الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ مِيرَاثِ الْجَدِّ
رَوَى أبو دَاوُدَ (1)، بإِسْنَادِهِ عن قَتَادَةَ، عن الْحَسَنِ، عن عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ، أَنَّ رَجُلًا أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إنَّ ابنَ ابنَ ابنِى مَاتَ، فمَالِى مِنْ مِيرَاثِهِ؟ قال:"لَكَ السُّدُسُ". فَلمَّا أدْبَرَ دَعَاهُ، فقال:"إِنَّ لَكَ سُدُسًا آخَرَ". فَلمَّا أدْبَرَ دَعَاهُ، فقال:"إنَّ لَكَ السُّدُسَ الآخَرَ طُعْمَةً". قال قَتَادَةُ: فلا نَدْرِى أىَّ شَىْءٍ وَرَّثَهُ. قال قَتَادَةُ: أقَلُّ شَىْءٍ وَرِثَ الْجَدُّ السُّدُسَ. ورُوىَ عن الحسنِ أيضًا، أنَّ عمرَ، رضي الله عنه قال: أَيُّكمْ يَعْلَمُ ما وَرَّثَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْجَدَّ؟ فقال مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ: أنا، وَرَّثَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم السُّدُسَ. قال: مَعَ مَنْ؟ قال: لَا أَدْرِى. قال: لا دَرَيْتَ. قال: فما يُغْنِى إِذًا! رَواهُ سَعِيدٌ (2)، فِي "سُنَنِهِ". قال أبو بكر ابنُ المُنْذِرِ: أَجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم على أَنَّ الْجَدَّ أبا الأَبِ، لا يَحْجُبُهُ عنِ الميرَاثِ غيرُ الأَبِ، وأَنْزَلُوا الْجَدَّ في الحَجْبِ والميراثِ مَنْزِلَةَ الأَبِ في جَمِيعِ المَواضِعِ، إِلَّا فِي ثلاثةِ أَشياءَ؛ أَحدُها، زَوْجٌ وأَبَوانِ. والثَّانِيَةُ، زَوْجَةٌ وأَبَوَانِ، لِلْأُمِّ ثُلُثُ الباقِى فِيهما مع الأبِ، وَثُلُثُ جَمِيعِ المالِ لو كان مَكانَ الأبِ جَدٌّ. والثالِثَةُ، اخْتَلَفُوا فِي الْجَدِّ مع الإِخْوَةِ والأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ أو للأبِ (3). ولا خِلَافَ بينهم في إِسْقَاطِهِ بَنِى الإِخْوَةِ ووَلَدَ الأُمِّ،
(1) في: باب ما جاء في ميراث الجد، من كتاب الفرائض. سنن أبي داود 2/ 110.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في ميراث الجد، من أبواب الفرائض. عارضة الأحوذى 8/ 250، 251. والإِمام أحمد، في: المسند 4/ 429، 436.
(2)
في: باب الجد، السنن 1/ 44.
كما أخرجه البيهقي، في: باب ميراث الجد، من كتاب الفرائض. السنن الكبرى 6/ 244.
(3)
في م: "للابن".
