الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يَلْحَقُه الوَلَدُ؛ لأنَّها فِرَاشٌ لغيرِه، فلم (66) يَلْحَقه وَلَدُها، كالأجْنَبِيَّةِ.
فصل:
فى من يُباحُ له النَّظرُ من الأجانبِ. ويُباحُ للطَّبِيبِ النَّظَرُ إلى ما تَدْعُو إليه الحاجةُ من بَدَنِها، من العَوْرَةِ وغيرِها، فإنَّه مَوْضِعُ حاجةٍ، وقد رُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا حَكَّمَ سعدًا فى بنى قُرَيْظةَ، كان يَكْشِفُ عن مُؤْتَزَرِهم (67). وعن عثمانَ، أنَّه أُتِىَ بغُلامٍ قد سَرَق، فقال: انْظُرُوا إلى مُؤْتَزَرِه. فلم يَجِدُوه أنْبتَ الشَّعْرَ، فلم يَقْطَعْهُ (68). وللشَّاهدِ النَّظرُ إلى وَجْهِ المَشْهُودِ عليها؛ لتكونَ الشهادةُ واقعةً على عَيْنِها. قال أحمدُ: لا يَشْهَدُ على امرأةٍ إلَّا أن يكونَ قد عَرَفَها بعَيْنِها. وإن عامَلَ امرأةً فى بيعٍ أو إجَارةٍ، فله النَّظرُ إلى وَجْهِها؛ ليَعْلَمَها بعَيْنِها، فيَرْجِعَ عليها بالدَّرْكِ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ كَرَاهةُ (69) ذلك فى حَقِّ الشَّابَّةِ دون العَجُوزِ. ولعلَّه كَرِهَه لمن يخافُ الفِتْنةَ، أو يَسْتَغْنِى عن المُعاملةِ، فأمَّا مع الحاجةِ وعَدَمِ الشَّهْوةِ، فلا بَأْسَ.
فصل: فأمَّا نَظَرُ الرجلِ إلى الأجْنَبِيَّةِ من غيرِ سَبَبٍ، فإنَّه مُحَرَّمٌ إلى جَميعِها، فى ظاهر كلامِ أحمدَ. قال أحمدُ: لا يأكلُ مع مُطَلَّقَتِه، هو أجنبىٌّ لا يَحِلُّ له أن يَنْظُرَ
(66) فى م: "فلا".
(67)
أخرجه البخارى، فى: باب إذا نزل العدو على حكم رجل، من كتاب الجهاد، وفى: باب مناقب سعد بن معاذ، من كتاب المناقب، وفى: باب مرجع النبى صلى الله عليه وسلم من الأحزاب. . .، من كتاب المغازى، وفى: باب قول النبى صلى الله عليه وسلم: قوموا إلى سيدكم، من كتاب الاستئذان، صحيح البخارى 4/ 81، 82، 5/ 12، 143، 144، 8/ 72، 73. ومسلم، فى: باب جواز قتال من نقض العهد. . .، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم 3/ 1388، 1389. والترمذى، فى: باب ما جاء فى النزول على الحكم، من أبواب السير. عارضة الأحوذى 7/ 78، 79. والدارمى، فى: باب نزول أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، من كتاب السير. سنن الدارمى 2/ 238. والإمام أحمد، فى: المسند 3/ 22، 71.
(68)
أخرجه البيهقى، فى: باب البلوغ بالإنبات، من كتاب الحجر. السنن الكبرى 6/ 58. وعبد الرزاق، فى: باب لا حد على من لم يبلغ الحلم ووقت الحلم، من كتاب الطلاق، وفى: باب لا قطع على من لم يحتلم، من كتاب اللقطة. المصنف 7/ 338، 10/ 177، 178. وابن أبى شيبة، فى: باب فى الغلام يسرق أو يأتى الحد، من كتاب الحدود. المصنف 9/ 485.
(69)
فى الأصل: "كراهية".
إليها، كيف يأْكُلُ معها يَنْظُرُ إلى كَفِّها (70)! لا يَحِلُّ له ذلك. وقال القاضى: يَحْرُمُ عليه النَّظرُ إلى ما عَدَا الوَجْهَ والكَفَّينِ؛ لأنَّه عَوْرةٌ، ويباحُ له النَّظرُ إليهما (71) مع الكراهةِ إذا أَمِنَ الفِتْنةَ، ونَظَرَ لغيرِ (72) شَهْوةٍ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} . قال ابنُ عباسٍ: الوَجْهَ والكَفَّيْنِ. ورَوَتْ عائشةُ، أَنَّ أسْماءَ بنتَ أبى بكرٍ، دَخَلَتْ على رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فى ثِيابٍ رِقَاقٍ، فأعْرَضَ عنها، وقال:"يَا أَسْمَاءُ، إنَّ الْمَرْأةَ إذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أنْ يُرَى مِنْهَا إلَّا هذَا وهذَا". وأشار إلى وَجْهِه كفَّيْه (73). رواه أبو بكرٍ، وغيرُه. ولأنَّه ليس بعَوْرةٍ، فلم يَحْرُمِ النَّظرُ إليه بغيرِ ريِبَةٍ، كوَجْهِ الرَّجُلِ. ولنا، قولُ اللَّه تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (74). وقولُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم: "إذَا كَانَ لإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَبُ، فمَلَكَ مَا يُؤَدِّى، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ"(75). وعن أُمِّ سَلَمةَ، قالت: كنتُ قاعدةً عندَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أنا وحَفْصَةُ، فاسْتَأْذَنَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:"احْتَجِبْنَ مِنْهُ". روَاه أبو دَاوُد (76). وكان الفَضْلُ بن عباس رَدِيفَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فجاءَتْه (77) الخَثْعَمِيَّةُ تَسْتَفْتِيه، فجعل الفضلُ ينظرُ إليها وتنظرُ إليه، فصَرَفَ رسولُ اللَّه
(70) فى أ، ب:"كفيها".
(71)
فى م: "إليها".
(72)
فى الأصل: "بغير".
(73)
أخرجه أبو داود، فى: باب فيما تبدى المرأة من زينها، من كتاب اللباس. سنن أبى داود 2/ 383. والبيهقى، فى: باب تخصيص الوجه والكفين بجواز النظر إليها عند الحاجة، من كتاب النكاح. السنن الكبرى 7/ 86.
(74)
سورة الأحزاب 53.
(75)
تقدم تخريجه فى صفحة 125.
(76)
فى: باب فى قوله: {غَيْرِ أُولِى الْإِرْبَةِ} ، من كتاب اللباس. سنن أبى داود 2/ 384.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى احتجاب النساء من الرجال، من أبواب الأدب. عارضة الأحوذى 10/ 230. والإمام أحمد، فى: المسند 6/ 296.
(77)
فى الأصل زيادة: "أسماء".