الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِاخْتيارِه، ويَبْقَى على الجَهالةِ أبدًا. وهو قولُ (82) مالكٍ. وقال ابنُ حامدٍ: يُتْركُ حتى يَبْلُغ فيَنْتَسِبَ إلى أحدِهما. وهو قولُ الشافعىِّ الجديد، وقال فى القديمِ: يُتْرَكُ حتى يُمَيِّزَ، وذلك لِسَبْعٍ أو ثَمانٍ، فيَنْتَسِبَ إلى أحدِهما، ونفقَتُه عليهما، إلى أن ينْتَسِبَ إلى أحدِهما، فيرْجِعَ الآخرُ عليه بما أَنْفَقَ. وإذا ادَّعَى اللَّقِيطَ اثنانِ، أُرِىَ القافةَ معهما. وإن مات الولدُ المُدَّعَى فى هذه المواضعِ قبلَ أن يُرَى القافةَ، وله ولدٌ، أُرِىَ ولدهُ القافةَ مع المُدَّعِينَ. ولو مات الرَّجُلانِ أُرِىَ الْقافةَ مع عَصَبتِهما. وإن ادَّعاه أكثرُ من اثْنَيْنِ، فألحقَتْه القافةُ بهم، لَحِقَ. وقد نَصَّ أحمدُ على أنَّه يُلْحَقُ بثلاثةٍ، ومُقْتَضَى هذا أن (83) يُلْحَقَ بهم وإن كَثُرُوا. وقال القاضى: لا يُلْحَقُ بأكثرَ من ثلاثةٍ. وهو قولُ محمدِ بن الحسنِ. ورُوِىَ عن أبى يوسفَ. وقال ابنُ حامدٍ: لا يُلْحَقُ بأكثرَ من اثْنَيْنِ. ورُوِىَ أيضًا عن أبى يوسفَ. وقال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ وأصحابُه، وشَرِيكٌ، ويحيى بن آدَمَ: لا حكمَ للقافةِ، بل إذا سَبَقَ أحدُهما بالدَّعْوَى (84)، فهو ابنُه. فإن ادَّعيَاه معا، فهو ابْنُهما. وكذلك إن كَثُرَ الواطِئُون وادَّعَوْه معا، فإنَّه يكونُ لهم جميعا. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قَضَى فى ذلك بالقُرْعةِ واليَمِينِ. وبه قال ابنُ أبى لَيْلَى، وإسحاقُ. وعن أحمدَ نحوُه إذا عُدِمَت القافةُ. وقد ذَكَرْنا أكثرَ هذه المسائل مَشْرُوحةً مَدْلُولًا عليها فى مواضِعِها، والغرضُ ههُنا ذِكْرُ مِيرَاثِ المُدَّعَى، والتَّوْرِيثُ منه، وبيانُ مَسائِله.
مسألة:
إذا أُلْحِقَ باثْنَيْنِ، فمات، وتَرَكَ أُمَّه حُرّةً، فلها الثُّلُثُ، والباقِى لهما، فإن كان لكلِّ واحدٍ منهما ابنٌ سِوَاهُ، أو لأحَدِهما ابْنانِ، فلأُمِّه السُّدُسُ. فإن مات أحدُ الأبوَيْنِ، وله ابنٌ آخرُ، فمالُه بينهما نِصْفَيْنِ، فإن مات الغلامُ بعدَ ذلك، فلأُمِّه السدسُ، والباقى للباقى من أبوَيْه، ولا شىءَ لإِخْوَتِه؛ لأنَّهما مَحْجُوبانِ بالأَبِ الباقى. فإن كان الغلامُ تَرَكَ ابنًا، فللباقِى من الأبَوينِ السدسُ، والباقى لِابْنِه. وإن مات قبلَ
(82) سقط من: م.
(83)
فى م: "أنه".
(84)
فى الأصل، أ:"بالدعوة".