ذَكَرَهم وأُنْثَاهم. وذَهبَ الصِّدِّيقُ، رَضِىَ اللهُ عنه، إلى أنَّ الْجَدَّ يُسْقِطُ جَمِيعَ الإِخْوَةِ والأَخَوَاتِ مِنْ جَميعِ الجهاتِ، كما يُسْقِطُهم الأَبُ. وبذلك قال عبدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وعبدُ اللهِ بنُ الزَّبَيْرِ. ورُوِىَ ذلك عن عثمانَ، وعائِشَةَ، وأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأبي الدَّرْدَاءِ، ومُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وأبى موسى، وأَبى هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللهُ عنهم. وحُكِىَ أيضًا عن عِمْرِان بن الحُصَين، وجَابِرِ بْنِ عبدِ اللهِ، وأبى الطُّفَيْلِ، وعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وعَطَاءٍ، وطَاوُسٍ، وجَابرِ بْنِ زَيْدٍ. وبه قال قَتَادةُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، ونُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، وأبو حنيفةَ، والْمُزَنِيُّ، وابنُ شُرَيْحٍ، وابنُ اللَّبَّانِ (4)، وداودُ، وابنُ الْمُنْذِرِ. وكان عليُّ بنُ أبي طالِبٍ، وابْنُ مَسْعُودٍ، وزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، رَضِىَ اللهُ عنهم، يُوَرِّثُونَهم معه، ولا يَحْجُبُونَهم به. وبه قال مَالِكٌ، والأَوْزاعِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ؛ لأَنَّ الأخَ ذَكَرٌ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ، فلم يُسْقِطْهُ الْجَدُّ، كالابْنِ، ولأَنَّ مِيراثَهم ثَبَتَ بالْكِتابِ، فلا يُحْجَبُونَ إلَّا بِنَصٍّ أو إجْمَاعٍ أو قِياسٍ، وما وُجِدَ شَىْءٌ مِنْ ذلك، فلا يُحْجَبُونَ؛ ولأنَّهم تَسَاوَوْا في سَبَبِ الاسْتِحْقَاقِ فيَتَسَاوُون فيهِ، فإنَّ الأخَ والجَدَّ يُدْليانِ بِالْأَبِ، الْجَدُّ أُبُوه، والأخُ ابْنُه، وقَرَابَةُ البُنُوَّةِ لَا تَنْقُصُ عن قَرَابَةِ الأُبُوَّةِ، بل رُبَّما كانتْ أَقْوَى؛ فإنَّ الابْنَ يُسْقِطُ تَعْصِيبَ الأبِ، ولذَلك مَثَّلَهُ عليٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه، بشَجَرَةٍ أنْبَتَتْ غُصْنًا، فانْفَرَقَ مِنْهُ غُصْنَانِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنهما إِلى الآخَرِ أَقْرَبُ منه إِلى أَصْلِ الشَّجَرةِ، ومَثَّلَهُ زَيْدٌ بِوَادٍ خَرَجَ مِنه نَهْرٌ، انْفَرقَ مِنْهُ جَدْوَلانِ، كُلُّ وَاحِدٍ منهما إِلى الآخَرِ أقْرَبُ منه إِلى الوَادِى. واحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ مذهبَ أَبي بكرٍ، رَضِىَ اللهُ عنه، بقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، وَمَا بَقِىَ فَلِأَوْلَى عَصَبَةٍ ذَكَرٍ"(5). والجَدُّ أوْلَى مِن الأخِ، بِدَلِيلِ الْمَعْنَى والْحُكْمِ؛ أَمَّا الْمَعْنَى فإِنَّهُ له قَرَابَةُ إِيلادٍ وبَعْضِيَّةٍ كالْأَبِ، وأَمَّا الْحُكْمُ فإِنَّ الْفُرُوضَ إِذا ازْدَحَمَتْ سَقَطَ الأَخُ دُونَهُ، ولا يُسْقِطُهُ أحَدٌ إِلَّا الأَبُ، والإِخْوَةُ والأَخَوَاتُ
(4) محمد بن عبد اللَّه بن الحسن، ابن اللبان الفرضى، الفقيه الشافعي، إمام عصره في الفرائض وقسمة التركات، توفى سنة اثنتين وأربعمائة. طبقات الشافعية الكبرى 4/ 154، 155.
(5)
تقدم تخريجه في صفحة 20.
