الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النِّكاحِ، ووَافَق غيرَه فى (8) وُجوبِ الإِنْفاقِ عليه وعِتْقِه على ابنِ ابْنِه، وعِتْقِ ابنِ ابْنِه عليه، وانْتِفاءِ القصاصِ عنه بقَتْلِ ابنِ ابْنِه، والحَدِّ بقَذْفِه، وغيرِ ذلك من أحْكامِ الأبِ، ثم جَعَلَ أبْعَدَ العَصَباتِ أوْلَى منه بالوَلاءِ.
1064 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا هَلَك رَجُلٌ عَنِ ابْنَيْنِ ومَوْلًى، فَمَاتَ أحَدُ الابْنَيْنِ بَعْدَهُ عَنِ ابْنِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى، فَالْوَلَاءُ لِابْنِ مُعْتِقِهِ؛ لأنَّ الْوَلَاءَ لِلْكِبَرِ. وَلَوْ هَلَك الابْنَانِ بَعْدهُ وقَبْلَ الْمَوْلَى، وخَلَّفَ أحَدُهُمَا ابْنًا، والْآخَرُ تِسْعةً، كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ، لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمْ عُشْرُهُ)
هذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ. قال الإمامُ أحمدُ: رُوِىَ هذا عن عمرَ، وعثمانَ، وعلىٍّ، وزيدٍ، وابنِ مسعودٍ. ورَوَى سعيدٌ (1)، ثنا هشيمٌ، ثنا أشْعَثُ بن سَوَّارٍ، عن الشَّعْبِىِّ، أَنَّ عمرَ، وعليًّا، وابنَ مسعودٍ، وزَيدًا، كانوا يَجْعلون الوَلاءَ للْكِبَرِ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ، وأُبَيِّ بنِ كعبٍ، وأبى مسعودٍ البَدْرِىِّ، وأُسامةَ بن زيدٍ. وبه قال عطاءٌ، وطاوسٌ، وسالمُ بن عبدِ اللَّه، والحسنُ، وابنُ سِيرِينَ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، وقَتادةُ، وابنُ قُسَيْطٍ (2)، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ، والشَّافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْى، وداودُ، كلُّهم قالوا: الولاءُ للكِبَرِ. وتَفسِيرُه أنَّه يَرِثُ المَوْلَى المُعْتَقَ من عَصَباتِ سَيِّده أقْرَبُهم إليه، وأوْلَاهم بمِيراثِه يومَ مَوْتِ (3) العَبْدِ. قال ابنُ سِيرِينَ: إذا ماتَ الْمُعْتَقُ نُظِرَ إلى أقْرَبِ النَّاس إلى الذى أعْتَقَه، فيُجْعَلُ مِيراثُه له، وإذا مات السَّيِّدُ قَبْلَ مَوْلاه، لم يَنْتَقِلِ الوَلاءُ إلى عَصَبتِه؛ لأنَّ الوَلاءَ كالنَّسَبِ، لا يَنْتَقِلُ، ولا
(8) سقط من: أ، م.
(1)
فى: باب الرجل يعتق فيموت ويترك ورثة ثم يموت المعتق. سنن سعيد بن منصور 1/ 93.
كما أخرجه الدارمى، فى: باب الولاء للكبر، من كتاب الفرائض. سنن الدارمى 2/ 375. والبيهقى، فى: باب الولاء للكبر من عصبة المعتق. . .، من كتاب الولاء. السنن الكبرى 10/ 303.
(2)
فى الأصل: "نشيط" تحريف، وتقدم فى صفحة 220.
(3)
فى أ: "يموت".
يُورَثُ، وإنَّما يُورَثُ به، فهو باقٍ للمُعْتِقِ أبدًا، لا يزولُ عنه، بدليلِ قولِه عليه السلام:"إنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ"(4). وقولِه: "الولاءُ لُحمةٌ كلُحْمةِ النَّسَبِ"(5). وإنَّما يَرِثُ عَصَبةُ السَّيِّدِ مالَ مَوْلاه بوَلاءِ مُعْتِقِه، لا نَفْس الوَلاءِ. ويتَّضِحُ معنى هذا القولِ بمَسْألَتَىِ الْخِرَقِىِّ اللَّتَيْن ذكَرَهُما (6) ههُنا، وهما: إذا مات رجلٌ عن ابْنَيْنِ ومَوْلًى، فمات أحدُ الابْنَينِ بعدَه عن ابنٍ، ثم مات الْمَوْلَى، وَرِثَه ابنُ مُعْتقهِ دون ابنِ ابنِ مُعْتِقِه؛ لأنَّ ابنَ مُعْتِقِه (7) أقربُ عَصَبةِ سَيِّدِه. ولو مات السيدُ، وخَلَّفَ ابْنَه وابنَ ابنهِ، لَكان مِيراثُه لابنِه، دون ابنِ ابنِه، فكذلك إذا مات الْمَوْلَى. والمسألةُ الأخرى، إذا هلَك الابْنانِ بعدَه، وقبلَ مَولْاه، وخلَّفَ أحدُهما ابنًا، والآخرُ تِسْعةً، ثم مات الْمَوْلَى، كان مِيراثُه بينهم على عَدَدِهم، لكلِّ واحدٍ فهم عُشْرُه؛ لأنَّ السَّيِّدَ لو مات كان ميراثُه بينهم كذلك، فكذلك ميراثُ مَوْلاه، ولو كان الولاءُ مَوْرُوثًا لَانْعَكَسَ الحُكْمُ فى المسْألتَيْنِ، فكان الميراثُ فى المسألةِ الأولى بين الابنِ وابنِ الابنِ؛ لأنَّ (8) الابْنَيْنِ وَرِثَا الوَلاءَ عن أبِيهِما، ثم ما صار للابنِ الذى مات انتقلَ إلى ابنِه، فصار ميراثُ المَوْلَى بينَه وبين عَمِّه نِصْفَيْنِ. وفى المسألةِ الثانية يصيرُ لابْنِ الابنِ المُنْفَردِ نِصْفُ الولاءِ بمِيراثِه ذلك عن ابنِه، ولبنى الابنِ الآخَرِ النِّصْفُ بينهم على عَدَدِهم. وشَذَّ شُرَيْحٌ، فقال: الوَلاءُ بمَنْزِلةِ المالِ، يُورثُ عن الْمُعْتِقِ، فمن مَلَكَ شيئًا حَياتَه، فهو لِوَرَثَتِه. وقد حُكِىَ عن عمرَ، وعلىٍّ، وابنِ عباسٍ، وابن المُسَيَّبِ، نحوُ هذا. وروَى (9) حَنْبَلٌ، ومحمدُ بن الحَكَمِ، عن أحمدَ نحوَه. وغَلّطهُما أبو بكرٍ فى رِوايتِهما، فإنَّ الجماعةَ روَوْا عن أحمدَ مثلَ قولِ الجمهورِ. قال أبو الحارثِ: سألتُ أبا عبدِ اللَّه عن الوَلاءِ لِلْكِبَرِ، فقال: كذا رُوِىَ عن عمرَ،
(4) تقدم تخريجه فى: 8/ 359.
