الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخَواتِه. وهو قولُ أبى ثَوْرٍ؛ لأنَّ النساءَ مِن الأَولادِ لا يَرِثْنَ أكثرَ مِن الثُّلُثَيْنِ؛ بدَليلِ ما لو انْفَرَدْنَ، وتَوريثُهنَّ ههُنا يُفْضِى إلى تَوريثِهن أكثرَ من ذلك. ولنَا، قولُ اللهِ تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (7). وهؤلاء يَدْخُلونَ في عُمومِ هذا اللفظِ؛ بدَلِيلِ تَناوُلِه لهم لو لم يَكُنَّ بناتٍ. وعدمُ البناتِ لا يُوجِبُ لهم هذا الاسْمَ. ولأنَّ كلَّ ذكرٍ وأُنثى يَقْتَسِمون المالَ إذا لم يكُنْ معهم ذو فَرْضٍ، يجِبُ (8) أن يَقْتَسِما الفاضِلَ عنه، كأولادِ الصُّلبِ، والإِخْوةِ مع الأَخواتِ. وما ذَكروه فهو في الاسْتِحْقاقِ للفَرْضِ. فأمَّا في مَسْألتِنا فإنَّما يَسْتحِقُّونَ بالتَّعْصِيبِ، فكانَ مُعْتبَرًا بأولادِ الصُّلبِ، والإِخوةِ والأخواتِ ثَمَّ، ويَبْطُلُ ما ذَكرُوه بما إذا خلَّفَ ابنًا وسِتَّ بنَاتٍ، فإنَّهُنَّ يأخذْنَ ثَلاثةَ أرباعِ المالِ. وإِن كُنَّ ثمانيًا، أَخذْنَ أَربعةَ أخماسِه. وإن كُنَّ عَشرًا، أَخَذْنَ خَمسةَ أسْداسِه. وكُلَّما زِدْنَ في العَدَدِ، زَادَ اسْتِحْقاقُهنَّ.
فصل:
وابنُ ابنِ الابنِ يُعَصِّبُ مَن في دَرَجتِه مِن أخَواتِه، وبناتِ عمِّه، وبناتِ ابنِ عمِّ أبيه، على كلِّ حالٍ. ويُعَصِّبُ مَن هو أعْلَى منه من عَمَّاتِه، وبناتِ عمِّ أبيه، ومَن فَوْقَهُنَّ بشَرْطِ أن لا (9) يَكُنَّ ذواتِ فَرْضٍ، وَيُسْقِطُ مَن هو أنْزَلُ منه، كبَناتِه، وبناتِ أخيه، وبَناتِ ابنِ عمِّه. فلو خلَّفَ الميِّتُ خمسَ بناتِ ابنٍ، بعضُهنَّ أنْزَلُ مِن بعضٍ، لا ذَكَرَ معَهُنَّ، وعَصَبة، كان للعُليا النِّصفُ، وللثانية السُّدُسُ، وسقطَ سائرُهُنَّ، والباقى للعَصَبَةِ. فإن كانَ مع العُليَا أخوها، أو ابنُ عمِّها، فالمالُ بينَهما على ثَلاثةٍ، وسقطَ سائرُهُنَّ. فإن كانَ مع الثانيةِ عَصَّبَها، وكان للعُلْيا النِّصفُ (10)، والباقى بيْنَه وبينَ الثانيةِ على ثلاثةٍ. وإن كانَ مع الثَّالثةِ، فلِلْعُليَا النِّصفُ، ولِلثَّانيةِ السُّدُسُ، والباقى بينَه وبينَ الثالثةِ على ثَلاثةٍ. وإن كانَ مع الرابعةِ، فللعُلْيا النِّصفُ، وللثانيةِ السُّدسُ، والباقى بينه وبينَ الثالثةِ والرابعةِ على أربعةٍ. وإن كانَ مع الخامسةِ، فالباقى بعدَ فرضِ الأُولَى والثانيةِ،
(7) سورة النساء 11.
(8)
في م: "فيجب".
(9)
سقط من: م.
(10)
في م زيادة: "والثانية السدس".
بينَه وبينَ الثالثةِ والرابعةِ والخامسةِ على خمسةٍ. وتَصِحُّ مِن ثلاثين. وإن كانَ أنْزَلَ من الخامسةِ، فكذلك. ولا أعلمُ في هذا خلافًا بين القائلينَ بتَوْرِيثِ (11) بناتِ الابنِ مع بَنى الابنِ بعدَ اسْتِكمالِ الثُّلُثَينِ.
999 -
مسألة؛ قال: (فَإنْ كَانَتْ ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ، وَبَنَاتُ ابْنٍ، فَلابْنَةِ الصُّلْبِ النِّصْفُ، وَلِبَنَاتِ الْابْنِ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ (1) السُّدُسُ، تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ، إِلَّا أنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ فَيُعَصِّبَهُنَّ فِيمَا بَقِىَ، للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ)
في هذه المسأَلةِ ثَلاثةُ أحْكامٍ؛ أحدُها، أنَّ للبِنتِ الوَاحدةِ النِّصْفَ، ولا خِلافَ في هذا بين عُلَماءِ المسلمِين؛ لقولِ اللهِ تعالى:{وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (2). ولأنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى في بِنتٍ وبنتِ ابنٍ وأُختٍ، أنَّ للبِنْتِ النِّصفَ، ولبنتِ الابنِ السُّدسَ، وما بَقِىَ فَلِلأُخْتِ (3). الثاني، أنَّه إذا كانَ مع البِنتِ الوَاحدةِ بنتُ ابنٍ، أو بناتُ ابنٍ، فلِلْبِنتِ النِّصفُ، ولبناتِ الابْنِ واحدةً كانت أو أَكثرَ من ذلك السُّدُسُ، تَكْمِلةُ الثُّلُثيْنِ. وهذا أيضًا مُجْمَعٌ عليه بين العَلماءِ. والأصلُ فيه قولُ اللهِ تعالى:{فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (2). فَفَرَضَ للبناتِ كلِّهن الثُّلُثينِ. وبناتُ الصُّلبِ، وبناتُ الابنِ كلُّهن نساءٌ مِن الأولادِ، فكانَ لهنَّ الثُّلُثانِ بفَرْضِ الكِتابِ، لا يَزِدْنَ عليه. واختُصَّتْ بنتُ الصُّلبِ بالنِّصْفِ؛ لأنَّه مَفْروضٌ لها، والاسمُ مُتناوِلٌ لها حَقيقةً، فيبْقَى للبقيَّةِ تمامُ الثُّلُثَينِ. ولهذا قالَ الفُقهاءُ: لهنَّ السُّدسُ تَكْمِلةُ الثُّلثيْنِ. وقد رَوَى هُذَيْلُ (4) بنُ شُرَحْبِيل الأَوْدِىُّ قالَ:
(11) في م: "بثبوت تعصيب".
(1)
في م: "هذا".
(2)
سورة النساء 11.
(3)
تقدم تخريجه في صفحة 10.
(4)
في م: "هزيل"، وتقدمت ترجمته في: 3/ 260.