان نصيبُهما أَكْثَرَ. وهذا قولُ محمدِ بنٍ الحسَنِ، واللُّؤْلُؤِىِّ. وقال شَرِيكٌ: يُوقَفُ نَصيبُ أرْبَعَةٍ، فإنِّى رَأيْتُ بنى إسماعيلَ أَرْبَعَةً، وُلِدُوا فى بَطنٍ واحِدٍ، محمد، وعمر، وعلىّ. قال يحيى بنُ آدمَ: وأظُنُّ الرّابِعَ إسْماعيلَ. ورَوى ابنُ المُباركِ هذا القوْلَ عن أبى حنيفةَ، وروَاه الرَّبِيعُ عنِ
(6) فى أ، م:"بالقسمة".
(7)
فى م زيادة: "كان".
الشّافِعىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وقال اللّيْثُ، وأبو يوسفَ: يُوقَفُ نَصيبُ غُلامٍ، ويُؤْخَذُ ضَمينٌ من الوَرَثَةِ. ولَنا؛ أَنَّ وِلادَةَ التّوْأمَيْنِ كَثيرٌ مُعْتادٌ، فلا يَجوزُ قَسْمُ نَصيبِهما، كالْواحِدِ، وما زَادَ عليهما نادِرٌ، فلم يُوقَفْ له شىءٌ كالخامِس، والسَّادِس، ومتَى وَلَدَتِ المرْأةٌ مَنْ يَرِثُ الموْقُوفَ كُلَّه أخَذَه، وإِنْ بَقِىَ مِنْه شَىْءٌ رُدَّ الى أَهْلِهِ، وإِنْ أعْوَزَ شَيْئًا رَجَعَ على مَنْ هو فى يَدِه.
مسائل مِنْ ذلك: امْرَأةٌ حامِلٌ وبِنْتٌ، لِلْمَرْأةِ الثُّمُنُ، ولِلْبِنْتِ خُمُسُ الباقى. وفى قَوْلِ شَريكٍ تُسْعُه. وفى قَوْلِ أبى يوسفَ ثُلُثُه بِضَمِينٍ. ولا يُدْفَعُ اليها شَىْءٌ فى المشْهورِ عن الشّافِعىِّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وإِنْ كان مَكانَ البِنْتِ ابْنٌ، دُفِعَ إليه ثُلُثُ الباقى، أو خُمُسُه، أو نِصْفُه، على اخْتِلافِ الأقْوالِ. ومتى زَادَتِ الفُروضُ على ثُلُثِ المالِ، فميراثُ الإِناثِ أَكْثَرُ، فإذا خَلَّفَ أبَوَيْنِ، وامْرَأةً حامِلًا، فلِلْمَرْأةِ ثَلاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ وعِشْرينَ، وللْأَبَوَيْنِ ثمانِيةٌ منها، ويُوقَفُ سِتَّةَ عَشَرَ، ويَسْتَوِى ههُنا قولُ مَنْ وَقَفَ نَصيبَ [ابْنَتَيْنِ، وقولُ مَن وَقَفَ نَصِيبَ](8) أرْبَعَةٍ. وقال أبو يوسفَ: تُعْطَى المرأةُ ثُمُنًا كامِلًا، والأَبَوَان ثُلُثًا كامِلًا، ويُؤْخَذُ منهم ضَمينٌ. فإنْ كان معهم بنتٌ دُفِعَ إليها ثَلاثَةَ عَشَرَ من مائةٍ وعِشْرين. وفى قَوْلِ شَرِيكٍ، ثَلاثَةَ عَشَرَ من مائتينِ وسِتّةَ عَشَرَ. وفى قَوْلِ أبى يوسفَ، ثَلاثَةَ عَشَرَ من اثنين وسَبْعينَ، ويُؤْخَذُ مِنَ الكُلِّ ضُمَناءُ من البِنْتِ؛ لاحْتِمالِ أنْ يُولَدَ أكْثَرُ مِنْ واحِدٍ، ومِنَ الباقينَ لاحتمالِ أنْ تعولَ المسْأَلةُ. وعلى قَوْلِنا يُوافَقُ بَيْنَ سَبْعَةٍ وعِشْرينَ ومائةٍ وعِشْرينَ بالأثْلاثِ، وتَضْرِبُ ثُلُثَ إحْداهما فى جميعِ الأُخْرى، تكُنْ ألفًا وثمانين، وتُعْطِى البِنْتَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ فى تِسْعَةٍ، تكُنْ مائةً وسَبْعَةَ عَشَرَ، ولِلْأَبَوَيْنِ والمرْأةِ أحَدَ عَشَرَ فى أرْبعينَ، وما بَقِىَ فَهو مَوْقوفٌ. زَوْجٌ وأُمٌّ حامِلٌ من
(8) سقط من: م.