(5)
تقدم تخريجه فى صفحة 215.
(6)
فى م: "ذكرناهما".
(7)
فى الأصل، م:"ابن المعتق".
(8)
فى م: "كأن".
(9)
فى م زيادة: "عن".
وعثمانَ، وعلىٍّ، وزيدٍ، وابن مسعودٍ، أنَّهم قالوا: الولاءُ للكِبَرِ، إلى هذا القولِ أذْهَبُ. وتفسيرُ ذلك أن يُعْتِقَ الرجلُ عبدًا، ثم يموتَ ويُخَلِّفَ ابْنَيْنِ، فيموتَ أحدُ الابنينِ، ويُخَلِّفَ ابنًا، فولاءُ هذا العبدِ المُعْتَقِ لابنِ المُعْتِقِ، وليس لابنِ الابنِ شىءٌ مع الابنِ. وحُجَّةُ شُرَيْحٍ حديثُ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ الذى ذكرْناه (10)، والقياسُ على المالِ. وَلنا، قولُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم:"المَوْلَى أخٌ فِى الدِّينِ، وَوَلِىُّ نِعْمَةٍ، وأَوْلَى النَّاسِ بِمِيرَاثِهِ (11) أقْرَبُهم من المُعْتِقِ"(10). وقوله عليه السلام: "الْوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ"(12). وقوله: "الْوَلاءُ لُحْمَةٌ كلُحْمَةِ النَّسَبِ"(13). ولأنَّه من أسْبابِ التَّوارُثِ، فلم يُورَثْ، كالقَرابةِ والنِّكاحِ، ولأنَّه إجماعٌ من الصَّحابةِ لم يَظْهَرْ عنهم خلافُه فلا يجوزُ مُخَالَفَتُه، وحديثُ عمرِو بن شُعَيْبٍ قد غَلَّطَه العلماءُ فيه، ولم يَصِحَّ عن أحدٍ من الصَّحابةِ خلافُ هذا القولِ، وحَكاهُ الشَّعْبىُّ والأئمةُ عن عمرَ ومَنْ ذكرنا قولَهم، ولا يصِحُّ اعتبارُ الوَلاءِ بالمالِ؛ لأنَّ الوَلاءَ لا يُورَثُ، بدليلِ أنَّه لا يَرِثُ منه [ذَوُو الفُرُوضٍ](14)؛ وإنَّما يُورَثُ به، فيُنْظَرُ أقْربُ الناسِ إلى سَيِّدِه من عَصَباتِه يوم مَوْتِ العبدِ والمُعْتِقِ، فيكونُ هو الوارثَ للمَوْلَى (15) دون غيرِه، كما أَنَّ السَّيِّدَ لو مات فى تلك الحالِ وَرِثَه وحدَه، فإذا خَلَّفَ ابْنَ مَوْلاه، وابنَ ابنِ مَوْلاه، فمالُه لِابْنِ مولاه. وإن خَلَّف ابنَ ابنِ مَوْلاه، وتِسْعةَ بَنِى ابنٍ آخَرَ لَمِوْلَاه، فمالُه بينهم على عَدَدِهم، لكلِّ واحدٍ عُشْرُهُ؛ لأنَّهم يَرِثُون جَدَّهُم كذلك. ولو خلَّف السَّيِّدُ ابْنَه وابنَ ابنِه، فمات ابنُه بعدَه عن ابنٍ، ثم مات عَتِيقُه، فمِيراثُه بين ابْنَى الابنِ نِصْفَيْنِ. وفى قول شُرَيحٍ، هو لابنِ الابنِ الذى كان حيًّا عندَ مَوْتِ ابْنِه. وإن مات السَّيِّدُ عن أخٍ من أبٍ وابنِ أخٍ من أُبَوَيْنِ، فمات الأخُ من الأبِ عن ابنٍ، ثم مات العَتِيقُ، فمالُه لابنِ الأَخِ من الأبوَينِ. وفى قولِ شُرَيحٍ، هو لابْنِ الأَخِ من الأبِ. وإن لم
(10) تقدم تخريجه فى صفحة 245.
(11)
فى م: "به".
(12)
تقدم تخريجه فى: 8/ 359.
(13)
تقدم تخريجه فى صفحة 215.
(14)
فى أ: "ذو الفرض".
(15)
فى أ، م:"المولى".