يَسْقُطونَ بثلاثةٍ، ويُجْمَعُ له بين الفَرْضِ (6) والتَّعْصِيبِ، كالأبِ، وهم يَنْفَرِدونَ بواحدٍ منهما، ويُسْقِطُ ولدَ الأُمِّ، ووَلَدُ الأبِ يَسْقُطونَ بهِم بالإِجْماعِ إذا استَغْرَقَت الفُروضُ المالَ، وكانوا عَصَبَةً، وكذلك ولدُ الأبوَيْنِ في المُشْرَّكَة عندَ الأكْثَرِينَ، ولأنَّه لا يُقْتَلُ بقَتْلِ ابن ابنهِ، ولا يُحَدُّ بقَذْفِه، ولا يُقطَعُ بسَرِقَةِ مالِه، ويجِبُ عليه نفَقَتُه، ويُمْنَعُ من دَفْعِ زَكاِته إليه، كالأبِ سَواءً، فدلَّ ذلك على قُوَّتِه. فإنْ قيلَ: فالحديثُ حُجَّةٌ في تقْديمِ الأخَواتِ؛ لأنَّ فُروضَهنَّ في كتابِ اللهِ، فيَجبُ أن تَلْحَقَ بهنَّ فُروضُهُنَّ، ويكونُ للجدِّ ما بَقِىَ. فالجوابُ، أنَّ هذا الخبَرَ حُجَّةٌ فىِ الذُّكُورِ المُنْفَرِدِينَ، وفي الذُّكُورِ مع الإِناثِ. أو نقولُ: هو حجَّةٌ في الجميعِ، ولا فَرْضَ لولدِ الأبِ مع الجدِّ؛ لأنَّهم كَلالةٌ، والكَلالةُ اسمٌ للوارِثِ مع عَدَمِ الوَلَدِ والوالِدِ، فلا يكونُ لهم معه إِذًا فَرْضٌ. حجَّةٌ أُخْرَى، قالوا: الجَدُّ أبٌ، فيَحْجُبُ وَلَدَ الأبِ، كالأبِ الحقيقيِّ. ودليلُ كونِه أبًا قولُه تعالى:{مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} (7). وقولُ يوسفَ: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} (8). وقوله: {كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} (9). وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "ارْمُوا بَنِى إِسْماعِيلَ، فإنَّ أباكُمْ كَانَ رامِيًا"(10). وقال: "سَامٌ أبُو العَرَبِ، وحَامٌ أبو الحَبَشِ"(11). وقال: "نَحْنُ بَنِى النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ، لَا نَقْفُوا أُمَّنا، ولَا نَنْتَفِى (12) مِنْ أبِينَا"(13). وقال الشَّاعرُ (14):
(6) في أ: "الفروض".
(7)
سورة الحج 78.
(8)
سورة يوسف 38.
(9)
سورة يوسف 6.
(10)
أخرجه البخاري، في: باب التحريض على الرمي. . .، من كتاب الجهاد، وفي: باب قول اللَّه تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ. . .} ، من كتاب الأنبياء، وفي: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل. . .، من كتاب المناقب. صحيح البخاري 4/ 45، 179، 219. وابن ماجه، في: الرمي في سبيل اللَّه، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 941. والإِمام أحمد، في: المسند 1/ 364، 4/ 50.
(11)
أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند 5/ 9، 10، 11.
(12)
في الأصل، م:"تنفى".
(13)
أخرجه ابن ماجه، في: باب من نفى رجلًا من قبيلة، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه 2/ 871. والإِمام أحمد، في: المسند 5/ 211، 212.
(14)
الحماسة 1/ 77. وفيها أنه لبعض بني قيس بن ثعلبة، ويقال إنه لبشامة بن حزن النهشلي. وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1/ 100، وفيه أنه لبشامة بن جزء النهشلى. وانظر حاشية شرح ديوان الحماسة.
