الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآخَرُ، [ولا ينْبَغِى أنَّ يُخِلَّ بهما جميعا، بل إذا انْتَفَى أحدُهما وُجِدَ الآخَرُ](7)، وههُنا قدِ انْتَفَى التَّرْجِيحُ فيَثْبُتُ التَّوْرِيثُ. وصُورَةُ ذلك، أَنْ يَتَزَوَّجَ ابنُ ابنِ المرأَةِ بِنْتَ بِنْتِها، فَيُولَدَ لهما وَلَدٌ، فتكونَ المَرْأةُ أُمَّ أُمِّ أُمِّهِ، وهى (8) أُمُّ أَبِى أبِيهِ. وإِنْ تَزَوَّجَ ابْنُ بِنْتِها بِنْتَ بِنْتِها، فهى أُمُّ أُمِّ أُمِّهِ وأُمُّ أُمِّ أبِيهِ. وإنْ أَدْلَتِ الْجَدَّةُ بِثَلاثِ جِهاتٍ، تَرِثُ بِهِنَّ، لم يُمْكِنْ أَنْ يَجْتَمِعَ معها جَدَّةٌ أُخْرَى وَارْثَةٌ عندَ مَن لا يُوَرِّثُ أكْثَرَ مِن ثلاثٍ.
1017 - مسألة؛ قال: (وَالْجَدَّةُ تَرِثُ وَابْنُهَا حَيٌّ)
وجُمْلَتُه أنَّ الجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الأبِ إِذا كانَ ابْنُها حَيًّا وَارِثًا، فإِنَّ عمرَ، وابْنَ مَسْعُودٍ، وَأبا موسى، وعِمْرانَ بنَ الْحُصَيْنِ، وأبا الطُّفَيْلِ (1)، رَضِىَ اللهُ عنهم، وَرَّثُوها مع ابْنِها. وبه قال شُرَيْحٌ، والْحَسَنُ، وابْنُ سيرِينَ، وجابِرُ بن زَيْدٍ، والْعَنْبَرِىُّ، وإِسحاقُ، وابْنُ المُنْذِرِ، وهو ظَاهِرُ مذهبِ أحمدَ بنِ حَنْبَلٍ، رَضِىَ اللهُ عنه. وقَالَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ: لَا تَرِثُ. ورُوِىَ ذلك عن عثمانَ، وعلىٍّ، رضِىَ اللهُ عنهما، وبه قال مَالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، والأَوْزَاعِيُّ، وسَعِيدُ بنُ عبدِ العزيزِ (2)، والشَّافعيُّ، وابنُ جَابِرٍ، وأَبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وهو روايةٌ عن أَحمدَ، رَواهُ عنه جَماعةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. ولا خِلافَ في تَوْريثِها مع ابْنِها إذا كانَ عَمًّا أَوْ عَمَّ أَبٍ؛ لِأنَّها لا تُدْلِى به. واحْتَجَّ مَنْ أَسْقَطَها بابْنِها (3) بِأَنَّها تُدْلِى به، فلا تَرِثُ معه، كاْلجَدِّ مع الأَبِ، وأُمِّ الأُمِّ مع الأُمِّ. ولَنا، ما رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال: أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
(7) سقط من: م.
(8)
في الأصل، ازيادة:"من". وفي م: "له".
(1)
أبو الطفيل عامر بن واثلة بن الأسقع الكناني، آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا، توفى سنة مائة، أو سنة عَشرٍ ومائة. العبر 1/ 118.
(2)
أبو محمد سعيد بن عبد العزيز التنوخى، فقيه الشام بعد الأوزاعي، توفي سنة سبع وستين ومائة. العبر 1/ 250.
(3)
في م: "بأبيها".
السُّدُسَ، أُمُّ أَبٍ مع ابْنِهَا، وابْنُهَا حَيٌّ. أخْرَجَهُ التِّرمِذِيُّ (4). ورَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ منصورٍ (5)، إِلَّا أنَّ لَفْظَهُ: أَوَّلُ جَدَّةٍ أُطْعِمَت السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مع ابْنِهَا. وقال ابنُ سِيرِينَ: أَوَّلُ جَدَّةٍ أطْعَمَها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم السُّدُسَ (6) أُمُّ أبٍ مع ابْنِها (7). ولِأَنَّ الجدَّاتِ أُمَّهاتٌ يَرِثْنَ مِيرَاثَ الأُمِّ، لا مِيراثَ الأَب، فلا يُحْجَبْنَ به كَأُمَّهاتِ الأُمِّ.