أبَوَيْه، وترك ابنًا، فلهما جميعًا السدسُ، والباقى لِابْنِه. فإن كان لكلِّ واحدٍ منهما أبَوانِ، ثم ماتَا، ثم ماتَ الغلامُ وله جَدّةٌ أُمُّ أُمٍّ وابنٌ، فلأُمِّ أُمِّه نصفُ السُّدسِ، ولأُمَّى المُدَّعِيَيْنِ نِصْفُه، كأنَّهما جَدَّةٌ واحدةٌ، وللجَدِّيْنِ السُّدُسُ، والباقى للابنِ، فإن لم يكُن ابنٌ، فللجَدَّيْنِ الثلثُ؛ لأنَّهما بمنزلةِ جَدٍّ واحدٍ، والباقى للأخَوَينِ. وعند أبى حنيفةَ، الباقى كلُّه للجَدَّيْنِ؛ لأنَّ الجَدَّ يُسْقِطُ الإِخْوةَ. وإن كان المُدَّعِيان أخوَيْنِ، والمُدَّعَى جارِيةً، فماتا وخَلَّفَا أبَاهما، فلهما من مالِ كلِّ واحدٍ نِصْفُه، والباقى للأبِ. فإن مات الأبُ بعدَ ذلك فلها النصفُ؛ لأنَّها بنتُ ابْنٍ. وحَكَى الخَبْرِىُّ عن أحمدَ وزُفَرَ وابنِ أبِى زائدةَ (85)، أَنَّ لها الثُّلُثينِ؛ لأنَّها بنتُ ابْنَيْه (86) فلها يراثُ بِنْتَى ابنٍ، وإن كان المُدَّعِى ابنًا، فمات أبَواهُ، ولأحدِهما بنتٌ، ثم مات أبوهُما، فمِيراثُه بين الغلامِ والبنتِ على ثلاثةٍ. وعلى القولِ الآخَرِ، على خمسةٍ؛ لأنَّ الغلامَ يضْرِبُ بنَصيبِ ابْنَىِ ابْنِ. وإن كان لكلِّ واحدٍ منهما بنتٌ، فللغُلامِ من مالِ كلِّ واحدٍ منهما ثُلُثاه، وله من مالِ جَدِّه نِصْفُه. وعلى القولِ الآخَرِ، له ثُلُثاه، ولهما سُدْساه. وإن كان المُدَّعِيان رَجُلًا وعَمّةً، والمُدَّعَى جاريةُ، فماتا، وخَلَّفَا أبَوَيْهِما، ثم مات أبو الأَصْغَرِ، فلها النِّصْفُ، والباقى لأبى العَمِّ؛ لأنَّه أبوه. وإذا مات أبو العَمِّ، فلها النِّصْفُ من مالِه أيضًا. وعلى القولِ الآخَرِ، لها الثُّلُثان؛ لأنَّها بنتُ ابنٍ وبنتُ ابْنِ ابْنٍ. وإن كان المُدَّعِى رجلًا وابْنَه، فمات الابنُ، فلها نِصْفُ مالِه. وإذا مات الأبُ فلها النِّصْفُ أيضًا. وعلى القولِ الآخَرِ لها الثُّلُثانِ. وقال أبو حنيفةَ: إذا تَدَاعَى الأبُ وابْنُه، قُدِّمَ الأبُ، ولم يكُنْ للابنِ شىءٌ. وإن مات الأبُ أَوَّلًا، فمالُه (87) بين ابْنِه وبينهما على ثلاثةٍ، ثم تأخذ نصفَ مالِ الأصْغرِ، لكَوْنِها بِنْتَه، وباقِيه لأنَّها أخْتُه، وفى كلِّ ذلك إذا لم يَثْبُتْ نَسَبُ المُدَّعِى، وُقِفَ نَصِيبُه، ودُفِعَ إلى كلِّ وارثٍ اليَقِينُ، ووُقِفَ الباقِى حتى يثْبُتَ نَسَبُه أو يَصْطَلِحُوا. فلو كان المُدَّعُون ثلاثةً، فمات أحَدُهم، وتَرَكَ ابنًا وألْفًا، ثم مات الثانى، وترَك ابنًا
(85) يحيى بن زكريا بن خالد (أبى زائدة) الهمدانى الوادعى مولاهم الحنفى، أفقه أهل الكوفة فى زمانه، توفى سنة اثنتين، وقيل: ثلاث ومائتين. الجواهر المضية 3/ 585، 586.
(86)
فى أ، م:"ابنته".
(87)
فى م: "فما".