إنَّا بنى نَهْشلٍ لا نَدَّعى لِأَبٍ
…
عنه ولا هُوَ بالأبْناءِ يَشْرِينَا
فوجبَ أنَّ يَحْجُبَ الإِخوةَ، كالأبِ الحَقِيقيِّ، يُحقِّقُ هذا أنَّ ابنَ الابنِ وإن سَفَلَ يقومُ مَقامَ أبيه في الحَجْبِ، وكذلك أبو الأبِ يقومُ مَقامَ ابنهِ؛ ولذلك قال ابنُ عَبَّاسٍ: ألا يَتَّقِى اللهَ زيدٌ؟ يَجْعَلُ ابنَ الابنِ ابنًا، ولا يَجعلُ أبا الأبِ أبًا. ولأنَّ بينهما إيلادًا وبَعْضِيَّةً وجُزْئِيَّةً، وهو يُساوِى الأبَ في أكثرِ أحْكامِه، فيُساوِيه في هذا الحَجْبِ. يحقِّقُه أنَّ أبا الأبِ وإنْ عَلا يُسْقِطُ بنى الإِخْوَةِ، ولو كانت قَرابةُ الجدِّ والأخِ واحدةً، لَوَجَبَ أن يكونَ أبو الجدِّ مُساوِيًا لبنى الأخِ، لتَساوِى دَرَجَةِ مَنْ أَدْلَيا به. واللهُ أعلمُ. ولا تَفْرِيعَ على هذا القَوْلِ لوُضُوحِه.
فصل: اختَلَفَ القائِلونَ بتَوْرِيثِهم معه في كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهم، فكان عليٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه، يَفْرِضُ للأخَواتِ فُروضَهنَّ، والباقِىَ للجَدِّ، إلَّا أنَّ يَنْقُصَه ذلك من السُّدُسِ، فيَفْرِضَه له، فإنْ كانتْ أُخْتٌ لأبَوَيْنِ، وإخوةٌ لأبٍ، فَرَضَ للأُختِ النِّصْفَ، وقاسَمَ الجدُّ الإِخوةَ فيما بَقِىَ، إلَّا أَنْ تَنْقُصَه المُقاسَمةُ من السُّدُسِ، فنَفرضَه له. فإنْ كان الإِخوةُ كلُّهم عَصَبةً، قاسَمَهم الجدُّ إلى السُّدُسِ. فإن اجتمعَ وَلَدُ الأبِ ووَلَدُ الأبوَيْنِ مع الجدِّ، سَقَطَ ولدُ الأبِ، ولم يدْخُلوا في المُقاسَمَةِ، ولا يُعْتَدُّ بِهِم. وإن انفردَ وَلَدُ الأبِ، قاموا مَقامَ وَلَدِ الأبوَيْنِ مع الجدِّ. وصَنَعَ ابنُ مسعودٍ في الجدِّ مع الأخَوَاتِ كصُنْعِ عليٍّ، عليه السلام، وقاسَمَ به الإِخْوةَ إلى الثُّلُثِ، فإن كانَ معهم أصحابُ فَرائِضَ، أَعْطَى أصْحابَ الفَرائِضِ فَرائِضَهم، ثمَّ صَنَعَ صنيعَ زَيْدٍ في إعْطاءِ الجدِّ الأحَظَّ من المُقاسَمَةِ أو ثُلُثَ الباقِى أو سُدُسَ جميعِ المالِ، وعليٌّ يقاسِمُ به بعدَ أصحابِ الفرائِضِ، إلَّا أن يكونَ أصحابُ الفرائِض بنتًا أو بناتٍ فلا يزيدُ الجدُّ على الثُّلُثِ، ولا يُقاسِمُ به. وقال بقَوْلِ علىٍّ، الشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والمُغِيرَةُ بنُ المِقْسَمِ (15)، وابنُ أبي لَيْلَى، والحَسَنُ بنُ
(15) المغيرة بن مقسم الضبى، مولاهم، من فقهاء التابعين بالكوفة، توفى سنة ثلاث وثلاثين ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازي 83، تهذيب التهذيب 10/ 269.