مسائل ذلك: أُمُّ أَبٍ وأَبٌ، لها السُّدُسُ والبَاقِى له. وعلى القَوْلِ الآخَرِ، الكُلُّ له دُونَها. أُمُّ أُمٍّ وأُمُّ أَبٍ وأَبٌ، السُّدُسُ بينهما على القَوْلِ الأوَّلِ. وعلى الثَّانِى السُّدُسُ لِأُمِّ الْأُمِّ، والباقِى لِلْأَبِ. وقِيلَ: لِأُمِّ الأُمِّ نِصْفُ السُّدُسِ، والباقِى للأَبِ؛ لأنَّ الأَبَ لو عُدِمَ لم يكنْ لِأُمِّ الأُمِّ إِلَّا نِصْفُ السُّدُسِ، فلا يكونُ لها مع وُجُودِه إلَّا ما كان لها مع عَدَمِه. والأَوَّلُ أصَحُّ؛ لِأَنَّ الإِخْوَةَ مع الأبَويْنِ يَحْجُبُونَ الأُمَّ عن نصف مِيرَاثِها، ولا يَأْخُذونَ ما حَجَبُوها عنه، بل يَتوفَّرُ ذلِكَ على الأَبِ، كذا ههُنا. ثَلَاثُ جَدَّاتٍ مُتَحَاذياتٌ وأبٌ، السُّدُسُ بَيْنَهُنَّ على الْقَوْلِ الأَوَّلِ، ولِأُمِّ الأُمِّ على القَوْلِ الثَّانِى، وعلى الثَّالِثِ لِأُمِّ الأُمِّ ثُلُثُ السُّدُسِ، والباقِى للأَبِ. وإنْ كان مع المُتَحَاذِياتِ جَدٌّ (8)، لم يَحْجُب إِلَّا أُمَّهُ. أَبٌ وأمُّ أَبٍ وأُمُّ أُمِّ أُمٍّ، على قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، السُّدُسُ لِأُمِّ الأَبِ. ومَنْ حَجَبَ الْجَدَّةَ بابْنِهَا أَسْقَطَ أُمَّ الأَبِ. ثم اخْتَلَفَ الْقَائِلُون بذلك، فقِيلَ: السُّدُسُ كُلُّهُ لِأُمِّ أُمِّ الأُمِّ؛ لِأَنَّ الَّتى تَحْجُبُها أو تُزَاحِمُها قد سَقَطَ حُكْمُها، فصَارَتْ كَالْمَعْدُومَةِ. وقيلَ: بل لها نِصْفُ السُّدُسِ على قَوْلِ زَيْدٍ؛ لأنَّهُ يُوَرِّثُ البُعْدَى مِنْ جِهَةِ الأُمِّ مع القُرْبَى مِنْ جِهَةِ الأَبِ، فكان لها نِصْفُ السُّدُسِ. وقيل: لا شَىْءَ لها؛ لأنَّها انْحَجَبَتْ بِأُمِّ الأبِ، ثم انْحَجَبَتْ أُمُّ الأبِ بِالْأَبِ، فصَارَ المالُ كُلُّهُ للْأَبِ.
(4) في: باب ما جاء في ميراث الجدة مع ابنها، من أبواب الفرائض. عارضة الأحوذي 8/ 253، 254.
(5)
في: باب الجدات. السنن 1/ 57.
(6)
سقط من: م.
(7)
ذكره سعيد بن منصور، في: باب الجدات. السنن 1/ 57.
وأخرجه الدارمي، عن ابن سيرين، عن ابن مسعود، موقوفا عليه، في: باب في الجدات، من كتاب الفرائض سنن الدارمي 2/ 358.
(8)
في النسخ: "جدات". والتصحيح من الشرح الكبير 4/ 21.