وألْفَيْنِ، ثم مات الثالثُ، وترَك ابنا وعِشْرِينَ ألفًا، [ثم مات الغُلامُ](88)، وترك أرْبعةَ آلافٍ، وأُمًّا حُرّةً، وقد ألْحَقَتْه الْقافةُ بهم، فقد ترَك خمسةَ عشرَ ألفًا وخَمْسمائة، فلأُمِّه سُدُسُها، والباقى بين إخْوتِه الثَّلاثةِ أثْلاثًا. وإن كان مَوْتُهم قبلَ ثُبُوتِ نَسَبِه، دُفِعَ إلى الأُمِّ (89) ثُلُثُ تَرِكَتِه، وهو ألفٌ وخَمْسُمائة؛ لأنَّ أَدْنَى الأحْوالِ أن يكونَ ابنَ صاحبِ الألْفِ، فيَرِثُ منه خَمْسَمائةٍ، وقد كان وُقِفَ له من مالِ كلِّ واحدٍ من المُدَّعِين نِصْفُ مالِه، فيُرَدُّ إلى ابْنِ صاحبِ الألْفِ، وابنِ صاحبِ الألْفَيْنِ، ما وُقِفَ من مالِ أبَوَيْهما؛ لأنَّه إن (89) لم يكُنْ أخًا لهما فذلك لهما من مالِ (90) أبوَيْهِما، وإن كان أخَا أحدِهما، فهو يَستحِقُّ ذلك، وأكثرَ منه بإرْثِه منه، ويُرَدُّ على ابنِ الثالثِ تِسْعَةُ آلافٍ وثُلُثُ ألفٍ، ويَبْقَى ثُلُثا ألفٍ مَوْقُوفةً بينه وبين الأُمِّ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يكونَ أخاه، فيكونُ قد مات عن أربعةَ عشرَ ألفًا، لأُمِّه ثُلُثُها، ويَبْقَى من مالِ الابنِ ألفانِ وخَمْسُمائة مَوْقوفةً يَدَّعِيها ابنُ صاحبِ الألْفِ كلِّها، ويَدَّعِى منها ابنُ صاحبِ الألْفَيْنِ ألْفَيْنِ وثُلُثًا، فيكونُ ذلك موقوفًا بينهما وبين الأُمِّ، وسُدسُ الأَلْفِ بين الأُمِّ وابنِ صاحبِ الألْفِ. فإن ادَّعَى أخَوانِ ابْنًا، ولهما أبٌ، فمات أحَدُهما، وخَلَّفَ بنتًا، ثم مات الآخَرُ قبلَ ثُبوتِ نَسَبِ المُدَّعَى، وُقِفَ من مالِ الأَوَّلِ خَمْسةُ أتْساعِه، منها تُسْعانِ بين الغلامِ والبنتِ، وثلاثةُ أتْساعٍ بينه وبين الأبِ، ويُوقَفُ من مالِ الثاني خمسةُ أسْداسٍ بينَه وبين الأبِ. فإن مات الأبُ بعدَهما، وخَلَّفَ بنتًا، فلها نصفُ مالِه، ونصفُ ما وَرِثَه عن ابْنتِه، والباقى بين الغُلامِ وبنتِ الابْنِ؛ لأنَّه ابنُ ابْنِه بيَقِين، ويُدْفَعُ إلى كلّ واحدٍ منهم من المَوْقُوفِ اليقينُ، ويُوقفُ الباقى، فتُقَدِّرُه مَرّةً ابنَ صاحبِ البنتِ، ومرةً ابنَ الآخَرِ، وتَنْظُرُ مالَه من كلِّ واحدٍ منهم فى الحالَيْنِ، فتُعْطِيه أقَلَّهما، فللغُلامِ فى حالٍ كُلُّ (90) المَوْقُوفِ من مالِ
(88) سقط من: م.
(89)
فى م: "الإمام".
(90)
سقط من: م.
الثانى، وخُمْسُ المَوْقُوفِ من مالِ الأوَّلِ، وفى حالٍ كلُّ الموقوفِ من مالِ الأَوَّلِ، وثُلُثُ المَوْقُوفِ من الثانى، فله أقَلُّهما، ولبنتِ المَيِّتِ الأَوَّلِ فى حالٍ النَّصْفُ من مالِ أَبِيها، وفى حالٍ السُّدُسُ من مالِ عَمِّها، ولبِنْتِ الأبِ فى حالٍ نِصْفُ الموْقوفِ من مالِ الثانى، وفى حالٍ ثلاثةُ أعْشارٍ (91) من مالِ الأوَّلِ، فتَدْفَعُ إليها أقَلَّهما، ويَبْقَى باقِى التَّرِكَةِ مَوْقُوفًا بينهم حتى يَصْطَلِحُوا عليه. ومن الناسِ مَن يُقَسِّمُه بينهم على حَسَبِ الدَّعَاوَى. ومتى اخْتَلَفَتْ أجْناسُ التَّرِكةِ، ولم يَصِرْ بعضُها (92) قصاصًا عن بعض، قُوِّمَتْ، وعُمِلَ فى قِيمَتِها على ما بَيَّنَّا فى الدَّراهمِ إن تَرَاضَوْا على