صَالِحٍ. وذهبَ إلى قولِ ابنِ مَسْعُودٍ، مَسْرُوقٌ، وعَلْقَمَةُ، وشُرَيْحٌ. وأمَّا مذهبُ زَيْدٍ فهو الذي ذكره الخِرَقِيُّ، وسَنَشْرَحُه إنْ شاءَ اللهُ. وإليه ذَهَبَ أحمدُ. وبه قالَ أهلُ المدينةِ، وأهلُ الشَّامِ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزاعِيُّ، والنَّخَعِيُّ، والحَجَّاجُ بنُ أَرْطاةَ (16)، ومالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدُ بنُ الحَسَنِ، وأبو عُبَيْدٍ، وأكثرُ أهلِ العلمِ.
1020 -
مسألة؛ قال أبو القاسِمِ: (وَمَذْهَبُ أَبِى عَبْدِ اللهِ، رحمه الله، فِي الْجَدِّ، قَوْلُ زيدِ بْنِ ثَابِتٍ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُ: وَإِذَا كَانَ إِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ وَجَدٌّ، قَاسَمَهُمُ (1) الجَدُّ بِمَنْزِلَةِ أَخٍ، حَتَّى يَكُونَ الثُّلُثُ خَيْرًا لَهُ (2)، فَإذَا (3) كَانَ الثُّلُثُ خَيْرًا لَهُ، أُعْطِىَ ثُلُثَ جَمِيعِ المَالِ)
وجملةُ ذلك أنَّ مذهبَ زَيْدٍ في الجدِّ مع الإِخوةِ، والأخواتِ للأبوَيْنِ، أو للأبِ، أنَّه يُعْطِيه الأحَظَّ من شيئَيْنِ؛ إمَّا المُقاسَمةُ، كأنَّه أخٌ، وإمَّا ثُلُثُ جميعِ المالِ. فعلَى هذا إذا كان الإِخوةُ اثنَيْنِ، أو أَرْبَعَ أخَواتٍ، أو أَخًا وأُخْتَيْنِ، فالثُّلُثُ والمُقْاسَمةُ سواءٌ، فأعْطِه ما شِئْتَ منهما. وإنْ نَقَصُوا عن ذلك، فالمُقاسَمةُ أحظُّ له (4)، فقاسِمْ به لا غَيْرُ. وإنْ زادوا، فالثُّلُثُ خيرٌ له، فأعْطِه إيَّاه. وسواءٌ كانوا من أبٍ أو مِن أبَوَيْنِ. فإنِ اجْتَمَعَ وَلَدُ الأبوَيْنِ، وولدُ الأبِ، فإنَّ ولدَ الأبَوَيْنِ يُعادُّونَ (5) الجَدَّ بوَلَدِ الأبِ، ويَحْتَسِبُونَ بِهِم عليه، ثم ما حَصَلَ لهم أخَذَه منهم ولدُ الأبَوَيْنِ، إلَّا أنْ يكونَ ولدُ الأبوَيْنِ أخْتًا واحدَةً، فتأخُذَ منهم تَمامَ نِصْفِ المالِ، ثم ما فَضَلَ فهو لهم. ولا يُمْكِنُ أنْ يَفْضُلَ عنهم أكثرُ من السُّدُسِ؛ لأنَّ أدْنَى ما للجَدِّ الثُّلُثُ، وللأُخْتِ النِّصْفُ، والباقِي بعدَهما هو السُّدُسُ.
(16) الحجاج بن أرطاة الكوفى القاضي الفقيه المفتى، روى عن الشعبي وعطاء. تهذيب التهذيب 2/ 196.
(1)
في أ، ب، م:"قاسم".
(2)
سقط من: م.
(3)
في م: "فإن".
(4)
سقط من: أ.
(5)
هم يتعادُّون: إذا اشتركوا فيما يُعادُّ فيه بعضهم بعضا. والعدائد: الذين يُعادُّ بعضهم بعضا في الميراث. اللسان (ع د د).