الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} الآية، والمُسَمَّوْنَ فى الآيتَيْنِ شىءٌ واحدٌ.
الفصل الرابع:
أَنَّ الخُمسَ يُقَسَّمُ على (14) خَمْسةِ أَسْهُمٍ. وبهذا قال عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخعِىُّ، وقَتادةُ، وابنُ جُرَيجٍ والشَّافعىُّ. وقيل: يُقَسَّمُ على سِتّةٍ؛ سَهْمٌ للَّهِ تعالى، وسهمٌ لرَسُولِه، لظاهرِ قولِه تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} . فعَدَّ سِتَّةً، وجَعَلَ اللَّه تعالَى لنَفْسِه سَهْمًا سادِسًا، وهو مَرْدُودٌ على عبادِ اللَّهِ أهلِ الحاجةِ، وقال أبو الْعَالِيَةِ: سَهْمُ اللَّهِ عز وجل هو أنَّه إذا عَزلَ الخمسَ ضَرَبَ بيَدِه فيه (15)، فما قَبَضَ عليه من شيْءٍ جَعَلَه للكَعْبةِ، فهو الذى سُمِّىَ للَّهِ تعالى لاتَجْعَلُوا له نَصِيبًا، فإنَّ للَّهِ الدُّنْيا والآخرةَ، ثمَّ يُقَسِّمُ بَقِيَّةَ السَّهْم الذى عَزَلَه على خَمْسةِ أسْهُمٍ. ورُوِىَ عن الحَسَنِ، وقتادةَ، فى سَهْمِ ذِى القُرْبَى، كانت طُعْمَةً لِرَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فى حياتِه، فلما تُوُفِّىَ حَمَلَ عليه أبو بكرٍ وعمرُ فى سَبِيلِ اللَّه (16). ورَوَى ابنُ عْباسٍ، أن أبا بكرٍ وعمرَ قَسَّما الخمسَ على ثلاثةِ أسهمٍ (17). ونحوُه حُكِىَ (18) عن (15) الحسنِ بن محمدِ بن الحَنَفِيَّةِ (19). وهو قولُ أصْحابِ الرَّأْىِ، قالوا: يُقَسّمُ الخمسُ على ثلاثةٍ؛ اليَتامَى،
(14) فى م: "إلى".
(15)
سقط من: م.
(16)
أخرجه البيهقى، فى: باب سهم ذى القربى من الخمس، من كتاب قسم الفىء والغنيمة. السنن الكبرى 6/ 342، 343 عن الحسن. وعبد الرزاق، فى: باب ذكر الخمس وسهم ذوى القربى، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 238، 239. عن الحسن والطبرى، فى: باب تفسير سورة الأنفال، الآية رقم 41. تفسير الطبرى 10/ 6، 7. عن الحسن وقتادة.
(17)
انظر نصب الراية، فى كتاب السير 3/ 424. والطبرى، فى: باب تفسير سورة الأنفال، الآية رقم 41، تفسير الطبرى 10/ 7. عن أبى بكر.
(18)
فى أ: "يحكى".
(19)
الحسن بن عمد بن الحنفية الهاشمى العلوى، كان من عقلاء بنى هاشم وعلمائهم. توفى سنة إحدى ومائة. وقيل: فى سنة خمس وتسعين. العبر 1/ 122.
والمَساكينِ، وابنِ السبيلِ. وأسْقَطُوا سهمَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بمَوْتِه، وسهمَ قرابَتِه أيضًا. وقال مالكٌ: الفىءُ والخمسُ واحدٌ، يُجْعَلانِ فى بيتِ المالِ. قال ابنُ القاسمِ: وبَلَغَنِى عَمَّن أثِقُ به، أنَّ مالكًا قال: يُعْطِى الإِمامُ أقْرِباءَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم على ما يَرَى. وقال الثَّوْرِىُّ: الخُمْسُ (20) يَضَعُه الإِمامُ حيث أَرَاهُ اللَّهُ عز وجل. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} . وسهمُ اللَّهِ والرسولِ واحدٌ. كذا قال عَطاءٌ، والشَّعْبِىُّ. وقال الحسنُ بن محمدِ بن الحَنَفِيَّةِ وغيرُه: قولُه: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} افْتِتاحُ كلامٍ. يَعْنِى أن ذِكْرَ اللَّه تعالى لِافْتِتاحِ الكلامِ باسْمِه (21)، تَبَرُّكًا به. لا لإِفْرادِه بسَهْمٍ، فإنَّ للَّه تعالى الدُّنْيا والآخرةَ. وقد رُوِىَ عن ابنِ عمرَ، وابنِ عبَّاسٍ، قالا: كان رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُقَسِّمُ الخُمسَ على خَمْسةٍ (22). وما ذكَره أبو الْعاليةِ فشىءٌ لا يَدُلُّ عليه رَأْىٌ، ولا يَقْتَضِيه قياسٌ، ولا يُصارُ إليه إلَّا بِنَصٍّ صَحيحٍ يَجِبُ التسليمُ له، ولا نَعْلَمُ فى ذلك أثرًا صحيحًا، سِوَى قولِه، فلا يُتْرَكُ ظاهرُ النصِّ وقولُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وفِعْلُه من أجلِ قولِ أبى العاليةِ. وما قالَه أبو حنيفةَ، فمُخالِفٌ لظاهِرِ الآيةِ؛ فإنَّ اللَّهَ تعالى سَمَّى لِرَسُولِه وقَرابَتِه شيئًا، وجَعَلَ لهما فى الخُمْسِ حَقًّا، كما سَمَّى للثَّلاثَةِ الأصْنافِ الباقيةِ، فمَنْ خالَفَ ذلك، فقد خالفَ نَصَّ الكتابِ. وأمَّا حَمْلُ أبى بكرٍ وعمرَ، رَضِىَ اللَّه عنهما، على سَهْمِ ذى القُرْبَى فى سبيلِ اللَّه، فقد ذُكِرَ لأحمدَ، فسَكَتَ، وحَرَّك رَأْسَه، ولم يَذْهَبْ إليه، ورَأى أن قولَ ابنِ عباسٍ ومَنْ وافَقه أَوْلَى؛ لمُوافَقَتِه (23) كتابَ اللَّهِ تعالى وسُنَّةَ رَسُولِه صلى الله عليه وسلم، فإنَّ ابنَ عبَّاسٍ لمَّا سُئِلَ عن سَهْمِ ذِى القُرْبَى، قال: إنّا
(20) فى م: "والحسن".