ذلك، أو يَبِيعُ الحاكمُ عليهم ليَصِيرَ الحقُّ كلُّه من جِنْسٍ واحدٍ، لما فيه من الصَّلَاحِ لهم، ويُوقَفُ الفَضْلُ المشكوكُ فيه بينهم على الصُّلْحِ. ولو ادَّعَى اثنانِ غلامًا، فألْحقتْه القافةُ بهما، ثم مات أحدُهما، وترَك ألفًا وبِنْتًا وعَمًّا، ثم مات الآخَرُ، وتَرك ألْفَيْنِ وابْنَ ابنِ، ثم مات الغلامُ، وتَرَك ثلاثةَ آلافٍ وأُمًّا، كان للبنتِ من تَركةِ أبيها ثُلُثُها، وللغلامِ ثُلُثاها، وتَرِكِةُ الثانِى كلُّها له؛ لأنَّه ابْنُه، فهو أحَقُّ من ابنِ الابنِ، ثم مات الغلامُ عن خمسةِ آلافٍ وثُلُثَىْ ألفٍ، فلأُمِّه ثلثُ ذلك، ولأُخْتِه نِصْفُه، وباقِيه لِابْنِ الابنِ؛ لأنَّه ابنُ أخِيه، ولا شىءَ لِلْعَمِّ. وإن لم يَثْبُتْ نَسَبُه، فلابْنةِ الأَوَّلِ ثلثُ الألفِ، ويُوقَفُ ثُلُثاها وجَمِيعُ تَركِةِ الثانى. فإذا مات الغلامُ، فلأمِّه من تَركَتِه ألفٌ وتُسْعَا ألفٍ؛ لأنَّ أقلَّ أحوالِه أن يكونَ ابنَ الأوَّلِ، فيكونُ قد مات عن ثلاثةِ آلافٍ وثُلُثَىْ ألفٍ، ويُرَدُّ المَوْقُوفُ من مالِ أبى البِنْتِ على البنتِ والعَمِّ، فيَصْطَلحانِ عليه؛ لأنَّه لهما، إمَّا عن صاحِبِهما أو الغُلامِ، ويُرَدُّ الموقوفُ من مالِ الثانى إلى ابنِ ابْنِه؛ لأنَّه له إمَّا عن جَدِّه، وإمَّا عن عَمِّه، وتُعْطَى الأُمُّ من تَركِةِ الغلامِ ألفًا وتُسْعَىْ ألفٍ؛ لأنَّه أقلُّ مالها، ويَبْقَى ألفٌ وسَبعةُ أتْساعِ ألفٍ تَدَّعِى الأُمُّ منها أرْبعةَ أتْساعِ ألفٍ، تَمامَ ثُلُثِ خَمْسة آلافٍ، ويَدَّعِى منها ابنُ الابْنِ ألفًا وثُلُثًا، تَمامَ
(91) فى م: "أعشاره".
(92)
فى م: "بعضهم".
ثُلُثَىْ خَمْسة آلافٍ، وتَدَّعِى البنتُ والعَمُّ جميعَ الباقِى، فيكونُ ذلك موقوفًا بينهم حتى يَصْطَلِحُوا. ولو كان المولودُ فى يَدَىِ امْرأتَينِ فادَّعَياهُ (93) معًا، أُرِىَ الْقافةَ معهما، فإن ألْحَقَتْه بإحداهُما، لَحِقَ بها ووَرثِها، ووَرِثَتْه فى إحْدَى الرِّواياتِ. وإن ألحقتْه بهما، أو نَفَتْه عنهما، لم يَلْحَقْ بواحدةٍ منهما. وإن قامت لكلِّ واحدةٍ منهما بَيِّنةٌ، تعارَضَتا، ولم تُسْمَعْ بَيِّنَتُهما. وبهذا قال أبو يوسفَ، واللُّؤْلُؤىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَثْبُتُ نَسَبُه منهما، ويَرِثانِه ميراثَ أُمٍّ واحدةٍ، كما يُلْحَقُ برَجُلَيْنِ. ولَنا، أَنَّ إحْدَى البِنْتَينِ كاذِبةٌ يَقِينًا، فلم تُسْمَعْ، كما لو عُلِمَتْ، ومن ضَرُورةِ رَدِّها رَدُّهما؛ لعَدَمِ العِلْمِ بعَيْنها، ولأنَّ هذا مُحَالٌ، فلم يثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ ولا غيرِها، كما لو كان الولدُ أكبرَ منهما. ولو أَنَّ امرأةً معها صَبِىٌّ، ادَّعاه رَجُلانِ، كلُّ واحدٍ يَزْعُمُ أنَّه ابْنُه منها، وهى زَوْجَتُه، فكَذَّبَتْهُما، لم يَلْحَقْهُما، وإن صَدَّقَتْ أحَدَهُما، لَحِقَه، كما لو كان بالغًا، فادَّعَياه، فصَدَّقَ أحَدَهُما. ولو أَنَّ صَبِيًّا مع امرأةٍ، فقال زَوْجُها: هو ابْنِى من غيرِكِ. فقالت: بل هو ابْنِى منكَ. لَحِقَهُما جميعا.
(93) فى أ: "فادعتاه".