الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوْضِعٍ حَكَمْنا بفَسادِ العَقْدِ ففُرِّقَ بينهما قبلَ الدُّخُولِ، فلا مَهْرَ لها، وإن كان بعدَه فلها مَهْرُ المِثْلِ، أو المُسَمَّى، على ما قَدَّمْنا من الاخْتِلافِ. وكلُّ مَوْضِعٍ فُسِخَ النِّكاحُ مع القولِ بصِحَّتِه قبلَ الدُّخُولِ، فلا شىءَ لها، وإن كان بعدَه فلها المُسَمَّى؛ لأنَّه فَسْخٌ طَرَأ على نِكاحٍ، فأشْبَه الطَّلَاقَ.
فصل:
فإن غَرَّهابنَسَبٍ، فبَانَ دُونَه، وكان ذلك مُخِلًّا بالكَفاءةِ، وقُلْنا بصِحّةِ النِّكاحِ، فلها الخِيارُ، فإن اخْتارتِ الإِمْضاءَ، فلأَوْلِيائِها الاعتِراضُ عليها، وإن لم يُخِلَّ بالكَفاءةِ، فلا خِيارَ لها؛ لأنَّ ذلك ليس بمُعْتَبَرٍ فى النِّكاحِ، فأشْبَهَ ما لو شَرَطتْه (54) فَقِيهًا، فبانَ بخِلافِه. وكذلك إن شَرَطَتْ غيرَ النَّسَبِ، فإن كان ممَّا يُعْتَبَرُ فى الكَفاءةِ، فهو كما لو تَبَيَّنَ أنَّه غيرُ مُكافِئ لها فى النَّسَبِ، وإن لم يُعْتَبَرْ فى الكَفاءةِ، كالفِقْهِ والجَمالِ وأشْباه ذلك، فلا خِيارَ لها؛ لأنَّ ذلك ممَّا لا يُؤَثِّرُ (55) فى النِّكاحِ، فلا يُؤَثِّرُ (56) اشْتِراطُه. وذُكِرَ فيما إذا بانَ نَسَبُه دونَ ما ذَكَرَهُ (57) وَجْهٌ (58) فى ثُبُوتِ الخِيَارِ لها وإِنْ (59) لم يُخِلَّ بالكَفاءةِ، والأَوْلَى ما ذَكَرْناه. واللَّه أعلم.
1133 - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَ الْمَغْرُورُ عَبْدًا، فوَلَدُهُ أحْرَارٌ، وَيفْدِيهِمْ إِذَا عَتَقَ، ويَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ)
وجملةُ ذلك أَنَّ المَغْرُورَ إذا كان عَبْدًا، فوَلَدُه أحْرارٌ. وقال أبو حنيفةَ: يكونُ رَقِيقًا؛
(54) فى م: "شرطه".
(55)
فى م: "يعتبر".
(56)
فى الأصل زيادة: "فى".
(57)
فى م: "ذكر".
(58)
فى الأصل: "وجها".
(59)
فى م: "إن".
لأنَّ أبَوَيْه رَقِيقٌ. وليس ذلك بصَحِيحٍ، فإنَّه وَطِئَها مُعْتَقِدًا حُرِّيَّتَها، فكان وَلَدُه حُرًّا، كوَلَدِ الحُرِّ، فإنَّ هذا هو العِلَّةُ المُقْتَضِيَةُ للحُرَّيَّةِ فى مَحَلِّ الوِفَاقِ، ولولا ذلك لَكان رَقِيقًا، فإنَّ عِلَّةَ رِقِّ الوَلَدِ رِقُّ الأُمِّ خاصَّةً، ولا عِبْرَةَ بحالِ الأبِ، بدَلِيلِ وَلَدِ الحُرِّ من الأَمَةِ، ووَلَدِ الحُرَّةِ (1) من العَبْدِ. وعلى العَبْدِ فِداؤُهم؛ لأنَّه فَوّتَ رِقَّهُم باعْتِقادِه وفِعْلِه، ولا مالَ له فى الحالِ، فيُخَرَّجُ فى ذلك وَجْهان؛ أحدهما، يَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه بمَنْزِلةِ جِنَايَتِه. والثانى، بذِمَّتِه يُتْبَعُ به بعدَ العَتْقِ، بمَنْزِلةِ عِوَضِ الخُلْعِ من الأَمَةِ إذا بَذَلَتْه بغيرِ إذْنِ سَيِّدِها. ويُفارِقُ الاسْتِدانةَ والجِنايةَ؛ لأنَّه إذا اسْتدانَ أتْلَفَ مالَ الغرِيمِ، فكان جِنايةً منه، وههُنا لم يَجْنِ فى الأوْلادِ جِنايةً، وإنَّما عَتَقُوا من طَرِيقِ الحُكْمِ، وما حَصَلَ له فهم عِوَضٌ، فيكونُ ذلك فى ذِمَّتِه يُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ، ويَرْجِعُ به حين يَغْرَمُه، فإنَّه لا يَنْبَغِى أن يَجِبَ له بَذْلُ ما لم يَفُتْ عليه. وأمَّا الحُرِّيَّةُ فتُتعَجَّلُ فى الحالِ. وإن قُلْنا: إنَّ (2) الفِداءَ يَتَعَلَّقُ برَقَبَتِه. وَجَبَ فى الحالِ، ويَرْجِعُ به سَيِّدُه فى الحال، ويَثْبُتُ للعبدِ الخِيارُ إذا عَلِمَ، كما ثَبَتَ (3) للحُرِّ لمن يَحِلُّ له نِكاحُ الإِمَاءِ؛ لأنَّ عليه ضَرَرًا فى رِقِّ وَلَدِه، ونَقْصًا فى اسْتِمْتاعِه، فإنَّها لا تَبِيتُ (4) معه لَيْلًا ونَهارًا، ولم يَرْضَ به. ويَحْتَمِلُ أن لا يَثْبُتَ له خِيارٌ؛ لأنَّه فَقَدَ صِفَةً لا مَنْقَصَ (5) بها عن رُتْبَتِه، فأشْبَهَ ما لو شَرَطَ نَسَبَ امْرأةٍ فبانَتْ بخِلافهِ؛ لأنَّها مُسَاوِيةٌ لِنَسَبِه، بخِلافِ تَغْرِيرِ الحُرِّ. وقال بعضُ الشَّافعيَّةِ: لا خِيارَ له، قولًا واحدًا. وقال بعضُهم: فيه قَوْلان. والأَوْلَى ما ذكَرْناه. وإذا اختارَ الإِقامةَ، فالمَهْرُ واجِبٌ، لا يَرْجِعُ به على أحَدٍ. وإن اختارَ الفَسْخَ قبلَ الدُّخولِ، فلا مَهْرَ، وإن كان بعدَه والنكاحُ بإذْنِ سيدِه، فالمَهْرُ واجبٌ عليه، وفى الرُّجُوعِ به خِلافٌ ذكَرْناه فيما مضَى، وإن كان بغيرِ إذْنِه، فالنكاحُ فاسدٌ، فإن دَخَلَ بها ففى قَدْرِ ما يَجِبُ
(1) فى أ، م:"الحر".
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
فى ب: "يثبت".
(4)
فى أ، ب:"تتبوأ".
(5)
فى م: "ينقف".