(21)
سقط من: ب.
(22)
أخرجه الإِمام أحمد، فى: المسند 2/ 71. عن ابن عمر. والبيهقى، فى: باب بيان مصرف الغنيمة فى ابتداء الإسلام. . .، من كتاب قسم الفىء والغنيمة. السنن الكبرى 6/ 293. عن ابن عباس.
(23)
فى الأصل، أ، ب:"لموافقة".
كُنَّا نَزْعُمُ أنَّهُ (24) لنا، فأَبَى ذلك علينا قَوْمُنا (25). ولعله أرادَ [بقَوْلِه: أَبَى ذلك] (26) علينا قَوْمُنا. فِعْلَ أبى بكرٍ وعمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، فى حَمْلِهِما عليه فى سبيلِ اللَّهِ، ومَنْ تَبِعَهُما على ذلك. ومتى اختَلَفَ الصَّحابةُ، وكان قولُ بعضِهم يُوافِقُ الكِتابَ والسُّنَّةَ، كان أَولَى. وقولُ ابنِ عباسٍ مُوافِقٌ للكتابِ (27) والسُّنَّةِ؛ فإنَّ جُبَيْرَ بن مُطْعِمٍ رَوَى، أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يَقْسِمْ لبَنِى عبدِ شَمْسٍ ولا لِبنِى (28) نَوْفَلٍ من الخُمْس شيئًا، كما كان يَقْسِمُ لبَنِى هاشمٍ ولِبَنِى (29) المُطَّلِبِ. وأنَّ أبا بكر كان يَقْسِمُ الخُمْسَ نحو قَسْمِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، غَير أنَّه لم يكُنْ لم يُعْطِى قُرْبَى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، كما كان يُعْطِيهِم، وكان عمرُ يُعْطِيهِم وعثمانُ من بعدِه. روَاه أحمد، فى "مُسْنَدِه"(30). وقد تُكُلِّمَ فى رِوَايةِ ابن عباسٍ عن أبى بكر وعمرَ، أنَّهما حَمَلَا على سَهْمِ ذِى القُرْبَى فى سبيلِ اللَّه؛ فقِيلَ: إنَّه يَرْوِيه محمدُ بن مَرْوانَ، وهو ضعيفٌ، عن الكَلْبِىِّ، وهو ضعيفٌ أيضًا، ولا يَصِحُّ عند أهلِ النَّقْلِ. فإنَّ قالوا: فالنَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم ليس بِبَاقٍ، فكيف يَبْقَى سَهْمُه؟ قلنا: جهَةُ صَرْفِه إلى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مَصْلحةُ المسلمينَ، والمصالحُ باقيةٌ، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مَا يَحِلُّ لِى مِمَّا أفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُم وَلَا مِثْلُ هذِهِ، إلَّا الخُمْسُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ عَليْكُمْ". رواه سعيدٌ (31).
(24) فى أ: "أن ذلك".
(25)
أخرجه البيهقى، فى: باب سهم ذى القربى من الخمس، من كتاب قسم الفىء والغنيمة. السنن الكبرى 6/ 345.
(26)
فى أ، ب:"بذلك أبى".
(27)
فى الأصل، ب:"الكتاب".
(28)
فى الأصل، م:"بنى".
(29)
فى الأصل، ب:"وبنى".
(30)
تقدم تخريجه فى: 4/ 111. وانظر المسند فيه.
(31)
فى: باب ما جاء فى قسمة الغنائم. سنن سعيد بن منصور 2/ 276.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فداء الأسير بالمال، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 57. والنسائى، فى: كتاب قسم الفىء. المجتبى 7/ 119، الإِمام مالك، فى: باب ما جاء فى الغلول، من كتاب الجهاد. الموطأ 2/ 458. والإِمام أحمد فى: المسند 4/ 127، 128، 5/ 316، 319، 326.