1018 -
مسألة؛ قال: (وَالْجَدَّاتُ الْمُتَحَاذِيَاتُ أَنْ تَكُنَّ (1) أُمَّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمَّ أُمِّ أَبٍ وَأُمَّ أَبِي أَبٍ، وَإِنْ كَثُرْنَ فَعَل ذَلِكَ)
يَعْنِى بِالْمُتَحاذِياتِ الْمُتَساوِياتِ فِي الدَّرَجَةِ، بحيثُ لا تكونُ وَاحِدَةٌ أعْلَى مِن الأُخْرَى ولا أَنْزَلَ منها؛ لأنَّ الْجَدَّاتِ إِنَّما يَرِثْنَ كُلُّهُنَّ إِذا كُنَّ في دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، ومتى كان بَعْضُهُن أَقْرَبَ مِن بَعْضٍ، فالمِيراثُ لِأَقْرَبِهِن، فإذا قِيلَ: تَرَكَ جَدَّتَيْنِ وَارِثَتَيْنِ على أقْرَبِ المنَازِلِ. فهما أُمُّ أُمِّهِ وأُمُّ أَبيهِ. وإنْ قيلَ: تَرَكَ ثلاثًا. فهُنَّ كما قال الْخِرَقِيُّ، أُمُّ أُمِّ أُمٍّ وأُمُّ أُمِّ أَبٍ وأُمُّ أَبِي أَبٍ، وَاحِدَةٌ مِنْ قِبَلِ الأُمِّ، واثْنَتانِ مِنْ قِبَلِ الأَبِ، وهما أُمُّ أُمِّهِ وأُمُّ أبيهِ، كما جاءَ الحدِيثُ، وفي دَرَجَتِهِنَّ أُخْرَى مِنْ قِبَلِ الأُمِّ غير وَارِثَةٍ، وهى أُمُّ أَبي الأُمِّ، ولا يَرِثُ أَبَدًا مِنْ قِبَلِ الأُمِّ إلَّا، وَاحِدَةٌ، وهى التي كُلُّ نَسَبِها أُمَّهَاتٌ لا أَبَ فيهنَّ. فاحْفَظْ ذلك. فإِنْ قِيلَ: تَرَكَ أرْبَعًا. فَهُنَّ أُمُّ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ، وأُمُّ أُمِّ أُمِّ أَبٍ، وأُمُّ أُمِّ أبي أَبٍ، وأُمُّ أَبِي أَبِي أَبٍ. وفي دَرَجَتِهنَّ أَرْبعٌ غَيْرُ وَارِثَاتٍ، وقَدْ ذَكَرْناهُنَّ فيما تَقَدَّمَ، إلَّا أنَّ مذهبَ أحمدَ لَا يُورِّثُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِ جَدَّاتٍ، وهُنَّ الثَّلاثُ الأُوَلُ. ويَحْتَمِلُ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ تَوْرِيْثَهُنَّ وإنْ كَثُرْنَ، فعلى هذا القَوْلِ كُلَّما زَادَ دَرَجةً زادتْ جَدَّةٌ، وَيرِثُ في الدَّرَجَةِ الخامِسَةِ خَمْسٌ، وفِي السَّادِسةِ سِتٌ، وفي السَّابِعَةِ سَبْعٌ، وعلى هذا أَبدًا، وقَوْلُ الخِرَقِيِّ:"وإنْ كَثُرْنَ فَعَلى ذَلِكَ". يَحْتَمِلُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلى تَوْرِيثِ الْجدَّاتِ على هذا الْوَجْهِ وإنْ كَثُرْنَ. ويَحْتَمِلُ أنَّهُ أرادَ وإنْ كَثُرْنَ فلا يَرِثُ إِلَّا هؤلاءِ الثَّلَاثُ. فَعَلى هذا القَوْلِ لَا يَرِثُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثٍ؛ وَاحِدَةٌ مِنْ قِبَلِ الأُمِّ، واثْنَتانِ مِنْ قِبَلِ الأَبِ، وهما أُمُّ أُمِّهِ وأُمُّ أبِيهِ وأُمَّهاتُهما. ولا تَرِثُ جَدَّةٌ فِي نَسَبِها أَبٌ بَيْنَ أُمَّيْنِ، ولا ثَلَاثَةُ آبَاءٍ. وإنْ أرَدْتَ تَنْزِيلَ الجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ وغَيْرِهِنَّ، فَاعلَمْ أَنَّ لِلْمَيِّتِ في الدَّرجةِ الأُولَى جَدَّتَيْنِ، أُمَّ أُمِّهِ وأُمَّ أبيهِ، وفي الثَّانِيَةِ أرْبَعٌ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِ جَدَّتَيْنِ فهما أَرْبَعٌ بالنِّسْبَةِ إليه، وفي الثَّالِثَةِ ثَمانٍ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أبَوَيْهِ أرْبَعًا على هذا الْوَجْهِ، فيكونُ لِوَلَدِهما ثَمَانٍ. وعلى هذا كُلَّما عَلَوْنَ دَرَجَةً تَضَاعَفَ عَدَدُهُنَّ، ولا يَرِثُ مِنْهُنَّ إِلَّا ثَلاثٌ. واللهُ أعلمُ.
(1) في أ، ب، م:"تكون".